أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد الحمّار - فكرٌ بديل بلا بُدلاء، ومدرسة بلا علماء؟














المزيد.....

فكرٌ بديل بلا بُدلاء، ومدرسة بلا علماء؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4071 - 2013 / 4 / 23 - 20:23
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


إنّ النخب المفكرة والسياسية في مجتمعاتنا العربية الإسلامية مسترسلة في السير على طريق منهجي معوجّ. وآخر المستجدات على هذه الحلبة (مع أننا شكر من دعانا للحضور ونقدر جهوده ونشجعه) هي إقامة ملتقى بعنوان" نحو فكر إسلامي بديل" (تونس في 13-4-2013). أما ما يثبت صفة الاعوجاج بخصوص مثل هذه الملتقيات والندوات فهو التئام نقاش حول الفكر "البديل" دون حضور "البدلاء". وهي ذروة الأزمة المعرفية التي نعيشها.

ما من شك في أنّ مجتمعاتنا تلحّ اليوم على طلب "قراءة معاصرة للإسلام" وعلى تعدد مثل تلك اللقاءات. وهذا مما يستبطن أساسا رغبة هذه المجتمعات في الحصول على تصورات لنمطٍ راقٍ للحياة ولحقوق الإنسان وللحقوق المدنية ولوضعية المرأة ولغيرها من مكونات المجتمع العصري. إلا أنّ المشكلة هي أنّ استجابة النخب لهذا المطلب المستعجل كانت دوما مُجانبة للحاجة الحقيقية التي تسند الرغبة المجتمعية في التمتع بـ"قراءة معاصرة". وتتمثل المُجانَبة في كون هذه النخب لا فقط تمتنع عن تعليم المجتمع كيف "يصطاد السمكة" فـ"تعطيه سمكة"، وإنما الأخطر من ذلك أنّ"السمكة" المعطاة هي سمكة ميتة بمعنى أنها اصطيدت وهي في حالة موت (وهذا صنيع غير طبيعي، إذ إنه كان بالإمكان أن يكون طبيعيا لو أنّ السمكة اصطيدت وهي على قيد الحياة ثم ماتت على إثر اصطيادها).

صحيح أنّ المفكرين الدينيين والمفسرين والمجتهدين يحاولون تزويد الفرد والمجتمع المسلم بتصورات ورؤى ونماذج للحياة لكن هذه الأخيرة أضحت موادا غير صالحة للعصر، وذلك بسبب أنها لا تدمج الفرد والمجتمع في عملية التصور ثم الصياغة حتى يكون التطبيق مستطاعا وسهلا. و إدماج المسلمين في هذه العمليات بات ضروريا اليوم لأنه متناسب مع المدّ الإنساني التحرري أي مع روح العصر المطبوعة بقيم الحرية والديمقراطية تحديدا.

بدءً بالأصولية الدينية ومرورا بما يسمى بالفكر الوسطي وانتهاءً إلى الغلو الدهري والنُّفاتي، ترى معظم طروحات هؤلاء تتسم بالاستبداد العلمي، إن جاز التعبير. وهو استبداد مشابه لما أسماه بعض مفكرينا الكرام بالاستبداد الديمقراطي (عصمت سيف الدولة). وهو حجة على جهل النخب بما يريده المجتمع أكثر منه حجة على جهل المجتمع. إنه الجهل المنهجي، وهو نابع من الخلل المعرفي.

وللشروع في تصحيح هذه الرؤية الايبيستيمولوجية المنحرفة لا بدّ أولا وبالذات من صوم النص الديني والإمساك عنه وادخاره بِنيّة الرجوع إليه عند الاقتضاء (من طرف الأصوليين وأيضا من طرف الدهريّين على حدٍّ سواء) عوضا عن امتطائه كحجة للاستبداد بواسطة تفسيرات وقراءات مسقطة، من طرف أولئك وهؤلاء، على مجتمع راغب في التعلم لا في الخنوع للإسقاطات.

