أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - في زيارة خاصة لأكثم نعيسة















المزيد.....

في زيارة خاصة لأكثم نعيسة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1171 - 2005 / 4 / 18 - 10:51
المحور: حقوق الانسان
    


تربطني القرابة الفكرية ,والموقف السليم ,وصحوة الضمير القوية,والنخوة العالية ,والحس النبيل والاهتمام بالشأن العام أكثر من أي شيء آخر بالأستاذ أكثم نعيسة ,فأرجو ألا يختلط الأمر على أحد ويقع دون أن يدري بما ليس بالحسبان ,وتختلط عليه الأمور والوقائع والرؤى والحسابات والقراءات, وقد لاتنفع عندها معه أية استشارات,أو تدخلات ولو كانت من عجائز ودهاة البروفيسورات في هارفارد وجورج تاون. ولطالما كنت, ولازلت, وسأظل على الدوام أنبذ العائلية, والطائفية ,وعمليات الفرز العنصري الأخرى ,والتصنيفات البدائية والهمجية الكريهة التي تلغي البعد الإنساني للإنسان ,وتقزمه بمسميات,وتحشره بخانات لا طاقة ولا يد له بها,وتمسخه بأبشع من القرود والغوريللات, وضعها تجارها,ومسوقوها البائسين للتعيش والاسترزاق منها في أسواق القحط والمحل والتصحر والجفاف.وكل شريف, وحر وقف موقف الأستاذ أكثم ,وعانى ماعاناه هو أخ ,لي أعتز بقرابته, وبالانتماء إليه وإن اختلفت, كليا, فصائل الدماء.وهناك الكثيرون ممن تربطني بهم وشائج القرابة, وصلة الرحم لم ألتقي بهم من زمان,ولن ألتقي بهم - بعون الله- في هذه الألفية النكداء,وفهمكم كفاية.

فلم تخف تلك الابتسامة الخجولة حجم المعاناة الكبير والألم والضرر الجسدي المباشر الذي أصابه وعاناه المحامي أكثم نعيسة خلال فترة اعتقاله ,كما لم تتمكن تلك النبرات الهادئة والخفيفة ,برغم هول الموقف ,من إخفاء ذاك الكم الهائل من الجيشان الداخلي,لكن تمكنت تلك الإجابات المقتضبة أحيانا من شرح الكثير مما اختبأ وراء حشرجات الكلمات البسيطة.كما كان المستضيف البارع بكل مهارته عاجزا أحيانا عن انتزاع كل مافي التجربة من العبر والمعاني والدروس العميقة,وإن كان من السهولة تتبعها واستخراجها.لكن ,وبحق, استطاعت حلقة الجزيرة ,زيارة خاصة, أن تختزل تاريخا لا بأس به من النشاط الإنساني, الممزوج بصعوبات بالغة,خاضها الرجل دفاعا عن موقف آمن به ,وسخر حياته وسعادته, وسعادة أسرته من أجل هدف عظيم وسام .وأضفى سحر مدينة كان, وهدوئها على المقابلة نكهة خاصة, جعلتها واحدة من الحلقات المميزة,والجديرة بالمتابعة .وإن كانت المؤشرات والمدلولات وراء بث هكذا حلقات وفي هذا الوقت بالذات, تحمل الكثير من الإشارات والرسائل, التي يجب ألا تفوت على بال من يعلم كيف يفكر من يتحكمون بقنوات فضائية ذات شعبية عريضة.وفي نهاية هذه المقدمة الطويلة هناك سؤال هام ,هل هي بداية لفتح ملفات كثيرة ذات صبغة مشابهة ,أم أن الموضوع انتهى عند هذا الحد ,ونكتفي بمدلولاته "العرضية "العابرة ,وكفى الله "المتابعين" ,و"الكتاب" والثرثارين شر القتال والقيل والقال ,واستغياب الناس؟

