أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد القمني - فصل المقال فيما بين القانون والشريعة من انفصال















المزيد.....


فصل المقال فيما بين القانون والشريعة من انفصال


سيد القمني

الحوار المتمدن-العدد: 4070 - 2013 / 4 / 22 - 16:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أهدي هذا الموضوع إلى باحث كبير وأستاذ قدير وفارس في ميدانه، وإنسان يتمتع بنبل من لون فريد وتكامل نفسي نادر المثال..

إلى الأستاذ الدكتور كمال مغيث..

يقول فقيه الزمان الأستاذ (يوسف قرضاوي) إن الشريعة شأن والقانون الذي يتم تشريعه بالمجالس النيابية البشرية شأن آخر، ويرفض بوضوح تشريعات المجالس البشرية؛ لأنها وضعية ولا يرى تشريعًا صالحًا سوى ما جاءت به الشريعة الإسلامية، ويشرح ذلك في كتابه (الشريعة: ص 28، 29/ طبعة مكتبة وهبة) بقوله: "إن الاختلافات الأساسية بين الشريعة والقانون هي من عدة وجوه: الوجه الأول أن القانون من صنع البشر أما الشريعة فمن عند الله، وكل من الشريعة والقانون يتمثل فيه بجلاء صفات صانعه، فالقانون من صنع الشر ويتمثل فيه نقص البشر وعجزهم وضعف حيلتهم؛ ومن ثم كان القانون عرضة للتغيير والتبديل أو ما نسميه التطوير... فالقانون ناقص دائمًا، ولا يمكن أن يبلغ حد الكمال ما دام صانعه لا يمكن وصفه بالكمال... أما الشريعة فصانعها هو الله... لا تبديل لكلمات الله... إن الله وضع الشريعة الإسلاميه قانونًا ثابتًا كاملاً لتنظيم الأفراد والجماعات والدول". وهو كلام عليه أكثر من مأخذ وأكثر من ملاحظه.

إن الأستاذ قرضاوي لا شك يعلم أن كلمات الله قد طالها التبديل والنسخ والرفع والمحو والإنساء (ما ننسخ من آيه أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) [106- البقرة]، (وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر) [101- النحل]، (يمحو الله ما يشاء ويثبت) [39- الرعد]. وهو ما يعني بداية أن القرآن، الذي هو أبو الشريعة ومنبع الدين، قد تغير وتبدل؛ استجابة لمتغيرات الواقع على الأرض زمن الدعوة.

وهو ما يعني أيضًا أن الوحي لم يحاول استكشاف السنوات الـ23 التالية ليضع لها الشريعة الملائمة دفعة واحدة في بداية الدعوة، لتعريف الناس بها جامعة واضحة؛ حتى ينضبط سلوك الصحابة حسب أوامر الشريعة، فقد تتالت الآيات وتواترت منجمة ومفرقة تنسخ بعضها بعضًا وتمحو بعضها بعضًا، وتبدل بعضها بعضًا، وترفع بعضها وتنسى بعضها.

ورغم علم الأستاذ الفقيه، الذي لا نشك في علمه وفقهه، فإنه يقول في ذات الكتاب (ص 28، 34): "إن القانون قواعد مؤقتة تضعها الجماعة اليوم ومتخلفة عن الجماعة غدًا.. تستوجب التغيير كلما تغيرت الجماعة، لكن الشريعة قواعدها دائمة لا تقبل التغيير والتبديل". بينما صدق القول هو أن قوانين الشريعه ظلت غير معلومة بوضوح للصحابة وللتابعين بشكل محدد كامل قاطع، بل اتضح أنها لم تكتمل يومًا، بدليل الاستكمال الذي تم في العصر العباسي على يد كوكبة الفقهاء، الذين رتب كل منهم أوراق الشريعة وأحكامها على طريقته، وعلى خلاف مع بقية زملائه الذين عاصروه أو سبقوه، وعلى غير انتظام بين المذاهب؛ مما أدى إلى تباعدها واختلاف الأفهام حولها.

لقد استمر تشكيل الأسس الأولى للشريعة على مدى 23 سنة هي عمر الوحي، ولم تكتمل، وقد بدأ عملية الاستكمال الخلفاء الراشدون بقرارات اتخذها كل منهم حسب تقديره وبضميره الشخصي وبحدود فهمه وحسب ظروفه وظروف الواقع في زمنه؛ فأوقفوا حدودًا، وأضافوا حدودًا، وألغوا فروضًا، وحرموا حلالاً، فأوقف عمر تطبيق حد السرقة عام الرمادة، وألغى فريضة إسلاميه مقررة بالأمر المباشر بالقرآن بإلغائه فريضة "المؤلفة قلوبهم"، وحرم متعتين كانتا حلالاً هما متعة الحج ومتعة النساء.

