|
لماذا مطالبة المالكي بالاستقالة؟
عبدالخالق حسين
الحوار المتمدن-العدد: 4076 - 2013 / 4 / 28 - 15:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أنا متهم بالدفاع عن رئيس الحكومة العراقية، السيد نوري المالكي. وليس خافياً على أحد، أن تهمة الدفاع عن رئيس الحكومة في العرف العراقي تهمة شنيعة ترقى إلى الخيانة الوطنية معاذ الله، حتى وإن كانت هذه الحكومة منتخبة من الشعب. وقد أكدتُ مراراً وتكراراً بأن الأمر ليس كذلك، إذ لا تربطني أية صلة بالسيد المالكي، ولا بمن له علاقة مباشرة أو غير مباشرة به، وإنما موقفي هذا ناتج عن التزامي بالمنطق السليم، وبالديمقراطية التي أريد لها النجاح في العراق، وأعرف أن العراق الذي لم يعرف الديمقراطية من قبل، لا يمكن أن يتحول إلى سويسرا بين عشية وضحاها، فلا بد وأن يمر بمرحلة قاسية من المخاض العسير. فخصوم المالكي يصورون الوضع العراقي المعقد وكأنه هو وحده المسؤول الأول والأخير عن كل مشاكل العراق بما فيه الانقسام العربي- الكردي، والصراع السني – الشيعي، والمحاصصة الطائفية وحتى الإرهاب وفلول البعث والقاعدة.
فمن يتابع مقالات صحيفة المدى، على سبيل المثال لا الحصر، وهي بالمناسبة تصدر من بغداد، وتكيل يومياً أخطر الاتهامات ضد حكومة المالكي، وبالأخص مقالات السيد عدنان حسين، ومع ذلك يقولون أنه لا توجد ديمقراطية ولا حرية الصحافة في العراق. ففي مقال له في المدى لهذا اليوم (28/4/2013) بعنوان (تريدون الإنفصال...ليكون ودياً)، وهو عنوان جميل يوحي بنصيحة حكمية موجهة إلى مكونات الشعب العراقي أن كل من يريد الانفصال فبه، ولكن ليكون ودياً ولا داعي للعنف المسلح. ولكن الشيطان في التفاصيل، أي في متن المقال.
يبدأ السيد حسين مقاله: ((لا أظن أن أحداً يتمتع بكامل قواه العقلية لا يرى أن البلاد ماضية في اتجاه التقسيم الى ثلاث دويلات إذا ما بقيت الحال على ما هي عليه الآن: حكومة ضعيفة سياسياً تراهن على قوة عسكرية شبه موهومة في تركيع خصومها الذين لا تنقصهم القوة سياسياً وجغرافياً وعسكرياً. التقسيم حاصل ما لم ينزل رئيس هذه الحكومة من بغلته ويجلس على الأرض ويتحسس ترابها وصخرها ليدرك انه ليس "سوبرمان" الخارق أو "باتمان" الذكي.))
فالكاتب يصور للقراء بأن المالكي هو سبب جميع الأزمات وخاصة (ضعف الحكومة وقوة الخصوم)، وما أن "ينزل من بغلته" ويستقيل من رئاسة الحكومة حتى ويتخلص العراق من جميع مشاكله. والكاتب هنا يعترف بأن مشاكل العراق لا يقدر على حلها حتى السوبرمان، وهذا اعتراف ضمني منه أن البديل القادم ليس سوبرمان، فيوجد له العذر في عدم قدرته على حل مشاكل العراق إذا ما فشل، ولا بد وأن يفشل، لأن منظمي الاعتصامات في المنطقة الغربية، وقادة الإرهاب في العراق لن يقبلوا بغير إعادة العراق إلى ما قبل 2003، ولكنه يريد من المالكي أن يحلها الآن الآن وليس غداً وإلا يستقيل.
لا شك أن عدنان حسين كصحفي محترف لعشرات السنين، يعرف كيف ينمق الكلام ويدبج المقالات النارية التحريضية، ولكن وللأسف الشديد، بدلاً من أن يوظف إمكانياته الكتابية لتوضيح الأزمة العراقية وأسبابها، وبث الوعي الوطني الصحيح في القراء وتنويرهم ، وترسيخ الديمقراطية، وتهدئة الوضع لخير العراق، أقول، بدلاً من ذلك كله، انضم إلى جوقة فخري كريم لتضليل الرأي العام وتمزيق شمل العراقيين وصب الزيت على نار الفتنة الطائفية المشتعلة أصلاً والتي تفتك بشعب العراق.
