|
هل هناك علاقة دالة إحصائياً بين الدين والذكاء؟!
توماس برنابا
الحوار المتمدن-العدد: 4076 - 2013 / 4 / 28 - 10:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ربما يتجنب الذهن العربي هذا السؤال ويهرب من الاجابة عليه على المستوى الشعوري وعلى المستوى اللاشعوري، فرداً وجماعةً! فهل فعلاً يتحكم الدين في مقدار القوة العقلية لدى الأنسان! هل يمكن للأفكار والايدولوجية والفلسفة التي يعتنقها الفرد أن تفتح أفاق التفكير وتنمى العقل والذكاء؟! هذا ما تؤكده الدراسات والظواهر البشرية العالمية.
لقد كان شعب مصر في العالم الفرعوني يتمتع بقدر ذكاء خارق وفوق العادة فهم بناة الآهرام والمعابد... وكان ذكاؤهم يسمح لهم بالتعددية الدينية ؛ فقد كان لكل إقليم الاله الخاص به ويحترمه كافة الاقاليم الاخرى! وكانت عقائدهم الدينية من العمق والتعقيد مما ساهم في نمو العقول منذ الصغر... وكانت يد مصر فوق العالم المعروف حينئذ إقتصادياً وعسكرياً.... ولكن ماذا حدث؟! أنظر لمصر الان! ما العوامل الدخيلة التى سببت هذا الانحطاط والتخلف والرجعية والظلامية والانغلاقية الذي يتمتع بهم الشعب المصري الان! بل ويتفاخر بهم أمام العالم!!!
دخلت المسيحية الى مصر منذ قرون عديدة... وأمن بها البسطاء والفقراء والرعاع لأنها تعدهم بعالم أخر أفضل من هذا العالم القاسي الذي يقسو على الضعيف سواء بدنا أو عقلاً! وبالطبع رفض اليهود الساكنين في مصر في القرن الاول الميلادي وأيضا المفكرين من أصحاب الديانات المصرية القديمة هذا الفكر المسيحي... ولكن الدين المسيحي انتشر كالنار في الهشيم بين الجهال... ثم تحكم في مقاليد الحكم لأن المؤمنين به قد صاروا الاغلبية وصاروا يضطهدون ويسحلون ويقتلون أصحاب الفكر الحر من الوثنيين واليهود أمثال المفكرة المصرية هيباتيا!
وراح الذهن المصري القبطي يمجد الضعف والاستكانة مقابل القوة (الرب يقاتل عنكم و انتم تصمتون (خر 14 : 14) ، بل اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء و اختار الله ضعفاء العالم ليخزي الاقوياء (1كو 1 : 27) ) ... و يمجد الجهل مقابل العلم والحكمة (توكل على الرب بكل قلبك و على فهمك لا تعتمد (ام 3 : 5) ، و اختار الله ادنياء العالم و المزدرى و غير الموجود ليبطل الموجود (1كو 1 : 28) ، فلما راوا مجاهرة بطرس و يوحنا و وجدوا انهما انسانان عديما العلم و عاميان تعجبوا فعرفوهما انهما كانا مع يسوع (اع 4 : 13)، لان جهالة الله احكم من الناس و ضعف الله اقوى من الناس (1كو 1 : 25) ، بل اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء و اختار الله ضعفاء العالم ليخزي الاقوياء (1كو 1 : 27) ، لان حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله لانه مكتوب الاخذ الحكماء بمكرهم (1كو 3 : 19) ) !!! وبذلك أضحى الشعب المصري بسيطاً في الفهم والعقل لانه توكل على حكمة الله ، و ضعيفاً لانه يعتمد على قوة الله... وراح الشعب الاقوى عسكريا ينهار فأحتلته شعوب العالم مثل اليونان والرومان ثم أخيراً مجموعة من بدو شبه الجزيرة العربية! نعم مجموعة من البدو أستطاعوا هزيمة أقوى قوة عسكرية... فماذا حدث؟! أليست الاستكانة والتواكل على الرب المسيحي السبب في هذا... وكانت الهزيمة والقتل ودمار المعالم الحضارية في كثير من أرجاء مصر... فمنها حرق مكتبة