أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 132: عدم وجود سبب للتمييز بين ختان الذكور والإناث















المزيد.....


جريمة الختان 132: عدم وجود سبب للتمييز بين ختان الذكور والإناث


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4073 - 2013 / 4 / 25 - 17:14
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


لا إختلاف بين الختانين
---------------
قد يكون لموقف المشرّع الدولي والوطني والمنظّمات غير الحكوميّة تبرير في إدانة ختان الإناث والسكوت عن ختان الذكور لو كان هناك فرق جوهري بين هذين الختانين. وحقيقة الأمر أن لا خلاف بينهما. فكل منهما هو تعدّي على سلامة جسد شخص قاصر سليم دون رضاه ودون سبب طبّي يبيحه. وفي هذا المعنى تقول «لايتفوت كلاين» إن ختان الإناث، الذي يعتبره كثير من الغربيّين ممارسة وحشيّة وغير عقلانيّة، له مثيل في التاريخ في ختان الذكور العلماني كما يجري في الولايات المتّحدة. والأسباب التي تعطى في إفريقيا لتبرير ختان الإناث هي نفس الأسباب التي تعطى في الولايات المتّحدة لتبرير ختان الذكور الروتيني. وكلا الممارستين تتمّان بالقوّة على أجساد أولاد أو أطفال بائسين وعامّة دون تخدير ودون رضاهم. ولكل منهما نفس الخلفيّة عند من يمارسونهما. وقد قامت هذه المؤلّفة بطرح أسئلة على أشخاص في كل من الولايات المتّحدة وإفريقيا ونقلت أجوبتهم حرفيّاً دون تغيير، مبيّنة بذلك أن الفرق بين الختانين هو مجرّد أوهام لا أساس له.

عدم وجود مصلحة للتمييز الإيجابي
----------------------
وقد يكون للتمييز بين ختان الذكور والإناث مبرّر لو كان هناك مصلحة مشروعة. فمن المعروف أن المشرّع قد يأخذ موقفاً متحيّزاً لفئة هضمت حقوقها في السابق إلى أن يصل بهذه الحقوق إلى مستوى حقوق طبقة أخرى. وهذا ما يسمّى بـ«التمييز الإيجابي». ولكن لا يمكن قبول هذا التمييز في مجال الختان لأن كل من الأطفال الذكور والإناث هم ضحايا.

لا إختلاف في الخطر
--------------
كما إنه من الخطأ إعتبار ختان الإناث أكثر خطراً من ختان الذكور، إذ إنه يجب المقارنة بين أنواع الختانين المختلفة. فهناك ختان ذكور أكثر خطراً من بعض أنواع ختان الإناث. ولكل منهما مضاعفاته التي قد تؤدّي إلى الوفاة. وعلى كل حال، فإن حقوق الإنسان عامّة تحمي الشخص مهما كانت قساوة الخرق الذي يتعرّض له. فما هو محرّم لا يقاس بمدى قساوته. فكل تغيير للأعضاء الجنسيّة دون سبب طبّي هو خرق للحق في سلامة الجسد. ويقول معارض لختان الذكور أن كون ختان الإناث هو أقسى من ختان الذكور لا يعني أنه يجب أن ننسى ختان الذكور. فكون أن القتل أشد من الإغتصاب، لا يعني أنه يجب أن نترك الإغتصاب ونهتم فقط بالقتل. وهو لا يرى كيف يمكن تبرير ختان الذكور في مجتمعه الأمريكي بحجّة أن ختان الإناث قاص في مجتمعات أخرى.

