|
الديمقراطية !دين سياسي معمداني إنجيلي تبشيري تقوده الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط.. الديمقراطية في العراق بقيادة (جورج بوش ابن الله ) -3
طلعت خيري
الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 01:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الديمقراطية !دين سياسي معمداني إنجيلي تبشيري تقوده الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط.. الديمقراطية في العراق بقيادة (جورج بوش ابن الله ) -3
البعد الديني من الحرب الأمريكية لاحتلال العراق
مثنى فائق مرعي ألعبيدي .. قسم العلوم السياسية/ كلية القانون
البحث عبارة عن ملف ) word ) لا يحتوي على أي رابط
المبحث الثاني
يشكل تحقيق الأهداف في مختلف القضايا ومنها الحروب مسألة بالغة الأهمية فكل سياسة تُنفذ وكل موقف يُتخذ من البديهي ان يكمن هدفاً وراء هذه السياسة أو ذلك الموقف والحرب الأمريكية على العراق عام 2003م في بعدها الديني لم تخرج من سياق هذا الأمر ، ويكمن خلف هذه الحرب مجموعة مهمة من الأهداف الدينية تتجلى بـ :- أولاً :- نشر المسيحية (التنصير) والنشاط التبشيري يعد نشر المسيحية ومزاولة النشاط التبشيري** في الساحة العراقية وانطلاقاً من بغداد من الأهداف الدينية المهمة التي تبتغي الولايات المتحدة الامريكية تحقيقها في العراق بعد احتلاله ، ولم تكن الحرب ضد العراق هي الأولى من نوعها في مجال النشاط التبشيري الذي تهدف إليه الولايات المتحدة الامريكية ، بل المعروف انه كان لها قبل منتصف القرن التاسع عشر –وباعتراف مجلس البعثات التبشيرية- 60 بعثة تبشيرية ، وكانت خارطة انتشارها من اليونان إلى ايران ومن القسطنطينية إلى سوريا ، وتمتد إلى مختلف البلدان الاسلامية وغير الاسلامية ، وقد عمل المبشرون على تأمين الغزو الامريكي للمناطق الاسلامية بأشكاله وتفرعاته جميعها ، وفي مقدمتها نهب الثروات والتمركز في المواقع الإستراتيجية بالإضافة إلى غزو الإنسان نفسه وتفريغه من عقيدته( ) ودينه . والتنصير ونشر المسيحية كان ولا يزال أداة مهمة لدى الولايات المتحدة الامريكية في سياستها الاستعمارية وفي تمهيد سيطرتها على البلدان المحتلة أو ترسيخ نفوذها فيها ، وفي سبيل هذا الهدف العسكري السياسي الاقتصادي ثم الديني وفر المحتل الامريكي الدعم الدائم للحركات التنصيرية ، كما وفر له مختلف الوسائل ، وان وصلت إلى إشاعة الفاحشة والترويج للفجور ، وقد ظهرت الإدارة الامريكية بقيادة بوش الابن صادقةً تماماً في دعم التنصير( ) والمنظمات التبشيرية في سياق حربها على العراق كأحد أهم الأهداف الدينية لهذه الحرب . وادعت الإدارة الامريكية بالمسؤولية الروحية عن أبناء الشعب العراقي ، وبالحماسة نفسها التي تُمزق بها بلادهم تسعى لإنقاذهم الروحي المزعوم( ) ، وتدعيم وترسيخ الحرية لديهم ، فغالباً ما كان بوش الابن يستخدم كلمة الحرية في خطاباته بشأن العراق وما لهذه الكلمة من مدلول مهم في المسيحية التبشيرية إذ تعني حرية عبادة الرب بحسب الديانة النصرانية ، وبذلك فان احتلال العراق عدّه بوش الابن ومؤيدوه من الإنجيليين بداية لنشر المسيحية في أنحاء العالم الإسلامي بعد القضاء على الإسلام ، حتى ان مجلة نيوزويك الامريكية نشرت في عددها الصادر بتاريخ 15 آذار 2003م مقالاً جاء فيه :- "ان أنصار بوش من الإنجيليين يأملون ان تكون الحرب القادمة على العراق فاتحة لنشر المسيحية"( ) ، كما أكد بوش ذلك بقوله :- " إن الديمقراطية ستنتشر من العراق إلى البلدان المجاورة ، وسيسمح لنا العراق الحر بأن ننشر تعاليم المسيح في البلدان التي تصدنا قوانينها"( ) . وما أن أوشك وقوع الحرب الامريكية – البريطانية على العراق حتى حشد المنصرون جيوشهم لتنفيذ خططهم الهادفة إلى تنصير الشعب العراقي فكانت الانطلاقة من قوات المارينز الامريكي التي تعتمد على البعد الديني التبشيري بحيث يرافقهم المرشد الديني (قداس ديني) ويوعظهم بعبارات للموعظة :- "اله الحقيقة والأب والابن وروح القدس ، اجعلوا صلواتنا للذين لايعرفونكم كي تُسبّح كل شعوب الأرض باسمكم، ساعدوا وألهموا عبادكم حملة الإنجيل احيوا الإيمان الضعيف ، ادعوا إيماننا عندما يكون هشاً جددوا حمية مبشرينا اجعلوا منا شهود لطيبتكم وزيدوا حبكم وقوتكم وإيمانكم لمجدكم ولإخلاص