الدفاع عن شعب الفصل السابع هوية تود التعريف بذاتها بشكل صحيح - 11

عبدالله اوجلان

الحوار المتمدن-العدد: 1170 - 2005 / 4 / 17 - 14:18
المحور: القضية الكردية
    

لاصةً، إذا استمر الإصرار والعناد داخل حركة PKK على تلك التكتلات – التي يجب رؤيتها بعين طبيعية في بداياتها، بمعنى من المعاني – في المرحلة الحالية، وإذا لم يتم توحيدها مع الكيانات والبنى التي حُسِم شكلها بنقاء؛ فلن تنقذ نفسها من الهلاك والتصفوية. لا يمكن القول بأن كل تكتل هو سيء، ولكن شرطه الأساسي هو الالتحام على مستوى أعلى، وامتلاك القدرة على الحل، وتخطي المعاني الرجعية والأشكال التنظيمية المتخلفة.
إني على قناعة تامة بأني حسمت النهج الأيديولوجي والسياسي والتنظيمي والأخلاقي، الذي سعيتُ لتطويره في ذاتي، تماماً. وما أقصده بالأيديولوجية هو واقع العقلية الثورية، والذي يُعَد براديغما عالمية وكونية جديدة. حيث حاولتُ عكس البُعد الكوني عليها بعد احتدامات عقائدية وفكرية عتيدة. وإلى جانب جنوحها إلى النهضة الأوروبية مضموناً، إلا أنه ثمة جهود واضحة في تخطيها أيضاً. وكلي إيمان بتحليلي القدير للبراديغما الهرمية والدولتية التي ولدَت وترعرعَت وتنامت في منطقة الشرق الأوسط. حيث انصبَّت جهودي على تسليط الضوء على كيفية تحقيق الالتحام بين الفردية المتجهة نحو الإفراط المغالي بعد النهضة الأوروبية من جهة، وبين الفردية التي تكاد تكون مُنكَرة ومذوَّبة بإفراط في المجتمعات الشرقية من جهة ثانية؛ ضمن إطار تعريف اجتماعي سليم وصائب. أي، اقتُفِي أثر مفهوم يشيد بالتوازن السليم والصحي بين الفرد والمجتمع. بمعنى آخر، لم يتم التخلي عن المجتمع باسم الفردية، ولا عن الفرد والفردانية باسم المجتمع.
بالإمكان التماشي مع كفاءتي النظرية والأيديولوجية التي قطعتُ أشواطاً هامة فيها، ومحاكاتها عن طريقين اثنين: إما بالانضمام الحميمي والمتواضع والمعتمد على الثقة، أو بالانضمام إلى الكفاءة الأيديولوجية والمضمون النظري بجهود واعية وراقية. ثمة الآلاف من الأصدقاء النخبة، وعلى رأسهم حقي قرار وكمال بير ومظلوم دوغان وخيري دورموش ومعصوم قورقماز، الذين أبدوا انضمامهم وانخراطهم بتوافق متوازن لهذين الطريقين. وهذا الانخراط الجوهري جعلهم أصحاب مواقف باسلة حتى رمقهم الأخير. مقابل ذلك، فالذين لم ينضموا بشكل حميمي ومتواضع، ولم ينضموا على أساس الجهود النظرية والأيديولوجية السامية الكافية؛ عانوا الزلة والانحراف على الدوام، بتشكيل مجموعة محلية (الأحباب جاويشية) فينة، وتأسيس المجموعات التصفوية والتيارات العصاباتية أفياناً أخرى. من الصعب التقائي في عقلية مشتركة مع من لا يدرك قدرتي العقلية الأساسية، ولا يقدرها، ولا يبدي انضمامه النظري إليها بتواضع وبإنجاز عملي راقٍ. فما يجب أن يحقق الانضمام هنا هو تبني العقلية السامية. وإلا، فإفساح المجال للعقلية المتخلفة سيؤدي إلى الانحراف.
