|
طنبور الجزيرة بين الشعيبي والدراجي
نزار حسن
الحوار المتمدن-العدد: 1170 - 2005 / 4 / 17 - 14:19
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
وزاد في الطنبور نغماً، كما كانت العرب تقول...! الى بضعة اسابيع خلت كانت قناة الجزيرة القطرية تعتمد في كشف الغاز السياسة السورية على الدكتور عماد فوزي شعيبي، عبقري التحليل السياسي وصاحب خرائد الدهر وفرائد العصر في اماطة اللثام عن كل ما خفى والتبس واحتجب من معلومات تخص مواقف الرئيس السوري بشار الاسد من هذه القضية او تلك، ومواقفه الباطنة (لكي لا نقول الباطنية) من مسائل دقيقة حساسة شائكة، ونواياه التي سوف تتجسد سريعاً في قرارات كبرى. وكان يبدو احياناً وكأن الشعيبي لا يقرأ افكار الاسد اثناء تفكيره بها فقط، وانما ايضاً يفكر بدلاً عنه بالنيابة، او بالتكليف... الذاتي دائماً، إذ لا يُعرف عن الشعيبي انه جليس الرئيس السوري او كاتم اسراره. وآخر مآثر هذا العبقري اللوذعي ما جرى قبل ايام حين تناقلت وكالات الانباء خبر المصافحة، او المصافحة على دفعتين في الحقيقة، بين بشار الاسد والرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف. لم تنصرم خمس دقائق قبل ان يظهر الشعيبي على شاشة الجزيرة، مرتدياً دائماً تلك السحنة الصارمة الجادة العالمة العليمة، لكي ينفي نفياً قاطعاً هذا "الخبر المدسوس على السيد الرئيس"، ولكي يتهم الاسرائيليين الاوغاد بالكذب "من منطلق انه كلما كذبت أكثر سيصدَق العالم ما تقوله"، وبدليل "ان اسرائيل سبق وكذبت عندما قالت ان الرئيس الاسد رد على سؤال وجه له من قبل مراسل إذاعة اسرائيلية"..! وطبعاً احتاج الامر الى بضعة دقائق فقط لكي تضطر وسائل اعلام النظام السوري الى الاعتراف بالخبر، فالشمس لا يحجبها غربال، خصوصاً حين اكد كتساف القصة بنفسه وروى تفاصيلها، وافادنا علماً بأن المصافحة الثانية كانت هذه المرة بمبادة من الاسد نفسه. أي ان هذه لم تكن "حالة عرضية" كما حاولت وكالة الانباء السورية (سانا) ان تشرح لنا. وهي كذلك ليست ضمن "التقاليد الكاثوليكية" المعتادة كما حاول ان يفهمنا رئيس تحرير جريدة البعث الياس مراد... "المسيحي والكاثوليكي" كما يقول. وهي ليست كالمصافحة الاولى "جاءت عرضية من دون تخطيط في اجواء عاطفية املتها صرامة البروتوكول" في الفاتيكان، كما قال احمد الحاج علي المستشار السابق في وزارة الاعلام السورية. وكنا قد حمدنا الله ان الجزيرة استحت قليلاً، أولعلها سمعت الكثير من الانتقادات والاستنكارات او حتى الشتائم بسبب ادمانها على تقديم الشعيبي كلما صاح صائح في سورية، فقررت التخفيف من ظهورات الاخير لصالح عبقري جديد هو الدكتور ابراهيم الدراجي استاذ القانون الدولي في جامعة دمشق. وكان ان زاد هذا نغما في طنبور ذاك، وبقي الضجيج ذاته والاسطوانة المشروحة ذاتها. والحق ان الدراجي تنطبق عليه بالفعل صفة "بالع الراديو" التي تجري على السنة الشعب عند الحديث عن ثرثار مهذار اقرب الى الطبل الاجوف منه الى العقل البشري. فهو يتحدث رشاً وليس دراكاً، ولا يكاد المذيع يبدأ في طرح السؤال حتى ينهال الدكتور عليه وعلينا بوابل من الجمل المتواصلة المتدافعة المتراكبة المتقافزة المتنافرة..! وفي الإجابة عن سؤال حول مصافحة الفاتيكان، كيف اختلف الدكتور الدراجي عن الدكتور الشعيبي؟ لقد شرح لنا ان اسرائيل تستغل هذه المناسبات لكي تتقرب من الزعماء العرب، بدليل الاشاعة التي نشرتها عن المصافحة بين الرئيس الجزائري بوتفليقة وشمعون ييريس "قبل سنة" كما قال. والحقيقة ان "الاشاعة" هذه لم تقع قبل سنة بل قبل اسابيع قليلة في مدريد بمناسبة المؤتمر الدولي حول الارهاب. وهنالك صورة فوتوغرافية تظهر بيريس وملك المغرب والرئيس الجزائري جنبا الى جنب، وبالتالي الامر لم يكن اشاعة تماما سواء جرت المصافحة ذاتها ام لا، واسرائيل ليست مستقتلة الى هذا الحد على مصافحة الزعماء العرب. وحين بذل مذيع الجزيرة جمال ريان جهداً جباراً لاختراق السيل الهادر الذي يتدفق من فم الدكتور، فسأل: ولكن سوريا في حالة حرب مع اسرائيل؟ رد الدكتور بموجة تسونامية عاتية عن تمسك سوريا بالثوابت، وكيف ان المصافحة لن تغير مواقف القيادة، وليس لها أي مغزى سياسي، و.. و.. الى آخر المدفعية الثقيلة التي نجفظها عن ظهر قلب. وحين اخذ المذيع يحاول المقاطعة ويهتف لاهثاً: ولكن يا دكتور... يا دكتور... اصبح مثل رجل يصرخ في برية خالية لأنه كان في واد والدكتور كان في واد آخر..! وخلاصة القول ان قناة الجزيرة تظل تفاخر بأنها لا تخضع لاملاءات من السلطات العربية الحاكمة في اختيار مراسليها ومحرريها المحليين، وهذا مثلا ما يزعمه غسان بن جدو عبقري الجزيرة في طهران سابقاً وبيروت حالياً. ولكننا نعلم جيداً ان هذا التفاخر كاذب جملة وتفصيلاً، بدليل استمرار الجزيرة في حصر الإفتاء بالشؤون السورية على الدكتورين الشعيبي والدراجي. واما اذا كانت القناة هي التي اختارتهما بحرية تامة ودون املاءات، فقد حقّ اتهام ادارة الجزيرة ومحرريها المركزيين بالبلاهة المطلقة والغباء التام والجهل الأعمى في تمييز القمح عن الزؤان...
#نزار_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار -نيويورك تايمز- مع المناضل السوري البارز رياض الترك
-
الجزيرة والمتعوس وخايب الرجا
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|