|
الإسلام لا وجود له، هناك الف اسلام واسلام
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 4074 - 2013 / 4 / 26 - 23:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يقول القرآن: ان الدين عند الله الاسلام (آل عمران 3 : 19). ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين (آل عمران 3 : 85). اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا (المائدة 5 : 3).
يتكلم القرآن إذن عن الإسلام (مع الـ التعريف). ولكن حقيقة الأمر ليس هناك وجود لمثل هذا الإسلام إلا في مخيلة المخبلين. فكل دين من صنع البشر، ويتضمن نظماً يختلف في تفسيرها من ينتمون لذاك الدين. والقرآن ذاته الذي يعتبر المصدر الرئيسي للدين الإسلامي حمال أوجه، كما قال الإمام علي. ويكفي أن تفتح احد تفاسير القرآن، مثل تفسير الطبري، حتى تجد تناقضاً كبيراً في تفسير عدد كبير من الآيات. ولو كان الإسلام واحدا ومن عند الله، لكان المسلمون قد اجمعوا عليه وما تفرقوا، يكفرون بعضهم بعضا ويستبيحون دماء بعضهم البعض. وما يقال عن الدين الإسلامي يمكن قوله عن جميع الأديان. فعندما يسألني البعض عن معتقدي المسيحي وأقول بأني مسيحي غير عقائدي، يعتبروني خارج عن المسيحية، وكأن المسيحية شيء محدد المعالم. ولو فهم المسلمون وغير المسلمين هذه النقطة لانتهينا من موضوع حد الردة واعترفنا بالحرية الدينية. وللتدليل على ما أقول أعطي فيما يخص الدين الإسلامي بعض الأمثلة من عصرنا:
1) كتب القرضاوي كتاباً عنونه "الحلال والحرام في الإسلام" يقول فيه مثلا بكسر التماثيل (http://www.qaradawi.net/library/48/2027.html) ، ويعتمد عليه السلفيون في مصر في طلبهم بتدمير أبو الهول والأهرامات. ولكن هناك من لا يتفق مع القرضاوي فيما جاء في كتابه. أي اننا امام اسلامين، وكل يدعي ان اسلامه هو الصحيح. ولا يحق لي كغير مسلم أن احدد من منهما يتبع الإسلام الصحيح. فأنا لست بابا المسلمين.
2) وافق مجلس وزراء العدل العرب بالإجماع على قانون جزائي موحد يتفق مع الإسلام في نظرهم موجود على موقع الجامعة العربية (http://www.carjj.org/node/237) يقولون فيه بقتل المرتد ورجم الزاني وقطع يد السارق والعين بالعين والسن بالسن والخصوة بالخصوة. وقد برروا احكامه في مذكرة إيضاحية مطولة معتمدين في ذلك على القرآن وسنة محمد واقوال الفقهاء. وعندما ذكرت هذا القانون في محاضرات لي أمام جامعيين مسلمين، احتجوا على أن وزراء العدل العرب لا يمثلون الإسلام. نحن اذن امام اسلام يقول بمثل هذه العقوبات وإسلام يرفضها.
3) لزميلنا في الحوار المتمدن الشيخ احمد القبانجي أراء خاصة. ومن هذه الآراء: القرآن ليس من عند الله يجب ان ننزه الله عن ان ننسب له هذا القرآن احكام القرآن الآن صارت احكام جاهلية واحكام ظالمة الوحي مستمر ولم يتوقف، وكل واحد منا عنده وحي بعد انتهاء الوحي لمحمد انتهت الوصاية على عقل الانسان العقل البشري يأتي بقوانين افضل مما جاء في القرآن والسنة حقوق الانسان اليوم في الغرب لم يأتي بها أي واحد من الانبياء اذا لا نخضع الدين للعقل يتفرعن الدين ويصير غول ويسحقنا الدين مثل القنبلة الذرية، لازم نسيطر عليه وإلا ينفجر ويدمر المجتمع كله أنظر مقالي في هذا الخصوص http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=314815 وأفكار الشيخ أحمد القبانجي يرفضها كثير من المسلمين وقد تبرأت منه عائلته. وقد اعتبره شقيقه الشيخ باقر القبانجي "منحرف وخارج عن الدين من خلال طروحاته وآراءه المنحرفة". نحن اذن امام اسلامين: إسلام احمد القبانجي وإسلام عائلته ومن يلف لفيفها وربما ايضا أكثرية المسلمين. وقد تكلمت مع أصدقاء مسلمين وغير مسلمين يعتبرون أحمد القبانجي خارج عن الإسلام ولا يلبس الملابس الدينية إلا تقية لأنه لا يستطيع الإقرار بترك الإسلام علناً خوفاً من قتله. ولكننا نرى أنه لا يحق لنا ان نحكم عليه إن كان مسلماً أم لا ما دام انه ذاته يعتبر نفسه مسلماً. كل ما يمكن ان نقوله عنه أن له إسلامه الخاص به.