لقد كانت هذه الحلقة من الحلقات الأكثر تميزا,بما حملت في مضمونها وبغض النظر عن الطابع الشخصي الخاص لضيفها , لأنها أتت في وقت بالغ الأهمية والصعوبة ,وفي واقع يطالب الجميع ,ويستعد البعض بروح أكيدة وبإلحاح ,تقديم مزيد من الإصلاحات ,وتنقية الشوائب ,وتحسين الصورة التي لا يُحسد أحد عليها بطبيعة الحال.كما أنها درسا بليغا لمن يعنيهم الأمر مباشرة , بأن كل تلك الممارسات السلطوية القاسية ,ومهما كانت شدتها ,واستفشارها ,وبطشها,فهي لن تمنع الناس من الكلام والجهر بمواقف مغايرة,ولن يثنيهم قمع الأجهزة عن قول كلمة الحق,ولم تلجم تلك الأفعال أحدا, وطالما أعطت ,وحسب تجارب كثيرة عكس مفعولها.وأن رد الفعل ,وعكس قانون الفيزياء الصارم, هو أشد من الفعل ذاته في كثير من الأحيان .كما فضحت ممارسيها في عالم يصغر يوميا ,وتسود فيه القوانين والشرعية الدولية لا شريعة الغاب ,وسلوك القراصنة في البحار,وأمسى كثيرون منهم نزلاء زنازين مشابهة لما كانوا يسومونه ,ويتوعدون به ,يوما ما, لمعارضيهم.ولن تنطفئ يوما ما جذوة النضال المتقدة أبدا في صدور الرجال,كما لن تموت الشهامة والتضحية عند المغاوير الأبطال .وكما لم تستطع قوة يوما ما أن تنال من شكيمة العظماء ,ولن تبدل قوانين ونواميس الطبيعة الخالدة المؤبدة ,وحركة التاريخ المتصاعدة نحو الأسمى ,والأعلى ,والأمام .وكل من يقول عكس ذلك فهو بالتأكيد بحاجة للعودة للمدرسة وتعلم أبجديات الحياة ,وكل من يحاول ان يبني سعادته وأمنه على حساب الأبرياء والعزل وشقاء وتعاسة الآخرين فمكانه الطبيعي في المصحات ومراكز إعادة التأهيل ,أو إبعاده كليا عن المجتمع والناس ,والحياةالعامة وكف أذاه , لئلا يرتكب الحماقات ,ويسبب الآلام للناس.

فما الذي استفاده السجانون,والجلاوزة من كل ذاك التطرف والعداء والوحشية,وأعمال التعذيب والتشويه نحو معارضين شرفاء جعلوا من الكلمة والقلم سلاحهم في معركة لطالما انتصر فيها القلم ,وهزمت الكلمة الحرة الصادقة جحافل الجيوش ,وفيالق المدرعات ,وفلول المرتزقة والأشقياء الذين لا يرتوون إلا من دماء الفقراء ,ولا يبتسمون إلا حين يسمعون صراخ ,ونحيب المنكوبين والأيتام.والدرس المؤلم الذي يجب أن يتعلمه الجميع دائما أن كل هذا القمع والإقصاء والسادية العمياء لم تجلب,يوما, الأمان لأحد على الإطلاق ,أو جعلته ينعم ويهنأ بما كسبت يداه ,أو يرتاح له بال.ولقد كانت شدة المحن الشخصية ,والعذابات العائلية التي عاناها المحامي أكثم نعيسة كفيلة بأن تجعل الرجل يتراجع, ويعلن استسلامه في لحظة ما ,لكن الإيمان بنبل الهدف ,وروعة التضحية من أجل الشعب والأهل والأبناء تجعل من هذا التصور مستحيلا ومحض هراء ,وعبثا مطلقا لا يقوم به العقلاء,وصناديد الرجال.ولا شك هناك الكثير من الرجال الذين عانوا وكابدوا ماكابده الأستاذ أكثم ,ولئن كنا نتكلم هنا عن تجربة فردية ,ولكن يمكن بسهولة ويسير تعميمها على آلاف الحالات المشابهة التي تحمل نفس الصفات,والتي لم يتمكن أصحابها ,ولسوء الحظ ,من إطلاع الآخرين عليها ,وتبقى هذه القصة رمزا واختصارا لكل تلك القصص الموؤودة ,والمغيبة في الظلمات,وهذه إحدى أهم أبعادها.

لقد كان الحديث عن التعذيب الجسدي والإهانات مؤلما وجارحا ,وغير قابل للتصور بالنسبة للمتابع الذي هاله هذا الوصف ,وهذه المعاملة, وحشر الناس الآدميين وبهذه الأعداد الكبيرة في مكان ضيق ولا تتوفر فيه أدنى الشروط الصحية والإنسانية ,لكسر شوكتهم وإذلالهم وإجبارهم على التخلي عن إنسانيتهم وعما آمنوا به ونذروا حياتهم من أجله.وبالرغم من التزام الدولة الرسمي وتوقيعها على ميثاق الأمم المتحدة ,ومعاهدة مناهضة التعذيب .وكم كان التقرير الأخير لمنظمة هيومان رايتس ووتش حول التعذيب محبطا في غمرة هذا الزخم الوطني ,والرغبة العارمة بتصحيح الصورة وإعادة نضارتها وجمالها ,وأن تصنفنا هذه المنظمة الإنسانية مع مصر وأوزبكستان في رأس القائمة للدول التي تمارس التعذيب المنظم,والإضطهاد الجسدي ضد المعتقلين والمعارضين,منتهكين بذلك الأعراف والمواثيق الدولية, ومسجلين نقطة خاسرة أخرى,وعلامة سوداء إضافية في السجل الذي لم يعد مفرحا على الإطلاق ,وموجهين طعنة نجلاء للالتزامات التي يفرضها علينا العيش في عالم إنساني مدني وراق يعمل لرفاهية الإنسان, ,وإعلاء شأن الأوطان وزيادة منعتها وقوتها ,وبناء الحضارات التي يسجلها التاريخ في أنصع الصفحات بأحرف من نور ونار وغار.

