أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - ماهرعلي دسوقي - خردة الفكر والسياسة اولى بالحرق !!














المزيد.....


خردة الفكر والسياسة اولى بالحرق !!


ماهرعلي دسوقي

الحوار المتمدن-العدد: 4069 - 2013 / 4 / 21 - 21:32
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    



انتقل مؤخرا للعمل في مجال "الخردة" بعد ان خبر العديد من الاعمال اليدوية الشاقة الاخرى ، كالعمل في ورش البناء وقطف الزيتون وفلاحة الارض وبعض انواع الحدادة ونقل "الطمم" .. وكل ذلك وهو يقف على اعتاب العقد الخامس من عمره ، حيث جاء "الامر" اضطرارا وليس خيارا .. فهو من خبرته منابر الاعلام والصحافة والمناظرات المتلفزة ... تبدّل الزمن وتبدّلت الناس.

انقلابه هذا جاء بعد ان تعرض لمضايقات مختلفة في عمله الأصلي، انتظر وعوداً مختلفة ممن سبق له وأن "خدمهم" على مدار سني عمله في الصحافة طوال عقدين من الزمن ولا فائدة ، ضاقت بوجهه المساحات بعد ان كان يعدّ ويقدّم برنامج متلفز يسمى "مساحة للرأي" والتي فتحت بدورها لكل الآراء وقادة الرأي والعامّة.. أُغلقت تلك المساحة وأغلق الأفق في وجهه .. وتوجه على كبرٍ لمشاق العمل، كيف لا وقد بدأت حياته تنتقل من هدوء نسبي الى اضطراب دائم .

في صبيحة اليوم الاول له خرج واثقاً من نفسه كما اعتاد، القى تحية الصباح على عامل النظافة في الشارع القريب، ردّ الأخير على غير عادته بعد أن لمحه بثياب اخرى غير تلك "المهندّمة" والتي اعتاد على رؤيته بها فترة انقطاعه عن الاعمال اليدوية ، رغم أن ملابس العمل كقيمة وثمن هي الأعلى "وان بدت مهترئة" من تلك النظيفة المرتبة، أدرك منذ البداية كيف سيكون نهاره مع آخرين من اصحاب النفوس "المريضة" وقال : أهكذا ينظر الكادح للكادح؟!

لم ينزعج كثيراً وتابع مسيره الى ان وصل مكان العمل المنشود، سيدة المكان "خردة" من كل صنف .. ابواب حديدية وخشبية ،ثلاجات، غسالات، أثاث قديم، كوابل قديمة ..الخ والمكان يعجّ بفوضى الموجودات المختلفة .. بعضها يتلف ويعاد تدويره والباقي "يحتل" المشهد ..

شمرّ عن ساعديه وشرع في العمل ، وما ان بانت ملامح "الضحى" حتى كان في المكان "شخص" كان قد عرفه في سابق الأيام إبان مناظرات وبرامج الاعلام .. يعد من اهل "الثقافة" .. تفاجأ كما بدا عليه وصاح بأعلى صوته .. ماهر .. رفع رأسه بهدوء وقال : نعم ما بالك؟ صمت ومن ثم "فغر فاهه".. استجمع بعض من الكلمات وقال: ماذا تفعل هنا؟ اجابه: بكل بساطة أعمل !!

لا يعقل تابع المستغرب وكيف يكون ذلك واين ذهبت الشهادات والصحافة ..متى .. كيف .. وتسطحّت الكلمات كلها. أجابه بهدوء: هي الحياة لربما لا تأتي بما تريد ، فخذ فرصتك بما اتاحت لك ، وفي الأفق ارتباك ما بين هذا وذاك.. "يا صديقي" ان المرء لا يصغر بكد عمله وعرق جبهته طالما انه لا يعبث بحياة الآخرين ..

عاد الى حيث توقف يدفع ابواب الحديد ويعيد ترتيبها في المكان ، والمستغرب المستهجن في مكانه كأنه "مسمار دق منذ زمن بعيد" ، لم يعره انتباه وأكمل .. خاصة وأن المستغرب هذا لم يقدم له سوى "الشكوى" من واقع أليم.

تكرر المشهد لاحقاً مع شخص آخردخل ليسأل عن حاجات قديمة "ثمينة" ببدلة وهندام جديد ، وكان اوقف سيارة فارهة في مدخل "الخردة" .. لمحه فعرفه لكنه لم يشر بأية تحية .. منافق السياسة هذا كان لا يكل عن الاتصال به مرارا "ليستضيفه" في برامجه المتلفزة ...

قال في قرارة نفسه هذه ثالثة عامل النظافة ومتشدق الثقافة ومنافق السياسة .. ابتعد الى داخل المكان وانغمس في العمل وقال: وكأن مكان العمل والملابس تشي بمكانةٍ ما بغض النظر عن شاغرها ؟!

لمعت برأسه الفكرة الجوهر.. الخردة يعاد ترتيبها وتزيينها وتصنيفها وتعرض في مساحات خاصة ، بعد ان يعاد فرزها ، لها قيمتها ومن يقدّرها كثر .. انها تعيد للنفس الاهتمام بقديم الاشياء ولربما تنبّه الى أكثر من ذلك .. يُدفع مقابلها المال وتتلاقفها الأيدي .. أما ما يجري في البلاد من عبث وسياسة "خردة" فمكروهة وبلا قيمة .. اللهم الا من استفاد من الحال القائم.

هو الفارق اذن بين "خردة" يعاد ترتيبها وتقييمها وتحظى بالاهتمام ، و "خردة" بثياب السياسة والفكر والأنفس المريضة .. وكلها اولى بالحرق والإتلاف .

وأنشد محرفاً قول الزير السالم :

ولست بخالع كدّي وعملي الا ان يقلع الليل النهار !



#ماهرعلي_دسوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “المالية العراقية” تعلن موعد صرف رواتب المتقاعدين وحقيقة الز ...
- وزير الإعلام السوري: سيتم التعامل بحزم مع إثارة الفتن بالبلا ...
- إضراب عمال ستاربكس يتوسع إلى أكثر من 300 فرع أميركي
- صرف رواتب المتقاعدين في العراق لشهر يناير 2025 بزيــادة جديد ...
- تظاهرات بمدن سورية احتجاجا على حرق مقام ديني ووقوع ضحايا
- وزير الإعلام السوري: سيتم التعامل بحزم مع إثارة الفتن بالبلا ...
- تشكيلة جديدة على رأس النقابة الأساسية للصحة بعين دراهم
- اتفاق في مركز نقل الدم يقضي بانتدابات سريعة وعطل تعويضية عن ...
- تفاصيل ضافية عن اضراب أعوان فسفاط قفصة واستياء من افشال الحو ...
- تظاهرات بريف القنيطرة احتجاجا على توغل الجيش الاسرائيلي في س ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - ماهرعلي دسوقي - خردة الفكر والسياسة اولى بالحرق !!