ولم يأت القرن الرابع الهجري حتى تحولت أحكام الشريعة التي تعد على أصابع اليد الواحدة إلى ألوف الأحكام، ووصلت إلى ما يزيد على ثنتي عشرة ألف مسألة، فكانت ماكينة تشريع لا تتوقف ولا تكتمل، فأصبحت أكبر قانون عرفه العالم. ورغم ذلك ظلت الشريعة الإسلامية غير مكتملة، واستمر سيل الفتاوى ينهمر على رءوس المسلمين، حتى وصل -بحسابات دار الإفتاء المصرية- إلى ما يزيد عن ألف فتوى يوميًّا زمن غير المأسوف عليه الأستاذ علي جمعة.

وبعد وفاة النبي تسبب عدم اكتمال الشريعة في ذبح الصحابة والتابعين بعضهم بعضًا في مجازر مخزيه لرتبة الإنسانية؛ لأنها لم تحدد تحديدات قاطعة الأخطاء المطلوب تجنبها والعقوبات المطلوب توقيعها؛ فحدثت الفتنة الكبرى وتبعتها الفتن الأكبر. وقد وقعت الأولى الكارثية زمن الخليفه عثمان، الذي أخذ ما شاء من بيت المال ليوزعه على أهله وأقاربه، وزين حريمه وجواريه بالدر والجوهر والذهب المنهوب من البلاد المفتوحة، وكما يفعل اليوم الرئيس محمد مرسي، وزع عثمان المناصب السيادية على أهله وعشيرته من بني أمية؛ لأنه لم يجد نصًّا يحرم ذلك أو يجرمه ويعاقب عليه، ففعله وهو موقن أنه لا يأتي معصيه ولا يرتكب إثمًا، فقتله الصحابة وأبناء الصحابة وهو على سجادته يصلي ببيته ويقرأ القرآن؛ لأنه لم يعطهم مثلما أعطى أهله وليس لأي سبب ديني؛ لأنه لو أدخلنا الدين سببًا، ولو أخذنا بقول أم المؤمنين عائشه "اقتلوا نعثلاً فقد كفر" لتمت إدانة الخليفة والصحابة معًا.

وكان الأغرب في ذلك الحدث الرهيب أن الذين قتلوا الخليفة لم توقع عليهم أية عقوبة؛ لا لسبب سوى أنهم كانوا صحابة وأبناء صحابة. وظهرت بعدها مسألة تحاول الإجابه على السؤال: هل يعد الخروج على الحاكم (الإمام) حلالاً أم حرامًا، لتنتهي إلى تحريم وتكفير من يخرج على حاكم لم نر منه كفرًا بواحًا. فعبرت الفتنه الكبرى عن وضع الشريعة القاصر وآليات تنفيذها غير المحكمة، واختلافها في تطبيق الحدود حسب الرتبة الاجتماعية بين الصحابة، أو بين الرعية، سيد أو عبد، ذكر أو أنثى، فتفاوتت قرارات الخلفاء الراشدين الأربعة، ولو كانت الشريعة كاملة ما ازدحم التاريخ الإسلامي بصراع الفرق الدموي، وصراع الخلفاء وانقلابهم على بعضهم البعض بحجة الكفر والزيغ عن صحيح الإسلام، واستمر الصراع حتى اليوم دون أن تقدم لنا فرقة واحدة من الفرق ما هو صحيح الإسلام الذي يرضي الجميع لإيقاف عمليات الذبح والجزارة.

يُفترض في التشريع أن يوجد قبل وقوع الحدث ليكون حاكمًا له وعليه، وليكون معلومًا للناس، دون اختلاف أو تناقض، بما يؤدي لتحقيق العدل عند التطبيق بينما التشريع الإسلامي كان يأتي تاليًا لوقوع الحدث، فكان النبي والصحابة على غير معرفة بالشريعة وقوانينها لمجيئها على دفعات تلغي التالية ما قد سلف، وأوامر ونواهٍ تأتي بغتة عند وقوع حدث جديد لتنسخ القديم، ومع طريقة جمع المصحف العثماني، الذي اختلط فيه الناسخ بالمنسوخ دون ضابط أو رابط، وصل التضارب بين أحكام الشريعة إلى حد التضارب التام والكامل، فلا تعلم هل نحارب ونقطع كل بنان أم نجنح للسلم؟ وهل التوراة والإنجيل فيهما هدى ونور وفيهما حكم الله، أم هي كتب مُحرفه كفر أهلها فوجب قتالهم؟!

كانت صورة المستقبل في الفترة المكية غير واضحة؛ فمارس النبي الفعل ورد الفعل حسب متغيرات الواقع، فيأتي التشريع بعد وقوع الحدث، ويقوم المسلم أولاً بالفعل، ثم يذهب ليسأل النبي عن حرامه من حلاله، ليقوم النبي بدوره باستخبار جبريل عن القانون الجديد، واستمر هذا الوضع طوال عهد الدعوة وما بعده وحتى اليوم؛ لذلك لا ترى المسلم يضع خططًا مستقبلية؛ فعلم المستقبل عند الله، ولا يعرف النظريات الشاملة كما كان موجودًا من قرون عند المصريين والرافديين، أو كما كان عند أرسطو أفلاطون وسولون وغيرهم. وهو الأمر الذي ظل مؤرقًا للمسلمين حتى اليوم، فيقوم المسلم بالفعل أولاً، ثم يذهب بعده إلى الفقيه ليسأله فيفتي دون أن يكون جبريل مُتاحًا لكل مُفتٍ؛ ومن ثم لم يحمل المسلمون أي نظرية مستقبلية سوى فتح بلاد العالم.

