|
عمائم رحمة ،وعمائم نقمة
ثائر الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 01:25
المحور:
حقوق الانسان
المودة تعاطف القلوب في ائتلاف الأرواح الخيانة دليل على قلة الورع والديانة الامام (علي ) عليه السلام لازلت أتذكر جيداً عندما كنا صغاراً أنا وأخوتي وأخواتي وأولاد خالاتي وأعمامي وعماتي ومعنا أولاد الجيران وهم من قوميات وديانات مختلفة ،جميعنا نلعب ونمرح دون ان يكون هنالك من يقول لهم ولنا لا تعلبوا مع هذا لأنه سني او شيعي او كردي او مسيحي أو صابئي فأمي وخالاتي وعماتي لم يتجرأن في يوم من الأيام ان يتحدثن أمامنا بلغة الوعيد والتهديد بقضايا مشاكل العائلة والخطاب المتشنج عن جيراننا ،بل كن أذا رأونا يغلب عليهن خطاب الحب والمودة وكأن شيئاً لم يكن،حتى ان ابن جيراننا كان دائماً يتجاوز على أخي الأكبر ولما يأتي لامي ليشتكي عنه ،تقول لا يهم أنكم أخوان ،وكنت أتساءل لماذا أمي لا تأخذ حقي وتذهب لتعاتب أمه وأبيه لما فعلوا بأخي ؟ ومع مرور الزمن كبرنا وتزوجنا وأصبحت أرباب اسر وعوائل أيقنت أن السبب الرئيسي في محبة الناس لي ومحبتي للناس نابعة لما غذتني به أمي من طيب واحترام وتسامح مع الجميع دون المساس والقدح بأخلاقهم والتجاوزعلى كراماتهم ،كان هذا خطاب أمي وهو بمثابة ثقافة بحد ذاتها تعني لي الكثير في مشوار حياتي،وهو ينحدر من من قول الله واصفاُ الرسول الاكرم به (وما أرسلناك آلا رحمة للعالمين) وفعلاً عندما دخل الرسول (ص) فاتحاً مكة قال لقريش (يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟ قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم فقال : اذهبوا فأنتم الطلقاء ) لقد اطلق سراحهم جميعاً وكان هذا بمثابة العفو العام لهم ،وليس بغريب لانه صاحب الخلق العظيم وانك لعلى خلق عظيم) فعمامة الرسول احتوت في داخلها اروع القيم الانسانية ،فالنفوس العظيمة تصنع حياة مطمئنة ومستقرة لكل من يود العيش معها ،ولعل ما فعله الرسول (ص) مع اليهودي عندما كان يرمي الأوساخ بباب الرسول ،وضل على هذا الحال لمدة طويلة والرسول يتغاضى عنه ،حتى سأل لماذا لا يرمي اليهودي أوساخه ؟ فقالوا انه مريض ،فقال لهم دعونا نذهب للاطمئنان على صحته ،وعندما فتح الباب وجد الرسول فخر خاشعاً من سوأته لما كان يفعل،جلس قرب رأسه الرسول ويتحدث معه وعن وضعه وما ان خرج الرسول حتى استسلم على يديه . على الرغم من المعاناة والماسي التي تلقاه الرسول من المشركين ومن قريش هم أقرب الناس اليه، لكنه لم يصدر فتوى بقتل العزل من نساء وأطفال او التمثيل بالجثث أوانتهاك الأعراض أو ترويع الأهالي،بل كان يوصيهم لا تخونوا.. لا تغلّوا.. لا تمثلوا.. لا تقتلوا طفلاً ولا شيخًا ولا امرأة.. لا تغرقوا نخلاً ولا تحرقوه.. لا تقطعوا شجرة.. لا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا للأكل, وإذا مررتم بقوم فرَّغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرّغوا أنفسهم له. ان رجل الدين يلبس الملابس النقية البيضاء كبياض قلبه ويضع أفضل تاج على رأسه وهو عمامة رسول الله،فعليه أن يكون حمامة سلام تدعو وتنشد للإخاء والوئام والمحبة وتتجاوز الأحقاد والضغائن وتنشر ثقافة العفو والصفح ،لان لدينا في رسول الله أسوة حسنة ،ولعلي أتذكر موقف عبد الرحمن ابن ملجم عندما اقدم على فعلته بقتل صوت المستضعفين خليفة المسلمين الامام علي (ع) لم يأمر أولاده بتعذيبه والتمثيل به بعد القصاص منه ، بل