العالم"( ). لكن الأمر لم يتوقف عند الجيش الامريكي فقط بل ان البيت الأبيض قد أعطى الضوء الأخضر للمنظمات التبشيرية والكنائس على مختلف مذاهبها من اجل الدخول إلى العراق لنشر المسيحية وذلك عندما أعلن البيت الأبيض قبيل شن الحرب على العراق ، انه لن يمنع ما اسماه "الجمعيات الخيرية المسيحية" من ممارسة مهامها التنصيرية داخل العراق( ) ، الأمر الذي رأت فيه الكنائس والمنظمات التبشيرية فرصةً ثمينةً ووسيلةً فاعلةً من اجل نشر المسيحية وتنصير الشعوب ولاسيما في البلدان الاسلامية وفي مقدمتها العراق ، الدافع الذي حداها على العمل لشن هجوم تنصيري مرتقب وصلت أولى حشوده بالفعل إلى الحدود العراقية الأردنية مطلع شهر آذار 2003م استعداداً لحمل العون المادي و(الروحي) لسكان العراق ، عندما يتم (تحريرهم)( ) من قبل الولايات المتحدة الامريكية ، فكانت الأردن بحق محطة انطلاق المنظمات التنصيرية إلى العراق . وبدأت المنظمات التبشيرية وتحت مختلف التسميات التوافد إلى العراق بمساعدة القوات الامريكية الغازية حتى وصل عدد هذه المنظمات التي دخلت إلى العراق إلى أكثر من مئة منظمة تنصيرية( ) , تختلف في وسائلها ومسمياتها ومذاهبها ومواردها وتتفق في هدفها الأساس المتمثل بنشر المسيحية في المنطقة انطلاقاً من العراق المحتل , ولعل أهم المنظمات التنصيرية العاملة في العراق تتمثل بما يأتي :- 1- مؤسسة ساماريتانس بيرس :- التي تعد من اكبر التنظيمات الإنجيلية في العالم ومن أهم المنظمات التنصيرية التي دخلت العراق , ومديرها القس الامريكي الشهير فرانكلين جراهام , تأسست هذه المنظمة عام 1970 ، ومقرها في مدينة بوون بولاية كارولينا الشمالية ولها ميزانية تصل إلى 200 مليون دولار ، وتعلن أنها تقدم ما أسمته "يد المساعدة" لأكثر من مئة بلد في العالم ، وتشترط هذه المنظمة على ان يكون الراغبون في تلقي مساعداتها "مؤمنين بملتها" وان يؤمنوا بان "الإنجيل هو كتاب الله الوحيد الموحى به الذي لا يأتيه الباطل" ، وفي إطار نشاط هذه المؤسسة في العراق حصلت على تمويل من الوكالة الامريكية للتنمية يقدر بـ (4200000) دولار لتنمية أنشطتها التبشيرية في العراق( ) . كان فراكلين جراهام قد أدلى بتصريح خاص لموقع (believe net) يوم الثلاثاء 25/3/2003م ذكر فيه ان أعضاء منظمته توجهوا إلى العراق لتولي مهمة التنصير ، وانه يفعل ذلك باسم المسيح ، بالتنسيق الكامل مع وكالات الإدارة الامريكية في العاصمة الأردنية عمان( ) . ويذكر الواعظ جوش ليانون احد أعضاء مؤسسة ساماريتانس بيرس العاملين في العراق انه في معسكر (بوشماستر) في محافظة النجف ، استغل ندرة الماء الضروري لدورة المياه بالنسبة للرجال في تعامله مع المعتقلين العراقيين لدى القوات الامريكية باشتراطه التعميد والتحول عن الإسلام إلى المسيحية الإنجيلية للوصول إلى خزانات الماء المخصصة لهم في المعسكر ، حتى انه قال لأحد الصحافيين دون حياء ولا تردد :- "الأمر بسيط للغاية ، المسلمون يريدون الماء ، أنا املك هذا الماء وهو لهم اذا قبلوا تعميدهم"( ) . 2- المؤتمر المعمداني الجنوبي :- اكبر تجمع بروتستانتي أمريكي ، قام بإرسال آلاف المنصرين من أوكلاهوما وجورجيا وتكساس إلى بلاد الرافدين ، تحت شعار (الحرية الحقيقية مع يسوع المسيح) ، حتى ان رئيس المنظمة القس جاك جراهام ذكر في بداية الحرب على العراق إنهم سيوفرون الغذاء والمأوى للعراقيين وسيركزون انتشارهم على مناطق الجنوب . 3- منظمة مجمع التوراة العالمي :- التي أعدت طبعة للعهد الجديد خاصة لتوزع على اللاجئين العراقيين كما قامت بحملة تبرعات واسعة لحث كل أمريكي على دفع أربعين سنتاً لطبع كتيب تنصيري وشحنه إلى العراق . 4- منظمة الإغاثة العالمية :- وهي الذراع الإنساني للرابطة الوطنية الإنجيلية التي أعلنت أنها في انتداب توراتي إلى العراق لتعريف اليائسين بيسوع المسيح( ) . 5- منظمة القوافل الطبية الدولية :- مركزها الرئيس مدينة بورتلاند الامريكية وجاءت إلى العراق برفقة الجيش الامريكي في حرب الخليج الثانية ، وتعمل بدعم مباشر من مكتب مساعدة الكوارث الخارجية (O.F.D.A) التابع لوزارة الخارجية الامريكية وتحت إشراف مكتب التنسيق العسكري الامريكي (M.C.C) ولها أربعة مكاتب في العراق ويديرها فريق منظمة (Global) وجميع مكاتبها كانت منحة من النظام السابق استجابة لشروط الأمم المتحدة من خلال برنامج (النفط مقابل الغذاء)( ) . 