كان الصحابة لا يعرفون ما هو المطلوب منهم غدًا، وهل سيكون حسب شرائع الأمس أم حدثت تغييرات؟ الخمر يوم حلال ويوم حرام، والمتعة يوم حلال ويوم حرام، وحتى اليوم لدى المسلمين سيل تشريعي لا يتوقف، فكان القرآن مُشرعًا أول، ثم أبو بكر مُشرعًا ثانيًا، ثم عمر مُشرعًا ثالثًا، ثم عثمان مُشرعًا رابعًا، ثم عليّ مُشرعًا خامسًا، بل إن قواد الجيوش كانوا يشرعون حسب الموقف، وحسبما يرى عقلهم، كما كان يفعل خالد بن الوليد إبان فتوحه البلدان. كان كل مسئول مشروعًا قانونيًّا مستقلاًّ يختلف عن سابقه وعن لاحقه، وهو ما يضع المُنظر الإخواني فقيه الزمان (الأستاذ قرضاوي) موضع الكذوب الأشر فيما قال عن كمال الشريعة مقارنة بقوانين المجالس النيابية القاصرة والناقصة لتغيرها وتطورها.

الغريب أن يقول قرضاوي قوله القاطع: "ليس هناك فعل لمكلف يمكن القول إنه خارج دائرة الشريعة، فأي عمل يعمله المكلف لا بد أن الشريعه تقول لك هذا حرام وهذا حلال، وهذا فرض أو مستحب أو مكروه.. عندنا فقه اسمه السياسة الشرعية، وفقه العبادات، وفقه الأسرة، وفقه الجرائم والعقوبات، وفقه المواريث، والفقه الدستوري، وفقه العلاقات الدولية، وفقه الجهاد والسلم والحرب (حلقتان بعنوان الدين والسياسة على قناة الجزيرة). وهو نفسه من يقول في كتابه (ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده/ ص 167): "وآيات الأحكام التشريعية لا تبلغ عشر آيات في القرآن".

ولو سألنا عن سبب هذا الاتساع الهائل في شريعة جاءت في عشر آيات إلى مئات ألوف الأحكام؟ يجيبنا قائلاً: "هناك قطعيات في الشريعة والنظم وقطعيات في الأخلاق والآداب، وما عدا القطعيات من أحكام وأنظمة فإنه لم يترك لعبث الأهواء: بل هناك أصول وقواعد أئمة الإسلام في أصول الفقه وأصول الحديث وأصول التفسير" (نفس المصدر).

وهكذا نجد الشريعة لا تزيد عن خمسة أحكام وردت في عشر آيات بينها متكررات، ثم تم الإضافة إليها مئات ألوف الأحكام وضعها أئمة الإسلام، وهم بدورهم لم يكونوا على اتصال بجبريل، فتكون الشريعة والحال كذلك وضعية بشرية. ويكون القانون البشري هو الأكمل والأقدر على حل مشاكل الناس والمُعبر عن الصالح العام للمجتمع؛ لأن المجتمع هو من وضعه لنفسه عن رضا واقتناع عبر نوابه في تصويت شارك فيه الجميع.



#سيد_القمني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع ومستقبل الأقليات في الفقه الإخواني
- شهادة زمن ما قبل التمكين (2-2)
- شهادة زمن ما قبل التمكين (1-2)
- وعادت لمصر شمسها الذهب
- الإخوان هم النسل النقي للهكسوس - العزف مع حركة -كتالة- النوب ...
- العزف مع حركة -كتالة- النوبية (3)..الإخوان وإعادة فتح مصر
- العزف مع حركة كِتالة النوبية (2)…. الإخوان وأهلنا في النوبة
- العزف مع حركة -كتالة- النوبية - 1 -..إبراهيم الأبيض
- قليل من الفلسفة يصلح العقل ويحفظ الوطن ( مابين العدل الإلهي ...
- الأديان ليست مهمتها صنع النظريات العلمية
- صدى الغزوات الإخوانية والسلفية في تاريخ الخلافة الإسلامية
- دستور الإخوان ... ملاحظات منهجية
- كهنة دولة الظلم
- الكهنوت الاسلامي يسرق الدين
- ديمقراطية… “بلقيس”؟!
- البنوك الربوية هل هي ربوية؟
- الإسلام هو الحل
- البنوك الإسلامية… هل هي إسلامية؟
- دولة الاستعباد التام أو الموت الزؤام
- دروس من زمن النبوة


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد القمني - فصل المقال فيما بين القانون والشريعة من انفصال