|
هل ضاعت البوصلة أم فقد القباطنة أبصارهم ؟
ثائر دوري
الحوار المتمدن-العدد: 1170 - 2005 / 4 / 17 - 14:09
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
الوطنية العراقية الجديدة بين الاستبداد و الخيانة . كتاب جديد للمناضل الكبير الأستاذ باقر ابراهيم و توزيع دار الكنوز الأدبية في بيروت . يضم الكتاب بين دفتيه مجموعة من المقالات التي كتبها الكاتب في الصحف و المجلات في الفترة التي سبقت الغزو الأمريكي للعراق و الفترة التي تلته . مع فصل خاص جمع الكاتب به المقالات التي تناولت أزمة اليسار العراقي و تحديداً أزمة الحزب الشيوعي و التحاقه بركاب المحتل الأمريكي . لا بل مساهمته في العدوان الأمريكي على العراق . إذا كانت العودة إلى الماضي القريب ضرورية لفهم ما جرى في العراق فإن هذه العودة تكتسب أهمية أكبر في توأم العراق سوريا . حيث نجد أن الخطاب الذي مهد الأرض للغزو الأمريكي هو نفسه السائد الآن . فمواقف المثقفين و بعض السياسيين الذين تحولوا إلى براغي في آليات الجيش الأمريكي تستنسخ نفسها في سوريا . و لهذا حديث ..... في مذكرة للأحزاب الشيوعية العربية يعرف الكاتب باقر ابراهيم نفسه بالقول : (( انتميت إلى الحزب الشيوعي العراقي منذ حزيران عام 1948 و صرت عضواً في لجنته المركزية عام 1959 و في مكتبه السياسي عام 1962 و مسؤولاً عن قسم التنظيم في اللجنة المركزية أغلب الفترات بين اعوام 1961-1984 أعرفكم بأني كنت الشخصية الأولى ، ضمن قيادة الحزب الشيوعي العراقي ..ممن تولوا إعادة بنائه بعد حملات قمع و تصفية قاصمة وجهت للحزب في أعوام 1963و 1971 و 1978 . إضافة إلى دوري المعروف في عملية إعادة البناء ..بعد المجزرة الدموية التي قادها ضد الشيوعيين حزب السيد جلال الطالباني في أيار 1983 . و بسبب خلافاتي السياسية و الفكرية مع قيادة الحزب فإنها اتخذت قراراً مجحفاً متسرعاً بفصلي من الحزب في أكتوبر عام 1989 )) من كان في مثل هذا الموقع و له مثل هذا التاريخ فهو يتكلم من موقع العارف المطلع على كل التفاصيل و على جذور الانحراف . فمن الخلاف داخل الحزب حول أسلوب مواجهة قمع النظام بين اتجاه لا عنفي و اتجاه عنفي ينطلق من شمال العراق لإسقاط النظام . إلى الخلاف على الموقف من الحرب العراقية – الإيرانية خاصة في مراحلها الأخيرة بعد أن تحولت إلى غزو إيراني صريح للأراضي العراقية . لينتقل بعد ذلك الأمر إلى الخلاف الأكبر عام 1991 حول الموقف من الحصار الأمريكي و العدوان العسكري . فالقيادة الرسمية اتخذت موقفا مؤيداً للعدوان و إدامة الحصار . و يناقش الكاتب بالتفصيل مواقف قيادة الحزب الرسمية مثل اشتراكها في مجلس حكم بريمر و ما يعنيه ذلك من تحالف مع امبريالية نشأ الحزب ليناضل ضدها . يستعيد المؤلف كلمات المؤسس فهد أمام محكمة جزاء بغداد عام 1947 : (( إني كمواطن ، شخص ، في تيار خاص في الحركة الوطنية هو المعروف بالشيوعية .. و قد اعتنقت هذا المبدأ منذ عام 1932- 1933 . لقد انغمرت بالنضال الوطني قبل أن أكون شيوعياً سوى إني صرت أشعر بمسؤولية أكبر إزاء وطني و أنا شيوعي )) . و يوجه الكاتب سؤالاً إلى السكرتير الحالي للحزب : (( نوجه سؤالنا للسكرتير الحالي للحزب و رفاقه في القيادة الوطنية بأية مقاييس تقاس وطنية و تقدمية الأحزاب ؟ إزاء من تتوجه وطنية العراقي ، و إذا لم تكن أمريكا و بريطانيا و سواهما من دول المال و المال و الطمع و الحروب و السموم )) .