الخاصية الهامة الثانية التي تستلزم إدراكها، هي أن نهجي السياسي حقق انفتاحاً عظيماً بتحوله من مجرد موقف ديمقراطي إلى دمقرطة واعية وعملياتية. وحقق كذلك الالتحام بالشعب. ومن المهم بمكان أيضاً معرفة أن التمأسس القيادي الممثَّل بي في PKK، قد تخلص من البنى التحررية الوطنية والاشتراكية المشيدة، ولا يتناغم مع ميول الحياة البورجوازية. لقد ترسخ، وبتفوق، النهج السياسي الديمقراطي الحر والمتساوي، وغير الهادف إلى الدولة – سواء بالاستسلام أو في ضوء النزعة القومية – في واقع كردستان، من الناحية الفكرية والعملية على حد سواء. وما هو منتَظَر من قاعدة PKK الكادرية هو هضم هذا النهج السياسي وجمهرته. وأي أسلوب سياسي متبَع دون الإدراك التام لذاك النهج، ودون بذل الجهود الجليلة في سبيله، سيلحق الضربة بأصحابه على شكل تصفوي، عاجلاً أم آجلاً. فالسياسة فن يستلزم الدقة والنباهة والتربية السامية لأقصاها. ويتجسد الضعف الأساسي للقاعدة الحزبية بهذا الصدد في العشوائية، والبُعد عن الحساسية والحذر، والافتقار إلى الموقف الديناميكي، والإصرار على كل ذلك. والمآل النهائي لهذا الطراز هو الخسارة المبكرة، والتحول إلى آلة بيد التصفوية والمحلية. وبالانتباه إلى أن السياسة لا تحتمل الفراغ، ووضع ذلك نصب العين باستمرار، يتوجب العيش بممارسة عملية دائمية ومكثفة كشرط أولي للنجاح.
يجب معرفة أنني اتخذت العيش المنظم والعملياتي الدائم أساساً مذ كان عمري سبع سنين. وبالأصل، فالتنظيم يستلزمه العملية، والعكس صحيح. والجانب البنَّاء هو الراجح هنا على التخريب والدمار. فالإعمار والإثمار أساس فيه. ونادراً ما عملتُ على الدمار. بيد أنني ارتأيت تدمير البنى المعرقلة لحصول التطورات الهامة مناسباً. أي ثمة شخصية عملياتية تدحض كل شكل من أشكال التخريب والغصب والنهب والاستيلاء. ومفهومي الرفاقي تطلع دائماً إلى تحقيق الأعمال النبيلة. ولم أقم بأية علاقة أبداً مع الأناس على أساس مماطلة الذات والتسلية واللهو واقتطاع الكسب منهم. ومن الضروري حتماً الإدراك – وبحساسية فائقة – لهذا الجانب من حقيقة القيادة التي أمثلها، وحذو حذوها. وإلا، ففي حال العكس، لا يمكن الحديث عن الوحدة السياسية والحياة التنظيمية والعملياتية في قيادتي. فمسألة أن يؤدي العاجزون عن سلوك حياة منظمة دائماً ومفعمة بالعمليات الإيجابية الراجحة، دوراً متفوقاً في مؤسسة القيادة، أمر أقرب إلى المستحيل.
يجب استيعاب التنظيم والعملياتية كحالة من العيش، أكثر من كونهما مجرد وظيفة. فمثلما يستحيل البقاء دون ماء وهواء، يجب الإدراك باستحالة العيش بلا تنظيم أو عملية، وإضفاء المعاني على حقيقتنا القيادية بموجب ذلك. وإلا، فتأسيس تنظيم داخل تنظيم، هو التخريب بحد ذاته، والفراغ، والعملية غير معلومة الهدف. ليس سوى بلاءاً مسلطاً على الرؤوس. الشكل الصحيح والوحيد للارتباط يتمثل في التنظيم الكفؤ والقدير للغاية، وتحديد خطوطه بما يتوافق والنهج الأيديولوجي والسياسي، وتوحيده بالعملية المحددة والواضحة الأهداف والمثمرة النتائج. إنه الموقف المؤدي إلى جني الثمار المرجوة، والذي لا يهدر الجهود التاريخية المبذولة، ويضع كل لَبَنَة فوق أخرى بغرض إعلاء البناء الموجود أكثر فأكثر. وما من فرصة أخرى للنجاح سوى الرقي بمفهوم القاعدة الحزبية التنظيمي والعملياتي (بما في ذلك النضال المسلح) وإيصاله إلى هذه الحالة.

#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات