|
احمر يا بطيخ: خرافات الدين
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 10:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في كتابه الشهير "المستطرف في كل فن مستظرف"، يخصص الأبشيهي فصلا عن نوادر المتنبئين. فقد تنبأ أحدهم في زمن الخليفة المأمون فقال المأمون أريد منك بطيخا في هذه الساعة. قال أمهلني ثلاثة أيام. قال ما أريده إلا الساعة. قال ما أنصفتني يا أمير المؤمنين. إذا كان الله تعالى الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ما يخرجه إلا في ثلاثة أشهر فما تصبر أنت علي ثلاثة أيام؟ فضحك منه ووصله.
في عصرنا التي تتصارع فيها الأحداث المفجعة، يريد الكثير منا ان تتحقق أمانينا بغمضة عين حتى نخلص من مصائبنا. ولكننا نكتشف أن لا احد منا يمتلك الفانوس السحري. لا بل العكس. نبات على مصيبة ونصبح على مصيبة أكبر منها.
الأفكار التي نزرعها اليوم قد تأخذ ليس ثلاثة ايام، ولا ثلاثة أشهر، بل ثلاثة عقود خاصة عندما تتعلق الأمور بمواضيع عقائدية. فنحن معشر العرب والمسلمين تعرضنا إلى غسيل مخ أكثر من 14 قرناً الساعة بعد الساعة، من الروضة إلى الجامعة ومن الجامع إلى وسائل الإعلام المختلفة، حتى أصبحنا نرى الأسود أبيض والباطل حقيقة. فالتكرار يعلم الحمار. وإن كررت الكذب آلاف المرات، فإن الكذب يصير حقيقة. فلا يكفي ان تقول لأحد أن ما يعتقده باطل حتى يقتنع بما تقوله له. لا بد من التكرار ثم التكرار ثم التكرار.... دون ان ننسى ان هناك من يستمر في بذر الخرافات والأساطير. فنحن في سباق مع الزمن وأمام طوابير مجيشة من تجار الدين همهم الأوحد إبقاء الناس على ما هم عليه من غباء حتى يستمروا في سيطرتهم عليهم.
يسألني البعض لماذا تضيع وقتك في مجادلة المتدينين وتتصدى لعادات نخرت في عظامهم مثل عادة الختان التي يروح ضحيتها يوميا آلاف الأطفال. فجدالك معهم كمن ينفخ في قربة مقطوعة أو كمن يحرث البحر. اسكت يا رجل وارتاح.
وحقيقة الأمر أنا افرق بين الناس. 1) فهناك زمرة المتدينين تجار الدين. 2) وهناك الذين يتبعون زمرة المتدينين تجار الدين كالخرفان تتبع الراعي إلى المسلخ لا تعرف ما مصيرها إلا بعد دخولها المسلخ وإغلاق الباب عليها. 3) وهناك المترددون الذين عندهم لحسة عقل بدأوا يفوقون من سباتهم ويرون أن المسلخ في انتظارهم ولا يعرفون ان كان يمكنهم ان يهربوا أم لا. 4) وهناك أخيراً من هم مقتنعون برأيي ويتفقون معي.
لقد قطعت الأمل في إقناع زمرة المتدينين تجار الدين. وهناك من قد يرى ضرورة استعمال العصا معهم أو ادخالهم مصحات الأمراض العقلية أو خصيهم حتى لا يتكاثروا أو تصفيتهم جسدياً. ولكني لا أقبل بمثل هذه الوسائل واعتقد بأنه يكفي ان تنسف تجارتهم. وتجارتهم ترتكز على ركيزتين اساسيتين: الكتب المقدسة وعصمة الأنبياء. ومن هنا يأتي تشديدي على اعتبار الكتب المقدسة كتبا مكدسة بشرية فيها الغث والسمين، وعلى اعتبار الأنبياء مجرد بشر بعضهم مجرمو حرب. فإن استطعت نسف هاتين الركيزتين فسوف تنهار زمرة المتدينين تجار الدين من ذاتها وتهرب فئة قطعان الخرفان التي تتبعهم.
