عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 4079 - 2013 / 5 / 1 - 02:01
المحور:
القضية الفلسطينية
تفاءل الشعب الفلسطيني خيراً ، بعد أن جمدت منظمة التحرير الفلسطينية المفاوضات مع العدو الصهيوني ، بعد العدوان على غزة في نهاية 2008 ومطلع عام 2009 ، ورأت في هذا الموقف خطوة في الاتجاه الصحيح ، وتفاءل الشعب الفلسطيني لاحقاً ، عام 2009 وحتى الآن بثبات المنظمة على موقفها ، وربطها العودة للمفاوضات ، بموافقة الكيان الصهيوني ، على مرجعية العودة إلى حدود 1967 ، وإزالة المستوطنات. .
لكن المشكلة ، أن قيادة المنظمة ، لم تبرح القناعة ، بخيار المفاوضات ولا تزل تعلق الآمال عليه ، ولا تزال مؤمنة ، بمقولة النظام العربي الرسمي ، أن السلام خيار استراتيجي .
وفي الجانب الآخر ، من المشهد الفلسطيني ، تجري محاولات حثيثة من قبل بعض دول الخليج ، وعلى رأسها قطر ، توظيف الانتصار الذي حققته المقاومة ، على الكيان الصهيوني ، في تشرين ثاني الماضي والذي لعبت حماس ، دوراً مركزياً فيه ، باتجاه جر حماس إلى لعبة التسوية ، على النحو الذي جرى فيه ، توظيف حرب تشرين عام 1973 باتجاه الولوج ، إلى كامب ديفيد لاحقاً.
ويسعى هذا البعض ، بموافقة ضمنية ، من النظام الحاكم في مصر لإقناع حماس بتحويل الهدنة - التي تنطوي على ثغرات عديدة - إلى حالة دائمة ، ومقايضة استمراريتها ، بطريق مباشرة ، أو غير مباشرة بتقديم كل أشكال الدعم ، لإعادة بناء ما دمرته الحرب في قطاع غزة .
وما يغري هذه الأطراف ، للضغط على حركة حماس للولوج في خيارات التسوية ، تبدل خارطة تحالفات الحركة ، وخروجها من حلف " دمشق - طهران - حزب الله " على خلفية ، موقفها من الأزمة السورية وتحالفها مع بعض دول الخليج ، المرتهنة للإدارة الأمريكية ، والتي ترفض نهج المقاومة ، وتعمل على تسويق الحل الصهيو أمريكي للصراع العربي – الصهيوني ، وجوهره الفلسطيني الإسرائيلي.
قيادة منظمة التحرير ، بدأت تعيد الحياة ، لخيار المفاوضات عبر إعطائها - وبناء على طلب من لجنة المتابعة العربية - مهلاً زمنية لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري ، لكي يعيد الحياة للمفاوضات لكن كيري ، أثناء زيارته الأخيرة للمنطقة ، لم يطالب (إسرائيل ) بوقف الاستيطان ، وفقاً للشرعية الدولية ، وخطة خارطة الطريق التي وضعتها الإدارة الأمريكية ، من خلال ترأسها للجنة الرباعية الدولية .
ولم يطالب كيري بعودة المفاوضات ، على أساس حدود 1967 بل طالب نتنياهو ، بتحسين أحوال الفلسطينيين المعيشية ، والإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل ، وبمنح صلاحيات أوسع للسلطة الفلسطينية في منطقة " ج " ، الخاضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية ، والإفراج عن بعض الأسرى الفلسطينيين .
بمعنى أن كيري ، لم يلب المطلب الفلسطيني ، القائل بأن وقف الاستيطان ، والقبول بمرجعية العودة لحدود 1967 ، هما الركنان اللازمان ، لاستئناف المفاوضات وأنهما ليسا شرطين ، بل بنود متفق عليها وموثقة ، في إطار خارطة الطريق .
يضاف إلى ما تقدم ، أن الجانب الفلسطيني ، في الوقت الذي لم يغلق فيه الباب ، أمام خيار المفاوضات ، وفي الوقت الذي لم يطرح فيه بديلاً عملياً لهذا الخيار على الأرض ، وفي الوقت الذي لم يغادر فيه مربع التنسيق الأمني ، نرى الجانب الإسرائيلي ، يدير ظهره تماماً للمفاوضات ، بانتظار الحصول ، على المزيد ، من التنازلات من الجانبين الفلسطيني ، والعربي الرسمي .
وبهذا الصدد نشير إلى ما يلي :
أولاً : أن حكومة نتنياهو ، بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة أسقطت البند ، المتعلق بالمفاوضات ، مع الفلسطينيين ، من برنامجها .
ثانيا : أن حكومة نتنياهو ، تواصل المراكمة ، على الاستيطان الذي تجاوز في عام 2013 ، بناء ما يزيد ، عن عشرة آلاف وحدة استيطانية. .
ثالثاً : أن حكومة نتنياهو ، ترفض حتى الآن ، التفاوض على قضية الحدود ، وفق مرجعية الشرعية الدولية ، للعودة إلى حدود 1967 وتشترط لاستئناف المفاوضات ، موافقة الجانب الفلسطيني على يهودية دولة ( إسرائيل )، ذلك الشرط الذي لقي قبولاً ، وتشجيعاً من الرئيس الأمريكي باراك أوباما ، أثناء زيارته الأخيرة للمنطقة .