الاسكنرية... وأستخدام كتبها في إيقاد النار في الحمامات العامة في ضواحي الاسكندرية... ثم تدمير هذه الحمامات وغيرها من معالم مدينة الاسكنرية العريقة وغيرها من مقاطعات مصر بحثا عن الكنوز المخبئة...! أما الشعب المصري فلم يتبقى منه الا مليون واحد فقط من تعداد ثلاثة عشر مليوناً؟! فأين ذهبت البقية؟! لا توجد شواهد بهجرة ونزوح جماعي إلى أي بلد مجاور...! فأين ذهبوا... لقد قُتلوا بأبشع الوسائل والسبل وهم مستنجدين بالاله! ولكن هل أستجاب الاله... كلا!! يُروج أن الشعب القبطي أعتنق الاسلام... نعم البعض منه أعتنق الاسلام خوفا ورعبا وبالطبع أغلبهم نساء!... ولكن الاغلبية تم قتلهم ببشاعة!! والذي يريد أن يقف على الحقيقة فليقرأ الكتب التاريخية من الطرف الاخر المسيحي..!
وأنتشر الاسلام في مصر... وتم إطفاء منارات العقل المصري... لتضاء منارة الازهر الشريف... وأصبح العلم ينحصر في دراسة علوم القرأن والاحاديث والفقه... الى أن جاءت حملة التنوير: الحملة الفرنسية... حيث وجد الفرنسيون المصريون يقفون بالعصي والهروات أمام المدافع الفرنسية... نعم لا يوجد عاقل واحد ينكر فضل الحملة الفرنسية في إنارة العقول المصرية من ظلام مدقع قد طال زمنه... ثم جاء الانجليز وأزداد العلم والثقافة... الى أن تحرر الشعب المصري من براثن الاحتلال... ليُسلم عقله مرة أخرى الى رجال الدين من السلفيين والاخوان... لننحدر مرة أخرى الى أسافل الاسفلين أمام جبال الحضارة الشامخة في دول لا تاريخ لها مثل أمريكا!
يا سادة ... الدين هو السبب فيما آلت اليه مصر! ولكن هل من الممكن أن يكون هناك علاقة دالة إحصائيا بين الدين والقدرة العقلية أو الذكاء؟! نعم كل الدراسات تؤكد على هذا... فمثلاً! الدين الاسلامي بسيط ومباشر في إيمانياته... إيمان بالله ورسوله واليوم الاخر... لا تعقيدات فيه... مجرد قول الشهادتين تجعلك مسلم! هذا الايمان البسيط منذ الصغر متمثلاً في حفظ نصوص قرأنية دون فهمها ودراستها... لا تنمي أي قدرة نقدية أو إبداعية لدى الاطفال... فيكبرون محدودي القدرة العقلية!
ولأكون منصفاً... يولد الانسان بقدر كبير من الخلايا والوصلات العصبية يقدر بمليارات المليارات... فألبرت أينشتين نفسه بكل عبقريته والى أخر يوم في حياته لم يستخدم سوى 15% من مقدرته العقلية! معنى هذا... أن الانسان يجب أن يحفز مخ صغاره حتى يستخدموا أكبر قدر ممكن من هذه الوصلات العصبية بتعلم لغات كثيرة وعلوم كثيرة داخل منظومة تعليمية تعتمد على التفكير الناقد والابداعي وليس التى تعتمد على الحفظ والتلقين... بهذا تنمو القدرة العقلية ولا تحد! فالمخ بما فيه من مادة رمادية ... مثل قطعة الاسفنج ... تكبر حينما تسكب عليها الماء... فخلايا المخ تنمو حينما يتم إستخدامها في تعلم شتى العلوم! ومن ناحية أخرى فهناك قاعدة فسيولوجية تؤكد على أن ما لا يستخدم يضمر ويموت! والخلايا العصبية الوحيدة من بين الخلايا لا تُجدد! وهذا يفسر المستوى العقلي المتدني لكبار في السن كانوا أذكياء في الصغر... بل أن هناك حاصلين على درجات دكتوراة أصابهم العته على سن متأخر! هذا لأنه لا يتم أستخدام وتحفيز الخلايا والوصلات العصبية! لأن النمو العقلي يشبه صعود جبل... فلا معنى أن تقف محلك سر! أثناء صعودك الجبل فهذا محال؛ فأنت إما في حالة صعود وتقدم دائم أم في حالة هبوط وتدهور دائم!!!
أما الدين المسيحي... فبسبب التعقيدات اللاهوتية التي تملأ معتقداته... والتي يحاول المسيحيين إفهامها للأطفال الصغار؛ مثل الصلب والفداء والثليث والتوحيد وغيرها... هذه الأمور المعقدة الغير بسيطة والغير مباشرة تساهم في النمو العقلي للشعب المسيحي... فالأيمان المسيحي ليس بسيطاً و سهلاً أبداً كما هو حال الاسلام!! ولذلك أدعوك بكل حيادية أن تشاهد مدى الانجاز الاكاديمي للطالب المتوسط المسيحي في مدارس وجامعات مصر أمام الطالب المتوسط المسلم؟! أيهما أكثر إنجازاً وذكاءاً... ما عدد الاطباء والصيادلة والتجار ورجال الاعمال المسيحيين في أي قرية في مقابل المسلمين؟! في يد من يكمن اكبر قدر من الاقتصاد المصري؟! لماذا هذا يا سادة؟!
ومن ناحية أخرى دعونا ندرس اليهود - وهم على المستوى العالمي لا يتجاوزون 14 مليوناً- ومدى تأثيرهم العالمي: الذين حركوا التاريخ وغيروا اتجاهه كانوا من اليهود، منهم: آينشتاين وفرويد وكارل ماركس .. على مدى القرن الماضي فاز 180 يهوديا بجائزة نوبل، مقابل (3) فقط من العرب والمسملين. الشركات العالمية العملاقة كلها في أيدي اليهود ومنها: كوكا كولا - ستاربكس - أمازون.كوم - جوجل - أوراكل - دل - باسكن روبنز - دنكن دونتس الخ ... المثقفون والاقتصاديون والسياسيون الذين يرسمون خرائط العالم السياسية والاقتصادية من اليهود مثل: كسينجر - ألن جرينسبان - مادلين أولبرايت - يفجيني بريماكوف - ساركوزي - وغيرهم كثيرون. الإعلاميون الذين يشكلون الرأي العام العالمي من اليهود: روبرت مردوخ - توماس فريدمان - باربرا وولترز - وولف بلتزر .. وكاثرين جراهام .. !!
لقد أقترح أحد العلماء أن الافكار والايدولوجيات وسماها Memes تعمل كالفيروسات في العقل البشري! فكما أن الفيروسات الالكترونية يمكنها التحكم وتدمير وتعطيل أجهزة الحاسب الالي... كذلك الدين يمكنه تعطيل وتدمير خلايا المخ وجعل الانسان الذي يولد بقدر ذكاء عالي من الأغبياء البلهاء الذين لا يستطيعون أن يصيروا أمور و مقدرات حياتهم! ولقد أكد العلم أن جسم الانسان يتجدد شهرياً تقريباً... فتوماس الشهر الماضي... بيولوجيا ليس توماس الحالي... فقط شخص أخر بجسم مختلف ولكن بنفس الذاكرة!! وكل تغيير يطرأ على الجسم سواء للأفضل أو للأسوء ينطبع على الجينات... وبالتالي تورث للأبناء... وهذا يفسر توريث الغباء المكتسب لأبنائنا من العرب... ويفسر لماذا أغلب اليهود خارقي الذكاء... فهم بجانب ذكاءهم الموروث... فإنهم يستثيرون ويحفزون طاقتهم الذهنية في مختلف المجالات ليكونوا أعلى ذكاءاً!!!