وبالتأكيد لم يجهل السيد عدنان حسين كيف يتم تعيين رئيس الحكومة في الأنظمة الديمقراطية، خاصة وأنه قد عاش أكثر من عشرين سنة في بريطانيا، قلعة الديمقراطية الحديثة، عندما كان يعمل في صحيفة الشرق الأوسط السعودية. فمطالبة السيد عدنان حسين للمالكي بـ"النزول عن بغلته" وليس عن طريق البرلمان بسحب الثقة عنه، لدليل واضح على علمه بأن أغلبية البرلمانيين لن يسحبوا الثقة من رئيس الحكومة، ولذلك يرفض السيد عدنان حسين ومن على شاكلته، الأساليب الديمقراطية في إزاحة رئيس الحكومة، فيطالبون الرجل بالإستقالة وليس عن طريق البرلمان.
والجدير بالذكر أن المالكي تسلم رئاسة الحكومة بعد استقالة إبراهيم الجعفري القسرية عام 2006، فرضت عليه من قبل كتلة التحالف الكردستاني، لأنه تجرأ كرئيس للوزراء، فقام بزيارة إلى تركيا دون أن يأخذ موافقة السيد بارزاني. والمالكي لم يفرض نفسه، بل وقع عليه الاختيار من قبل زملائه في كتلة الإئتلاف الوطني آنذاك، وصوتت له الأغلبية البرلمانية. وبنفس الطريقة الديمقراطية أعيد انتخابه للدورة الثانية. فالمالكي استلم الحكومة وكانت المحاصصة الطائفية والأثنية والإرهاب والصراعات بين الكتل السياسية حقيقة قائمة ولم يكن بإمكانه إلغاءها. لذا تحميل الرجل كل أمراض المجتمع العراقي موقف يجافي الحقيقة.
بتاريخ 30/8/2011، نشرت مقالاً على مواقع الإنترنت، بعنون: (أفضل طريقة لإسقاط حكومة المالكي!)(1) وجهت في ختامه نصيحة لخصوم المالكي، وأعيدها لهم اليوم راجياً منهم الاستفادة منها إذا كانوا حقاً يؤمنون بالديمقراطية، وهي كما يلي: أننا نقدم للسادة المطالبين بإسقاط أو إقالة حكومة المالكي النصيحة التالية: إذا كنتم حقاً تؤمنون بالديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة، وبما إن المالكي حصل على أعلى نسبة من الأصوات في الانتخابات العامة، ونال ثقة الأغلبية البرلمانية، لذلك يجب استخدام نفس الطريقة الديمقراطية لإزاحته عن المسؤولية، إذ توجد في النظام الديمقراطي آلية سهلة دستورية مشروعة لتغيير الحكومة، وذلك من خلال البرلمان بسحب الثقة من رئيس الوزراء وحكومته، وكفى الله المؤمنين شر الجدال والقتال. فإذا صوتت الأغلبية ضد المالكي وحكومته، فبها، أما إذا صوتت لصالحه ولصالح حكومته، فيجب أن تحترموا قرار البرلمان، وأن تعلموا بأن أسلوب التأليب والترهيب والتهديد وتهييج الشارع وإغراق البلاد في فوضى عارمة، هو سلاح تستخدمه الأقلية المفلسة سياسياً وأخلاقياً لفرض إرادتها على الأغلبية بالقوة، وهو أسلوب أثبت فشله طيلة السنوات السابقة ولن يكتب له النجاح مستقبلاً. 28/4/2013 [email protected] http://www.abdulkhaliqhussein.nl/ ـــــــــــــــــــــــ مقال ذو علاقة بالموضع عيدالخالق حسين: أفضل طريقة لإسقاط حكومة المالكي! http://abdulkhaliqhussein.nl/?news=476
#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق إلى أين؟
-
هل حقاً فشلت التجربة الأمريكية في العراق؟
-
غيابهم أفضل من حضورهم
-
هل كان إسقاط البعث يستحق كل هذه التضحيات (2-2)
-
هل إسقاط البعث يستحق كل هذه التضحيات؟
-
في الذكرى العاشرة لتحرير العراق من الفاشية
-
قراءة في كتاب: إغلاق عقل المسلم
-
ما مستقبل المرأة بعد الربيع العربي؟
-
نحو علاقة عراقية-أمريكية متكافئة
-
من وراء تظاهرات (العز والكرامة)؟
-
تضامناً مع المفكر أحمد القبانجي
-
في العراق فقط، الخيانة الوطنية عمل وطني!
-
هل صححت السعودية سياستها من العراق؟
-
هل الحل في تقسيم العراق؟
-
العراق في مفترق الطرق
-
رد متأخر على مقال: أسباب اضطهاد الشيعة
-
لماذا يطالبون المالكي بالاستقالة؟
-
إنتفاضة شعبية..أم فتنة بعثية طائفية؟
-
أيها الديمقراطيون، هل اتضحت لكم الصورة الآن بما فيه الكفاية؟
-
الديمقراطية فضحت المجتمع العراقي
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|