رابعاً : أن حكومة العدو الصهيوني ، في مواجهة المطالب الأمريكية والغربية ، للقبول بالمبادرة العربية " للسلام " ، التي تنطوي على تنازلات خطيرة ، تشترط على الدول العربية ، والإسلامية ، للقبول بها أن تقوم بتطبيع علاقاتها مع (إسرائيل ) أولاً ، وأن تتبادل السفراء معها ، وأن تلغي البند المتصل بحق العودة ، أي أننا أمام إذلال صهيوني ما بعده إذلال .
في ضوء ما تقدم لا بد من التأكيد مجدداً على ما يلي :
أولاً : ضرورة مغادرة خيار المفاوضات ، وإعادة الاعتبار لخيار المقاومة بشكل حقيقي ، وملموس على الأرض ، لأن العدو الصهيوني استثمرها كغطاء لعمليات التهويد ، والاستيطان ، ومصادرة الأراضي .
إذ أنه بغطاء من هذه المفاوضات ، أصبحنا أمام 482 مستوطنة وموقع استيطاني في الضفة الغربية ، بما فيها القدس ، يسكنها حولي 562 ألف مستوطن أكثر من نصفهم ، في القدس الشرقية ومحيطها ، هذا من ناحية .
ومن ناحية ثانية ، لأن المفاوضات ، وفق الأسس التي قامت عليها - كما قال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، والمسؤول عن فرعها في قطاع غزة كايد الغول – خطيئة كبرى ، خاصةً وأن التجربة الملموسة ، كشفت أن هذه المفاوضات ، تحولت إلى قيد على الشعب الفلسطيني ، وأن اتفاقات التسوية السابقة ، تحولت في الجوهر إلى اتفاقات أمنية ، شكلت قيداً على الفلسطينيين ، في مواجهة الاحتلال ناهيك أنها – حسب الغول - أضعفت الحالة الفلسطينية ، وتسببت في انقسام سياسي عميق فيها ، والعودة إليها ، ستؤدي إلى تعميق هذا الانقسام .
ومن ناحية ثالثة ، فإن عقلية المراهنة ، على خيار المفاوضات وما ينطوي عليه ، من مساومات ، واتصالات ، وضغوط ، وأخطار تفسر إلى حد كبير ، الموقف الضار ، والمستهجن جداً ، للسلطة الفلسطينية بشأن سحب قرارات إدانة الاحتلال ، وإجراءاته في اليونسكو ، ما يغري العدو الصهيوني ، بالاستمرار ، في إجراءاته التهويدية للأرض والتنكيلية ، بحق الشعب الفلسطيني .
ثانياً: إنهاء الانقسام ، وحل جميع الملفات " الحريات ، المصالحة المجتمعية ، الانتخابات التشريعية ، انتخابات المجلس الوطني منظمة التحرير ألخ بشكل متواز ، وعدم تقديم ملف على آخر .
ثالثاً : أن لا يكون الهدف ، من تشكيل الحكومة القادمة ، أو أية حكومة أخرى لاحقة ، مجرد إنهاء الانقسام ، على أرضية المحاصصة الثنائية بين فتح وحماس ، والتحضير للانتخابات فقط ، وأن لا تكون على أرضية أوسلو وتوابعها ، بل أن تكون ، على قاعدة ، إعادة ترتيب البيت الوطني الفلسطيني ، بما يخدم استمرار النضال ، والمقاومة ضد الاحتلال ، لأن قضية التحرر الوطني ، لم تنجز بعد ، ما يستدعي مغادرة طروحات الأغلبية والأقلية ، والانشداد للعمل الجبهوي الجامع من قبل كل من حركتي فتح وحماس .
رابعاً : أن تجيب حركة حماس على سؤال محدد : كيف لها أن تستمر في الحديث عن خيار المقاومة ، وعن رفض اتفاقات التسوية وعدم الاعتراف ( بإسرائيل ) ، في ظل تحالفاتها الجديدة ، والراهنة ، مع دول مهمتها الرئيسية ، تنفيذ مشاريع الإدارة الأمريكية ، ومؤامراتها على قوى المقاومة والممانعة في المنطقة .
خامساً: أن يعمل الجانب الفلسطيني ، بكل تلاوينه السياسية ، على وضع حد لوصاية لجنة المتابعة العربية ، التي يقودها رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم ، على القرار الفلسطيني ، خاصةً بعد أن وصلت الأمور إلى حد إعلان هذه اللجنة ، أثناء لقائها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في واشنطن ، عن استعدادها لتنفيذ مبادلة أراضي فلسطينية مع الكيان الصهيوني ، الذي يغتصب حالياً ، 85 في المائة من فلسطين التاريخية.
سادساً: على السلطة الفلسطينية أن تتراجع عن خطأها ، والخاص بسحب إدانة الاحتلال الإسرائيلي ، وإجراءاته في اليونسكو ، لأن هذا الموقف يخدم تهريب الاحتلال ، وقادته ، من المسائلة والملاحقة الدولية .
كما أنه يشكل خطوة للوراء ، ولا يخدم قضية توظيف إنجاز حصول فلسطين " دولة غير عضو " في الأمم المتحدة في مختلف المجالات بما في ذلك استمرار العمل السياسي الدؤوب ، من اجل حصول فلسطين على صفة "دولة عضو " في الأمم المتحدة ، وليس مجرد دولة " مراقب " .
#عليان_عليان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