رمضان عبد الرحمن علي
الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 14:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في صالة المطار منتظرين
في صالة المطار منتظرين، وفي أي مطار ترى معظم الناس مبتسمين من مختلف الجنسيات والثقافات والأديان، ومن كل البلاد، لا يسأل شخص الأخر هو على أي دين، في صالة المطار يوجد بها المسيحي والمسلم والبوذي واليهودي والملحد والمتشدد والمتسامح، في صالة المطار ترى من ترتدي الحجاب والنقاب ومن تلبس فوق الركبة وتحت الركبة ولا يتطفل شخص على الأخر ولا ينتقد إنسان الآخر، ورأيت كل ذلك بنفسي، البعض يساعد البعض دون أن يسأل من أين هو أو إلى أين يذهب.
بصراحة منظر الناس في داخل المطارات في منتهى الجمال والروعة والرقي الإنساني الحقيقي، وفي نفس الوقت يدعو إلى التساؤل والاستغراب، ما الذي يحدث لمعظم هؤلاء المسافرين بعد وصولهم إلى وجهتهم المقصودة؟!.. طبعا قليل منهم وهم بالملايين حول العالم يسافرون في كل يوم، قليل منهم من يظل على إنسانيته وثقافته، والأغلبية طبعاً ترجع إلى العنصرية والتشدد والتطفل، وحتى ممكن أن يكون من بين هؤلاء إرهابي قاتل، ومع ذلك يلتزم بما تلتزم به الناس وكأن هؤلاء الناس داخل المطارات بشكل وخارج المطارات بشكل أخر، هل هو انفصال في الشخصية؟!.. وما هو المانع أن تلتزم الناس في داخل البلاد مثل ما تلتزم عند السفر؟!.. ما هو المانع أن يساعد الناس بعضهم البعض وأن يبتسمون في وجه بعضهم؟!.. ما هو المانع أن ينسى الناس موضوع التطفل والعنصرية والتسلط على بعض ونعتبر كل دولة عبارة عن صالة مطار، وأننا جميعاً بحاجة إلى بعض ويجب أن نحترم بعضنا البعض، ونقدر شعور الآخرين مهما اختلفوا معنا في الاعتقاد والثقافة، ونفهم الناس أن المجتمع هو الفرد والدولة وأن الناس جميعاً في كل دولة هم في مركب واحد ويجب أن يحرص الناس على إنقاذه من الغرق بالإنسانية والأخلاق والتضحيات الحقيقية، وأن يشعر كل شخص بالأخر أنه على استعداد أن يساعد الآخرين دون أن يسأل هو, على أي دين وأننا جميعاً مشتركين في الإنسانية، وفي هذا الكوكب الذي لا نملك غيره أن نسعى من أجل إعماره والتعايش السلمي مع بعضنا البعض أفضل من التناحر والقتال والخراب والدمار الذي لا يجلب غير المأساة، يا ليت الدول مثل صالة المطار، يا ليت الناس تتعامل مع بعضها مثل التعامل في صالة المطار، صالة المطار أصبحت هي الرمز للإنسانية في هذا العصر، صالة المطار ليس بها تمييز عنصري، ليس هناك فرق بين عالم ولا عامل ولا مهندس ولا دكتور ولا أكبر من ذلك أو أقل، الجميع واقف بأدب واحترام.
#رمضان_عبد_الرحمن_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