لا أساس لمنطق الأولويّات
-----------------
كما أنه من الغلط القول بأن فتح معركة ضد ختان الذكور الآن قد يعرقل معركة ختان الإناث. فكلا المعركتين مرتبطتان ولا يمكن إلغاء ختان الإناث دون إلغاء ختان الذكور في المجتمعات التي تمارس الختانين. ومحاولة الفصل بين الختانين قد يضر بكليهما. فالختان هو في حقيقته أحد مظاهر العنف في المجتمع. وهو يصيب كل من الذكور والإناث وله تأثير على الجميع مهما كانت الضحيّة، ذكراً أو أنثى. ولا يمكن لأحد أن يقول بأنه ضد العنف ضد النساء، بينما يقبل بالعنف ضد الرجال. أضف إلى ذلك أن ختان الذكور هو عنف موجّه ليس فقط ضد الذكور، بل أيضاً ضد المرأة، إذ يقصد به حرمان المرأة من علاقتها بطفلها وفصلها عنه، كما يقصد منه حرمانها من حقّها في علاقة جنسيّة مع شريك سليم الجسم. وإذا ما بدأنا بتقسيم المجتمع بين نساء لا يحق التعدّي عليهن، ورجال يحق إنتهاك حقوقهم، فإننا نخلق عداءاً بين الفئتين. فإذا وجد الرجال أن النساء يرفضن الدفاع عن ضحايا العنف بين الرجال، فإن الرجال سوف يتخلّون عن الدفاع عن الضحايا بين النساء. وقد أخبر «بويد» كيف أنه حضر مؤتمراً حول ختان الإناث في إفريقيا. وقد بدأ المؤتمر بالإعلان بأنه لن يتم مناقشة ختان الذكور فيه. فخرج من المؤتمر. وقد أحس شخص آخر بصدمة أثّرت عليه لعدّة أشهر عندما حدث له أمر مشابه. ويقول إنه رغم هذه المشكلة يجب محاولة العمل سويّة: «فآلامي لا تمحو آلامك وآلامك لا تمحو آلامي».

لا أساس لمنطق الرجولة
----------------
وهناك من يفرّق بين ختان الذكور والإناث على أساس أن ختان الذكور هو لتقوية الرجولة عندهم بينما ختان النساء للسيطرة عليهن و«لإشعارهن بأنهن مواطنات من الدرجة الثانية». وقد يصح هذا القول في بعض الجماعات الإفريقيّة، ولكن لا يمكن تعميمه. فقد رأينا أن أحد أسباب ختان الذكور هو إضعاف اللذّة الجنسيّة عند الذكور وتأكيد سيطرة الأب أو الجماعة على الأولاد. كما أن بعض الجماعات ترى في ختان الإناث وسيلة لتقوية أنوثتهن وكسر عزلتهن الإجتماعيّة. ولكن حتّى وإن قَبلنا بتلك النظريّة، إلاّ أن هذا المنطق لا يمكن أن يكون تبريراً لمنع ختان الإناث دون ختان الذكور. فكلا الممارستين متّصلتان معاً. فرجولة الذكور يقابلها السيطرة على الإناث. ورفع مكانة الذكور يؤدّي إلى إنخفاض مكانة الإناث. وقد جاء في الفقرة الأولى من المادّة الخامسة من إتّفاقيّة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء:
تتّخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتحقيق ما يلي:
أ) تغيير الأنماط الإجتماعيّة والثقافيّة لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيّزات والعادات العرقيّة وكل الممارسات الأخرى القائمة على الإعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطيّة للرجل والمرأة.
ونشير هنا إلى وجود حملة كبيرة في الأمم المتّحدة تطالب بالقضاء على العنف ضد النساء الذي يعتبر عامّة من فعل الرجال. ويدخل ضمن هذا العنف ختان الإناث. ممّا جعل أحد المشاركين في إجتماع لجنة المرأة التابعة للأمم المتّحدة في 5 مارس 1998 يقول بأن ختان الإناث من فعل النساء، وعلى اللجنة حث النساء في التخلّي عن ممارسة هذا العنف ضد النساء. وقد تدخّلت سيّدة وقالت بأنه من الضروري التركيز على الرجال في موضوع العنف الواقع على النساء. فالعادات الثقافيّة والعلاقات السلطويّة تؤثّر على العنف. لذلك لا بد من إدخال الرجال لأنهم ما زالوا يمارسون السلطة في المجتمعات.

