|
التلسكوب وسيلة خاصة لرصد السماء والنجوم والكواكب
بقلم صبري المقدسي
الحوار المتمدن-العدد: 4075 - 2013 / 4 / 27 - 01:26
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
اهتم الانسان بالنظر الى السماء والتفكير في النظام الكوني البديع وبمتابعة تحركات النجوم والكواكب والشمس والقمر، منذ أن أحس بوجوده البشري. واكتشف الانسان منذ ما قبل التاريخ بوجود خرائط سماوية لمجموعات النجوم والكواكب. وحاول تدوين ما وجده في السماء، وسمى بعض المجموعات بأسماء تدل على أشكالها في القبة السماوية. ولا يزال الانسان يجد النجوم منتشرة انتشارا عفويا في السماء، بالرغم من صعوبة الرؤية هذه الايام، وهي تظهر على مدى أيام السنة، وفي كل الاوقات مع التبديل من فصل الى آخر. فالمجموعات التي تظهر في الصيف مثلا تختلف عن المجموعات التي تظهر في الشتاء. ولما اكتشف الانسان البوصلة (قطع ممغنطة أو ابرة ممغنطة)، شعر بتقدمه خطوات جبارة إستطاع بواستطها معرفة الاتجاهات. وبعد استخدامه للإبرة الممغنطة طوّر من قابلياته بمعلومات عن المغناطيسية، واستنتج بأن الارض ذاتها لا بد أن تكون مغناطيسيا هائلا لها قطبان أحداهما شمالي وآخر جنوبي، وكنتيجة لدوران الارض يتولد منها المغناطيس، وتتكون فيها القابلية لجذب الاجسام ضمن مجالها الخاص. وتتكون القوة المغناطيسية في جميع الكواكب والنجوم وبالطريقة عينها بسبب وجود قوة كهربائية هائلة تخلق قوة مغناطيسية يشبه عملها كثيرا عمل الدينمو في توليد الكهرباء. وكان الراصد يرى السماء بحسب موقعه على سطح الارض، فالراصد الذي يقف على منطقة خط الاستواء، يرى مجموعة النجوم التي تشرق من الشرق وتغرب من الغرب، ولكن الراصد الذي يقف في منطقة القطب الشمالي، فإنه يرى النجوم تدور في دوائر صغيرة من دون أن تشرق أو تغرب، وهي دائمة الظهور ليلا ونهارا، صيفا وشتاءً. وأما الراصد الواقف في منطقة القطب الجنوبي، فإنه يرى مجموعات النجوم تظهر من دون الحاجة الى أن تشرق أو تغيب لكونها تظهر دائما. وأما الكواكب التي يمكن رؤيتها من دون تلسكوب فهي خمسة كواكب وهي (الزهرة والمريخ والمشتري وزحل وعطارد). والزهرة عادة، من ألمع الكواكب ويليه المشتري. ولما كان الانسان كثير النظر والتأمل في السماء، ولم يستطع رؤية أكثر من 3000 نجم، في النظرة الواحدة فقط، فكان لا بد له من أن يبحث عن طريقة رصد مُكبرة يستطيع من خلالها رؤية الكواكب والنجوم البعيدة والخافتة اللون أيضا بحيث يستطيع الراصد رؤية أكثر من 100.000 نجم في قبة السماء. ولذلك كان لا بد من تطوير وسائل وآلات خاصة لرصد السماء ورصد النجوم والكواكب والعناقيد النجمية والمجرات. ومن ثم زادت مقدرة البشر على رؤية الاجرام العاتمة والتي لا يمكن رؤيتها بمقاريب تقل مساحتها لأن المقاريب تجمع الضوء بعدسة أو مرآة، وتعتمد كمية الضوء التي يجمعها المقراب على مساحة العدسة أو المرآة. ظهر التلسكوب لأول مرة بعد ثورة كوبرنيكوس الفلكية في القرن السادس عشر الميلادي. ويتميّز التلسكوب عن العين البشرية بقدرته على جمع الضوء بكمية أكبر بكثير مما تستطيعه العين المجرّدة. ففي القرن الخامس عشر لاحظ المدعو (هانز ليبرشي Hans Lippershey) سنة 1608 ميلادية، بأن الاشياء تقترب وتكبر بصورة غير اعيادية بعد وضع عدستين أمام بعضهما البعض مع ترك مسافة معينة بينهما. وبعد سنة من اختراع ليبرشي، جاء (غاليلو غاليلي سنة 1564 – 1642 ) بإختراع آخر أكثر