6- مجلس التنصير العالمي :- وهو احد فروع الكنيسة المعمدانية الجنوبية ويقود عمليات التنصير في العراق ، بحيث يتم إدخال المنصرين تحت ذريعة العمل في مؤسسات الإغاثة الدولية ، وذُكر أن مدير المجلس وجه "نداءاً حاراً لأتباع الكنيسة البالغ عددهم 16 مليون شخص للسفر إلى العراق أو دعم جهود التنصير هناك" وقد جاء في النداء :- "إن المعمدانية الجنوبية صلت كثيراً ان يفتح الرب باب العراق لرسالة الإنجيل ... وان المعمدانية الجنوبية وأعضاءها يجب ان يعلموا ان هناك حرباً على الروح في العراق وتنافساً مسيحياً إسلامياً على عقول العراقيين"( ) . لم يقتصر الأمر على هذه المنظمات فحسب بل هنالك الكثير من المنظمات الأخرى التي يأتي في مقدمتها :- هيئة الإرساليات الدولية ، مجلس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، مجموعة من المعمدانيين الجنوبيين من ولاية كارولينا الشمالية ، هيئة المعونة الامريكية ، منظمة كريستيان شاريتي وورلد نيشون انترناشينال ، منظمة المجتمع الدولي للإنجيل ، منظمة تعليم امة كاملة التي تعرف اختصاراً (داون) ، منظمة المنصرين البروتستانت( ) ، جمعية الكتاب المقدس ، منظمة تطوير خدمات الشرق الأوسط التنصيرية البريطانية (ولها نفوذ واسع جداً في شمال العراق) ، منظمة ينبوع الحياة الامريكية (وتحصل على التمويل من مكتب مساعدة الكوارث الخارجية (O.F.D.A) وتعمل تحت ستار حفر الآبار الارتوازية) ، الكنيسة الكلدانية الامريكية (وكانت تمارس نشاطها قبل الاحتلال الامريكي للعراق) ، منظمة المصادر (بريطانية الجنسية) ، منظمة كاريتاس( ) ، وغيرها الكثير من المنظمات والجماعات الصغيرة والأشخاص الذين توافدوا إلى العراق المحتل بهدف نشر التنصير بين أبناء شعبه . تعتمد هذه المنظمات وسائل وسبل متعددة ومتنوعة لممارسة نشاطاتها في العراق ومنها من يعمل تحت تسميات مسيحية تنصيرية والجزء الأكبر منها يتخفى تحت تسميات وعناوين ومنظمات إنسانية ومدنية واغاثية ، ويضاف إلى ذلك ان لهذه المنظمات طرق مختلفة تستغلها في تحقيق أهدافها واهم هذه الطرق والوسائل يتمثل بما يأتي :- 1- التنصير الطبي وتقديم الخدمات :- أدت الظروف القاسية التي مر بها العراق إلى تزايد الحاجة الملحة للمعونة الطبية التي تأتي في مقدمة متطلبات العراقيين ، فاستغلت المنظمات التبشيرية هذه الحاجة فقدمت ملايين الدولارات لتوفير الامدادت الطبية باسم الصليب , ويأتي هنا اسم خدمة الكنيسة العالمية (c.w.s) المؤلفة من 36 مجموعة إنجيلية وأرثوذكسية وتعمل في العراق منذ عام 1991 حتى وصل تمويلها بعد غزو العراق إلى مبلغ 1,2 مليون دولار( ). 2-تقديم الإغاثة الإنسانية والمواد الغذائية :- تدخل العديد من المنظمات التنصيرية إلى العراق تحت مظلة المنظمات الاغاثية وإلانسانية ، ويعترف مسؤلون أمريكان بوجود هؤلاء المنصرين , ويؤكدون أنهم يقدمون العون للناس , والعراقيين يفرحون بذلك , وان العراقيين يفهموا ان الذي يمنحهم المواد الغذائية مسيحيون أمريكيون وان عمال الإغاثة يوزعون نسخاً من إنجيل العهد الجديد إلى جانب المواد الغذائية( ) . 3- إلقاء الأناجيل على المسلمين بالطائرات العسكرية :- هذه الطريقة تكفلت بها قوات الاحتلال الامريكي بحيث قامت المقاتلات الامريكية بإلقاء المنشورات والكتب الدينية على الشعب العراقي في مختلف المناطق( ) , منها ما قامت به مروحيات أمريكية نوع أباتشي في كانون الأول عام 2004م بإلقاء آلاف النسخ من المنشورات التنصيرية والأناجيل على مناطق الحلابسة والصقلاوية وعامرية البو العيسى وكانت تلك الأناجيل صغيرة الحجم جداً وكتبت فيها مقتطفات من إنجيل بطرس ولوقا( ) . 4- توزيع الكتب والأفلام والمنشورات التنصيرية على المسلمين :- تقوم مراكز التبشير بالنصرانية والمكتبات النصرانية الكبيرة التي تم إنشائها في العراق وعن طريق المنظمات التنصيرية بتوزيع آلاف الكتب التنصيرية المجانية ، والنشرات والأناجيل وشرائط الكاسيت والفيديو( ) . ويأتي في مقدمتها فيلم (يسوع) الذي أنتجته السينما العالمية يتحدث عن القصص المحرف لنبي الله عيسى (عليه السلام) الذي تم دبلجته إلى أكثر من 70 لغة وأكثر من 200 لهجة محلية وبطبيعة الحال يوزع الفيلم في العراق باللهجة العراقية المحلية ، بالإضافة إلى ذلك يتم توزيع القصص ذات الطابع التبشيري على الأطفال في العديد من المدن والقرى العراقية . 