|
التدخل العسكري الانساني وسيادة الدول
ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك
(Majid Ahmad Alzamli)
الحوار المتمدن-العدد: 4070 - 2013 / 4 / 22 - 14:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التدخل العسكري الانساني وسيادة الدول شكلت الأحداث الدولية والإنسانية الكبرى على امتداد التاريخ البشري المعاصر محطات حاسمة في تأريخ مراحل وتطور العلاقات الدولية، كما هو الشأن بالنسبة للحربين العالميتين: الأولى والثانية وانهيار الاتحاد السوفييتي..، وذلك بالنظر للآثار الكبرى في إعادة ترتيب الأوضاع في الساحة الدولية. وإذا كانت الحرب العالمية الثانية قد شكلت مرحلة حاسمة في إعادة صياغة الأوضاع الدولية, عبر بناء نظام يسمح بالمحافظة على مصالح الدول المنتصرة في هذه الحرب، فإن نهاية الحرب الباردة إثر سقوط الاتحاد السوفييتي ما تلاها من متغيرات دولية متعددة و متسارعة، أسهم بشكل كبير في بروز مفاهيم وقضايا وأولويات دولية لم تكن معهودة في السابق، وهو الأمر الذي جعل القانون الدولي يوضع محل تساؤل، بعدما راكمت الممارسة الدولية مجموعة من السوابق التي تصب في مجملها باتجاه خرق العديد من مبادئه وتشير إلى بلورة مفاهيم جديدة تشكل في مجملها ثورة على العديد من المفاهيم والضوابط التقليدية. ومن ضمن أهم المبادئ التي تأثرت بفعل هذه الظروف، مبدأ "عدم التدخل" في الشؤون الداخلية للدول، الذي شكل ركيزة أساسية لحماية شخصية وسيادة الدول من كل تهديد اواعتداءخارجيين وهذا ضمن وهو ضمن المبادئ القانون الدولي والتي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة ومعظم مواثيق المنظمات الدولية والإقليمية . وإن تعددت أشكال التدخل وأطرافه عبر الفترات المختلفة من تاريخ العلاقات الدولية، فإن أكثر أشكال التدخل إثارة للنقاش في الآونة الأخيرة، هو التدخل في الشؤون الداخلية للدول لاعتبارات إنسانية، وقد أخذ هذا النمط شكل النزعة الإنسانية المسلحة المتجسدة في بعث جيوش متعددة الجنسية لفرض احترام حقوق الإنسان في دول مختلفة ( التدخل العسكري الإنساني)، وطرح البعض قضية التدخل الإنساني على أساس أنها ليست تدخلا لهذه الدولة في الشأن الداخلي لتلك الدول، بقدر ما هي شعور متنام بالمصير المشترك لكل بني الإنسان. وفي المقابل رأى البعض الآخر أن التدخل الإنساني ما هو إلا عملية تبريرية توفر غطاء الشرعية الدولية لتدخل الدول الكبرى - وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية- في الشؤون الداخلية للدول الصغيرة، مما يعد انتهاكا لمبدأ السيادة الوطنية، وبذلك فالتدخل العسكري الإنساني لا يخرج عن كونه معيارا من معايير علاقات القوة التي تحكم الأوضاع الدولية، مما يفسر ثغرات تطبيقه وطابعه الانتقائي والازدواجية التي تحكمه حتى ولو كان له غطاء أخلاقي جذاب. ومن ثم فإن الفجوة العميقة التي أوجدها الجدل حول التدخل العسكري الإنساني، بين مؤيد ومعارض، تكشف عن عدم وضوح وتمييز – لحد الآن- بين التدخل الإنساني بمفهومة الأساسي القائم على أساس نصوص القانون الدولي، وبين محاولات إملاء الإرادة وتغيير أنظمة الحكم بالقوة أو فرض سياسات معينة على دول معينة. يحدث هذا في ظل اتساع الاهتمام الدولي بحقوق الإنسان، وازدياد الاتفاقيات الدولية المتعلقة بها وازدياد عدد الدول المنظمة لها، مما يجعل البحث عن سبل ضمان هذه الحقوق وحمايتها، حتى باستعمال القوة العسكرية، أحد أكثر الموضوعات اهتماما في العلاقات الدولية. وإثر التحولات السياسية والفكرية التي عرفتها خاصة أوربا وأمريكا والتي آلت إلى إصدار وثيقة استقلال المستعمرات الأمريكية عام 1776 ، وإعلان حقوق الإنسان والمواطن في فرنسا 1789 ، وبذلك تدعمت حقوق الإنسان باعتباره فردا طيلة القرنين التاسع عشر والعشرين على المستويين الوطني والدولي وتم تتويجها بإصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر عام1948للإعلان العالمي لحقوق الإنسان السياسية والفكرية ,وبعد الثورة الصناعية هذه الثورة التي بينت بجلاء أن الإنسان إضافة إلى كونه فردا يتمتع بصفته بحقوق فردية وسياسية، فهو طرف في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يتمتع بعدد من الحقوق ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، كالحق في العمل، والحق في المسكن، والحق في الرعاية الصحية والتعليم، ودور الدولة في هذا الإطار هو دور ايجابي، فهي مطالبة بتحقيق هذه الحقوق . وقد بدأ هذا التصور الإضافي لحقوق الإنسان يبرز شيئا فشئيا منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وتأكد خاصة اثر الحرب العالمية الثانية، فأخذت به العديد من الدول، وكان بذلك منطلقا لإصدار العديد من النصوص الدولية ومنها خاصة العهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية عام1966 وجاء الجيل الثالث لحقوق الإنسان مؤكدا على بعد جديد فيها، وهو ضرورة التضامن بين البشرية جمعاء. وتبنى الدعوة إلى التضامن على ضرورة الاشتراك في مواجهة التحديات التي تعترض الجنس البشري وهي تحديات يمكن ان تهدد بقاءه وعلى توحيد التطلعات التي يمكن أن تضمن له مزيدا من البقاء، وهذه الحقوق يرتبط بعضها بالفرد بينما يرتبط البعض الآخر بالجماعة، لكن ليس ضمن مفهوم الدولة القومية، وإنما ينصرف الاهتمام بها إلى سائر البشر متخطياً الدولة القومية ليشمل الإنسانية كلها، وهي حقوق وليدة التطور القانوني على المستوى الدولي، والمثال على هذه الحقوق الحق في السلام، والحق في بيئة نظيفة، والحق في التنمية، وهذه الحقوق تفرض دوراً ايجابياً على كل الأطراف المعنية وهي الشعوب، والحكومات، والمجتمع الدولي باسره. والثابت اليوم هو أن العالم يعيش تحولات عميقة تنعكس بصورة جذرية