نايف عبوش
الحوار المتمدن-العدد: 4076 - 2013 / 4 / 28 - 18:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تتصاعد في الكثير من المواقع على الشبكة العنكبوتية هذه الايام، كتابات تنكر وجود الله ،او على الاقل تقر بأزلية المادة، وتنكر حقيقة حدوث الكون،والخلق من العدم.ولعل مما ساعد على انتعاش ثقافة الإلحاد، وكفران الخالق، وبالتالي شيوع كتابات الهرطقة التي لاتسمن ولا تغني من جوع،هو منهج البحث المادي الذي يقوم على اعتماد اسلوب استكشاف الظواهر اولا، وبحث الاسباب التي تحكم العلاقة بينها،ومن ثم الوصول الى النتائج، واستقراء مستقبل الصيرورات،والتنبؤ بما سيصير عليه الحال في ضوء تلك المنهجية المعرفية، الامرالذي يستبعد من دائرة اهتمامه في ضوئها،كل ما لا يخضع الى معاييرها في البحث.
واذا كان منهج البحث العلمي التجريدي يصح استخدامه بدرجة عالية من اليقين، والاطمئنان الى نتائجه في المحسوس من الظواهر التي تقع ضمن حدود مدركات الانسان،فانه بكل تأكيد لا يصح ان يكون موضع ثقة مطلقة فيما يخص بحث الظواهرالتي تقع خارج نطاق المحسوس، وليس بمستطاع عقل الانسان ان يدركها، او يهضم اليات تلمسها.ولعل في مقدمة تلك الحقائق،الظواهر الغيبية، التي تبقى لغزا ليس بمستطاع الية البحث موضوعة الذكر ان تستكنه جوهر حقيقتها، مهما بالغت في التجريد، والتعمق في البحث،والتفلسف في هرطقة النتائج.
ان اثبات العلم ذاته حقيقة عجزه عن الالمام الكلي بحقائق الحياة، امر يستحق وقفة حقيقية من كل انسان عند تعامله مع موضوع الخالق، وحقيقة الوجود الالهي، ومسلمة خلق الكون، والانسان، والحياة.
وعلى ضوء ما تقدم من معطيات،يبقى وجود الله تعالى حقيقة يقينية مطلقة،ويتعالى على اللمس، والتصور على قاعدة(ليس كمثله شيء)،الامر الذي يسوغ الايمان به على الفطرة على قاعدة(والذي قدر فهدى)،دون الحاجة الى دليل علمي، او مادي،حيث يصح القول عندئذ ان راعي الغنم الذي يرعى انعامه في عمق الصحراء، ولا يرى في المحسوس امامه من الموجودات برج ايفل مثلا،او يتعذر عليه تحسس جبال الهملايا،ومن ثم ينكر حقيقة وجودهما،ويجحدها،فان ذلك الحدس الذي الذي توصل اليه،لا يعني انهما غير موجودين في الواقع على الحقيقة،ومن ثم لا يسوغ له كفرهما.
ومن هنا فان الايمان بحقيقة الوجود الالهي،يظل حاجة فطرية في الانسان،ولا يحتاج الى دليل مادي، مع ان الله تعالى قد شحذ همة الانسان للبحث،والنظر في ملكوت السماوات،والارض وفي نفسه ،فان فيها ايات للموقنين.
#نايف_عبوش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