ألم تتأكد بعد عزيزي القارئ من حقيقة أن الدين يساهم في إنحدار أو تقدم النمو العقلي للأنسان... فما بالك وإن تحرر الانسان من الفكر الديني الى أين سيحلق والى أين ستصل قدراته العقلية دون كابح ودون معطل بل دون فيروس فكري؟!! سأتركك عزيزي القارئ أمام هذه الاحصائيات وياليتك تُعمل عقلك من فضلك ....!
في العالمين العربي والإسلامي توجد 500 جامعة - وفي أمريكا 5750 جامعة .. لم تدخل جامعة عربية أو إسلامية واحدة في قائمة أفضل 500 جامعة عالمية ... في العالم العربي 2% فقط من السكان يدخلون الجامعة مقابل 40% في أوروبا وأمريكا. ... في العالم العربي والإسلامي فقط 40% يتخطون المرحلة الابتدائية مقابل 98% في أوروبا وأمريكا
في الدول العربية هناك 230 عالما لكل مليون موطن .. وفي أميركا لديهم 5000 عالم لكل مليون مواطن... في العالم العربي نصرف 0.2% (2 في الألف) على البحث العلمي مقابل 5% أو (50 في الألف) في الدول الغربية.
الخلاصة: عالمنا العربي والإسلامي فاقد القدرة على إنتاج المعرفة .. لآنه لا يستفيد من المعارف المتاحة له حاليا .. في بريطانيا ينشر سنويا 2000 كتاب جديد لكل مليون بريطاني ... في العالم العربي ينشر سنويا 17 كتابا جديدا لكل مليون عربي ... فشل العالمان العربي والإسلامي في بث وتوليد وتخليق واستنباط ونشر المعرفة
فقط 1% من صادرات الباكستان تقع في نطاق تكنولوجيا المعلومات المتطورة.... فقط (2) في الألف من صادرات السعودية = تكنولوجيا متطورة ... فقط (3) في الألف من صادرات الكويت والمغرب والجزائر تكنولوجيا متطورة... لكن .. 68% من صادرات سنغافوره تكنولوجيا متطورة،... نعم .. و 36% من صادرات إسرائيل تكنولوجيا متطورة ..!!!
المحصلة والنتيجة: يفتقد العرب والمسلمون القدرة على وضع المعرفة موضع التطبيق .. الأرقام تتحدث عن نفسها .. ونحن لا نسمع .. ولا نريد أن نسمع .. !!!
قال أحد كبار اليهود: اطمئنوا فإن العرب لا يقرؤون .... و إذا قرؤوا لا يفهمون...... و إذا فهموا لا يطبقون!!!
فهل ما زلت يا عزيزي القارئ تفصل بين مدي التقدم ونمو القدرات العقلية للأفراد والشعوب عن الدين وعما يؤمنون من فلسفات وأيدولوجيات؟!!!
#توماس_برنابا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في داخل سُرادق عزاء أبي !
-
حللني يا أبونا !!!
-
الإله الظالم !!!
-
هل يمكن للأحياء أن يتحكموا في مصير موتاهم بعد موتهم؟!
-
الإله العاجز !!!
-
هل الله يحتاج الى إرفاق ملاحق لكتبه؟!
-
المطاريد الأعزاء !
-
مسرحية بعنوان ( في البدأ خلق الإنسان الله!)
-
أخطاء علمية في الكتاب المقدس!!!
-
الإله الدموي!!!
-
الرطن المقدس
-
منبع السعادة
-
طبقاً للإنجيل: المسيح هو أول من يخالف وصية تحويل الخد الاخر؟
...
-
أسطورة الملاك الشافي في إنجيل يوحنا!!
-
جدلية أينشتاين في وجود الله!
-
(من الكتاب المقدس ) من قتل أكثر؟ الله أم الشيطان؟!!
-
تقويض قصة أدم وحواء في سفر التكوين!!
-
الشحاذ... هل أعطيه حينما يسألني؟!
-
نداء لوزارة التعليم العالي للإشراف المباشر على كليات وإكليرك
...
-
دائرة الخوف المرضي... هل من فرار لا ديني منها؟!!
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|