فهل سيكون هذا اللقاء مقدمة للعودة عن هذه الأساليب التي ملأت وأتخمت الأخبار ,وتقديم الجناة والموتورين الساديين للمحاكمة وإعادة الإعتبار ,ولو بالنذر اليسير لكل من أصابه ما أصاب الناطق باسم لجان الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا؟وماذا عن أولئك المنكوبين الذين لم يتسن لهم قول كل ماحصل معهم,وربما ماتت, وإلى الأبد ,معهم كل تلك القصص الأليمة والمأساوية,التي لم يستطع أصحابها ربما لشدة الألم أن يرووها, والتي بالتأكيد لم تجد ,ولن تجد من يستمع لها بعد ذاك,وهنا قمة الكارثة والمأساة؟ومن يعيد لهم ولذويهم ماخسروه ,ويعوض لهم الأضرار؟ والحل الوحيد دائما ,للتخلص من هذا الكابوس ,هو وجود حياة سياسية صحية ومتوازنة,قائمة على الاحترام لا الإقصاء تعترف بالجميع ,وتحمي الجميع ,وعند ذاك فقط يشعر الجميع بالسعادة والهناء والأمان.

إن ما حصل مع الأستاذ أكثم نعيسة,وفترة السجن والمحكومية التي قضاها ,والأذى النفسي والجسدي الذي لحق به, لم يكن بالتأكيد تمثيلية أو فاصل إعلاني , يضفي طابع التشويق في هذا المسلسل الشمولي الرتيب والمقيت ,وإن كان لدي مزيدا من الأشياء لا أود بسردها الآن,ولكن يجب على كل من يطلق الأحكام,وعذرا شديدا ,وحتى لو كان من رجال القانون والقضاء ,ألا ينجر وراء المغرضين وأصحاب الدسائس والأوهام والخيالات, ,وأن يتروى ,ولو قليلا ,لئلا يصيب أحدا بسوء وإيلام,ويجانب الحقيقة والصواب, ويخفي جوهر الرجال الحقيقي, الذي بدا ,في زيارة خاصة,بوضوح وجلاء.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما ليس عرضـيًا
- العجـوزالشمطـاء
- أمـن الأمريــكان
- على من تقرأ مزاميرك ياشالوم؟
- صبـرًا آل دليـلــة
- تكريساَ لمبدأ المواطنـة
- المرحـلة التاريخيـة
- ما أروعـك أيتها العروبـة
- المفســدون في الأرض
- على القـوائم السـوداء
- الحصـاد المُـــر
- المـوت الرحيــم
- كـذبة نيسـان الكبرى
- موسـم إغـلاق الملفـات
- مجــــرد فكــرة
- شُكـر على تعزيـــة
- الـــراعي والــذئب
- اكتشافات عظيمــة
- أغبيــاء بلا حــدود
- عندمــا يتأدب الجنرالات


المزيد.....




- تداعيات حملة الاعتقالات الحوثية على العمل الإغاثي في اليمن
- -نائب ترامب- يدعو لطرد -الكثير- من المهاجرين غير الشرعيين
- بعد أحداث نهائي كوبا أمريكا.. اعتقال رئيس الاتحاد الكولومبي ...
- بيان مشترك بين الإمارات ودول أخرى حول خطر المجاعة في السودان ...
- اعتقال رئيس الاتحاد الكولومبي لكرة القدم وابنه بعد نهائي كوب ...
- شهادات مروعة عن تعذيب أسرى غزة في سجون إسرائيل
- صحيفة: العنصرية في تركيا لا تقل خطورة عن محاولة الانقلاب
- منتدى حقوقي بالدوحة يبحث أوضاع المهاجرين في دول مجلس التعاون ...
- استمرار توافد النازحين إلى القضارف جراء الحرب بالسودان
- الثاني بتاريخ الفورمولا 1.. رالف شوماخر يعلن هويته المثلية


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - في زيارة خاصة لأكثم نعيسة