وفيما يخص الفئة الثالثة، فئة المترددين، فأحاول أن اقوي عندها روح النقد والعقلانية من خلال دراسات منها مبسطة ومنها معمقة حتى يجد كل أعضائها ما يناسبه. اريد اذن أن اسلح هذه الفئة بسلاح المعرفة حتى تتمكن من التخلص من اتباع رجال الدين تجار الدين والهروب من المسلخ.
وأخيرا هناك فئة المقتنعين برأيي والمتفقين معي. وهذه الفئة تحتاج إلى رص الصفوف والتشجيع وشحن العزيمة وتبادل المعلومات والتجارب.
لقد سيطر رجال الدين تجار الدين على الناس بزرع الخرافات في رؤوسهم لمدة قرون. والوسيلة الوحيدة لتخليص الناس من شرورهم هو نزع تلك الخرافات الواحدة بعد الأخرى واستبدالها بالمعرفة. وهذا عمل شاق وطويل، يتطلب سواعد كثيرة وصبر كبير. فمن ينتظر جني الثمر في ساعة ليس أهلاً لمثل هذا الصراع. فهدفنا يجب ان لا يكون النصر المباشر بل شرف المشاركة في صنع النصر. وعلينا هنا ان نركز على ثورة العقل وتغيير المناهج التعليمية والدينية وليس ثورة الشوارع التي أدت إلى طريق مسدود ومزيد من الدمار والمصائب. أطالب بتغيير محتوى الرؤوس وليس بتغيير الرؤساء.
وهنا تستوقفني مقابلة للرئيس بشار الأسد في 17 - 4 - 2013 يقول فيها متفاخراً: "في سورية بُني منذ عام 1970 حتى اليوم 18000 مسجد، و 220 مدرسة شرعية وثانوية شرعية وغيرها، وبُني العشرات من المعاهد لتأهيل الدعاة" (http://tishreen.news.sy/tishreen/public/read/285249). واليوم تحصد سورية ما زرعت مع آلاف القتلى والجرحى والمشردين، ناهيك عن الدمار. وما يقال عن سورية يمكن قوله عن مصر وغيرها من الدول العربية والإسلامية. وحتى في الغرب حيث يتزايد عدد المساجد يوما بعد يوم... ومعها عمليات الإرهاب وعدد الإرهابيين ... ونحن في انتظار حرب أهلية تحصد الأخضر واليابس. وهذا كله بفضل غباء السياسيين وتهادنهم مع رجال الدين.
إزرع الخرافات الدينية وابني الجوامع فسوف تحصد الخراب والدمار.
-------------------------------------- كتبي: http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14 كتابي عن الختان http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131 طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315 موقعي http://www.sami-aldeeb.com مدونتي http://www.blog.sami-aldeeb.com عنواني [email protected]
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الله يعلن استقالته
-
الإسلام لا وجود له، هناك الف اسلام واسلام
-
هل سامي يتطاول على الله ويسب ابراهيم؟
-
جريمة الختان 132: عدم وجود سبب للتمييز بين ختان الذكور والإن
...
-
جماعة الإخوان الحمير
-
لا تزعجونا بصلاتكم وصيامكم
-
جريمة الختان 131: التمييز بين ختان الذكور وختان الإناث جريمة
-
جريمة الختان 130: سكوت المشرّع عن ختان الذكور
-
جريمة الختان 129: منع المشرع الدولي ختان الإناث
-
علماء دين مغاربة اغبياء يرأسهم ملك المغرب
-
جريمة الختان 128: منع ختان الذكور في العصور الحديثة
-
جريمة الختان 127: منع ختان الذكور في العصور القديمة
-
هل نمنع الكتب المقدسة؟
-
جريمة الختان 126: علاج الآثار النفسيّة للختان
-
دين تحت التجربة وبالمزاد العلني
-
جريمة الختان 125: الأساليب الأخرى في توصيل المعلومات
-
جريمة الختان 124: اسلوب الجد في توصيل المعلومات
-
جريمة الختان 123: مكافحة الختان من خلال الدين
-
جريمة الختان 122: الختان والحروب
-
جريمة الختان 121: الدراسات الشاملة لمكافحة هذه الجريمة
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|