أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - الجدلية المادية وتوحيد المسلمين














المزيد.....

الجدلية المادية وتوحيد المسلمين


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4078 - 2013 / 4 / 30 - 21:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما من شك في أنّ الفئتين، الفئة الإسلامية بجميع أصنافها التقليدية، والفئة الدهرية بجميع أصنافها المغالية بالتقدمية وبالحداثة، تستبعدان الإسلام من الحراك التقدمي في المجتمع العربي الإسلامي. وسواء فعلتا ذلك عن وعي أو عن غير وعي فذلك مردّه الفقر المعرفي والمتمثل بالأساس في ما يلي: كلا الفئتين لا تكتسب الوسائل المعرفية التي من شأنها أن ترسخ لديها ما سيكون وجها من أوجه الحقيقة، ألا وهو أنّ الإسلام صار معطى ماديا، لذا بالإمكان تناوله بصفته الجديدة تلك من دون المساس بجوهره.

ثم إنّ أسوء أثر خلّفه هذا الصنف من التخلف هو أنّ المسلمين يفهمون عقيدة التوحيد على نحوٍ لا يسمح لهم أبدا بتجسيد آثارها الطيبة في الواقع الاجتماعي والاقتصادي. فبقيت هي شيئا و الفعل شيئا ثانٍ، ربما متباينا تماما معها. وتتواصل الحلقة المفرغة بأن يكون الشعور بالإحباط الناجم عن عدم التوافق بين العقيدة وآثارها مولدا للتعصب، دينيا كان (من باب أولى وأوضح) أم دهريا (من باب رجع الصدى).

أما أفضل السبل المنجية فهي البحث عن المعول الضروري لتسهيل إنزال فكر المسلمين من البوتقة العقدية النظرية والرمزية إلى الأرضية العقدية المادية. و بفضل هذا المعول سيكون بالإمكان تجسيد التوحيد في كل البنى المادية. و بناءً على الجدلية القائمة بين المادي من جهة والرمزي/النظري من جهة ثانية سيكون بالإمكان إعادة تدوير العقيدة في هذا المستوى الأخير. وهذا مما يضمن أن يكون الإسلام والمسلمين في مأمن من كل تحريف للعقيدة. بل قل إنّ المقاربة المادية كفيلة بتوطيد العقيدة، طالما أنّ المنجزات التي سيثمرها تصحيح التوظيف العقدي سيسمح بتزويد المسلمين بالرصيد الكافي من الثقة بالنفس التي هي بدورها معززة للعقيدة.

والمعول الذي اكتشفناه ثم عملنا به (بما تيسر من النجاح والحمد لله) في مجال الحفر عن الواجهات المادية للعقيدة ثم إماطة اللثام عنها فيتمثل في الفعل الكلامي كمؤشر سلوكي فطري متناظر ومتطابق مع الفعل العقائدي. أي أنّ المؤمن الحقيقي هو ما يقوله، وأنّ اللغة عقيدة، وأنّ الكلام إسلام. وهذا مما يساعد بصفة مذهلة لا فقط على استقراء المساحات المادية كآثار للعقيدة وإنما أيضا على ترجمة العقيدة إلى كلام متسق مع السلوك، أي إلى فعلٍ متحد.

من هنا نفهم لماذا يستعصي إلى الآن على حكومات "الربيع العربي" الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي وما يتطلبه من إصلاحات سياسية وخاصة تربوية. فلا يمكن للمجتمع الفاقد للسند التوحيدي أن يفرز حكومة لها تصور توحيدي. إذن لا يمكن أن تكون مثل هذه الحكومة حمالة لتصورات أو لمشاريع ترضي هذا المجتمع. ولمّا نعلم أنّ كل مجتمع، ناهيك المجتمع العربي الإسلامي، إنما هو فطريا تواق إلى التوحيد، فنتخلص إلى القول إنّ الإصلاح بحاجة أولا بالذات لرؤية توحيدية قبل حاجته للحكومة التي ستنفذ برنامجا ما لا ينبثق عن أية رؤية متسقة.

بكلام آخر لا يمكن إصلاح القضاء من دون إصلاح الأمن و لا إصلاح الأمن من دون إصلاح الاقتصاد ولا إصلاح هذا الأخير من دون إصلاح الجباية ولا إصلاح أي قطاع كان من دون إصلاح التربية والتعليم.

هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فلا يمكن أن تكون للمجتمع رؤية توحيدية والحال أنه منقسم من حيث العقيدة السياسية إلى أجزاء تقع على طرفي نقيض من بعضها البعض. وإلا هل يعقل أن نرى جانبا هاما من المجتمع العربي المسلم الواحد يساند "الثورة" في سورية ويراها مَنفذا إلى التحرر واسترداد الكرامة والأرض السليبتين، وجانبا آخر يساند النظام السوري ويرى فيه نفس الخلاص للأمة الذي عند خصمه الإيديولوجي بينما حكومته تغلق سفارة سورية في بلده، وأنّ كلا الجانبين يبرر موقفه بواسطة عقيدة التوحيد كأسّ لقناعته السياسية؟ ثم أية سياسة إصلاحية ستنجز بنجاح في ظل فكر مجتمعي منقسم إلى شق مؤمن منذ الأزل بمشروعية القضية الفلسطينية وآخرَ أضحت مشروعيتها بالنسبة له مسألة وجهة نظر إن لم نقل بات مقتنعا بالتطبيع مع الكيان الصهيوني كخيار أمني ومستقبلي؟

أخيرا وليس آخرا، نعرب عن أملنا في أن تتحرر العقول في مجتمعنا العربي الإسلامي حتى تقبل بتغيير الطرائق المعرفية من دون أن يكون ذلك رهنا بتغيير المنهاج الديني، ومنه يتسنى للنخب أن تعمل من الأسفل إلى الأعلى حتى تتشكل الحكومة الممثلة لفطرية المجتمع وفي الآن ذاته تضمحل الحكومة الممارسة للإنزال الإيديولوجي اللاعلمي.






#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فكرٌ بديل بلا بُدلاء، ومدرسة بلا علماء؟
- تونس: طبيعة الإصلاح التربوي وأجزاؤه
- إلى وزير التربية في تونس: كلا، يتوجب البدء في الإصلاح من الآ ...
- هل باستطاعتنا إنجاز الاختراق الحضاري؟
- تونس:اللغة الفرنسية تستبيح .. ثم تستغيث
- تونس: حتى لا يكون الإصلاح التربوي استمرارا للتجهيل
- تونس: السياسيون لا يفقهون في خطاب التحرر
- تونس: هل النهضة ستبقى النهضة؟
- تونس: حكومة بلا فكرة محركة؟
- تونس: أية حكومة جديدة في ظل فكر سياسي جامد؟
- هل عادت تونس إلى المربع الثوري الأول؟
- رحيل بلعيد والحاجة لحكومة تصلح الدولة قبل المجتمع
- استشهاد شكري بلعيد أو المنعرج نحو بناء الدولة التعددية
- المبادئ الأساسية لتعريب الحداثة
- الإعلام المحلي يقود تونس إلى الكارثة
- تونس: برنامجنا للإصلاح التربوي والعام
- تونس: حتى لا تكون التربية على المواطنة صفقة خاسرة
- تونس: منهجية الإصلاح متوفرة فماذا تنتظر وزارة التربية؟
- على -اتحاد تونس- استهواء أنصار النهضة وإلا فالفشل
- تَعرَّينا...


المزيد.....




- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - الجدلية المادية وتوحيد المسلمين