5-تدشين محطات إذاعة وتلفزة تنصيرية :- تمكن المنصرون من تدشين عدد من محطات الإذاعة والتلفزة التي تهدف إلى زعزعة عقيدة الشعوب ومن بينها العراق ومنها على سبيل المثال إذاعة صوت المحبة وغيرها . 6- مسجد يسوع :- إحدى الطرق الشائعة لدى المنصرين لتمويه عقيدتهم ودعوة الناس إلى "مسجد يسوع" ويدعي هؤلاء المنصرون أنهم يشهدون ان (لا اله إلا الله وان محمداً رسول الله) ، ويقنعون الناس أنهم نوع من الصوفية ويتسللون إلى الناس عن طريق دعوتهم إلى تلك السبيل( ) . وهكذا يتضح إن نشر المسيحية في العراق والعمل على تنصير الشعب العراقي يُعد جزءاً هاماً من الأهداف الدينية الكامنة وراء الحرب الامريكية لاحتلال العراق عام 2003م ، وكذلك فإن لقوات الاحتلال الامريكي مطالب واضحة من المنصرين هي تبديل عقيدة المسلمين في العراق ، وإذا فشلوا في تحقيق هذا المطلب فليس اقل من السعي إلى تبديل أنماط حياة المسلمين وزعزعة ثقتهم بالإسلام الذي يشكل قوة مادية ومعنوية تعرقل مخططات المحتلين وتنسفها . ثانياً :- حماية امن إسرائيل وإقامة (إسرائيل الكبرى) تأتي حماية امن إسرائيل والمحافظة عليها والعمل من اجل إقامة (دولة إسرائيل الكبرى) كأحد أهم أهداف ومطالب الحرب الامريكية البريطانية لاحتلال العراق وما تمثله إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية من مصلحة عسكرية وسياسية من جهة ومصلحة دينية وأخلاقية وقيمية من جهة أخرى ولما شكله العراق من خطر مستمر على إسرائيل منذ نشأتها عام 1948م والى ان وقع العراق تحت الاحتلال الامريكي عام 2003م . يعد الاحتلال الأمريكي للعراق خطوة كبيرة لحماية امن إسرائيل وترسيخ وجودها في المنطقة وصولاً إلى الهدف الديني المهم والمتمثل بإقامة (دولة إسرائيل الكبرى) ، وهذا الهدف الديني لم يكن نابعاً من فراغ ولكن ينطلق من مسألتين الأولى متأتية من الدعم الامريكي لإسرائيل كواجب ديني ، والمسألة الثانية كون الحرب على العراق تساهم في الحفاظ على امن إسرائيل هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فالاحتلال الامريكي للعراق يساهم في إقامة مشروع (دولة إسرائيل الكبرى) كون العراق يشكل جزءاً منها ، فالولايات المتحدة الامريكية بالاستناد إلى موروثها الديني القائم على العقيدة البروتستانتية( ) ترى في دعم إسرائيل واجب ديني لا يمكن التخلي عنه ويتجلى ذلك واضحاً في المواقف المتكررة للرؤساء الأمريكان في الإدارات الامريكية المتعاقبة منذ نشأة إسرائيل ، إذ إن الكاتبة الأمريكية غريس هالس تذكر بان الرئيس الامريكي الأسبق ترومان الذي كان من أوائل الذين اعترفوا (بالدولة اليهودية) قد اسعد باعترافه بإسرائيل الصهيونيين المتفانين ، إضافة إلى أكثرية من المسيحيين الأمريكيين( ) . استمر الدعم الامريكي لإسرائيل من إدارة إلى أخرى فهذا جيمي كارتر –الرئيس الامريكي الأسبق- يخطب في الكنيست الإسرائيلي في آذار 1979م مؤكداً على الإيمان الديني بإسرائيل بقوله :- "ان علاقة امريكا بإسرائيل أكثر من مجرد علاقة خاصة ، كانت تلك العلاقة ولا تزال ، علاقة فريدة لا يمكن تقويضها لأنها متأصلة في وجدان وأخلاق وديانة ومعتقدات الشعب الامريكي" ، وأيضاً قوله :- "لقد أقام الرواد وأقوام تجمعوا في كلا الشعبين من دول شتى إسرائيل والولايات المتحدة الامريكية ، فشعبي كذلك امة لاجئين ومهاجرين .. إننا نتقاسم معاً ميراث التوراة"( ) . وإذا وصل الأمر إلى بوش الابن وإدارته التي تؤمن بعقيدة الإنجيليين الأصوليين –الذي يعد بوش الابن واحداً منهم- فإن الموقف من إسرائيل يمكن تلخيصه بان :- "احترام إسرائيل وتقديسها واجب ديني ، ويجب مساعدتها على بسط سلطانها على كل فلسطين وتشجيع قيام المستوطنات وتهويد الضفة الغربية (السامرا) ، والقدس جزء من (الأرض الموعودة) لا تنفصل عنها وإلا اعتبر تحدياً لإرادة الرب"( ) . وبما ان العراق يشكل خطراً على إسرائيل التي تلتزم الولايات المتحدة الامريكية دينياً بحمايتها ، كان من الضروري ان تشن الحرب الامريكية على العراق فجاءت هذه الحرب كنقطة التقاء مصلحية بين الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل فإذا