أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طيب تيزيني - العرب بين السياسة والدين














المزيد.....

العرب بين السياسة والدين


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4071 - 2013 / 4 / 23 - 08:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تتسع دائرة الحديث، في المرحلة الراهنة المعيشة، عن الإسلام، وذلك في سياق الصراع المحتدم القائم في العالم العربي، خصوصاً منه في بلدان الربيع العربي؛ هذا دون بقاء بقية بلدان ذلك العالم العربي منعزلة عنه أو بعيدة. هذا الصراع يجد أحد مصادره في التاريخ الإسلامي العربي، خصوصاً ما ظهر منه في العصر الحديث بمصر تحديداً. وعلينا الآن أن نحدد الدلالة الأولية، التي يُراد لها أن تكون الضابط الأوّلي بينهما. فالأول منهما هو ذلك البناء الإسلامي التأسيسي الأوّلي ببنيته ومبادئه الأولى.

وهذا لا يتغير، فهو ثابت. أما الثاني منهما (أي الإسلام السياسي) فهو قراءة للإسلام في ضوء السياسة المتغيرة والقائمة على "تدبير شؤون البشر"، في الأصقاع والبلدان المتعددة. وهذا يتغير، بل هو قائم على التغير المطّرد؛ فهو متحرك ومتحول. وإذا كان الإسلام الثابت - المطلق قد أتى من مصدر مطلق هو الذات الإلهية، وكان مجيئه معروفاً للقاصي والداني، فهو إذن قد أتى مرة واحدة على يد آخر الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، فإن الإسلام السياسي (أي المتغير) قد أسسه في العالم العربي حسن البنّا قبل عدة عقود.

ويبقى أن نشير إلى نقطة أخيرة هي أن البشر إذ يتناولون النصوص الدينية، فإنهم ينطلقون، بالضرورة الإنسانية المجتمعية من مرجعيتين اثنتين، واحدة معرفية، وأخرى مجتمعية مصالحية، أي من الناس بوصفهم بشراً ذوي بنى معرفية معنية وذوي مصالح اقتصادية وعائلية إلخ.

التحدث باسم الإسلام يقوم على الحركة والتغيّر والتأويل، وبأنه لا يمكن أن يكون ثابتاً ومطلقاً وبالتالي ملزماً. وثمة ملاحظة على هامش ما وصلنا إليه، وهي إن قارئ النص الإسلامي المقدس، حتى هنا وبحسب التكوين البشري الذاتي، تظل قراءته - في بنيته الخفية - خاضعة لدرجة من الفهم المؤوّل.

ذلك كله يضع المسلمين وقراء النص القرآني أمام ضرورة النظر إلى قراءتهم بوصفها حالة نسبية ومتحركة وفق تعدد القراءات؛ مع الحفاظ على المعاني القرآنية الكبرى اعتقاداً وتربية. أما من يعتقد أنه قادر على إلزام الناس بقراءة واحدة يأخذ بها هو، فهو يظهر مخالفاً للنص المقدس. وهذا ذاته يعني ما أتى في القرآن الكريم من القول الحكيم: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ". فهو لم يشأ، فظل الأمر مفتوحاً. والنتيجة الأكثر حسماً ها هنا تتمثل في أن من يخلط بين المقدس والعادي، يرتكب خطأ بالغ الدلالة. فالسياسيون في مصر وسوريا وبلدان أخرى حين يطابقون بين ممارساتهم السياسية وبين والمقدس الديني، فهم يطمحون إلى القول بأن "سياستهم الدينية" هي مطابقة لذلك المقدس. ومن ثم، من يستنبط سياسته تلك من المقدس ويماهي بينهما، فإنه يمنح سياسته طابع القداسة، بحيث يظهر من يرفض هذه السياسة، فكأنما هو يرفض المقدس ذاته تماماً؛ وهذا خطل فاضح.

ننتهي من ذلك كله إلى أن الحامل الاجتماعي والسياسي والثقافي لرجال ونساء الثورة السورية، وإن كان قسم كبير منهم ينتمي إلى الإسلام، فإنهم في ذلك يعلمون أنهم ينتمون لدين قائم على تلك المبادئ والملخصة بأنه دين وسطي يلح على التعددية واحترام الآخر. أما ما يبرز الآن من خطاب ديني شمولي وتكفيري تمثله فئة دينية متشددة هي فئة "النصرة"، فمعظمه، أولاً، لا ينتمي إلى مقاتلين سوريين، وبعضه يعبر عن حالات صنعها الغرب والداخل العربي نفسه ثانياً. وإذا كان ذلك ما يتصل بسورية، فإن الذي يعلنه النظام المصري جهاراً و خفية من أنه يسعى إلى بناء "دولة خلافة إسلامية"، إنما هو أمر يخرج عن النسق الإسلامي الحاسم والقائم على التعددية أولاً، ويعيش في غربة قاتلة مع روح الحداثة والعقلانية والديموقراطية والتنوير، التي تحتاجه مصر وسوريا والعالم العربي كله ثانياً. ويبقى الأمر بحاجة إلى مزيد من البحث العلمي في مرحلة عربية لعلها الأكثر خطورة وإشكالية.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرئيس المستقيل من حزبه
- الإصلاح «المغلق»
- سوريا... إلى أين؟
- الثورة السورية... إلى أين؟
- الانتفاضة السورية والسياسة
- عامان وبداية عصر جديد
- الحوار السياسي
- نكسة «نصرالله»
- قانون الاستبداد الرباعي!
- استراتيجية «الزمن التاريخي»
- عار اغتصاب النساء
- الثورة لا تتوقف عند السلطة السياسية
- العدالة العقلانية فوق الثأرية
- نقد أدونيس للثورة السورية
- النفق السوري المظلم
- الفكر السياسي و-الثورة-
- -الثورة السورية- والفكر السياسي
- هل المقاومة في صراع مع الثورة؟
- الثورة السورية في عيون المُناهضين
- سوريا بين الأقليات والأكثرية


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طيب تيزيني - العرب بين السياسة والدين