أسباب سياسية لاأخلاقية
---------------
لقد بينّا أن الأسباب وراء تفريق المشرّع الدولي بين الختانين غير مقبولة. والسبب الوحيد وراء هذا التفريق هو سبب سياسي: الخوف من الإتّهام بمعاداة السامية (أعني معاداة اليهود). وإذا كان ذلك صحيحاً فهذا يعني إن المشرّع الدولي قد وقع في فخ تسييس حقوق الإنسان مع ما يتضمنّه من مخاطر أهمّها فقد المصداقية عندما يتكلّم عن حقوق الإنسان. فبينما هو يخاف من مواجهة اليهود، يطالب حكومات الدول التي تمارس ختان الإناث مواجهة شعوبها معطياً لها الدرس بعد الآخر في الأخلاق. أضف إلى ذلك أن المشرّع الدولي يتبنّى سياسة التعالي الثقافي الغربي على حساب الثقافات الأخرى. وكان حري بهذا المشرّع الدولي والمشرّع الغربي ترك روح التعالي تلك واعتماد مبادئ يتمكّن من خلالها الحُكم على تصرّفاته وعلى تصرّفات الآخرين بروح العدل. فما كان ضارّاً من العادات، يجب عليه أن يرفضها ويدينها بشدّة، مهما كان أتباعها، مسيحيّين أو يهود أو مسلمين أو قبائل بدائيّة في أعماق أدغال إفريقيا. وللقرآن قول بليغ في هذا: «وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى» (الأنعام 152:6). «ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألاّ تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى» (المائدة 8:5). فلا العداوة ولا القرابة يجب أن تخل بواجب العدل. وأخطر ما يمكن أن يعاب على المشرّع هو موقفه المتحيّز. فهذا غش في المعاملة، والغش يفسد كل شيء كما تقول القاعدة القانونية الروماني: Fraus omnia corrumpit.
وهذا التمييز بين الختانين قد ينظر إليه بأنه غطاء لمصالح أخرى تزرع الشك حتّى عند النساء التي تكافح ضد ختان الإناث. فقد حضرت طبيبة مسلمة مصريّة إسمها «أمال شفيق» عام 1998 مؤتمراً في جنيف عقدته منظّمة «اليونيسيف» التي تعمل معها. وعندما قدّمت الطبيبة نفسها قالت بأنها تعارض كل من ختان الإناث والذكور، ظانّة بأن وجودها في جنيف يسمح لها بالتعبير عن آرائها بكل حرّية. ولكن فوجئت بإحدى السيّدات السويسريات المسيحيّات تقول لها: إن منظّمة «اليونيسيف» لا تتبنّى قضيّة ختان الذكور، ولذا عليها التخلّي عن هذه القضيّة. فصدمت الطبيبة المصريّة التي كانت جالسة بقرب يهوديّة من إسرائيل لم تعترض على كلامها. وقد سألتني الطبيبة المسلمة: لماذا تدافع مسيحيّة عن ختان الذكور بينما اليهوديّة تسكت؟ هل الكنيسة تلعب دوراً كبيراً في سويسرا؟ وأجبتها لتعزيتها بأن المسيحيين في هذا البلد باعوا أنفسهم للشيطان.

--------------------------------------
كتبي: http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14
كتابي عن الختان http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131
طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315
موقعي http://www.sami-aldeeb.com
مدونتي http://www.blog.sami-aldeeb.com
عنواني [email protected]



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جماعة الإخوان الحمير
- لا تزعجونا بصلاتكم وصيامكم
- جريمة الختان 131: التمييز بين ختان الذكور وختان الإناث جريمة
- جريمة الختان 130: سكوت المشرّع عن ختان الذكور
- جريمة الختان 129: منع المشرع الدولي ختان الإناث
- علماء دين مغاربة اغبياء يرأسهم ملك المغرب
- جريمة الختان 128: منع ختان الذكور في العصور الحديثة
- جريمة الختان 127: منع ختان الذكور في العصور القديمة
- هل نمنع الكتب المقدسة؟
- جريمة الختان 126: علاج الآثار النفسيّة للختان
- دين تحت التجربة وبالمزاد العلني
- جريمة الختان 125: الأساليب الأخرى في توصيل المعلومات
- جريمة الختان 124: اسلوب الجد في توصيل المعلومات
- جريمة الختان 123: مكافحة الختان من خلال الدين
- جريمة الختان 122: الختان والحروب
- جريمة الختان 121: الدراسات الشاملة لمكافحة هذه الجريمة
- جريمة الختان 120: الختان والحلقة الجهنمية
- جريمة الختان 119: الختان والعنف الإجتماعي
- أكثر من مليون زيارة لصفحتي في الحوار المتمدن
- هل هناك امكانية لإصلاح الإسلام وكيف؟


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 132: عدم وجود سبب للتمييز بين ختان الذكور والإناث