|
الإله الظالم !!!
توماس برنابا
الحوار المتمدن-العدد: 4074 - 2013 / 4 / 26 - 09:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أيمكن أن يكون الله ظالماً؟! ... وهو المنزه عن الظلم!! ولماذا يُنزهه البشر وهو غير ذلك؟! ولماذا يلصق الناس فيه ما هو ليس عليه؟! فربما يكون الاله ظالماً.... أيمكننا الاعتراض؟! ياليتنا نفعل....!!!
لماذا لا يمكن منطقياً الجمع بين صفة كلي العدل والخير وكلي القدرة في الاله... وفي ذات الوقت يسمح بالمعاناة والالم والظلم في هذا العالم؟!
حوالي 75% من سكان العالم يعيشون في فقر وجوع ومعاناة! وهذا يقدر بمليارات من البشر ، أغلبهم أبرياء، في الحاضر وفي خلال التاريخ... فهناك حروب ، ومجاعات، وفقر مدقع، والمرض، والجوع ، والطمع، والشر الذين يقتلون البشر يوميا. والعالم يحكمه مرضى إجتماعيين ومرضى نفسيين، جوعى للسلطة والجاه والدماء!! الذين يُعتبروا أنفسهم فوق القانون... ويمروا بلا عقاب لا دنيوي من البشر، ولا حتى عقاب من السماء!!! فمعظم مراكز السلطة في العالم يحتلها أشرار، أكثر من الأخيار بشهادة الواقع والتاريخ! فالسلطة من منظور نفسي تجتذب الشرير والفاسد دائماً ولا تروق للناس الصالحين... إن العالم غير عادل والحياة قاسية! فمعظم الناس الصالحين يموتون شباباً! صانعي السلام المؤثرين يُخطفون ويُغتالون! ... فأين هذا الذي قال طوبى لصانعي السلام؟!!! الاقوياء يستغلون ويضطهدون الضعفاء، فالعالم يُحكم بمبدأ القوة... حتى في عالم الحيوان؛ نجد الحيوانات تقتل بعضها البعض لتحصل على الطعام... ولذلك لماذا يستمر أغلبية سكان الارض في الأيمان بأن الله كلي الخير وكلي العدل وكلي القدرة وكلي الرحمة... وفي ذات الوقت يسمح بكل هذه الامور؟!! إن هذا أمر يستدعي الدهشة مني!! فهم حتى لا يجرأون على تحليل ومناقشة الامر... إنهم ببساطة متناهية يؤمنون بالرغم من العيان الواضح بعكس ذلك... فالايمان هو الثقة بما يرجى والايقان بأمور لا ترى كما عرفه الكتاب المقدس!!! وهم يؤمنون أيضاً لا بناءً على أدلة وبراهين ولكن لأن كل من حولهم يؤمنون ولذلك فيجب أن يكونوا على حق... فالجميع يؤمن... فمن أنا حتى أخالفهم الرأي؟ هكذا يؤمن الناس... ويالسذاجة إيمانهم! فمن المنطق السليم... خطأ واستحالة الاعتقاد بأن اله كلي القدرة والمحبة أن يسمح بتلك الشرور في هذه الدنيا وبين أحبائه البشر!!! وأنا أتحدى الجميع من كافة الأديان أن يحلوا لي هذه المعضلة اللاهوتية.....!!
ولعقلنة ومنطقة الموقف ؛ دعونا نحدده في نقاط:
1. أغلبية سكان كوكب الارض – المليارات من الابرياء- عانوا ويعانون من الفقر والجوع الان وعبر التاريخ...! 2. الشر سُمح له بأن يظهر ويتفشى بين البشر بلا عقاب ولا رادع... بل الى درجة أن نجد الشر يلبس رداء القوة والسلطة ويتربع على عرش البلاد ويحكم في العباد! فالعالم ظالم والحياة قاسية وغير منصفة، الصالحين يمرضوا ويموتون شباباً، وحتى الحيوانات تقتل بعضها البعض طلباً في الغذاء!!! 3. الله كلي القوة وكلي الخير والعدل؛ وبالرغم من ذلك يسمح برقم 1 ، 2 أن يحدثوا، الان وفي خلال التاريخ الطويل!
الثلاث نقاط السابقين لا يمكن منطقياً أن يتفقوا ويجتمعوا سوياً! لذلك فالاحتمالات المنطقية المتاحة هنا هي كالاتي:
1. الله أو الخالق ليس كلي القدرة ولا يستطيع إيقاف المعاناة والشر! ( وإذا كان هو كذلك فكيف خلق هذا الكون الفسيح؟!) 2. الله أو الخالق شرير ، أو غير صالح، أو أنه ببساطة لا يهتم ! أو ربما يكون لديه جانب شرير بالاضافة الى جانب خيّر في شخصيته، مثله مثل البشر!! 3. الله أو الخالق غير موجود !!! 4. الله أو الخالق ليس كما نعتقد نحن، أو هو شئ يفوق إدراكنا البشري! 5. الله أو الخالق يسمح بحدوث الشر والمعاناة لأسباب تفوق إدراكنا... أوربما ليس لدى الله ذات الاخلاقيات التي يمتلكها البشر... فربما لديه بنيان أخلاقي يختلف عنا تماماً ومعايير مختلفة لما هو الشر وما هو الخير !!!