على حقوق الإنسان. يوضح تأمل القدرات العسكرية والاقتصادية للقوى الكبرى، وأدوارها في السياسة الدولية منذ سنة 1991أننا إزاء تحول بنيوي في النظام الدولي ذاته. وقد اختلف الدارسون حول تشخيص دلالة تلك التحولات،فقد ذهب البعض إلى أننا إزاء نظام عالمي جديد، وأن الأمر هو مجرد ترتيبات جديدة بعد الحرب الباردة، بينما أكد البعض أننا إزاء حالة من "اللانظام العالمي الجديد ، هذا بينما رأى بعض الدارسين أن البنيان العالمي الجدي يتسم بالقطبية الأحادية استنادا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تمارس في اللحظة الراهنة دورا قياديا في النظام العالمي في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي، وقد رفض فريق آخر من الباحثين هذا الرأي، وأكدوا أن النظام الدولي الراهن هو نظام انتقالي سيتجه سريعا إلى قطبية متعددة، وأنه بالأحرى قطبية تعددية قيد التشكل، كذلك سلم البعض بأن النظام العالمي الجديد هو أحادية قطبية ولكنها تتجه نحو التعددية في إطار هيكل قوة جديد قوامه الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوربي واليابان. وتتسم هذه المنظومة بوجود توافق استراتيجي له أبعاد سياسية واقتصادية وثقافية، تترجمها العولمة الراهنة وعلى هذا الأساس استأثرت العولمة كمفهوم وكظاهرة بالكثير من الانتباه والاهتمام، سواء على مستوى الدوائر العلمية الأكاديمية أو على مستوى المحافل العملية السياسية والدبلوماسية والاقتصادية وغيرها. وترجع أهمية ظاهرة العولمة إلى تباين أبعادها وتشعب آثارها وما تخلفه من آثار ملموسة على مختلف جوانب الحياة الإنسانية. وكان من شأن تلك الأهمية البالغة التي اتسمت بها العولمة، وذلك الاهتمام الكبير الذي حظيت به أن تعددت الدراسات التي عنيت بتحليلها وتبيان آثارها، كما تباينت التعريفات المعطاة لها. بتباين أصحابها ومجالات اختصاصهم. مفهوم العولمة: ينظر إلى العولمة من جوانب عدة ووجهات نظر متعددة، وساهم في تعريفها علماء من مجالات عديدة نذكر منها: العلاقات الدولية، علم الاجتماع، الجغرافيا، الاقتصاد، الأعمال وكذلك ما يعرف بالدراسات الثقافية. كل هذه المعطيات تشير إلى أنه لا ينبغي الاقتناع بتعريف واحد لظاهرة غير مستقرة ومتعددة المسارات، بل إنه أمر طبيعي أن يختلف الأفراد في فهم العولمة نظرا لاختلاف مواقفهم منها. يرى فريق من المعنيين بتعريف العولمة، أنها تشير إلى ازدياد كثافة التفاعلات والعلاقات فيما بين الدول على المستوى العالمي . أن العولمةهي تكثيف للعلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية عبر الحدود .Holm و Sorensenوفي هذا الإطار يرى كل أما أنتوني جيدنز وهو أبرز علماء السوسيولوجيا في الوقت الحاضر فيقول أن" العولمة هي تكثيف العلاقات الاجتماعية الممتدة على نطاق العالم أجمع، والتي تربط محليات متباعدة بحيث أن الأحداث المحلية تكيفها أحداث تصدر على بعد أميال وكذلك العكس. وفي السياق ذاته تعرف العولمة" بالعملية التي من خلالها تصبح شعوب العالم متصلة ببعضها في كل أوجه حياتها، ثقافيا، اقتصاديا، سياسيا، بيئيا. ويعرف الدكتور إسماعيل صبري عبد الله العولمة على أنها التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والسلوك، دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة أو الانتماء إلى وطن محدد أو لدولة معينة، ودون الحاجة إلى إجراءات حكومية . وهناك تعريف آخر قدمه الكاتب روبرتسون حيث يقول:" العولمة تشير إلى العملية التي من خلالها تزداد إمكانية رؤية العالم كمكان أوحد بالإضافة إلى الطرق التي تجعلنا في حالة وعي بهذه العملية . إن أهم ما تشترك فيه التعريفات السابقة هي الإشارة إلى أن حركة العولمة تؤدي إلى جمع مناطق العالم المختلفة والمتباعدة في بؤرة واحدة، وهذا ما يشار إليه عادة بالقرية الكونية، كما عبر عنها مارشال ماكلوهان أو بالجوارالعالمي، ونتيجة لذلك فإن الأحداث في بقاع معينة تأتي متأثرة بما يجري في الجانب الآخر من العالم. ويعرف صندوق النقد الدولي العولمة بأنهاالتعاون الاقتصادي المتنامي لجميع دول العالم والذي يحتمه ازدياد حجم التعامل في السلع والخدمات وتنوعها عبر الحدود بالإضافة إلى تدفق رؤوس الأموال الدولية والانتشار المتسارع للتقنية في أرجاء العالم كله. كما توصف العولمة في هذا الإطار بكونها عملية انتقال الرأسمالية الوطنية إلى رأسمالية عالمية، أو تطور الشركة الوطنية إلى شركة متعددة الجنسيات . ويرى المفكر العربي صادق جلال العظم أن العولمة تمثل:" حقبة التحول الرأسمالي العميق للإنسانية جمعاء في ظل هيمنة دول المركز وبقيادتها وتحت سيطرتها وفي ظل سيادة نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ". تؤكد هذه التعريفات - في مجملها- على دور الشركات متعددة الجنسيات، والتي تعتبر أحد مرتكزات العولمة، والتي يزداد دورها على المستوى العالمي يوما بعد آخر كما تبرز درجة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الإنسانية من خلال عمليات انتقال السلع لرؤوس الأموال وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات. ولكن هذه التعريفات في المقابل تتخذ موقفا محايدا من طبيعة هذا الارتباط المتبادل سواء أكان ناشئا عن علاقة متكافئة أم غير متكافئة. وإذا لاحظنا الواقع الراهن للعلاقات الدولية وتفاعلاتها المختلفة نجد أن العولمة تكرس الموقع المتميز للولايات المتحدة الأمريكية، وتعكس المشاركة الرئيسية للرأسمالية الأمريكية في ثورة المعلومات مما سمح لمنتجات الثقافة الأمريكية أن تروج وتنافس منتجات الثقافات الأخرى بشكل كبير، ومن ثم فالعولمة تعني بالضرورة الأمركة، إذا قصد بالأمركة أرجحية المساهمة الأمريكية في الإنتاج الثقافي المادي والمعنوي الذي يملأ وسوف يملأ الفضاء العالمي الجديد المنشأ بثورة المعلومات. لكن لا تعني الشعوب والطبقات جميعا إلى ثقافة أمريكية، أو تعميم القيم الأمريكية على جميع شعوب العالم. لأنه العولمة الأمركة إذا فهمنا من الأمركة تحويل ثقافات .