تطورا بحيث أستطاع من خلاله رصد الاجرام السماوية ورؤية بعض معالم القمر والمشتري. وتطور التلسكوب في عهد العالم الانجليزي (اسحق نيوتن 1727 - 1642) تطورا هائلا، بإستخدامه المرآة عوضا عن العدسة. ومن ثم تطورت التلسكوبات وأصبحت اكثر دقة بحيث استطاع الانسان انجاز التلسكوبات الحديثة التي لا تحتاج الى المرآة ولا الى العدسة، بل الى الاطباق أو الصحون الهوائية. وبذلك تم اكتشاف التلسكوب(Tele - scop) أو ما يسمى بالمقراب، والذي يعمل على تقريب الاشياء البعيدة وتكبيرها. وهناك المقرابات الفلكية الكاسرة والعاكسة، ومنها أيضا ما هو بسيط وما هو مركب. أما البسيط، فهو عبارة عن عدسة مكبرة وبفضله نحصل على صورة مكبرة للجسم. أما المركب فيتكون من عدد كبير من العدسات والتي تعمل للحصول على صورة مكبرة جداً. والغاية الرئيسية من وجود المقرابات(التلسكوبات) هي لتكبير الاجرام السماوية المرصودة. ومع نهاية الحرب العالمية الثانية بدأ الفلكيون بإستخدام المقرابات الفلكية الراديوية، والتي تتألف كل منها من صحن كبير من المعدن يكون مثبتا في منتصف هوائي مع جهاز داخلي يقوم بتسجيل الامواج الراديوية الملتقطة ويعمل على تكبيرها. وأدت المقرابات الفلكية (التلسكوبات الجديدة) الى تطور علم الفلك الذي يُعد من أكثر العلوم ازدهارًا وإثارة. وتدور تلك المقرابات في الفضاء وتتيح للعلماء والفلكيين، دراسة مناطق متزايدة في الكون، وبدقة متزايدة. وجدير بالاشارة أن ما يستخدم لدراسة الكائنات الحيّة والخلايا وأجزائها الصغيرة التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجرّدة يُدعى بالمجهر Microscope وهو جهاز يُعطينا صورة مكبّرة للشيء الذي ننظر إليه. وكان لهذه الوسائل المتطوّرة دورها أيضا في اكتشاف الخلايا الصغيرة من البكتريا والطحالب والفطريات والكائنات الدقيقة. فالمقراب(التلسكوب) هو جهاز يستخدم لرؤية الأجسام البعيدة ولإبصار ما لم نكن نبصره من قبل، ومنه ما يستخدم لرؤية الأجسام على سطح الأرض مثل المسارح والسباقات وغيرها، ويسمى بالتلسكوب الأرضى Terrestrial ومنه ما يستخدم لرؤية الأجرام السماوية كالنجوم والكواكب ويسمى بالتلسكوب الفلكى. ومنه ما يستخدم لإلتقاط الاشعة السينية القادمة من الاجرام السماوية المختلفة، ويسمى بالتلسكوب الاشعائي السيني X – ray telescope . ومنه ما يسمى بالتلسكوب الراديوي radio telescop أو بالمقراب الراديوي أو اللاسلكي، والذي يقوم بإلتقاط الموجات الراديوية غير المرئية فقط وبواسطة طبق هوائي Dish . وهو أكبر تلسكوب راديوي منصوب في بورتوريكو وقطر طبقه 305 أمتار، ظهر في الستينات من القرن العشرين. ومنه التلسكوب العاكس reflecting telescope وهو التلسكوب الذي يستخدم المرايا عوضا عن العدسات، وهو نوع متطوّر للتلسكوبات الكاسرة telescope refracting . وكان العالم نيوتن أول من صنع التلسكوب العاكس في سنة 1668 ميلادية، والذي يتكون من مرآة مقعرة تجمع الضوء، ومن عدسة عينية لتكبير الصورة، والتي توضع بينهما مرآة ثانوية أو أكثر. ويوضع التلسكوب عادة في أماكن مرتفعة وبعيدة عن المؤثرات الجانبية مثل الضجيج والمشوشات الضوئية أو الملوثات. وأستطاع الإنسان أخيرا وضع التلسكوبات التي تدور حول الأرض من خارج غلافها الجوي لتبدو الصور أكثر وضوحا. وقد ساهمت أجهزة التصوير الفلكي في تطوير علم الفلك مساهمة جادة في تزويد الكتب التدريسية والمناهج التعليمية بالصور