الدفاع عن الوطن و النضال ضد الإستبداد هدفان لا يفترقان : ينقد الكاتب الاستبداد بمرارة و يعتبره مساهما في تهيئة الأرضية الملائمة للغزو . لكن دون أن يتسامح و لو لمرة واحدة مع أولئك الذين تعاونوا مع الغزاة . فقساوة القمع و الحجر على الرأي الآخر المعارض لا يبرر التدخل الأمريكي و لا التعاون مع الغزاة . و لا يغيب عن ذهن الكاتب أن كل الأخطار ثانوية تجاه الخطر الأساسي و هو الولايات المتحدة . يقول : (( .............فقد صار واضحاً أن منبع الخطر و الشر الذي يتهددنا اليوم هو طمع الولايات المتحدة الأمريكية ، و ركيزتها في قلب بلادنا ، اسرائيل . لكن مأساتنا و نقطة ضعفنا الهامة ، هي أن شطراً مؤثراً في قوانا و قيادات هذه القوى ، لم تعد ترى نفس الرؤية للخطر الذي ذكرناه ، بل أكثر من ذلك راحت تلمس حلاً ، أو ترتجي خيراً وراء التعامل مع ألد أعدائنا و التصديق بوعودهم )) و يتابع الكاتب : (( و من المؤسف أنه يترتب علينا اليوم أن نبدأ مع هؤلاء من الألف باء للتدليل على عدم جدوى أي أمل في التلاقي أو التفاهم مع الشيطان الأكبر – أمريكا ، و كذلك عدم جدوى الأمل في المسامحة معه ، حتى بهدف اتقاء شروره )) . نوهت في بداية عرضي للكتاب أن الماضي العراقي القريب يتكرر في سوريا اليوم حرفيا . اليوم نجد من يسوقون الوهم في الصف الوطني حول أن أمريكا قد تغيرت بعد أحداث الحادي عشر من ايلول و أنها تخلت عن دعمها للأنظمة الاستبدادية لأنها اكتشفت أنها تفرخ الإرهاب لذلك صار من مصلحتها نشر الديمقراطية !! و أن أمريكا يمكن أن تتفهم مصالح الشعوب إذا كانت حكومات هذه الشعوب ديمقراطية . لا بل إن أحدهم قد جزم بأن المنطقة صارت جاهزة للسير مع الأمريكان نحو الديمقراطية . و لو نظر هذا الأخ شرقاً إلى العراق لشاهد أي ديمقراطية ينشر الأمريكان هناك . يقول المثل الشعبي : (( ما متت شفت اللي مات )) و نحن نقول لقد شاهدنا نموذج ديمقراطية القنابل الذكية و صواريخ التوماهوك و الكروز ، و ديمقراطية ابوغريب و معتقل بوكا ، و تفكيك الدولة و نشر الروح الطائفية و سياسة المحاصصة و جعل السلطة ضمن عصبة مغلقة تتبادل المواقع كل حين . لا يوجد شيء يستطيع تبرير جريمة التعامل مع الأمريكان ، لا استبداد الأنظمة ، و لا الفساد ، و لا القمع ........فهذه الجريمة من الجرائم الكبرى التي لا تحوز أسباباً مخففة لأنه (( أمام الغزاة الأمريكان لا جواد أصيل يكبو )) . مواضيع الكتاب كثيرة و تحتاج أن تقرأ بعناية و اهتمام فمن مناقشة تجربة الجبهة الوطنية في العراق إلى فساد السلطات و الأحزاب الثورية إلى أزمة كل من أنظمة الحكم و معارضيها . إلى التطلع إلى المستقبل بعين واثقة،مقاومة ، ترى مستقبل العراق في خيار المقاومة لهذا الاحتلال الهمجي .
#ثائر_دوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموت الرحيم على الطريقة الأمريكية
-
مبدأ ساترفيلد و مبدأ مونرو
-
فهم السياسة بالهمس ؟ أم باللمس ؟ أم بالنظرات ؟
-
دليل تعلم صناعة الثورة على الطريقة الأمريكية في عشرة أيام
-
الاحتلال القبيح و الاحتلال الجميل
-
المحافظون الجدد : من لم يمت باليورانيوم المنضب مات بسياسات ا
...
-
انتهى درس الحداثة الاستعمارية يا غبي
-
استنساخ التجربة الاستعمارية من الجزائر إلى العراق
-
سلاح الذاكرة في وجه القتلة
-
.........ديمقراطية السجون
-
بغداد : الماء يشبه السلام لا تدرك قيمته تماماً حتى تفقده ( b
...
-
شيطنة العدو صناعة غربية بامتياز
-
ميموري منسق الحملات ضد الشيخ القرضاوي
-
ماذا ينتظر الأمريكان من اجتماع عمان ؟
-
كم سيكون حجم الهزيمة الأمريكية في العراق ؟
-
مفارقات تقرير التنمية البشرية !!!ّ
-
اتجاهات الريح الأمريكية القادمة
-
تقديم التنازلات للغرب بئر لا قاع له- روسيا كمثال
-
ناشطون سوريون و عرب يدعون لإنشاء محكمة تفتيش دولية
-
ملاحظات حول الحركة المناهضة للعولمة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|