بإمكان الثقافات أو كثير منها بلورة استراتيجيات فعالة للحد من هذه السيطرة (الأمركة) أو الالتفاف عليها أوالتعامل معها بطريقة تسمح لها بالاستمرار في البقاء والمشاركة في الإبداعات الحضارية. امتازت العولمة في بعدها الاقتصادي بالتحول إلى الأخذ بنظام اقتصاديات السوق، وتخفيف قبضة الحكومات على النشاط الاقتصادي، و الحد من التدخل الحكومي في تنظيم أو تقييد المعاملات الاقتصادية سواء المحلية أو الخارجية. فالدولة الوطنية كانت تسعى على الصعيد الخارجي إلى فرض نظام التمايز و تدويل الاقتصاد ؛ حيث كان التدويل يعني فتح الأسواق الوطنية فقط مع الحفاظ على الهوية، كما كانت المبادلات التجارية تتم على أساس الحماية و التعريفة الجمركية وقيود الصرف الأجنبي بالإضافة إلى حواجز أخرى. مما أعطى الدولة سلطة كبيرة في توجيه الأنشطة الاقتصادية و السيطرة عليها، خاصة بعد الكساد الكبير سنة 1929 م، الذي مهد السبيل لتدخل الدولة الوطنية في النشاط الاقتصادي، و دفع لأن يكون لها دور فعال في المجال الاجتماعي وهو ما برز في تجربة التدخل الحكومي في كثير من الدول الأوربية، وكان الكساد الكبير هو الأرضية التي أفرزت النظرية العامة "لكينز"، و التي تدعو إلى ضرورة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي باعتبارها العامل الموازن أو التعويضي لتقلبات هذا النشاط وأصبحت الوصفة الكينزية هي الأساس الذي بنيت عليه السياسات الاقتصادية في دول الغرب الرأسمالي. وقد استمرت مرحلة التدخل من جانب الدولة حتى السبعينيات من القرن الماضي. لكن هذه المرحلة سرعان ما تراجعت نسبيا تحت وطأة الأزمات المستعصية كالزيادة في معدلات البطالة ومعدلات التضخم التي عانت منها الدول الغربية الرأسمالية و على رأسها الدول الأوربية . فصعد نتيجة لذلك التيار الداعي إلى تقليص مساحة تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية إلى الحد الأدنى و الضروري. وأعاد أنصار هذا التيار إحياء فكرة اليد الخفية التي تحقق بشكل تلقائي التوافق بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة -كما قال آدم سميث- ونادوا بإطلاق الحرية الاقتصادية إلى أبعد مدى. وبناء على ذلك فقد دأب كثير من الباحثين و المفكرين على التأكيد أن عصر الدولة الوطنية قد انتهى وأن التحكم على المستوى الوطني لم يعد فعالا خاصة في مواجهة العمليات الاقتصادية والاجتماعية المعولمة فالعولمة تضغط على الدولة لفتح حدودها لنوع جديد من التنافس الحر تضعف فيه قدرة السلطة الوطنية على تطبيق القوانين الوطنية داخل تلك الحدود، وعلى التحكم في تدفقات و انسياب رؤوس الأموال التي أصبحت تتمتع بحرية الحركة على المستوى العالمي. وهو ما هيأ للسيطرة الأجنبية على المقدرات الاقتصادية للعديد من الدول وجعلها تحت رحمة الرأسمالية العالمية و الشركات متعددة الجنسيات. كما أدت عمليات أو سياسات الخصخصة إلى إضعاف القدرة الاقتصادية للحكومات الوطنية. فبعد تصفية القطاع العام لم تعد الحكومات قادرة على التأثير في حجم الطلب أو مستويات الأسعار أو حجم العمالة. ومن ثم فقدت سلطتها و سيطرتها على ملايين العمال و الموظفين الذين كانوا يعملون لديها ويدينون لها بالولاء. وهكذا يتضح أن العولمة قد هيأت لإضعاف الدولة اقتصاديا، حيث باتت عاجزة عن تلبية المتطلبات و الاحتياجات المتزايدة للشعوب، فضلا عن عجزها عن التدخل لحماية المصالح الاقتصادية الوطنية في مواجهة سياسات و ضغوط العولمة. ورغم هذا فإنه يجدر بنا أن نشير إلى كون مؤسسات العولمة لا تفكر في تحمل ما يحدث من تحولات وتطورات خارج نطاق مشروعاتها ومصالحها التي تخرج عن نطاق اختصاصها حتى أن قادة هذه المؤسسات هم أول من يطالب بتدخل الدولة إذا حدثت أي ضائقة اقتصادية أو صعوبة في ممارستها لأنشطتها. بالإضافة إلى مطالبتها بتقديم البنية التحتية والخدمات العامة التي تحتاجها الأعمال الاقتصادية بأقل تكلفة ممكنة. فبينما نجد حياة الفرد تتحول إلى العالمية نجد الفرد ذاته يسعى جاهدا لتعريف هويته وشخصيته اكثر ومن اللافت للانتباه أنه ظل الاتجاه نحو العولمة يتم في نفس الوقت الاتجاه الشديد نحو تحديد الهوية بطريقة أكثر صرامة من ذي قبل، و غالبا ما يعتمد هذا التعريف على العنصر المحلي مثل العرقية والاثنية .وجدير بالملاحظة أن العلاقات الدولية تشهد منذ عقد الثمانينات ومطلع التسعينيات أحياءا قويا للنزعات العرقية أو القبلية أو الطائفية في العديد من الدول أدت إلى تمزيق بعضها، كما حدث في يوغسلافيا السابقة وتفكك الاتحاد السوفيتي مما اوجد دولا جديدة ومن المؤكد ان هذه الدول جاءت لتعلن عن هويتها الجديدة. وأبعد من ذلك نجد جماعات محلية متناهية الصغر و على الرغم من أنها لم تواجه اي تفرقة تطالب بتقرير المصير. وإذا حاولنا تفسير هذه الظاهرة على المستوى الدولي، اتضح لنا أن الاهتمام بمساحة الدولة وقدراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية قد تم التراجع عن كل ذلك لصالح الولاء الإثني والعرقي والقبلي، ففي عصر الحرب الذرية والإرهاب بمختلف أشكاله لم تعد الدول - حتى الكبرى منها - قادرة على حماية مواطنيها. أضف إلى ذلك أنه سواء أكان الحجم كبيرا أم صغيرا، فالكل الآن متساوون في وصولهم للمال والمعلومات وبالشروط نفسها، إذ أنه بإمكان أية دولة صغيرة الانضمام إلى تجمع إقليمي اقتصادي وبذلك تحقق الاستقلال الثقافي والسياسي والتكامل الاقتصادي، ومن دون ريب وليس مصادفة ان نرى لوكسمبورغ الدولة الصغيرة من أكثر المتحمسين للانضمام للاتحاد الاوروبي. وإن كان هذا التفسير صحيحا في بعض جوانبه، فإن الهدف الأساسي من هذه النزعة ليس سياسيا ولا اقتصاديا، بل إنه تأكيد على الوجود وبالتالي التعبير عن ثنائية أعمق من ثنائية الهوية والعولمة أو المحلي والكوني هي ثنائية الأنا والآخر، وعادة ما يكون الأنا هو الذي يدافع عن الهوية الثقافية والخصوصية و المحلية في مواجهة الآخرالذي يتحد مع العولمة، فالعلاقة بين الطرفين ليست مجرد موضوع لبحث علمي بل هي أزمة وجود تاريخية. وهكذا يبدو أن العودة إلى التركيز على الانتماء العرقي أو الديني أو القبلي الضيق يعد من الإفرازات الخطيرة للعولمة، لما لها من آثار سلبية على التكامل السياسي للعديد من المجتمعات، إذ أنها تؤدي إلى إضعاف عاطفة الوطنية أو الشعور الوطني كأساس لبناء ولنهضة الدول، لحساب مفاهيم تحتية ( تحت وطنية) كالطائفة أو القبيلة ويتجلى ذلك في العديد من المظاهر من بينها، الاستهانة بالدولة الوطنية وبرموزها ومؤسساتها وإهمال التاريخ الوطني. وغني عن البيان توضيح الأثر السلبي لضعف الولاء الوطني على تماسك المجتمعات ونهضتها، إذ ينعكس ذلك على سبيل المثال في انحسار الرغبة الشعبية في المشاركة السياسية وفي عمليات صنع القرار السياسي، مما يترتب عليه السلبية واللامبالاة السياسية، وقد يصل الأمر إلى مستويات الصراع المسلح والعنيف التي ربما يصاحبها عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية وغيرها من الخروقات الكبيرة لحقوق الإنسان، مما أدى إلى اشتعال العديد من الحروب الأهلية وإلى تفاقم الكثير من الأزمات والمشكلات الاجتماعية والإنسانية الأخرى التي تعاني منها مختلف الدول. لقد كان من أبرز مظاهر عصر العولمة أن أضحت الغلبة للفكر الليبرالي القائم على الدعوة إلى تعزيز الملكية الفردية وحرية السوق مع تحديد لدور الدولة في النشاط الاقتصادي، وكان أول من قال بذلك المفكر البريطاني "آدم سميث" مؤسس علم الاقتصاد الكلاسيكي.وذهبت الدول الغربية - ليبرالية النزعة - تبذل قصارى جهدها من أجل تحرير رأس المال من القيود . وبدأت تضغط على الشركاء الرافضين لتطبيق هذا النهج للاخذ بالتوجه الجديد مهديدين اياهم بالعقوبات وبوسائل الضغط الاخرى, وتزامن ذلك مع انهيار الاتحاد السوفيتي . واصبح قانون العرض والطلب هو أفضل الأنظمة المتاحة، وتوسيع التجارة الحرة هدفا بحد ذاته لا يحتاج إلى تفسير، فالتحرير، الليبرالية, والخصخصة , دعامات ثلاث إستراتيجية رفع من شأنها المشروع الليبرالي الجديد. لذلك لم يكن من الغريب أن تدعو الدول الكبرى والمنظمات الاقتصادية العالمية إلى تصفية القطاع الاقتصادي المملوك للدولة من خلال بيعه للأفراد والشركات بحجةتوسيع قاعدة الملكية وزيادة كفاءة التشغيل والادارة من خلال ماعرف بسياسة الخصخصة . وقد خلّفت سياسة الخصخصة وراءها آثارا اجتماعية سلبية، إذ فقد العديد من الموظفين و العمال وظائفهم وأعمالهم، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة، وهو ما ينبئ بحدوث مشكلات اجتماعية خطيرة كارتفاع معدلات الجريمة وانتشار ظاهرة الإدمان والتفاوت في مستويات المداخيل، وفي أنماط المعيشة وهي كلها نتائج من شأنها أن تهيء لزعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي في العديد من الدول. ومن هنا كان من الطبيعي أن ترتبط العولمة بالخصخصة أي نزع ملكية الدولة الوطنية، ونقلها إلى القطاع الخاص في الداخل والخارج، وهكذا تتحول الدولة إلى كيان لا يملك ولا يراقب ولا يوجه. واكب الأخذ بالحرية الاقتصادية وبآليات السوق وتصفية القطاع العام و الاتجاه نحو الخصخصة وتحرير التجارة على المستوى العالمي، سريان موجة من التحول الديمقراطي على المستوى العالمي من الناحية السياسية، ويعد هذا أمرا طبيعيا في ظل صعود نجم الليبرالية التي تجعل من الحرية شعارا لها في جميع المجالات. ولم يعد التحول الديمقراطي نهجا اختياريا تختاره الدول الوطنية من بين بدائل اخرى لمباشرة شؤون الحكم والإدارة، بل صار حتما تاريخيا. فلقد دهمت موجة التحول الديمقراطي بنية المحتمع الدولي المعاصر . لقد أصبحت الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان مطلبا عالميا، تركز عليه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون، إذ أصبحت المبدأ الأساسي الذي تستعمله الدول الكبرى في التأثير على دول العالم الثالث. وعلى الرغم من زيادة اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بقضية الديمقراطية وحقوق الإنسان على صعيد الخطاب السياسي، إلا أن السياسة الأمريكية تتعامل مع هذه القضية بنوع من البراغماتية التي تتجلى صورها في المعايير المزدوجة المطبقة بهذا الخصوص، وعدم ترددها في التضحية بقيم الديموقراطية ومبادئ حقوق الإنسان في حالة تعارضها مع مصالحها الحيوية. وهكذا فإن القوة الوحيدة العظمى في العالم لا تتبنى قضية الديموقراطية وحقوق الإنسان كرسالة أخلاقية عالمية، بل تتخذها كأداة لخدمة مصالحها وسياستها الخارجية وما حدث مؤخرا من الاحتلال الأمريكي للعراق دليل واضح في هذا الشأن فهل يعقل أن تحمل الديمقراطية و مبادئ حقوق الإنسان على متن الدبابات و الطائرات الحربية المقاتلة ؟ وفي موازاة ذلك تتعولم السياسة بتحررها من سيطرة الناخبين ومن سلطة الدول و الحكام في آن واحد فالقرارات لم تعد تصنعها اليوم المؤسسات الحكومية والهيئات التمثيلية أو الإجراءات الانتخابية من برلمانات واستفتاءات. وإنما أصبحت شانا عالميا يتعلق بسلطات جديدة أصحابها يسيطرون على الأسواق المالية والشبكات الإعلامية. الأمر الذي يحول السياسة إلى سلطة ثالثة بعد الاقتصاد والإعلام و بذلك تصبح"كل السلطة للسوق" كما يقول "توماس فريدمان"، وهذا نوع من" التوتاليترية الجديدة" على حد وصف "إجناسيو رامونيه. وإذا وصل الأمر إلى هذا الحد، لم يعد التحول الديمقراطي الموعود ذا أهمية كبيرة سواء بالنسبة للدول الوطنية ومؤسساتها أو حتى بالنسبة للشعوب والمجتمعات الباحثة عن الحرية، مادام منطق السوق هو الذي يفرض نفسه في زمن العولمة. اتسمت العلاقات الدولية منذ صلح وستفاليا بهيمنة منظومة مفهومية متكاملة تمحورت حول مفاهيم المساواة في السيادة، وتوازن القوى، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، والتركيز على الاعتبارات الخاصة بأمن الدولة الوطنية دون غيره. وقد شاع استخدام مصطلح "الأمن الوطني" بعد الحرب العالمية الثانية إلا أن جذوره تعود إلى القرن السابع عشر، تحديدا بعد معاهدة وستفاليا عام 1648 ، التي أسست لولادة الدولة الوطنية أو الدولة الامة وشكلت الحقبة الموصوفة بالحرب الباردة الإطار والمناخ الذي تحركت فيه محاولات صياغة مقاربات نظرية وأطر مؤسساتية للأمن وصولاً إلى استخدام تعبير " إستراتيجية الأمن القومي" منذ تسعينيات القرن المنصرم، وسادت مصطلحات حقبة الحرب الباردة مثل الاحتواء، الردع، التوازن، التعايش السلمي كعناوين بارزة في هذه المقاربات بهدف تحقيق الأمن والسلم وتجنب الحروب المدمرة التي طبعت النصف الأول من القرن العشرين. وبانتهاء الحرب الباردة ظهرت متغيرات جديدة دفعت إلى إعادة النظر في مفهوم الامن. تشهد الساحة الدولية نشاطا متسع النطاق على صعيد تكوين التكتلات والتجمعات سواء في إطار ثنائي و شبه إقليمي أو إقليمي. إن الإقليمية أو الجهوية تعبر عن وجود إرادة سياسية بين مجموعة من البلدان المتقاربة جغرافيا لإحداث علاقات ذات طابع خصوصي بينها اعتمادا على عنصر التقارب الجغرافي كأداة للتضامن المصلحي، وتتمثل هذه العلاقات في تكوين مناطق تبادل حر أو اتحادات جمركية أو الاكتفاء باتفاقيات تفضيلية في المجال التجاري او الانتقال إلى مستوى متقدم من الاندماج الإقليمي عن طريق إقرار سياسات شمولية وقطاعية مشتركة. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنه لا يمكن النظر إلى مفهوم الإقليمية على اعتباره أمرا مستحدثا أو مرتبطا بالمفهوم المعاصر للعولمة. فلقد بزغت التوجهات المبكرة للإقليمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في ظل إعادة هيكلة التنظيم الدولي، ففي حين ظهرت كل من الأمم المتحدة و صندوق النقد و البنك الدوليين كأدوات دولية لإدارة شؤون العالم، ظهرت في المرحلة نفسها منظمات إقليمية كجامعة الدول العربية ومنظمة الدول الأمريكية و منظمة الوحدة الإفريقية بالإضافة إلى السوق الأوربية المشتركة. ولكن كان هناك اختلاف كبير سواء في مفهوم الإقليمية السائد وقتئذ، الذي غلبت عليه الدوافع السياسية و الهواجس الأمنية. أو في درجات التكامل والتجانس التي تحققت في إطار كل هذه التنظيمات الإقليمية التي اتسمت بالتفاوت والتباين الشديدين. وفي معرض حديثنا عن تزايد الاتجاه نحو الإقليمية على صعيد كل من الدول المتخلفة و المتقدمة على حد سواء - بل و بينها أحيانا - لابد أن نفرق بين أهداف التكتل لكل من المجموعتين. إن النموذج الاندماجي الأوربي يقوم أساسا على تخلي الدول الأوربية الطوعي عن بعض مظاهر السيادة لصالح كيان إقليمي اقتصادي، و ربما لاحقا الوحدة السياسية من خلال بروز الولايات المتحدة الأوربية التي تتمتع بسياسة خارجية ودفاعية واحدة. وهذا النموذج الاندماجي لم يكن لينجح لولا اقتناع الدول الأوربية بأن الوقت قد حان للتخلي التدريجي عن السيادة وإسقاط الحدود التقليدية الفاصلة بينها، علما أن أوربا هي التي روجت لفكرة السيادة و فكرة ترسيخ و تحديد الحدود الجغرافية بين الدول. لقد اخترعت أوربا في السابق فكرة الدولة الوطنية والمواطنة، وهي التي صدرت للعالم الأفكار الرأسمالية والاشتراكية والليبرالية وأوربا هي التي تصدر اليوم للعالم فكرة الاندماج الاقتصادي والسوق المشتركة والتكتلات التجارية، وهي أيضا التي تصدر فكرة التخلي عن السيادة الوطنية. هذا النموذج الأوربي لن يكون النموذج الوحيد، فقد شهدنا ميلاد منظمة التجارة الحرة بين كندا والولايات المتحدة الأمريكية في عام 1989 ثم توسيع نطاقها من خلال التفاوض حول منطقة التجارة الحرة لمنطقة أمريكا الجنوبية التي ضمت أيضا المكسيك عام .1994 وشجع تحول الولايات المتحدة الأمريكية نحو الإقليمية قيام مبادرات مماثلة في شرق آسيا وغيرها من مناطق العالم. لإعادة النظر في الوضع الراهن وتقييم المكاسب المحتملة من الإقليمية. الأمر الذي أسفر مثلا عن تحول "الآسيان" من مجرد تنظيم إقليمي إلى منطقة التجارة الحرة للآسيان. وبلغ عدد التجمعات والتكتلات الاقتصادية مائة تجمع منها 29 ظهرت منذ عام 1992 فقط، أغلبها تجمعات مصغرة كتجمع البلطيق الذي يضم دول البلطيق الثلاثة : ليتوانيا،لاتفيا و إستونيا المنسحبة من الاتحاد السوفيتي. والواضح أن الإقليمية تؤدي دورا وظيفيا كوسيلة لحماية الدولة الوطنية، وفي الوقت نفسه هي وسيلة لدفع العولمة إلى الأمام، لذلك ليس غريبا أن نلحظ أن بعض قيم وعمليات العولمة هي مجرد امتداد لقيم وعمليات الإقليمية خاصة الشمالية. لاشك أن تحقيق الأمن الداخلي والحفاظ على الأمن الخارجي من الوظائف التقليدية للدولة والتي كان ينظر إليها فلاسفة السياسة كمهمة مركزية للدولة وكان الاعتقاد السائد لدى العديد من السياسيين الممارسين أن الواجب الأسمى للدول هو تولي هذه المهام بفاعلية. و قد ارتبط مدلول الأمن بمفهوم الخطر و التهديد، فلا نستطيع تعريفه إلا في مجال داخلي ودولي محدد وبذلك فهو يمثل المحصلة النهائية لمستوى ودرجة التحصين لكيان الدولة من الداخل والخارج. وبقي مفهوم الأمن محافظا على أهميته الجوهرية في