كانت قضية احتلال العراق تمثل مصلحة أمريكية فإنها مثلت أيضاً مطلباً إسرائيلياً مستمراً( ) ، يساهم في إبعاد شبح الخطر العراقي عنها ، ولم تكن الحرب الامريكية ضد العراق في الجانب الديني منها سوى حرباً من اجل إسرائيل وحمايتها ، الذي يُعد احد الأسباب الأساسية للغزو الامريكي للعراق كما يعترف بذلك بوش الابن في سياق حديثه عن المنافع المتخيلة من الاحتلال الامريكي للعراق التي تحققها الولايات المتحدة الامريكية والعالم ، وان أهم هذه المنافع يتمثل بتأمين سلامة إسرائيل فقال بالحرف الواحد :- "ان إقامة عراق حر سوف يساعد على ضمان أمن إسرائيل"( ) ، كما عبر ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي –آنذاك- في زيارته لمنطقة الشرق الأوسط في آذار 2002م عن الهدف الاستراتيجي من الحرب على العراق بأنه لمصلحة إسرائيل ، وذلك عبر قوله لشارون رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها:- "ان هجوم الولايات المتحدة على العراق من أول طليعته هو لأجل إسرائيل"( ) . أما إسرائيل فلم تكن بمعزل عن الحرب ضد العراق فهي في صميم هذه الحرب حتى ان إتيان هابر المحلل السياسي لصحيفة يديعوت احرنوت الإسرائيلية قد وصف علاقة إسرائيل بالحرب الامريكية ضد العراق في مقال له بتاريخ 19 آذار 2003م ذكر بان :- "الحرب الامريكية المحتملة على العراق ستكون الحرب السابعة في تاريخ إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948م ، ويمكننا استنتاج ان الحرب السابعة لإسرائيل ستكون حرباً بلا ضحايا ، وسيبدأ منها الانقلاب المأمول في الشرق الأوسط" ، وكانت بحق هذه الحرب قد خدمت في مجملها إسرائيل في المقام الأول التي حصدت المكاسب العديدة منها والتي تتمثل بالمكاسب الدينية والعسكرية والاقتصادية والسياسية والإستراتيجية( ) . إذا كان تحقيق أمن إسرائيل وترسيخ وجودها مصلحة أمريكية تتطلب الدعم كضرورة دينية فإنه انطلاقاً من هذه الضرورة ترى الولايات المتحدة الامريكية ان تستغل حربها على العراق ليس فقط لضمان امن إسرائيل في وضعها الحالي وإنما لتحقيق إقامة (دولة إسرائيل الكبرى) ، ودعم مشروعها المستند في الأسباب الدينية إلى تفسير حرفي للتوراة ، بحيث يؤكد المسيحيون الصهاينة إنهم بدعمهم لهذا المشروع لا يفعلون سوى تلبية نداء الرب مثلما ورد في العهد القديم( ) . ومشروع إقامة (دولة إسرائيل الكبرى) قديم الجذور ويتم التخطيط له منذ زمن بعيد وقد أخذت عناصر اليمين الامريكي متمثلةً بإدارة بوش الابن على عاتقها البدء بوضع هذا المشروع على ارض الواقع ، وكشفت مصادر سياسية أمريكية النقاب في 5/5/2002م عن تفاصيل مخطط أمريكي – إسرائيلي يقضي بإقامة (دولة إسرائيل الكبرى) في المنطقة خلال المرحلة المقبلة ، مؤكدةً في الوقت نفسه ان بوش الابن تبنى هذا المخطط واقتنع بان تنفيذه لن يتم إلا عبر القوة العسكرية ، وتم الاتفاق بين الطرفين الامريكي والإسرائيلي على ان تحقيق ذلك المخطط يستوجب القيام بعملين مهمين:- 1- ضرب العراق عسكرياً ، وهذا العمل تقوم به الولايات المتحدة الامريكية . 2- ان تمهد إسرائيل لذلك بالقضاء على عناصر ما تسميه (بالجماعات الإرهابية) سواء كانت فلسطينية أو غيرها ، وهذا هو سيناريو المرحلة الأولى ، بينما تبدأ المرحلة الثانية التي يطلق عليها اسم (الطوق الأمني الاستراتيجي) على الدول العربية والمنطقة كلها بعد احتلال العراق وإسقاط بعض (الأنظمة المعادية)( ) . وتمتد (إسرائيل الكبرى) بحسب حدودها التوراتية من النيل إلى الفرات بحسب الاعتقاد التوراتي الذي يؤمن به رموز اليمين الامريكي ، الذي غالباً ما ترددت على ألسنتهم في إطار حملتهم في شن الحرب على العراق عبارة : "إن الله كلف الولايات المتحدة بمهمة تخليص العالم من الأشرار وإقامة مملكة الرب" وذلك يعني ان تدمير العراق خطوة واثبة في طريق (إسرائيل الكبرى) لكنها ليست بالضرورة الخطوة الأخيرة وحال استكمالها تكون قد دنت كثيراً من هدفها( ) . وذهب جيري فالويل إلى إن الحدود الجغرافية لإسرائيل لاتقتصر على وضعها الحالي بل طالب بامتداد أراضيها من الفرات إلى النيل تحقيقاً للنبوءات التوراتية التي تقول في (الكتاب المقدس / تثنية 11-24-25 ) :- "كل مكان تدوسه بطون أقدامكم لكم من البرية ولبنان ، من النهر ، نهر الفرات ، إلى البحر العربي