|
كب لا نصل للثورة المغدرة !
محمد زكريا السقال
الحوار المتمدن-العدد: 4075 - 2013 / 4 / 27 - 01:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كتب تروتسكي كتابه الثورة المغدورة ، وهويشعر ان خيانة الطبقة العاملة جاءت ممن يدعون تمثيلها . وجه سهامه في وجههم عندما وجدهم انحرفوا عن طريق الثورة ، ومركزوا سلطتهم التي حولت المجتمع الى قطيع من الخدم للحزب ومكتبه السياسي وأمينه العام . وبغض النظر عن نبوءة تروتسكي ورجاحة عقله ، إلا ان عنوان الثورة المغدورة أصبح صفة ملازمة للكثير من الثورات التي بذلت فيها الدماء لتحقيق أهداف محددة ، وجاء من يحرف هذه الثورة عن أهدافها . وقد تكون الثورة السورية نموذجا مهما لهذا العنوان ، فحجم التآمر والخيانات لثورة بحجم أحلام المواطنين السوريين ، يعتبر كارثة حقيقية ، يمكن ان تؤرخ لهزيمة العقل العربي . يمكن مثلاً ملاحظة أن أحلام السوريين ليست بهذا الحجم الكبير بالنسبة لما تدعيه مجتمعات حقوق الإنسان ، فلا هي تريد اختراق العالم والوقوف بوجه شركاته العابرة للقارات ، ولاهي تخوض صراعاً على موارد الطاقة بالعالم ، كما انها لا تحمل برامج نووية وليس لديها تحكم بالطاقة ولا يمكنها ، كما لا تريد الإخلال بالتوازن العالمي المختل أصلا ، على الأقل ولنكن متواضعين مرحليا وبهذا الوقت ، حيث يعترضها طريقا طويلا من البناء والتنمية ،، كيما تتعافى وتصيغ قضايا مشاكلها وتحررها . وقت أن المواطن السوري كان يشعر بالتهميش ، والذل وامتهان الكرامة وتحوله لرقم مهمته التصفيق لإنجازات القائد الملهم والفذ ، سليل الحسب والأصول الإلهية ، المورث والآمر الناهي ، انطلق هذا المواطن وراء حلمه الفردي باستعادة كرامته المهدورة وصار طموحاً جماعياً . ببساطة ثار هذا الشعب ، كي يقول ، أنا مواطن سوري أريد وطنا يعبر عني واشترك ببنائه وأساهم بتطويره ، مواطن مثل كل البشر بهذا العالم الذي يدعي الحقوق والحريات ، لديه حقوق وواجبات وقانون وقضاء وعدالة ، قادر على التفكير والنقد والتعلم ايضا . ثورة مواطن لإستعادة المواطنة ، وتحقيق دولتها . هذه الثورة على بساطة وعظمة مطالبها ، من الواضح انها تطلب المستحيل على ما يبدو، فلا شيء أغلى واعز من الحرية ولا قيمة تفوق الكرامة ، إلا ان هذه المطالبة ووجهت بالرصاص ، بالقتل ، بالسحق ، بقلع الأظافر ، والأعضاء الذكرية ، بالإغتصابات ، بالإعدامات ، جماعية وميدانية . كما أنها ووجهت بالخذلان ، من كل مثقفي الثرثرة الايديولوجية، ومن السياسيين المحنطين وذوي العقول الجامدة ، الذين مازلوا يعيشون على موائد إعلام أنظمة الهزيمة ، ويجترون انتصارات ليست موجودة إلا في رؤوسهم الفارغة ، المبدعون في استلهام نظريات الثورات والمرددون لغياب المنظرين الثوريين وانتفاء صفة الثورة على ما يقوم به الشعب الثائر في سورية. هؤلاء طيف واسع من اليسار المهزوم الإستبدادي الذي فتك برفاقه قبل الآخرين ومن القومجيين ، سليلي أنظمة العسف والطغيان ، أصحاب الشعارات الجوفاء ، شعارات لا