عصر العولمة بكل أبعاده سواء الداخلية أوالخارجية وليس ذلك غريبا ففي كل العهود والأزمنة كان للاقتصاد، الحروب والسياسة روابط ضيقة ومتقاربة. إلا أن الجديد في هذا المجال يتمثل في القضايا والإشكالات الجديدة التي تواجه الدولة في عصر العولمة، الأمر الذي يفرض تطوير المهمة الأمنية للدولة وتحديث أساليب أدائها. وهكذا يتضح جليا أن التهديد العسكري الخارجي المتعلق بالحدود والأطماع الترابية وغيرها لم يصبح هو مصدر التهديد الوحيد لأمن الدولة ( كما يفترض أنصار التيار الواقعي). فالدولة أصبحت تواجه أنماطا عدة من مصادر التهديد - كما رأينا- من قبيل تجارة المخدرات عبر الحدود، الجريمة المنظمة، انتشار الإرهاب الدولي، وانتشار الفقر والأوبئة والتلوث البيئي إضافة إلى الجرائم العالمية و الاتجار بالإنسان وأعضائه، والتي أصبحت من المشاكل المستعصية خاصة على الدول الفقيرة، ونخص بالذكر هنا تجارة الأطفال والنساء، وبيع مختلف أعضاء جسم الإنسان من كلى وغيرها. و الأكيد أن القوة العسكرية لا تصلح كأداة لمواجهة تلك الأنماط من مصادر التهديد الذي تفوق آثاره المدمرة آثار التهديد العسكري المباشر. ورغم ذلك مازالت حكومات كثيرة تنفق على حماية مواطنيها من هجوم عسكري خارجي غير واضح المعالم ما لا تنفقه على حمايتهم من أعداء موجودين بينهم دائما كالفقر والأمراض والأخطار الحقيقية الأخرى التي تهدد الامن البشري كل يوم. لقد صاحب نهاية الحرب الباردة تغيرات في طبيعة الصراعات التي يشهدها العالم، إذ أصبحت الصراعات تدور بين الأفراد داخل حدود الدولة القومية وليس بين الدول .فتشير الإحصاءات إلى أنه خلال الفترة من عام 1990 وحتى عام 2001 شهد العالم سبعة وخمسين صراعا رئيسيا داخل 45 دولة في مختلف أنحاء العالم ومن بين العشرين دولة الأقل في دليل التنمية البشرية لعام 2002 توجد 16 دولة منها تعانى من صراعات داخلية. فالسمة الأساسية للصراعات هي أنها أصبحت تدور داخل حدود الدولة القومية والنسبة الأكبر من ضحايا تلك الصراعات من المدنيين وليسوا عسكريين، خاصة أنه في بعض الأحيان تكون السيطرة على المدنيين أحد أهداف الجماعات المتصارعة. وعلى هذا الأساس، شكل التغير في طبيعة الصراعات في فترة ما بعد الحرب الباردة عاملا رئيسيا في تأكيد الفشل لحماية المنظور التقليدي للأمن في التعامل مع طبيعة مصادرالامن وعدم تهديد أمن الأفراد في فترة ما بعد الحرب الباردة. فإذا كان مفهوم الوطني يرتكز على أن أمن الدولة يضم أمن الفرد ويحتويه، ومادامت الدولة آمنة فالأفراد بالضرورة آمنون، إلا أن هذا المنظار الأمني لم يعد ملائما في الوقت الحالي، فقد تكون الدولة آمنة- وفقًا للمفهوم التقليدي للأمن -في وقت يتناقص فيه أمن مواطنيها، كما أن الدول أصبحت في أحيان كثيرة مصدرا لتهديد أمن مواطنيها، وهو ما دفع بعض الباحثين للدعوة لطرح مفهوم للأمن بديلا عن مفهوم الأمن الواقعي ممثلا في مفهوم الأمن الإنساني ليرتكز بالأساس على تحقيق أمن الأفراد. والان بعد هذه المقدمات التمهيدية نعود الى الموضوع ,وهو التدخل العسكري من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها بحجة نشر الديمقراطية ومراعاة الجانب الانساني للشعوب التي ترزح تحت انظمة حكم ديكتاتورية استبدادية ومكافحة ألإرهاب. برز مفهوم الأمن الإنساني في النصف الثاني من عقد التسعينيات من القرن العشرين كنتاج لمجموعة التحولات التي شهدتها فترة ما بعد الحرب الباردة فيما يتعلق بطبيعة مفهوم الأمن ونطاق الدراسات الأمنية وكان أول استعمال رسمي لمفهوم الأمن الإنساني سنة 1994 في تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. والذي يعتبر أول من " نظر" لمفهوم الأمن الإنساني وأدخله بقوة في الدراسات الأمنية الموسعة وفي الاهتمامات الدولية، وتعميم استخدامه متجاوزا بذلك المنظور التقليدي (الواقعي). ويعد هذا التقريراليوم مرجعية في هذا المجال. ويطرح كوفي عنان للأمين العام السابق للأمم المتحدة تعريفًا شاملا لمفهوم الأمن الإنساني يتمثل في: "الأمن الإنساني في معناه الشامل، يعنى ما هو أبعد من غياب العنف المسلح، فهو يشتمل على حقوق الإنسان، والحكم الرشيد، والحق في الحصول على فرص التعليم والرعاية الصحية، والتأكد من أن كل فرد لديه الفرصة والقدرة على بلوغ احتياجاته الخاصة. وكل خطوة في هذا الاتجاه هي أيضا خطوة نحو تقليل الفقر، وتحقيق النمو الاقتصادي ومنع النزاعات. فتحقيق التحرر من الحاجة والتحرر من الخوف وحرية الأجيال القادمة في أن ترث بيئة طبيعية وصحية، هذه هي الأركان المترابطة لتحقيق الأمن الإنساني ومن ثم الأمن القومي. ووضح كوفي عنان مقصوده من هذا التعريف في تصريح له عام 1999 جاء فيه: " إن الكائن الإنساني هو مركز كل شئ، وحتى تصور السيادة الوطنية فهو منشأ من أجل حماية الفرد، والذي يعد سبب وجود الدولة وليس العكس، وإنه من غير المقبول رؤية حكومات تسلب حقوق مواطنيها تحت حجة السيادة." وإجمالا فإن هناك مكونين أساسيين للأمن البشري هما: التحرر من الخوف و التحرر من الحاجة. ففي البلدان المتقدمة، يشغل الطرف الأول، أي التحرر من الخوف حيزاً كبيراً من تفكير الناس هناك، فهم يشعرون أن ما يهدد أمنهم هو خطر الجريمة و حرب المخدرات و انتشار نقص المناعة المكتسبة و تدني مستوى التربة و ارتفاع مستويات التلوث. أما في البلدان الفقيرة، فيحتاج الناس إلى التحرر من التهديد الذي يمثله الجوع و المرض و الفقر و عدم وجود المأوى. و أكثر المشاكل موجودة في البلدان النامية حيث يعيش أكثر من ثلث السكان تحت خط الفقر، و يعيش أكثر من مليار إنسان من سكان العالم على دخل يومي يقل عن دولا ر واحد. والملاحظ أن مفهوم الأمن الإنساني يحدث تمييزا بين أمن الدول وأمن الأشخاص على أساس