يكون تخمكم ، لا يقف إنسان في وجهكم ، الرب إلهكم يجعل خشيتكم ورعبكم على كل الأرض التي تدوسونها كما كلمكم"( ) . نخلص من ذلك ان الاحتلال الامريكي للعراق في بعده الديني قد حقق لإسرائيل جزءاً من أحلامها في إقامة ( دولة إسرائيل الكبرى) بعد ان ضمنت لها هذه الحرب استقراراً لأمنها وترسيخاً لوجودها وتوسيعاً لحدودها كون وجود عدد كبير من الجنود الإسرائيليين يخدمون في الجيش الامريكي المحتل للعراق بالإضافة إلى ان السيطرة الامريكية على العراق هي الوجه الآخر للسيطرة الإسرائيلية عليه . ثالثاً:- تهيئة المنطقة دينياً تحتل منطقة الشرق الأوسط أهمية دينية كبيرة لدى البروتستانت والإنجيليون الأصوليون والحركة المسيحية الصهيونية بالإضافة إلى اليهود والحركة الصهيونية ، كونها المنطقة التي -بحسب اعتقادهم- ستشكل مسرحاً لأحداث دينية مهمة في المستقبل ويتطلب الأمر التهيوء لها وهذه الإحداث تتركز في المذهب البروتستانتي والعقيدة الاسترجاعية (الألفية)** * . أصبحت الإستراتيجية الأمريكية في ظل حكم اليمين الامريكي والتيارات المسيحية الصهيونية تقوم على تحقيق الرؤى التوراتية بأسرع وقت ممكن ، كما ان عملية العقل الغربي قد انتقلت بالنبوءة من جبرية الانتظار إلى تأثير الإرادة الإنسانية ، فبدلاً من انتظار النبوءة تحولوا إلى تهيئة الظروف لها( ) ولا تخرج الحرب الامريكية على العراق من هذا الأمر كونها عنصراً هاماً في تهيئة منطقة الشرق الأوسط دينياً، تمهيداً لوقوع معركة (الهرمجدون) وعودة المسيح. والحرب الأمريكية على العراق في جانبها الديني تعتمد في الأساس على العقيدة البروتستانتية المتشددة في هدفها نحو السيطرة على ارض الأديان في الشرق الأوسط ومعاداة العقيدة الاسلامية والاعتماد على تثبيت اليهودية في فلسطين إلى حين ان تتم معركة (الهرمجدون) الفاصلة لمصلحة المسيحية الصهيونية بانتصارها على جميع الأديان والعقائد( ) الأخرى . وبالنظر لأهمية منطقة الشرق الأوسط دينياً يتم التركيز عليها من قبل اغلب الساسة والقساوسة من أمريكيين وغيرهم إذ إن القس بيل جراهام ظل منذ العام 1970 يحذر من ان العالم يسير بسرعة كبيرة نحو معركة الهرمجدون ، ويقول :- "يتساءل الكثيرون : أين تقع هرمجدون؟ وما مدى قربنا منها؟" ، وفي محاولته الإجابة يقول :- "حسناً انها تقع إلى الغرب من نهر الأردن بين الجليل والسامرة في سهل يزرعيل" ، ويضيف ايضاً :- "ان الكتاب المقدس يعلمنا بأن آخر حرب عظيمة في التاريخ ، سوف تخاض في ذلك الجزء من العالم : الشرق الأوسط"( ). كما يتم النظر إلى منطقة الشرق الأوسط -من وجهة نظر اليمين الامريكي– على أنها ستكون قبل العودة الثانية للمسيح مسرحاً للحروب أو الكوارث الطبيعية والانهيار الاقتصادي والفوضى الاجتماعية ، ويعتقد رموز أتباع المسيحية الصهيونية بأن هذه الأحداث مسجلة بوضوح في الكتاب المقدس ، وان المسيحيين المخلصين سوف يُرفعون مادياً من فوق الأرض ويجتمعون بالمسيح في الهواء ، ومن هذه النقطة سوف يراقبون بسلام وهدوء الحروب النووية والمشاكل الاقتصادية ، وفي نهاية المحنة سيعود هؤلاء المسيحيون المولودون ثانية مع المسيح كقائد عسكري لخوض معركة الهرمجدون ، ولتدمير أعداء الله ، ومن ثم ليحكم الأرض لمدة ألف سنة( ) ، وذلك كله في منطقة الشرق الأوسط التي اعتبر ريغان –الرئيس الامريكي الأسبق- في عام 1986م الاهتمام بها وإقرار السلام فيها التزاماً دينياً وذلك بقوله:- "إننا معنيون بالبحث عن السلام في الشرق الأوسط ، ليس كخيار وإنما كالتزام ديني"( ) . أما في إدارة بوش الابن-السابقة- الملتزم بتطبيق مبادئ اليمين الامريكي فان تهيئة الشرق الأوسط أخذت حيزاً من الاهتمام أكثر من أي وقت سبق وذك من خلال شنه الحرب على العراق وقبيل هذه الحرب نجد أن بوش الابن في صدد الحديث عنها يقول :- "منطقة الشرق الأوسط تمر بمرحلة تاريخية ومفصلية يتوجب على شعوبها الاختيار بين الديمقراطية والحرية والاستبداد والتطرف" ، الأمر الذي يبرز التزام بوش الابن بتطبيق الرؤية التوراتية التي نص عليها الإنجيل والعهد القديم ، أي تخليص منطقة الشرق الأوسط من قوى الشر (محور الشر) الذي يعد العراق أبرزها ، وهو شرط أساس لعودة المسيح الثانية وجزء من تهيئة وتحضير المنطقة لخوض المعركة التي سينتصر فيها الخير على الشيطان( ) . ولعل الكثير من الأحداث الحالية أو التي حصلت في منطقة الشرق الأوسط يرى فيها أتباع المذهب البروتستانتي والعقيدة الاسترجاعية ، تطبيقاً للنبوءات الإنجيلية واجزاءاً يكمل بعضها البعض ، تُنبئ بقرب العودة الثانية للمسيح ، وان العالم بدأ يسير نحو نهايته وفقاً للأحداث التالية :- 1- قيام (دولة اليهود) في فلسطين تمهيداً لهدايتهم على يد المسيح عند نزوله للمرة الثانية. 