تعرف الواقع وكيف تتعامل معه اللهم سوى بالبطش والعسف . والأكثر خذلانا هم الإسلامويين ، هؤلاء الذين لا يعرفون من الإسلام إلا قشوره ، ولا يفقهون شيئا عن المجتمع ومتطلباته ، استفاقوا بعد سباتهم الطويل ولم يستطيعوا هضم مقولة دخول الدولة والقانون والدستور كخيمة تظلل الجميع وتحمي حقوقهم ومعتقداتهم ، وتخلق المفهوم الأساس للمواطنة التي لا تعتمد على اللون والجنس والعرق والمعتقد . الفجيعة بالخذلان ، فجيعة تصل حد الإتهام والخيانة ، هي هذه المعارضة بكل تلويناتها وتشكيلاتها ، معارضة مازالت أمام هذا الدمار وتضحيات وآلام الشعب ، تجتر وتلوك أوهامها وتعيش تمزقها بصلافة وتخلف وسخف ، لا يختلف كثيرا عن عقل النظام واساليبه. معارضة بشقيها لا تستطيع ان تجمع على أن المواطنين يريدون وطن ، وهذا الوطن يجب ان ينتزع من براثن نظام مجرم فاشي قاتل . معارضة تدرك ان قدرها ان تختار شكل نضالها بناء على قواها وليس على مقاس قوى الآخر ، معارضة تعتمد مواطنيها وقدراتها الأساس وتعمل على تنظيم نضالهم ، وتجنيبهم المخاطر والمنزلقات ، والعمل على تأمين انتصارهم . لهذا فكل الترهات التي تتبجح بها المعارضة ، وكل خوائها وتمزقها وعقدها أضر أشد الضرر بالثورة ، والأسوأ عقلها المريض ، من متبجحي السلمية المعلقة بالهواء والى من يدور منهم بفلك النظام ، الى الذين تمنطقوا السلاح وراحوا يمزقون الوطن ويحجون لعتبات الدول كي يتحسنوا عليهم بما يمزق وطنهم أكثر . هذه هي الثورة التي يراد لها ان تكون مغدورة ،،، ثورة شعب يريد وطنا فأدخل التيه ونفق القتل والتدمير ، لا أعرف اذا كان هناك من فرصة لإستدراك الوطن والمواطن ، وهذا يحتاج لمهرة يجيدون العمليات الجراحية ليعملوا على القطع التام مع كل ما ساد الى الان . هذه ثورتنا يا جماعة لا تهزموها بتقاعسكم وبتصرفاتكم ، صفحة التاريخ مشرعة وسوف تسجل كل ما هو حاصل وسيحصل . هذه أمانة علينا كلنا ولكل اجيالنا القادمة . لا تحولوا ثورة شعبنا الى ثورة مغدورة ، هذه امانتكم امام شعبكم فلا تغدروا بها واجتمعوا على وطن سواء.
26/04/2013
#محمد_زكريا_السقال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حزب الله والدجل الوطني
-
زهير سالم دس أم حرتقة سياسية
-
الأبراهيمي ما الذي يحمله معه كي لايفشل !!
-
السياسة الروسية بلا أستراتيجية وآفاق محدودة !!
-
النظام يتهاوى ويزداد العهر
-
ما كان لأحد أن يدعي ،!!
-
السوريون أمام تحد ورهان
-
سوريا الجديدة قاب قوسين من أرادة السوريين اذا توفرت
-
حزب الله لم نكن نريد لك هذه النهاية !
-
الهم السوري الفلسطيني المشترك لأنتزاع الحرية والكرامة
-
معمودية الدم
-
المنبر الديمقراطي والثورة
-
بؤس المثقف وتاريخ الهزيمة
-
متى تتساقطين مطرا
-
الموت وصناعة الشمس
-
عيناك ومصر قصيدة لم تكتب بعد .!
-
رقصة في الزمن الصعب
-
يصر النظام على إسقاطه
-
حقاً، على النظام في هذه المرة أن يخاف
-
البوعزيزي والأعذار الواهية !
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|