أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (20)















المزيد.....

الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (20)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 4074 - 2013 / 4 / 26 - 10:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الأوزان الداخلية للهوية العراقية العامة والهويات الجزئية


إن تفعيل الهوية الوطنية العراقية بوصفها مرجعية العيش المشترك تفترض تحقيقها العملي من خلال صياغة ما ادعوه بالأوزان الضرورية للهوية العراقية العامة والهويات الجزئية، للدولة الشرعية والسلطة الديمقراطية، للسلطة الديمقراطية والمجتمع (المدني)، للنخب الاجتماعية والسياسية، للثقافة العامة والخاصة، للتربية والتعليم، للإعلام ومهماته العامة والخاصة.

تبرهن التجربة التاريخية المعاصر للعراق على أن التفريط بحقيقة الهوية الوطنية، كما تجسد بصورة نموذجية في التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية هو تفريط بكافة الحقوق، بما فيها حق الحياة. وهو الأمر الذي يجعل من صياغة رؤية واقعية وعقلانية عن وحدة وتجانس القومي والوطني في العراق إحدى المهمات الأساسية من اجل تكامل الجميع في بناء الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي والمجتمع المدني. فهو الثالوث القادر على احتواء صراع الجميع واختلافهم، والإبقاء قي نفس الوقت على تراكم الثروات المادية والروحية للمجتمع والدولة. كما انه ضمانة إعادة اللحمة الاجتماعية والوطنية عبر تذليل مختلف أصناف البنية التقليدية، التي لا تحمي في نهاية المطاف أيا كان. وذلك لان البنية التقليدية مهما كان شكلها ومضمونها، لا تعمل في نهاية المطاف إلا على تعميق الهوة الفعلية في الفرد والجماعة والمجتمع والثقافة والدولة، أي في كل مكونات الروح والجسد الفردي والاجتماعي للقوميات المكونة للعراق. كما أنها حالة تتعارض من حيث الجوهر مع حقيقة العراق المتراكمة تاريخيا، باعتباره كينونة ثقافية سياسية.
فقد كان الاهتزاز الهائل للهوية الوطنية للعراق نتاجا "طبيعيا" للتوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية، التي أدت سياستها للتوحيد الشامل في كل شيء إلى تجزئة شاملة في كل شيء. وهي نتيجة يمكن ملاحظتها بوضوح على حالة القضية القومية والهوية الوطنية فيه. فالتجزئة والانفصال والانفصام والتعصب الضيق والخصام والاختلاف والاحتراب والتنافر وعدم الثقة المتبادلة وغيرها من المظاهر السلبية هي النتاج الطبيعي للذهنية التوتاليتارية والسياسة الدكتاتورية، التي حاولت أن تجعل من نفسها بؤرة الوحدة الصلبة للعراق، بينما لم تؤد في الواقع إلا إلى تدمير حقيقة الوحدة بوصفها كينونة مرنة للقوى الحية والفاعلة في تشكيلها وإعادة هيكلتها وتطويرها الدائم. وهو تدمير لا يمكن حله استنادا إلى إعلانات سياسية ومواقف أدبية مجردة عما يسمى بضرورة الوحدة والائتلاف والتعاضد والتكاتف وما شابه ذلك من المفاهيم والعبارات الحسنة بحد ذاتها. فهي مفاهيم وعبارات قد تعمق الشرخ الفعلي القائم في الفكرة القومية في العراق وماهية الوطنية العراقية ما لم تستند إلى فلسفة واقعية وعقلانية عن حقيقة القومية والوطنية المعاصرة في العراق، أي عما ادعوه بفلسفة الاستعراق.
لقد تعرضت الفكرة القومية والهوية الوطنية في العراق إلى صدع شديد في غضون العقود الأربعة الأخيرة. مما أدى إلى تراكم متنوع المستويات من ردود الفعل، اتخذت بعد سقوط التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية، مظاهر وصيغا ومستويات فكرية وسياسية وعملية متنوعة ومختلفة ومتناقضة ومتضادة. وهي ظاهرة سوف تتعمق نسبيا وتتطرف في الكثير من جوانبها، وقد تؤدي إلى مواجهات وصراعات حادة ومتنوعة الأشكال والمظاهر، يتوقف مسارها ونتائجها على حدود الرؤية القومية المفترضة في العراق، وحدود الفكرة الوطنية العراقية وهويته العامة.
إننا نرى ظهورا متزايدا ومتنوعا لمختلف الحركات السياسية والاجتماعية القومية غير العربية في العراق مثل الكردية والتركمانية والكلداآشورية، إضافة إلى أجزائها المكونة والمتناثرة من شذرات التاريخ العراقي العرقي والقومي والطائفي والديني مثل الفيلية واليزيدية والصابئة والشبك والأرمن واليهود. ويرافق ذلك تبلور متنام في مواقفها الفكرية وبرامجها السياسية تجاه مختلف القضايا بما في ذلك القضية القومية والهوية الوطنية للعراق. وهي ظاهرة تشير إلى تراكم أولي جدي وفعلي في مسار التطور التلقائي للمجتمع المدني والفكرة السياسية الاجتماعية التي جرى الضغط عليهما عقودا طويلة من الزمن.
وسوف يؤدي هذا التراكم الجديد في مجرى التطور التلقائي للفكرة السياسية والاجتماعية بالضرورة إلى الخصام والاختلاف والمواجهات الحادة أحيانا بسبب غياب تقاليد الديمقراطية السياسية ومؤسسات الدولة الشرعية، وكذلك بسبب حجم الخراب الهائل في البنية الذهنية الثقافية والسياسية والقومية لمكونات العراق جميعا. إلا أنها اختلافات ومواجهات سوف تعمل في حال توجيهها العقلاني والواقعي، إلى ترسيخ منظومة القيم الديمقراطية والمدنية في الموقف من الفكرة القومية. وذلك لان تنافس القوى جميعا في البحث عن موقع "تحت الشمس" سوف يجبرهم على إدراك الحقيقة البسطة القائلة، بان العراق يكفي الجميع وهو قادر على احتواء ما هو أكثر في ظل رؤية عقلانية، وتوجه واقعي صوب الحرية والنظام في مواجهة المشاكل الفعلية والإشكاليات الكبرى لمعاصرة المستقبل فيه. إضافة إلى مكونه الرافديني والعربي والإسلامي بوصفه العمود الفقري للهوية العراقية.