2- تشكل محور للشر من دول كافرة وملحدة ضد الشعوب المسيحية الغربية و"(محور الشر) مصطلح يستخدم اليوم بكثرة في السياسة الامريكية لوصف عدد من الدول المسماة بـالدول المارقة (العراق قبل احتلاله ، ايران ، كوريا الشمالية)" . 3- ثم تبدأ إرهاصات المعركة باحتلال ارض بابل (وهي ارض العراق التي تم احتلالها من قبل الولايات المتحدة الامريكية) . 4- ثم تنشب معركة هرمجدون الفاصلة( ) . بذلك تكون الحرب الامريكية على العراق جزءاً من عملية تهيئة منطقة الشرق الأوسط دينياً الأمر الذي أكده بوش الابن بقوله :- "ان الحرب على العراق هي مهمة إلهية" وانه يقوم بها من اجل عالم أفضل ، ويضيف :- "سوف استغل الفرصة لتحقيق أهداف كبرى ولا شئ أهم من تحقيق سلام عالمي والحرب على العراق أمر أساسي في هذا السلام"( ) ، وتم اعتبار الحرب الامريكية على العراق مهمة إلهية ليس فقط من قبل بوش الابن وحده ولكن الكثير يراها بنفس المنظار فقد نشرت صحيفة دير شبيغل الألمانية في عددها الصادر بتاريخ 27/2/2003م بان الحرب على العراق ما هي إلا :- "تكليف الهي ... للقضاء على الأشرار (وهم المسلمون) ... والإعداد لمعركة هرمجدون"( ) . ، وحتى سارة بايلن – المرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس (المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية في الانتخابات الأخيرة جون ماكين)- هي الأخرى قد ذكرت ان :- "الجيش الامريكي في العراق هو في مهمة من اجل الرب"( ) . أما قساوسة اليمين المسيحي فقد حشدوا حملاتهم لهذه الحرب واعتبروها فرصتهم الثمينة لتهيئة الشرق الأوسط دينياً فهذا تيم لاهاي يقول:-"ان العراق يشكل نقطة محورية خلال أحداث نهاية العالم" مؤكداً بأن العراق سيؤدي دوراً اساسياً في معركة الهرمجدون ، ويؤازره جيري فالويل بالقول " إننا عندما نشن الحرب في العراق سنقوم بذلك لإعادة المسيح إلى الأرض لكي تقوم الحرب الأخيرة التي ستخلص العالم من جميع الكافرين"، وإذا كان هذا خطاب القساوسة فان رجال السياسة الأمريكيين مشوا في ركبهم بحيث يردد النائب توم ديلي-عندما كان يتولى منصب زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب-انه يتعين دعم الحرب ضد العراق لأنها "البشير الذي يسبق عودة المسيح إلى الأرض ويفسح المجال لحدوثها "( ) . وخلاصة القول إن الحرب الامريكية على العراق ما هي إلا وسيلة فاعلة لتحضير وتهيئة منطقة الشرق الأوسط الهدف الديني الذي تعمل الولايات المتحدة الامريكية جاهدةً لتحقيقه ، وترى فيه ضرورة دينية يجب الالتزام بها . وختاماً يتضح مما سبق ان شن الحرب الامريكية البريطانية ضد العراق في بعدها الديني ترمي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الدينية تتمثل ابتدءاً بنشر المسيحية وتنصير الشعب العراقي كخطوة أولى نحو تنصير شعوب المنطقة والعالم الإسلامي ككل ومروراً بحماية امن إسرائيل والحفاظ عليها وترسيخها من اجل إقامة (دولة إسرائيل الكبرى) الذي يعد العراق جزءاً منها ، وصولاً إلى تهيئة منطقة الشرق الأوسط دينياً واستخدام الحرب على العراق وسيلة لذلك من اجل تحضير المنطقة لوقوع معركة الهرمجدون وعودة المسيح الثانية. الخاتمة لقد تناول هذا البحث الموسوم :- (البعد الديني في الحرب الامريكية لاحتلال العراق) أهمية الجانب الديني في الحرب الامريكية ضد العراق من خلال دراسة الأسس التي استندت عليها والمتمثلة بالأسس الاجتماعية التي حظيت الإدارة الامريكية من خلالها على التأييد الشعبي ، والتحالف السياسي الديني الذي اخذ على عاتقه التخطيط والإعداد والتنفيذ لشن الحرب الامريكية على العراق ، بالإضافة إلى الأساس الآخر الذي تمثل باستناد شن الحرب على نبوءات ونصوص توراتية وإنجيلية أوجبت شنها لتحقيق هذه النبوءات التي أضفت على الحرب واجباً دينياً. كما تناول هذا البحث الأهداف الدينية للحرب الامريكية على