التفسير والتأويل الغير منطقي والهزلي للمتدينين وخاصة المسيحيين بخصوص هذه القضية هو أن ( الله سمح للمعاناة والشر في العالم لأن الانسان أختار أن يعصي الله في جنة عدن! فالله أعطى الانسان حرية الارادة ، وأختار الانسان المعصية والخطية! ولذلك دخل الموت والالم والانحلال الى العالم! فالله عادل وبار مائة في المائة 100% ، فهذا ناتج عن خطاا الانسان، وهو ليس خطأ الله! وهذا مذكور في الكتاب المقدس!!!)
أعتذر للجميع إن قلت أن هذا التفسير من كثرة سذاجته ، لا يمكن أن يصدر الا من خلال مختل عقلياً، أو من قبل شخص مؤدلج ومغسول عقله تماماً ولا يقوى على التفكير السليم لأن هناك من يتحكم في عقله وتفكيره بالريموت كونترول! حتى يؤمن بأمر يخلو من المنطق والعقل حتى ولو ذكر في الكتاب المقدس أو في أي كتاب ديني أخر!!!
فببساطة وبكلمات سهلة بعيداً عن الادلجة والتحكم في العقول بمصطلحات لاهوتية دائرية صعبة، دعوني أصيغ ما يريدون قوله: ( الله كلي الخير وكلي القدرة سمح بالمليارات من البشر عبر العصور أن يجتازوا المعاناة، والموت، والجوع، وحتى أن يذهبوا للجحيم ( إن لم يكونوا من المؤمنين) ببساطة لأن هناك أثنين سُذج يسموا أدم وحواء أكلوا قضمتين من ثمرة من الشجرة التي حرمها عليهم الله في جنة عدن... وأصيغها بكلمات أخرى، خطأ واحد ( وربما قضمة واحدة) تسببت في دمار وأبدية من الالم والموت والمعاناة لمليارات من البشر والحيوانات عبر التاريخ... ويستحق البشر وكل الكرة الارضية بما ظهر عليها من إختلال على هيئة زلازل وبراكين وجفاف وغيرها نتيجة لهذا الخطأ الجلل... هذا العقاب من الله كلي الخير والعدل وكلي الحكمة !!! )
هذا هو تفسير المسيحيين لمعضلة الشر في هذا الكون... فهل هذا تفسير منطقي... أنا لا أستطيع أن أقبل هذا التفسير...! من السهل عليّ أن أؤمن بأمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة... أو أن بابا نويل في ليلة واحدة يرسل هدايا لكافة الاطفال؛ على أن أؤمن وأقبل هذا التفسير الساذج !!!
ولكن دعني يا عزيزي القارئ أحلل هذا التفسير فهو ليس منطقي كليةً فقط بل أيضا يتسم بالظلم و بدرجة مائة بالمائة ! نعم! هل يمكن لأب أن يعاني أطفاله من الألم والموت ( وربما الدينونة الابدية) بسبب قضمة واحدة من ثمرة واحدة أمرهم أن لا يأكلوا منها؟!! هذا الامر كليةً جنون في جنون!! ألن يكون هذا الاب بالتالي أشر الناس جميعا، بل أكثرهم جنوناً؟! فهل من المنطق أن ندعي أن الله كلي العدل والبر أن يفعل ذلك؟! قضمة واحدة تجعل مليارات ومليارات من البشر والحيوانات أن يعانوا المرض والالم والجوع والكوارث ، وفي النهاية أبدية في الجحيم !!! معذرة !هذا جنون يا سادة !!! فلتنظروا من يتحكم في عقولكم حتى تتمسكوا بهذا التفسير المجنون الهزلي!!!
أعذروني أعزائي القُراء... في هذا... لأني على وشك الانفجار! ولكن دعوني أخاطب المسيحيين من أين عرفتم أن الله كلي العدل؟! هل من الكتاب المقدس؟ ومن الكتاب المقدس فقط لا غير تعتمدون على هذا الامر وتعتبرونه حقيقة مُسلم بها! فهل لي أن أسألكم كيف عرفتم أن الله هو الصالح والشيطان هو الشرير؟ تردون ... من الكتاب المقدس!... مع إن الكتاب المقدس يذكر أن الشيطان قتل فقط في مجمل الكتاب االمقدس وعبر التاريخ عشرة أفراد وهم أبناء أيوب وبأذن من الله... وكل الكوارث والقتل المذكور في الكتاب المقدس لملايين بل مليارات من البشر والحيوانات هو بيد الله ، أو بإيعاز منه لعبيده لفعل هذا! فمن هو الشرير الظالم هنا؟! ... ذكرت هذه الاحصائية في مقال أخر لي على نفس الموقع وهو : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=353800
فأنت يا عزيزي المسيحي تعتمد على الكتاب المقدس في مُسلماتك وكل ما يخالفه تعتبرة أكاذيب شيطانية... ولكن يا عزيزي المسيحي إن أقنعتك بعدم عصمة الكتاب المقدس.. أينهار أيمانك في الله ومدي عدله من ظلمه؟!