وقبل أن يصل الجميع إلى إدراك الحقيقة القائلة بان حل المسألة القومية في العراق يتوقف في نهاية المطاف على تحديد ماهية الوطنية العراقية، فان الفكرة القومية في العراق وهويته الوطنية سوف تثير الكثير من المواقف المتباينة والمختلفة والجدل الحامي. وهي ظاهرة بدأت تبرز ملامحها الأولى الآن في ظل تبلور متنام ومتصارع يترامى ما بين الرؤية الأسطورية والواقعية العقلانية. وفي هذه الظاهرة يمكن أيضا رؤية حالة الخروج من سجن الدكتاتورية والوحدة المفتعلة إلى فضاء الديمقراطية والتعددية الطبيعية لوجود الأشياء. ولكن قبل أن يبلغ الجميع إدراك قيمة التنوع في الوحدة، أي القومية الجزئية في الوطنية العراقية، فإنهم ينبغي أن يمروا بدروب الآلام الكبرى لوعي الذات القومي والسياسي قبل بلوغ حقيقة الانتماء الوطني والاجتماعي.
من هنا ضرورة "تشريح"الوعي الذاتي القومي في مستوياته السياسية والقيميية تجاه النفس والآخرين من اجل رؤية مساره العام والخاص، وبالتالي تحديد المرجعيات النظرية والعملية الأساسية من اجل حل إشكالية الفكرة القومية (الجزئية) والهوية الوطنية (العامة) في العراق بالشكل الذي يخدم تجانسهما وفاعليتهما المشتركة في بناء الهوية العراقية الحقيقية. وهو "تشريح" حالما نقوم به على مختلف نماذج وجوانب القضية المتعلقة بإشكالية الهوية الوطنية (العراقية) العامة والهويات الجزئية، فإننا نقف أمام ضعفه العام وخلل الكثير من مقوماته، وبالأخص ما يتعلق منه بمستوى ارتقائه من حضيض الرؤية العرقية والقومية الضيقة إلى مصاف الرؤية الثقافية. وهو خلل وضعف بنيوي يجد انعكاسه الآن في المواقف النظرية والعملية تجاه الإشكاليات الكبرى التي يواجهها العراق. مما يضعف بالتالي بلورة الفكرة العملية عن الهوية العراقية.
إن تعميم التجربة التاريخية للعراق الحديث وبالأخص ما تمخضت عنه مرحلة الاحتلال ونتائجها وإفرازاتها يصدد العلاقة الضرورية بين الهوية الوطنية العامة والهويات الجزئية، تفترض بلور جملة من المبادئ الضرورية لصنع التوازن بينهما، أي مبادئ الأوزان الداخلية للهوية الوطنية العراقية العامة والهويات الجزئية (للأقليات القومية). ومن أهم هذه المبادئ:
1. التخلص من فكرة "الجغرافيا القومية" في العراق. إذ لا جغرافية قومية في العراق، بسبب كونه كيانا تاريخيا ثقافيا تداخلت فيه الأقوام والأمم والشعوب والثقافات والأديان.
2. العمل من اجل إدراك وتجسيد الحقيقة القائلة، بان "ما بعد الدولة" هو جزء من الدولة وليس من القومية.
3. ألا يجري تحويل "التاريخ" (ما قبل الدولة الحديثة) إلى جزء من الرؤية القومية الضيقة، كما انه لا معنى لتحويله إلى جزء من اللعبة السياسية.
4. تحقيق المبدأ القائل بضرورة التخلص من فكرة الزمن وليس من فكرة التاريخ. ومن ثم فان التاريخ الوحيد في العراق هو تاريخه الكلي بوصفه التاريخ الوحيد المقبول وكل تاريخ آخر هو مجرد زمن.
5. التخلص من فكرة العرق وليس من فكرة القومية في المواقف العملية والخطاب السياسي.
6. تذليل الفكرة الطائفية بشكل عام وتجريم الطائفية السياسية بشكل خاص.





#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (19)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (18)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (17)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (16)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (15)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (14)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (13)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (12)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني(11)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (10)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (9)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (8)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (7)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (6)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (5)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (4)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (3)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (2)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (1)
- في نقد الراديكالية السياسية العربية (6)


المزيد.....




- هل يمكن أن يعتقل فعلا؟ غالانت يزور واشنطن بعد إصدار -الجنائي ...
- هيت .. إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم
- ما هي حركة -حباد- التي قتل مبعوثها في الإمارات؟
- محمد صلاح -محبط- بسبب عدم تلقي عرض من ليفربول ويعلن أن -الرح ...
- إيران تنفي مسؤوليتها عن مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات
- سيدة من بين 10 نساء تتعرض للعنف في بلجيكا
- الدوري الإنكليزي: ثنائية محمد صلاح تبعد ليفربول في الصدارة
- تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية وقتال عنيف ...
- هل باتت الحكومة الفرنسية على وشك السقوط؟
- نتنياهو يوافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. هل تصعيد ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (20)