4) يرى المفكر السوداني محمود محمد طه ضرورة اتباع القرآن المكي واهمال القرآن المدني، خاصة في كتابه الشهير الرسالة الثانية من الإسلام (http://www.alfikra.org/book_view_a.php?book_id=10). وهكذا يفرغ الإسلام من طابعه القانوني. وقد تم الحكم عليه بالردة وشنقه عام 1985 مع تصفيق الأزهر وعدد من الهيئات الإسلامية. وهنا أيضا نحن أما اسلامين: إسلام محمود محمد طه وإسلام المعارضين له.
5) وهناك جراح القلب والإعلامي المصري الساخر باسم يوسف الذي يكفره عدد من رجال الدين المسلمين في مصر ويبيحون قتله معتبرين انه خارج عن الإسلام وكافر، بينما هو ذاته يرى انه يتبع الإسلام الصحيح ولا يعترف بمن يكفره: "زي ما انتم معتبرينا موش مسلمين، انتو بالنسبة لنا ولا شيوخ ولا علماء" (انظر هذا الشريط https://www.facebook.com/photo.php?v=568041489884450).
6) وهناك زميلنا في الحوار المتمدن الشيخ مصطفى راشد الذي أصدر ضده الدكتور محمد عبد الفتاح ادريس، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فتوى تحل لجميع المسلمين أن يقتلوه لأنه مرتد، مشيرًا إلى أن هذا الفعل لا يرجع لولي الأمر فقط ولكنه وجب على كل مسلم أن يهب لقتله ولا ينتظر لرفع دعوى قضائية (انظر هذا المقال http://blog.sami-aldeeb.com/?p=32272).
7) وهناك إسلام قد يتغير مضمونه خلال اسبوع. فقد اصدر المجلس العلمي الأعلى في المغرب الذي يرأسه ملك الغرب فتوى تقول بقتل المسلم الذي يرتد عن دينه مستندين في ذلك على الحديث النبوي "من بدل دينه فأقتلوه" (أنظر هذه الفتوى في المقال: http://blog.sami-aldeeb.com/?p=32907). وأمام ردود الفعل المنددة، وبقدرة قادر، قام احد الشيوخ بإلقاء خطبة الجمعة أمام الملك كرس أكثرها للكلام عن حرية العقيدة في الإسلام معتمدا على الآية القرآنية "لا اكراه في الدين" (انظر هذا المقال بالفرنسي http://blog.sami-aldeeb.com/?p=33166) التي كان علماء المغرب قد فسروها في الفتوى السابقة بصورة مختلفة تماما على أنها تعني عدم إجبار غير المسلمين في دخول الإسلام، ولا تخص المسلمين. نحن اذن امام اسلام يوم الاثنين وإسلام يوم الجمعة. سبحان مغير الأحوال!
أكتب هذا المقال بعد نقلي في الفيسبوك فتوى للشيخ السعودي عبدالله بن عبدالرحمن ابن جبرين (توفى عام 2009) جاء فيها ما يلي:
موضوع الفتوى معاملة غير المسلمين السؤال: نحن طلبة، ونعيش في بلاد غربية، فما نصيحتكم تجاه معاملتهم؟ وهل هناك ضوابط للمعاملة والدراسة والسكن والأكل ؟ الاجابة: عليكم أن تظهروا شعائر دينكم بالعبادة والذكر والدعاء والأعمال الصالحة، وإظهار محبة المسلمين، وتوجيههم إلى الخير، وإظهار الكراهية للكفار، ومقتهم والتحقير من شأنهم، إلا إذا كان ذلك على وجه دعوتهم إلى الإسلام، فيظهر لهم شيئًا من المعاملة الحسنة، ليكتسب بذلك قلوبهم. لكن إذا كان مضطرًا إلى السكنى معهم والدراسة عندهم ففي هذه الحال له أن يداريهم بالمهادنة، وإظهار الموافقة ليكتسب بذلك نصحهم، وحسن معاملتهم معه في التدريس والتعليم. وله أن يسكن معهم ويأكل معهم عند الحاجة، مع إضمار بغضهم وتحقير شأنهم حتى يغنيه الله عنهم. والله أعلم. أنظر هذه الفتوى في http://www.truth-way.net/vb/archive/index.php/t-9321.html
وقد دار النقاش التالي حول هذه الفتوى مع صديق مسلم
**الصديق: هذه ترقص لها طربا اخ سامي
**سامي: أخي لم افهم ردك. هل يمكنك ان توضح؟
**الصديق: قصدت ان كل منشور ضد الاسلام تفرح به وتروج له كثيرا. المنشور من تعاليم المتأسلمين وليس من تعاليم الاسلام في شيء. فالإسلام دين سماحة ودين تقبل الاخرين وان خالفوا عقائدنا
**سامي: أخي، الإسلام المجرد غير موجود. وبما اني لست مسلما ولست بابا المسلمين، فلا استطيع ان افرض فهم معين للإسلام. فلا يمكنني ان انكر انك مسلم، كما لا يمكنني ان انكر ان ابن لادن مسلم، أو كاتب هذه الفتوى مسلم. لا يسعدني نقد الإسلام إلا بقدر رغبتي في تفادي معايبه حتى نتمكن من العيش بسلام. فما جاء في هذه الفتوى لا يسمح بالعيش بسلام. وأظنك تتفق معي في هذا الخصوص.
**الصديق: نعم اتفق معك في هذا. ولكن صدقني اخي ان الاسلام في واد والمتأسلمين في واد اخر وقد انحرفوا عن الاسلام الحقيقي
**سامي: أخي، لا يسعني إلا تصديقك. ولكن في نفس الوقت علي تصديق كاتب الفتوى كما علي تصديق من يقول بهدم التماثيل وهو رأي ينقله أيضا القرضاوي... وأنا مجبر للقول بأن هذا هو ايضا اسلام. هناك اذن انواع مختلفة من الإسلام... كما هناك انواع مختلفة من التفاح... هناك التفاح الأحمر والأخضر والأصفر والمعفن والسليم والكبير والصغير والحلو والحامض الخ... وكل من هذه الأنواع يسمى تفاحا. وهذا ينطبق على جميع الديانات دون استثناء
**الصديق: عندما اهم بشراء التفاح فإنني اختار افضل الموجود في السوق وليس كل الباعة للتفاح هم صادقين في نوعية تفاحهم فلا يوجد احد يقول زيته عكر ولكن عندي عيون وعقل واستند الى العقيدة
**سامي: حسنا تفعل ولا اعتراض عليك. فأنت تفعل ما تراه جيدا في نظرك (استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك). وأظن القرضاوي يفعل نفس الشيء عندما يساند هدم التماثيل وفقا لضميره. وبن لادن كذلك. وكاتب هذه الفتوى كذلك. ووزراء العدل العرب الذين وافقوا بالإجماع على قانون يسن على قتل المرتد يفعلون كذلك. ولا يحق لي ان ازكي احدا... فلا يزكي النفوس إلا الله. وأنا كذلك انتقد ما اراه سيء وفقا لضميري واشجع ما اراه حسن.
**الصديق: اذن علينا انتقاد الفكر الذي يحمله صاحب الفتوى الخاطئة وليس انتقاد الاسلام. انا شخصيا مسلم وضد فتوى القرضاوي وضد الفتوى هذه وضد فكر الظواهر وابن لادن
**سامي: الإسلام المجرد غير موجود. أنت ترى ان اسلامك هو الصحيح، كما يرى غيرك ان اسلامه هو الصحيح. وأنا عندما انتقد الإسلام اذكر اسلام من: القرضاوي، أو بن لادن أو مجلس الوزراء العدل العرب أو كاتب الفتوى الخ. فليس لي تقرير ما هو الإسلام الصحيح. فانتقاد الإسلام المجرد لا معنى له لأنه غير موجود.
-------------------------------------- كتبي: http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14 كتابي عن الختان http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131 طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315 موقعي http://www.sami-aldeeb.com مدونتي http://www.blog.sami-aldeeb.com عنواني [email protected]
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سامي يتطاول على الله ويسب ابراهيم؟
-
جريمة الختان 132: عدم وجود سبب للتمييز بين ختان الذكور والإن
...
-
جماعة الإخوان الحمير
-
لا تزعجونا بصلاتكم وصيامكم
-
جريمة الختان 131: التمييز بين ختان الذكور وختان الإناث جريمة
-
جريمة الختان 130: سكوت المشرّع عن ختان الذكور
-
جريمة الختان 129: منع المشرع الدولي ختان الإناث
-
علماء دين مغاربة اغبياء يرأسهم ملك المغرب
-
جريمة الختان 128: منع ختان الذكور في العصور الحديثة
-
جريمة الختان 127: منع ختان الذكور في العصور القديمة
-
هل نمنع الكتب المقدسة؟
-
جريمة الختان 126: علاج الآثار النفسيّة للختان
-
دين تحت التجربة وبالمزاد العلني
-
جريمة الختان 125: الأساليب الأخرى في توصيل المعلومات
-
جريمة الختان 124: اسلوب الجد في توصيل المعلومات
-
جريمة الختان 123: مكافحة الختان من خلال الدين
-
جريمة الختان 122: الختان والحروب
-
جريمة الختان 121: الدراسات الشاملة لمكافحة هذه الجريمة
-
جريمة الختان 120: الختان والحلقة الجهنمية
-
جريمة الختان 119: الختان والعنف الإجتماعي
المزيد.....
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال
...
-
الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت
...
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|