ألم يريد الملاك الساقط لوسيفر ( الشيطان ) وأخوانه الذين يُقدرون بثلث ملائكة السماء... نعم ثلث الملائكة سقطوا وتحولوا لشياطين طبقاً لرجال اللاهوت المسيحي وطبقاً للكتاب المقدس... وكم يُقدر عددهم ... لن أكون مخطئاً إن قلت أنهم يُُقدروا بمليارات المليارات (و ذنبه يجر ثلث نجوم السماء فطرحها الى الارض و التنين وقف امام المراة العتيدة ان تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت (رؤ 12 : 4) ) فهؤلاء هم الذين وقفوا بجانب لوسيفر لنوال بعض الحرية من الله ... أيكون جزائهم اللعنة الابدية! فبعض المراهقين من البشر أحيانا يفعلون هكذا ويحاولون نوال بعض الحرية من الوالدين... أيجعلهم هذا الامر أشرار كُليةً؟! ألا تعتبر يا عزيزي القارئ أن مثل هذه التفسيرات وهذا المنطق الديني المنغلق ضرباً من ضروب الجنون؟!
وإن كنت أنا الله كلي العلم والحكمة... ومن هنا أعرف مسبقاً... أنه حينما أخلق الانسان على الارض سيعاني هذه المعاناة والالم وسينتهي به المآل بالنار الأبدية والعذاب الابدي ... فلن أخلق هذا الانسان ولا هذا العالم من البداية إن كنت رحيماً... فما الداعي؟! لن يُقدم شخص عاقل على فعل أمر، أثبتت دراسة الجدوى المسبقة، أن الشر الناتج منه أكثر من الخير بكثير...! فلن يمكن لتاجر عاقل أن يبدأ عمل هو مسبقاً يعلم أنه سيخسر 75 ألف دولاراً فيه... وسيجني ربح فقط يقدر ب 25 ألف دولاراً!!! فهل يمكن أن يفعل الله هذا الامر؟! هذا لأن المؤمنيين بالمسيحية حوالي ربع العالم وثلاث أرباعهم أين سيكون مصيرهم... هل مصيرهم النار؟! ألا يكون هذا المشروع الالهي فاشل ويجب التفكير في غيره؟!
يا عزيزي القارئ! رحمة بعقلك من كثرة تحميله بمعضلات لاهوتية لا حل لها... فسيأتي يوم سينهار من ثقل الحمل وكثرة االمغالطات التي تُسخر كل طاقتك الذهنية في حلها... بالرغم من أن صاحب الكتاب المقدس لم يفعل ذلك! وأزح بالدفاع المستميت جانباً وأترك عقلك يُمنطق الامر... وأنا أثق في نتيجة تفكيرك حينئذ! فقط أخرج عقلك خارج صندوق الدين وناقش الموضوع بحيادية... ستجد نفسك حراً طليقاً... وصدقني ستحب وتعشق الحرية ولن ترجع للعبودية والادلجة مرة أخرى!!!
فهل الله بالفعل كلي العدل؟!
#توماس_برنابا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يمكن للأحياء أن يتحكموا في مصير موتاهم بعد موتهم؟!
-
الإله العاجز !!!
-
هل الله يحتاج الى إرفاق ملاحق لكتبه؟!
-
المطاريد الأعزاء !
-
مسرحية بعنوان ( في البدأ خلق الإنسان الله!)
-
أخطاء علمية في الكتاب المقدس!!!
-
الإله الدموي!!!
-
الرطن المقدس
-
منبع السعادة
-
طبقاً للإنجيل: المسيح هو أول من يخالف وصية تحويل الخد الاخر؟
...
-
أسطورة الملاك الشافي في إنجيل يوحنا!!
-
جدلية أينشتاين في وجود الله!
-
(من الكتاب المقدس ) من قتل أكثر؟ الله أم الشيطان؟!!
-
تقويض قصة أدم وحواء في سفر التكوين!!
-
الشحاذ... هل أعطيه حينما يسألني؟!
-
نداء لوزارة التعليم العالي للإشراف المباشر على كليات وإكليرك
...
-
دائرة الخوف المرضي... هل من فرار لا ديني منها؟!!
-
الاعمال السحرية والحسد من منطلق علمي لاديني!!
-
المنهج الخفي!!
-
الميلاد الثاني!!
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|