أن الأول لا يحقق الثاني؛ فأمن الدولة رغم أهميته لا يعدو إلا آن يكون جزءًا من أجزاء البناء الأمني المتكامل. بمعنى أن أي نظام عالمي آمن ومستقر يبنى أمنيا من أسفل (الأفراد) إلى أعلى (العالم). ومن ثم فإن أمن الدولة مجرد مساحة وسيطة. وهذا يعني أن الأمن الإنساني يجمع بين البعدين المحلي والعالمي للأمن. فهو كوني البعد مثله مثل الأمن البيئي. أي على أساس ترابط أمن الشعوب والدول متبنيا بذلك مقاربة تعاونية لتحقيق الأمن الشامل. بيد أن مفهوم الأمن الإنساني لا يحل محل الأمن الوطني للدولة، وإنما يرى أن الدولة تهتم أكثر بقضايا الأمن الخارجي بتفضيلها أمن " الوسائل" على أمن " الأهداف"، فالدولة هي الوسيلة أما الفرد فهو الهدف والغاية. تشكل المفاهيم والعلاقات فيما بينها أساس أي حقل من حقول المعرفة، وتعد المفاهيم هي المستوي الأول في بناء أي نسق نظري، إذ تشكل المفاهيم مكونا أساسيا في بناء أي قضية نظرية. التدخل ظاهرة سياسية معبرة عن الطبيعة التنافسية والفوضوية للنظام الدولي، كما أنه يعتبر أحد الخيارات المستعملة لتحقيق المصالح الخارجية للدول، لكن بالرغم من قدم الظاهرة فإن مفهومها مازال غامضا، وأدى هذا الغموض بدارسي العلاقات الدولية والقانون الدولي إلى إعطائها تعريفات غير متطابقة وتطوير مفاهيم غير متناسقة مثل التأثير و الغزو. ومما يزيد في غموض هذا المفهوم وصعوبة تعريفه تعدد أشكاله وأدواته وأبعاده. فقال أننا نكون أمام حالة تدخلية عندما تقوم وحدة سياسية (Richard Little) أما ريتشارد ليتل بالاستجابة لدافع تدخلي. ويظهر هذا الدافع عندما يتطور النزاع في دولة متفككة. ويحاول كل طرف في النزاع الداخلي الاستعانة بآخر خارجي يسانده، الحفاظ على علاقة مع أحد هذه الأطراف يعتبر استجابة تدخلية في حين أن الحفاظ على العلاقة مع كلا الطرفين يعتبر استجابة غير تدخلية. ويحدث التفكك إذن عندما توجد حركتان قويتان متنافستان على مركز القوة وكل واحدة منهما تحاول التعرف على الدافع التدخلي، وبهذا فإن ريتشارد ليتل لا يقر بوجود التدخل إلا في حالة وجودتفكك داخلي في دولة معينة. وهناك من ينظر إلى التدخل كعمل دولي لدولة واحدة أو مجموعة دول أو وكالة دولية تهدف إلى ممارسة السلطة المهيمنة على ما يعتبر سياسات أو أعمال داخلية لدولة أخرى أو مجموعة دول.والحاسم هنا، أن الدولة الهدف (كما تسمى) لا توافق على التدخل. غير أن بعض المنظرين أيضا يتجاهلون أو يرفضون التمييز المعتمد على القبول، ستانلي هوفمان واحد من الذين يرفضون أهمية تحديد التدخل. في مقاله” السياسة وأخلاقيات التدخل العسكري” يقول أنه لا يفرق بين حالة التدخل التي يتم فيها الحصول على موافقة الحكومة والتي لا يتم فيها ذلك. والأكيد أن جانبا من الجدل الدائر حول مفهوم التدخل يستمد من الاتساع المحتمل للأنشطة التي يمكن أن يغطيها هذا المصطلح فالبعض يعتبر أي ممارسة للضغط على دولة ما تدخلا ويضمنون في هذا الضغط برامج الدعم المشروط التي تقدمها المؤسسات المالية الدولية التي يشعر المستفيدون منها بأنه لا يوجد لديهم خيار إلا القبول بها وكذلك ما تقوم به منظمات حقوق الإنسان من دعوة إلى ربط المساعدات المالية بتحسين سجل حقوق الإنسان من قبل الدولة التي تتلقى هذه المساعدات. ويعتبر آخرون أي تدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة دون موافقتها تدخلا، ويرى غيرهم أن كل أنواع, التدابير القسرية المباشرة، لا مجرد العمل العسكري، وإنما الإجراءات السياسية والاقتصادية الفعلية أو المهدد بها والحصار والتهديدات الدبلوماسية والعسكرية والمحاكمات الجنائية الدولية جميعها مشمولة بهذا المصطلح,ومع ذلك هناك فريق آخر يحصرون هذا المصطلح في استخدام القوة العسكرية. يعد مبدأ عدم التدخل من المبادئ التقليدية الراسخة في القانون الدولي، وقد انبثق عن فكرة السيادة التي ترتب عليها منع أية دولة من التدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى باعتبار أن التدخل يعد انتهاكاً لسيادتها ويعرض النظام الدولي للخطر، وترجع فكرة عدم التدخل إلى القرنين السابع عشر و الثامن عشر، غير أنها لم ترق لتصبح قاعدة قانونية إلا في القرن العشرين. ومع تطور العلاقات الدولية تطور مضمون مبدأ عدم التدخل، وانعكست عليه التغيرات التي أصابت مفهوم السيادة، الأمر الذي أحدث تحولاً في تفسيره من الناحية الجامدة إلى الناحية المرنة وهو ما أثر في جدلية العلاقة بين الاختصاص الداخلي والدولي. اتسمت النظم السياسية التي سادت أوربا حتى منتصف القرن السادس عشر بكونها نظما ملكية، غير أن نجاح الثورة الفرنسية عام 1789 م، وتأسيسها لنظام سياسي جديد، أدى إلى تهديدات بالتدخل في الشؤون الفرنسية الداخلية والخارجية من طرف الدول الأوربية، ردا على إعلان الثورة الفرنسية في استعدادها لتلبية نداء الشعوب في الإطاحة بنظمها الملكية، وقد نص الدستور الفرنسي لعام 1793 م. على أن يمتنع الشعب الفرنسي عن التدخل في شؤون دولة أخرى، ولا يقبل أن تتدخل الحكومات الأخرى في شؤونها الداخلية. وهكذا يعود مبدأ عدم التدخل في أصله إلى الثورة الفرنسية، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع الرسالة التي وجهها الرئيس الأمريكي جورج واشنطن إلى الشعب الأمريكي والتي جاء فيها:" لا تتدخلوا في الشؤون الأوربية، وحاذروا من أن تنساقوا إلى الاشتراك في المنازعات بين الدول الأوربية، ابقوا بعيدون...