وصوم النص يعني الكف عن احتكار التفكير الديني من قِبل من درسوا العلوم الشرعية، مما يستوجب اللجوء إلى خدمات الفئات المتعلمة من ذوي الاختصاصات كافة كلما كانت هنالك ندوة أو ملتقى حول المسألة الدينية أو التفكير الديني (ونقترح في هذا الباب اجتناب كلمة "إسلامي" للحديث عن فكر المسلمين لمّا يكون المتحدث منتميا إلى ثقافة المسلمين). فالنخب المتعلمة تعليما عصريا هي التي تعرف أفضل من سواها كيفية "اصطياد السمك". هُم البدلاء الشرعيون عن المشايخ "رجال الدين". وإذا التقى العرفان الحديث مع العرفان الديني يحصل الإبداع.

إنّ المجتمع التونسي، مَثلُه مَثَل المجتمع العربي الإسلامي بأكمله، مقتنع كل الاقتناع بدينه (مسلمة نقتبسها عن مالك بن نبي ونتبناها). لكن ما ليس المجتمع مقتنعا به هو القدرة على تفعيل الدين الحنيف بواسطة المعارف والعلوم المعاصرة (وهذه قناعة للطاهر الحداد صادفت أن تكون قناعتنا أيضا). فإذا كانت النخبة نفسها فاقدة لهذه الاستطاعة (التي أسماها الحداد "حياة التفكير") فكيف يتجرأ عاقلٌ على اتهام الإسلام، معاذ الله (كما يفعل المغالون بالحداثة)، أو الحداثة (كما يفعل الأصوليون والإسلام السياسي)، أو المعارف والعلوم الحديثة نفسها (كما يفعل الكثير من الأصوليين ورموز وتابعي الإسلام السياسي)، ناهيك اتهام المجتمع بعدم الاكتراث بعمل النخب والحال أنّ هذه الأخيرة تكرس الانقسام بين "فكر حداثي" و"فكر إسلامي" وبين هذا الأخير و"الفكر" تحديدا؟

من هنا نتخلص إلى التشديد على أنّ عدم استطاعة النخب والعامة على الربط بين فهم الإسلام وتفسيره من جهة (وهو من باب المحصول الحاصل)، وتطبيقه من جهة ثانية (وهو ما يستدعي الكفاءات البشرية كافة والاختصاصات كافة) من جهة ثانية، هي بؤرة الجهل.

وبالتالي فمن باب أولى أن يشكل اكتساب هذه الاستطاعة محورَ العملية التربوية والتعليمية مستقبلا. فالمدرسة التي لا تُعلم الناشئة كيف "يصطادون السمكة" وهي حية ترزق ليست مدرسة بقدر ما هي تكريس للفناء المعرفي والعلمي والمنهجي. وللغة دور كبير في ترسيخ السلوك الضروري لتمَلّك ذلك المنهج التطبيقي، في المدرسة وخارجها، و بالتالي في صياغة البديل في الفكر.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس: طبيعة الإصلاح التربوي وأجزاؤه
- إلى وزير التربية في تونس: كلا، يتوجب البدء في الإصلاح من الآ ...
- هل باستطاعتنا إنجاز الاختراق الحضاري؟
- تونس:اللغة الفرنسية تستبيح .. ثم تستغيث
- تونس: حتى لا يكون الإصلاح التربوي استمرارا للتجهيل
- تونس: السياسيون لا يفقهون في خطاب التحرر
- تونس: هل النهضة ستبقى النهضة؟
- تونس: حكومة بلا فكرة محركة؟
- تونس: أية حكومة جديدة في ظل فكر سياسي جامد؟
- هل عادت تونس إلى المربع الثوري الأول؟
- رحيل بلعيد والحاجة لحكومة تصلح الدولة قبل المجتمع
- استشهاد شكري بلعيد أو المنعرج نحو بناء الدولة التعددية
- المبادئ الأساسية لتعريب الحداثة
- الإعلام المحلي يقود تونس إلى الكارثة
- تونس: برنامجنا للإصلاح التربوي والعام
- تونس: حتى لا تكون التربية على المواطنة صفقة خاسرة
- تونس: منهجية الإصلاح متوفرة فماذا تنتظر وزارة التربية؟
- على -اتحاد تونس- استهواء أنصار النهضة وإلا فالفشل
- تَعرَّينا...
- شعب تابعٌ لنخب مهووسة بانتقاد السلطة


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد الحمّار - فكرٌ بديل بلا بُدلاء، ومدرسة بلا علماء؟