أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - حالة انبهار














المزيد.....

حالة انبهار


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4076 - 2013 / 4 / 28 - 18:51
المحور: الادب والفن
    


حالة انبهار

لوحة طافحة بجموحاتٍ بارعة نحو رحابِ الطُّفولة

بقلم: صبري يوسف

هذه اللَّوحة تمنحني فرحاً عميقاً لا يضاهى، تحرِّضني على الرَّقص من بهجةِ الانتعاش، كأنّي أعبر في عوالم غابة حلميّة، متناغمة مع همهماتِ كائناتٍ مبهرة وتغريد وزقزقات طيور خرافيّة بديعة، منبعثة من أزمنة غابرة، تلهو مع كائنات متماهية مع آفاقٍ أسطوريّة في غاية الجَّمال والوئام. تعيد إلى ذاكرتنا عشرات القصص والحكايات التي كنّا نسمعها من خلال تدفُّقات روعة الخيال. ما هذا البهاء الموشوم على كائنات متراقصة بانسجامٍ مدهش، كائنات متلألئة بجمالٍ خلاب، كائنات فريدة، متعانقة مع سموِّ الرُّوح وهي تحلِّق عالياً كي تعانقَ ألق السَّماء وتعانقَ حميميّات الطُّفولة المعشَّشة في كينونتنا منذُ أمدٍ بعيد!

كلَّما أنظرُ إلى هذه اللَّوحة، أزدادُ إندهاشاً، وكأنّي أراها للمرّة الأولى، تبدو لي متطايرة من بساتين الجّنة، من خيالٍ متهاطلٍ على إيقاعِ شهوةِ المطر، حيث الألفة منسابة بشكلٍ مبهر على مساحات اللَّوحة، بتقنياتِ فنّانٍ منعتقٍ من شوائب الحياة، بحثاً عن عرين الجَّمال المتناثر فوق أغصانِ الدُّنيا، وكأنَّ هدف الفنَّان هو استنهاض عالم طفولي شفيف من هذه الكائنات الَّتي تتراقص بمرحٍ كبير لبسمةِ وحنينِ الأطفال، حتّى أنّني في الكثير من الأحيان، أشعر وكأنَّ مملكة الفنّان مفتوحة على نضارة الأطفال وهم في أوج حبورهم وأحلامهم ولَهْوِهم في عالمٍ بديعٍ إلى أبعدِ درجاتِ البهجةِ والإمتاع!

لوحة تحمل بين فضاءاتها كرنفالاً لونيِّاً مخضَّلاً بالجَّمال، أشبه ما تكون سيمفونيّة مستنبطة من تلألؤاتِ الرُّوح في ليلةٍ قمراء، مملكة متعانقة مع أسرارِ الدُّنيا، شوقٌ مفتوح إلى الذَّاكرة البعيدة، هي تدفُّقات حنينيّة إلى مروج الطُّفولة، حلمٌ باذخ نحوَ ظلالِ السَّماء الشَّاهقة، قبلةُ عشقٍ على خدودِ الصَّباح، حوارُ الرُّوح مع الكائنات كلّ الكائنات، بسمةُ طفلٍ في وجهِ الرَّبيع، عناقُ الأمِّ لزخّاتِ المطر، لوحة من نكهةِ الإبتهال، تتعانقُ مع جموحِ الشُّعراء في أوجِ تحليقاتهم، هي رحيقُ الشّعرِ المندّى بسموِّ السَّنابل، هي روح الشِّعر في أوجِ الاشتعال، هي صدرالدِّين أمين وهو يحلِّق نحو معراجِ بهجةِ السَّماء، بحثاً عن أسرار الفرح، بحثاً عن الماءِ الزُّلال، بحثاً عن حوارِ الأرضِ والسَّماء، وغوصاً في سديمِ اللَّيلِ، لعلَّه يغفو بين أهازيجَ الطُّفولة.

الفنّان صدرالدِّين أمين طفلٌ معرَّشٌ في حبقِ النّعناع البرّي، طيوره الَّتي يرسمها شفيفة كمآقي الزُّهور، كأنَّ أجنحتها مستنبتة من بخورِ الأديرة القديمة، تعبقُ شذىً وألقاً، تناغي أزاهير غافية عند تخوم أحلام الطُّفولة. هل هي طفولة الفنّان أم طفولتي أم طفولة المشاهدين، أم هي حنين مفتوح إلى مروج طفولتنا البكر جميعاً؟ لماذا يحنُّ الفنَّان والشَّاعر والإنسان إلى الطِّين الأوَّل، هل تولد اللَّوحة من تطاير هواجس الأحلام المنبثقة من عطشِ الرُّوحِ إلى مهدِها الأوَّل، هل نحن أنشودةُ عشقٍ مفروشة على مآقي الغمام، أم أنَّنا تدفُّقات نسيم مندّى بتواشيح أريج الصَّباح؟!

أرى عالماً معبّقاً بالابتهال على مساحاتِ اللَّوحة، وأطفالاً مضمّخينَ بنضارةِ الاخضرار. تمدُّ طفلةٌ يدها إلى طائرٍ موشّحٍ بازرقاقٍ فاتح، يهفو إلى مداعبة سمكة صغيرة، مسترخية بين أحضانِ طفلة حالمة بمرجان البحر! عناقات بهيجة على امتدادِ وهجِ الخيال، كأنّنا إزاء كرنفالٍ عشقي بين كائنات منسابة فرحاً ومتآلفة مع بعضها بعضاً، يقدّمُهُ لنا الفنّان في إطار طقوسٍ لونيّة راعشة، في غايةِ الرَّوعةِ والإنسجام. حوارات انتعاشيّة متماهية مع تلاطماتِ شهوةِ البحارِ وهي في خضمِّ بحبوحةِ الإنتشاء.