العراق التي أبرزها نشر التنصير في المنطقة انطلاقاً من بغداد عاصمة العراق المحتل وحماية امن إسرائيل والحفاظ عليها ترسيخاً لإقامة (دولة إسرائيل الكبرى المزعومة) ويضاف لها الهدف الآخر المتمثل بتهيئة منطقة الشرق الأوسط دينياً . وتم من خلال البحث التوصل إلى النتائج التالية:- 1- على الرغم من اتسام المجتمع الامريكي والولايات المتحدة الامريكية بوجود العامل الديني كأحد محركات السياسة الامريكية إلا إن مرحلة وصول إدارة بوش الابن إلى سدة الحكم ووقوع أحداث 11 أيلول 2001م جعلت من العامل الديني ابرز هذه المحركات وأهمها لاسيما في حربي أفغانستان والعراق . 2- استندت الحرب الامريكية على العراق في بعدها الديني على مجموعة من الأسس التي بدورها أضفت الشرعية على الحرب كونها واجب ديني و"مهمة إلهية" لابد من تنفيذها طبقاً للمعتقدات المسيحية واليهودية . 3- أظهرت الحرب الكثير من المظاهر الدالة على كونها حرباً دينيةً , ولم تشأ قوات الاحتلال ان تخفي تلك المظاهر عن العيان , فما باتت تخشى شيئاً في ظل الصمت الرهيب اتجاه هذه المظاهر سواء في داخل العراق أو في العالم الإسلامي . 4- يؤدي الهدف من نشر المسيحية والتنصير في العراق إلى تحقيق العديد من المكاسب فيما لو تم إيجاد مراكز مسيحية فاعلة في العراق ولعل أهم هذه المكاسب تتمثل بترسيخ الاحتلال ، وان كان بصور مختلفة عن الاحتلال المباشر ، وإيجاد مراكز تجسسية ومراكز نفوذ وتأثير في العراق كدولة وكمجتمع إسلامي . 5- على الرغم من كون حماية إسرائيل والحفاظ على أمنها احد الأهداف الدينية للحرب على العراق إلا ان حماية امن إسرائيل يشكل مصلحة أمريكية إستراتيجية وعسكرية واقتصادية وبذلك يكون ذي طبيعة مركبة ومتميزة . 6- ان للأهداف الامريكية خطورة كبيرة وإفرازات فادحة فيما لو تم تطبيقها وتحققها على ارض الواقع من تحكم في مصير المنطقة واستغلال إمكاناتها ومن ثم تعطيلها ونهب ثرواتها . 7- تشكل الأهداف الدينية للحرب الامريكية على العراق خطراً لا يستهان به على المجتمع الإسلامي الأمر الذي يجب الانتباه له والعمل من اجل الحد منه ابتدءاً ووصولاً إلى القضاء عليه ، باستخدام الوسائل الفاعلة لذلك , من اعتماد إستراتيجية محكمة تفضي إلى نشر الوعي الإسلامي والعمل على تربية الأجيال على أسس إسلامية وتنمية روح الإسلام في أنفسهم والعمل على استغلال وسائل الإعلام المختلفة والمتنوعة من اجل التنبيه لمخاطر الأهداف الدينية الامريكية في العراق من جهة , والى ضرورة التصدي لها , ومن جهة أخرى عرض البرامج الدينية وتفعيل العمل الإسلامي المنظم لمواجهة الأخطار الاستعمارية الصليبية التي تواجهها البلدان الاسلامية وفي مقدمتها العراق.
#طلعت_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطية !دين سياسي معمداني إنجيلي تبشيري تقوده الولايات
...
-
الديمقراطية !دين سياسي معمداني إنجيلي تبشيري تقوده الولايات
...
-
تعلم يسوع الإلوهية بمقدسات اليهود (يوحنا ) – 8
-
أكاذيب وطعون المسيح ابن الله بآباء اليهود (يوحنا ) –ج 2
-
الإلحاد في الكتاب المقدس .. رد على مقالة الناصر لعماري
-
الزنا في شريعة المسيح ابن الله (يوحنا ) - 8
-
نسب يسوع المزيف احد أسباب الصراع السياسي الديني القومي على ف
...
-
النصب والاحتيال اليسوعي على اليهود..(يوحنا 2)- 6
-
اله التوراة الأعوج خلق المرأة من ضلع اعوج !!! رد على مقالة ف
...
-
ومن آياته أن جعل لكم من الماء خمرا ومن والسماء سمكا مسكوفا (
...
-
الصراع السياسي اليهودي والمسيحي على يوم السبت (يوحنا ) - 5
-
لا شفاعة ليسوع وقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة (يوحنا
...
-
نداء السراة !!التحريف اليسوعي القومي لجغرافية الأنبياء (الجز
...
-
ما اكذب من مخلًّص المسيحيين إلا مخلَّص اليهود (يوحنا) -3
-
ومن آياته أن جعل لكم من الماء خمرا فإذا انتم منه تسكرون يسوع
...
-
يسوع اله اللادينيين والملحدين واللبراليين والنورانيين آياته
...
-
عفش النَوَر (الخروج)
-
جرائم اله التوراة على ارض فلسطين خيمة الاجتماع رمز للاستيطان
...
-
من خيمة اجتماع شيوخ بني إسرائيل إلى مجلس الشيوخ الأمريكي، «ا
...
-
التشريعات القومية والعنصرية في وصايا اله التوراة ( الخروج)
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|