الجيدة للكون وللظواهر الكونية الخاصة، مع ترتيب نوع من الاطالس الخاصة بالكون والتي تشرح فيها الخرائط الكونية للنجوم والكواكب ومواقعها. وقبل البدء بشرح تاريخ انواع المقرابات الفلكية علينا ان نعطي تعريفا للمقراب الفلكي التلسكوب (Telescope ) كما جاء في كتاب علم الفلك للدكتور عبد السلام غيث، والدكتور عبد القادر عابد، والمطبوع من قبل الشركة العربية المتحدة للتسويق والتوريدات سنة 2008 وفي ص 29 ذكر ما يلي: "التلسكوب هو جهاز فلكي يعمل على تجميع الضوء الصادر عن الاجرام الفلكية مما يؤدي الى إمكانية رؤية الاجرام الباهتة والتي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة ويؤدي كذلك الى إمكانية التفريق بين الاجرام الفلكية القريبة من بعضها". وتتفق جميع التلسكوبات في أساس عملها، إلا أن بينها فروق عملية كبيرة في التصميم ومن أنواعها: التلسكوب الذي اخترعه (تيخو براهي) 1546-1601 ، وهو فلكي دنماركي أنشأ مرصدين رائعي المعدات وذلك ببناء آلة ربع خشبية كبيرة واستخدمها في رصده قرب كوبنهاغن، دانمارك. التلسكوب الذي صنعه العالم (غاليليو غاليلي) عام 1609 والذي يعتبر أول تلسكوب فلكى، رأى من خلاله ولأول مرة، جبال ووديان على سطح القمر ولاحظ أيضا عدة أمور تتناقض مع الآراء الفلكية الشائعة والمتبناة آنذاك كتعاليم دينية ومنها البقع الشمسية (الكلف الشمسي) على سطح الشمس. بناء مرصدين أحدهما في باريس عام 1671 والثاني في غرينيش في انجلترا عام 1676 م ، وكان التركيز في أغلبه على رصد حركة الكواكب وحركة القمر. بناء تلسكوب فلكي من نوع العاكس بإستعمال مرآة مقعرة بدلا من العدسة من قبل (وليم هيرشل) في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وذلك للأرصاد الفلكية، والذي لاحظ من خلاله تحرك الشمس في الفضاء بين النجوم، وتناثر النجوم بإنتظام في الفضاء الكوني. تلسكوب سكايلاب متعدد المرايا الذي أنشأه رواد الفضاء الأمريكيون على متن محطة الفضاء في عامي 1973م و1974م. تلسكوب متعدد المرايا افتتح عام 1978م بالقرب من توسون، في ولاية أريزونا الأمريكية، وهو مزوّد بست مرايا كل منها بقطر 1.8 م. ويقوم بنظام تحكم مزوّد بالحاسوب يضبط المرايا لتركيز كل الضوء في نقطة واحدة. تلسكوب إنشأه الامريكيون، سمي بالمنظومة الفلكية الضخمة، عام 1980 بالقرب من سوكورو، نيومكسيكو، والمكوّن من 27 تلسكوبا راديويًّا كل منها بقطر 25 م. وتمكن الفلكيون الامريكان من خلال هذه المنظومة عمل خرائط راديوية للسماء. تلسكوب هبل الفضائي في عام 1990م أطلقته وكالة ناسا للفضاء في امريكا، وهو تلسكوب فضائي عاكس قطر مرآته 240 سم، وضع تخليداً لأسم الفلكي الأمريكي (ادوين هبل) 1889 - 1953 ، أثبت من خلاله في عام 1920م أن الكون يتمدد مع الوقت بقيمة ثابتة. وهو أول تلسكوب فضائي يوضع في مدار حول الأرض على بعد 612 كيلو مترًا من سطح الأرض، وقد أمدَّ الفلكيين بأفضل وأوضح رؤية للكون على الإطلاق. تلسكوب الن المسمى باسم أحد مؤسسي شركة برامج الكومبيوتر العملاقة مايكروسوفت (بول ألن) استخدم للبحث عن الكائنات الحيّة في الكون، وهو عبارة عن تلسكوب مكوّن من 350 هوائي لاقط للإشارات الكهربائية، ويبلغ قطر كل واحد منها أكثر من ستة أمتار. صبري المقدسي
#بقلم_صبري_المقدسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرموز لغة بشرية صورية
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|