وإذا اشتبكت هذه الدول في حرب فاتركوها وشأنها. ودفعت الأحداث المتسارعة بعد ذلك في أمريكا الجنوبية بالرئيس الأمريكي حينذاك جيمس مونرو إلى إعلان مبدئه الشهير في عدم التدخل من خلال خطابه السنوي أمام الكونجرس بتاريخ 2 ديسمبر 1823 و الذي جاء فيه:" إن القارة الأمريكية قد وصلت إلى درجة من الحرية والاستقلال، لا يصح معها احتلال أي جزء من أراضيها من قبل الدول الأوربية. وعلى الرغم من الترحيب الذي لاقاه تصريح مونرو في البداية من دول القارة الأمريكية، أبدت الكثير من تلك الدول مخاوفها من التدخل الأمريكي في شؤونها، رغم إقرارها لمبدأ عدم التدخل، وقد عمق هذا المبدأ رجل القانون الأرجنتيني كرلوس كالفو الذي دافع عن نمو الهوية الأمريكية المشتركة وعلى انتشار فكرة أن الدول الأمريكية عليها أن تحمى من أي تدخل من خارج القارة ، وهو نفس ما دعى إليه الرئيس الفنزويلي لويس دراقو عام 1902 بعد الحصار الأوروبي لبلاده بسبب عدم تسديدها لديونها. ورغم أن مبدأ عدم التدخل شكل حجر الزاوية في العلاقات الدولية منذ نشأة الأمم المتحدة، فان الممارسات الدولية كشفت عن عدم تقيد الدول به في سياستها الخارجية، فهي تبرر التدخل إذا اتفق مع مصالحها الدولية، وتستنكره إذا لم يكن لها فيه مصلحة، وبذلك تعرض هذا المبدأ للاهتزاز، وإذا كانت الدول الاشتراكية السابقة والنامية قد تمسكت بمبدأ عدم التدخل باعتباره مبدأ عاماً وجامداً يشمل جميع الدول بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي والاقتصادي القائم فيها، وأنه لا يقبل أي استثناء حتى لو كان الأمر متعلقا بحماية حقوق الإنسان، باعتبار أي سلوك دولي لا يلتزم بهذا المبدأ يعني توجيه الدولة في مسار معين وفرض أسلوب محدد عليها، وهو ما يعد انتهاكاً لسيادتها. فإن الدول الغربية تمسكت بالتفسير المرن لمبدأ عدم التدخل. كما هو الشأن بالنسبة للعديد من المصطلحات المهمة والخطيرة - في الوقت نفسه - الواردة في الميثاق الأممي ( السلم والأمن الدوليين، العدوان، تهديد السلم..)، ورد اصطلاح الاختصاص الداخلي مبهما وغامضا، وهو الأمر الذي أدى إلى بروز خلافات حادة داخل الأمم المتحدة حول الجهة التي من حقها تحديد مجال هذا الاختصاص، ومن أين يبتدئ وأين ينتهي؟ ففي الوقت الذي أكدت فيه العديد من الدول أحقية محكمة العدل الدولية في هذا المجال باعتبارها هيئة قضائية دولية، فضلت كل من بريطانيا والولايات المتحدة الرجوع إلى مجلس الأمن في هذا الخصوص. وبزيادة التعاون الدولي يمكن أن نؤكد أن المجال الخاص للدول يتقلص باستمرار كلما انخرطت الدول في علاقات منظمة قانونيا مع الأشخاص الآخرين في المجتمع الدولي، كالتزامها بالاتفاقيات المتعددة الأطراف سواء فيما يتعلق بحقوق الإنسان، أو حفظ السلام أو تحقيق مبادئ الاعتماد المتبادل، وعادة ما تكون الدولة مضطرة بمقتضى التزامها إلى التنازل عن بعض الاختصاصات التي كانت تندرج سلفا ضمن المجال المحفوظ، وذلك لفائدة مؤسسات دولية أو تنظيمات إقليمية. ومع التداخل المستمر بين الاختصاصين الداخلي والدولي بفعل تشابك وتداخل المصالح، لم يعد هناك فاصل محدد بين حدود المصلحة الداخلية وحدود المصلحة الدولية، الأمر الذي انعكس على تطور القانون الدولي، فأصبحت الكثير من المسائل التي اعتبرها هذا القانون من أمهات الحقوق الداخلية مسائل دولية صرفة بتطور علاقات الدول وقد أخرج التعامل الدولي جملة من الموضوعات من المجال الداخلي إلى المجال الدولي كلما أثر ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على السلم الدولي، وبذلك تكون عملية تحديد الاختصاص قد انتقلت من الطابع القانوني إلى الطابع السياسي، وعليه يكون معيار التفرقة للبت في مسألة ما، معيارا فنيا مرنا تمتد جذوره في المعطيات السياسية، التي أصبحت هي العائق الأساس عن رسم حدود واضحة بين المجالين المتقابلين، وعلى أساس ذلك مكن هذا التماس بينهما من أن يحصل ترحيل لكثير من المسائل الداخلية إلى المجال الدولي. ما من شك في أن التطور الدولي أثبت عدم ملاءمة مبدأ عدم التدخل بصيغته التقليدية المطلقة للمتغيرات الدولية الجارية، ولذلك جاءت الممارسة الدولية خاصة بعد نهاية الحرب الباردة حافلة بالعديد من السلوكات التي تعكس في مجملها تراجعا لهذا المبدأ، وإذا كانت مراجعة هذا الأخير في صيغته الصارمة أضحى أمرا ضروريا في زمن العولمة، فإن تكييف هذا المبدأ مع الواقع الدولي المتغير، أضحت تتجاذبه مصالح وأولويات عالمية من جهة ومصالح انفرادية ضيقة من جهة أخرى . لقد تنامت أشكال التدخل وتباينت مجالاته ودوافعه والجهات التي تقدم عليه، ورغم الصمت الدولي أمام هذه التدخلات التي غالبا ما أصبح ينظر إليها كإفراز طبيعي للتطورات الدولية الجارية، أو تتحكم فيها اعتبارات مصلحية أو بفعل ضغوطات تمارسها بعض القوى، فإنها غالبا ما تخلف نقاشات واسعة بصدد شرعيتها أو ضرورتها. وهذا ما ينطبق على ما أصبح يعرف بالتدخل العسكري الإنساني.
#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)
Majid_Ahmad_Alzamli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المصادر الفكرية والاسس الدستورية للحرية السياسية في النظام ا
...
-
أسباب ألإباحة في القانون الدولي الجنائي
-
الدساتير وصيانة حقوق الانسان
-
الحل الامثل للمشاكل العرقية
-
تحديد معنى الحرية السياسية
-
اوامر السلطة التنفيذية واثرها على التشريع
-
الدولة الفاشلة
-
المحكمة الجنائية الدولية والعدالة الدولية
-
المركز القانوني لإحكام القضاء
-
المجتمع المدني وتأثيره على السياسة الداخلية للدولة
-
الجرائم الالكترونية
-
السياسة غير الجنائية للحد من جرائم العنف ألإرهابي
-
ألإستجواب
-
حقوق ألإنسان وسلطة الضبط الجنائي في القبض
-
دور المنظمات غير الحكومية في ترسيخ مباديء حقوق الانسان
-
جريمة غسيل الاموال القذرة
-
ألإرهاب
-
ضمانات الحريات العامة بين قانون الاجراءات الجنائية والدستور
-
توازن القوى الدولية
-
ألإجراءات الجنائية والدفاع عن حقوق ألإنسان
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|