تتراقصُ على مساحاتِ اللَّوحة، انسيابات لونيّة متدفِّقة فوقَ جباهِ كائناتٍ عطشى إلى عبقِ أزاهير برِّية، احمرارٌ ساحرٌ يتمايلُ فوق عيونٍ زرقاء وبتلات معرّشة باخضرارٍ شفيف. تسطع غزالة جامحة بشموخٍ وهي تصغي إلى هسيس دبيب الأرض وخشخشات بعض الزّواحف. اختبأ بعض القطا خلف تلّة مكتنفة بالسَّحالي الصّغيرة، كأنّها في انتظار هديل اليمام من جوف الوادي المملوء بالزَّنبقِ والنَّفلِ البرّي. ترقص الكائنات الجَّميلة على إيقاعِ دفءِ النّهار. تفرشُ الشَّمسُ حبّها على روعة المكان. يراودني كثيراً انكماش الإنسان بعيداً عن شموعِ الخير وأغصانِ الجِّمال. كيف لا يستمدُّ الإنسان من كلِّ هذه الحفاوة والتَّناغم بين الكائناتِ البرّية والأهلية، خيوط الحبِّ والمؤانسة بين بني جنسه، عابراً بكلِّ رعونةٍ دهاليز معتمة، كأنّه في سباقٍ مع ألسنة النّارِ في بثِّ جحيمِ نيرانه على خدودِ الدُّنيا!

مسحةٌ أليفة تضيءُ جفونَ الغابات، من خلال رؤى خلاقة تعرّشَتْ بينَ أجنحةِ الفنّان، منذ أن تفتَّحَتْ مآقيه على وجهِ الدُّنيا، لهذا تتبرعمُ كائناته في فضاءاتِ ألوانٍ مرفرفة بأجنحةِ الفرح والوئام والأمل، تسطع كوهجِ الشَّمسِ وسطوعِ منارةِ القلبِ، مترجماً بكلِّ ما لديه من جمالٍ خلاق، شوقَ الرّوحِ إلى أبهى ما في خصوبةِ الحياةِ من تدفُّقاتِ لجينِ الإبداع!



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار الخلاق يقودنا إلى واقعٍ خلاق! حول الأزمة السُّورية وو ...
- لغةٍ شعريَّة كثيفة، جانحة نحوَ حداثة أصيلة، عميقة، لها فرادت ...
- على خدِّيكِ أنقشُ مهمازَ بوحِ القصيدة
- رسالة محبة وفرح وسلام عبر خمسين لوحة تشكيلية في ستوكهولم
- إصدار مجلّة أدبيّة فكريّة عالميّة بعنوان: السَّلام
- ثلاثون مقطع شعري 1 30
- الفنّانة التَّشكيليّة العراقيّة هناء الخطيب تجسّد تجربةً إبد ...
- إصدار ديوان رحلة في بهاء المروج للشاعر صبري يوسف في ستوكهولم
- إصدار ديوان: فيروز صديقة براري الرُّوح للشاعر صبري يوسف في س ...
- إصدار ديوان بخور الأساطير القديمة للشاعر صبري يوسف في ستوكهو ...
- ديوان جديد للشاعر صبري يوسف بعنوان: حالة عشق مسربلة بالإنتعا ...
- السيِّد رئيس الولايات المتَّحدة الأميريكية باراك أوباما
- إصدار الجِّزء الخامس من أنشودة الحياة للشَّاعر صبري يوسف
- لمحة موجزة عن إصدارات صبري يوسف العشرين
- الفنّان حنّا الحائك سيمفونيّة لونيّة من بوحِ السَّنابل
- إصدار 20 كتاب في الشّعر والقصّ والسَّرد والحوار والنقد للأدي ...
- إصدار ديوان جديد للأب يوسف سعيد بعنوان أسلحة خاصّة بمتاريس ا ...
- كتاب جاهز للإصدار، بعنوان شهادات لأدباء وشعراء ونقّاد في أدب ...
- إصدار جديد لصبري يوسف بعنوان مقالات أدبيّة سياسيَّة اجتماعيّ ...
- الفنّان حبيب موسى ملك الأغنية السّريانيّة في العالم


المزيد.....




- -نور وحركة في التنوع- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- “موت التوأمان أريك وإريك“ مشاهدة مسلسل house of the dragon ا ...
- السعودية.. تركي آل الشيخ يدافع عن فيلم -أولاد رزق 3- ويكشف ع ...
- بأجواء من القرن التاسع عشر.. موسكو تحيي فعالية -حفل بوشكين ا ...
- إيرادات فيلم -إنسايد أوت 2- تتجاوز مليار دولار عالميا
- ح1 جزء ثاني صلاح الدين.. تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة ل ...
- لبنان-.. -أبو سليم- يسقط على المسرح أثناء تكريمه (فيديو)
- مارلون براندو: -وحش التمثيل- الذي رحل قبل عشرين عاماً
- -متحف البراءة-.. بوح باموق من الصفحات إلى أعين الزائرين
- ترددات قنوات الكرتون .. تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 على ...


المزيد.....

- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - حالة انبهار