أوعز أليهم بمعاملته بالحسنى وتقاسم معه اكله وشرابه،ولم يمنع الماء عن المعسكر الذي يريد قتاله في واقعة صفين وقال لمالك الاشتر،ملكنا فكان العفو سجية فلما ملكتم سال بالدم أبطح وحللتم قتل الاسارى وطالما غدونا على الاسرى نعف ونصفح فحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل إناء بالذي فيه ينضح ان رجل الدين عليه ان يكون قدوة حسنة في خطاباته وحديثه عندما يمر البلد في أزمة تريد ان تعصف به لتدمرالأمن والسلم الأهلي والنسيج الاجتماعي ،تستوجب تدخل عقلاء القوم من أهل الحل والعقد ومن كافة اطيافهم ،لا ان تصدر الفتاوى بالقتل لرجال الامن والجيش وان كان هنالك اختلاف في الراي والعقيدة ،وأتساءل هل ان إصدار الفتاوى بقتل الناس تعطى دون معرفة ودراية بحقيقة الدين الإسلامي الذي جاء رحمة للبشرية ؟ ان الكثير من العلماء والمراجع للدين الإسلامي الذين يحملون الدين أمانة في اعناقهم ومسؤولية كبرى بتاريخهم ،اقضوا جل عمرهم بدراسة الدين ويستفتون بكثير من الأمور الشرعية والفقهية ويسألون ويجاوبون على أسئلة المستفتين ، الاان مسالة القتل والدماء أتحدى أي عالم دين ومن مختلف الأديان يعرف حرمة الدم أن يفتي بقتل بعوضة وليس إنسان كرمه الله عن سائر المخلوقات؟ ان امة مثل القارة الهندية عدد نسماتها يصل لأكثر من مليار نسمة ،وأكثر من أربعون دين مختلف وألف خمسمائة لغة ،لم نجد رجل دين اصدرافتوى بقتل أناس من الطائفة الأخرى بذريعة الاقصاء والتهميش والاستبداد بالرأي الأخر والاستحواذ على مناصب الدولة الجميع يعيشون بسلام وأمان. فعندما سقط النظام البائد بادرة مراجع النجف باصدار الفتاوى بحرمة قتل البعثيين فالحكم لسلطة القانون ،كما ان السيد السيستاني دائما يوصي بتقديم مصلحة اخواننا من السنة على مصالحنا الخاصة وان نقول انفسنا في حديثنا تلك كانت وصايا علماء الدين الذين يبحثون عن السكينة وصناعة النفوس المحبة للخير ،بعكس أولئك الذين ليس لهم الامن الدراسة الدينية مجرد سنوات معدودة ليزعم نفسه انه امام مفترض الطاعة ليؤمر وينهي وفق مايحلوله والآخرين اما مغلوب على أمرهم او ينقادون وراؤه دون تفكير وأدراك بحجم الضرر الذي يرتكبون معه،المكون السني هم ليس غرباء او طارئين على الامة العراقية بل هم تاريخ مشرف ورجال مؤثرة في صناعة حضارة العراق التي تمتد لسبعة الاف سنة كما ان الشيعة هم العمود الفقري للدولة والاكراد والمسيح والصابئة وغيرها من المكونات جميعها تشكل باقة ورد نعتز ونفتخر بها.
#ثائر_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دماء جديدة ،ودماء قديمة
-
قرار زيارة أمي للإمام الرضا بأثر رجعي
-
علي وغاندي وثقافة الحب والتسامح الى اين ؟
-
ثورة هادئة وثورة صاخبة
-
سيارات مفخخة وخطابات ملخمة
-
وعاظ وطغاة من يصنع من ؟
-
خطوط ساخنة وخطوط شائكة
-
القرار العراقي والقرار الامريكي والاقيلمي
-
فساد اخلاقي وفساد سياسي
-
العراق مشروع دولة ام بناء حكومة ؟
-
سلطة المثقف وسطوة المستبد
-
بلال وروزة وعبدالسادة وعقدة بناء الدولة
-
قيادات قبل وبعد التغيير
-
العلم والجهل وجها لوجه
-
الاديان والفساد وجها لوجه
-
دور وسائل الاعلام في مكافحة الفساد
-
الحسين ... ظاهرة الاصلاح ضد المفسدين
-
المواطن ... وعقدة الفساد
-
المواطن بين ازمة الوطن ....والمواطنة
-
المفتش العام بين مفهوم رجل البوليس ...ورؤية لتحقيق النزاهة و
...
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|