أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - مسيحيون على صليب الثورات العربية















المزيد.....


مسيحيون على صليب الثورات العربية


صليبا جبرا طويل

الحوار المتمدن-العدد: 4069 - 2013 / 4 / 21 - 14:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ثورات الربيع العربي – الهبّات العربية التي ظلّت طريقها، وهدفها في تغيير النظام وتوفير الأمن والمساواة والحريات للمواطنين بشكل يتماشى و حضارة القرن الحادي والعشرون - انحرفت عن مسارها وقصدها لتنزلق من فوضى الأفكار الى فوضى السلاح كما في ليبيا وسوريا، وفوضى عدم الاستقرار والمظاهرات كما في مصر واليمن وتونس، وفوضى الاحتحاجات الصّاخبة كما في باقي الدول العربية...أثبت التاريخ أن الفوضى التي تعم المجتماعات الانسانية ينزلق فيها النظام واعوانه من جهة ، والمحتجون من جهة أخرى نحو اثبات الذات فتضرب الوحدة الوطنية لتوفر المناخ المناسب لصعود احد الاطراف الى الحكم، والمتضرر الاكبر يكون الأقليات الدينية والطائفية والفكرية في عالمنا العربي وبشكل خاص المسيحية.

مضايقات، خطف، سلب، قتل، هدم، تشريد، تهديد وعيد، عنف، صدام، نهب، تكفير...أحداث لا تحتاج الى لجنة تفتيش أو تحقيق دولية أوعربية أو محلية، للتأكد من وقوعها في العالم العربي. تكفينا شهادة وسائل الاعلام العربية المرئية والغير مرئية والالكترونية التي تقدم لمستميعيها ومشاهديها وقرّائها بالصوت والصورة الاعتداءت البشعة الهمجية اللانسانية التي تمارس في بعض الأوطان العربية مثل العراق وسوريا ومصر، توجه وبشكل خاص ومدروس ومخطط له ضدّ المواطنين المسيحين. من أساقفة، وكهنة، وأفراد، وجماعات، وممتلكات، ودور عبادة. من قبل فئة اسلامية متطرفة تستمد سلطتها من صوت الهي اختارها لتقيم دولة لله على الارض لتكفر ايضا كل من لا يبايعها ويتبع فكرها ونهجها من مسلمين شيعيين، وسنيين، وايديولوجين.

حتى الماضي القريب...نظرية المؤامرة تفسر، تقنع، وتغطي على فظاعة ما يجري، وحكوماتنا كالعادة تحمل المسؤولية لأعداء الامة الاسلامية والعربية التي تتربص بها، والتي لا تريد لها التقدم والتطور ووحدة الصف...بينما يبين الواقع مرارا وتكرار، أن مرارة ما يجري من حوادث يتم على أيدي ذئاب أعجمية عربية تعيش بيننا تنمو وتترعرع بمليارات الدولارات التي تضّخها دول عربية واسلامية وأجنبية، أليست نظرية المؤامرة دليل ضعف وخوف حكوماتنا من اتخاذ قرار من واقع يستحق الاصلاح بقوّة القانون، التعامي والتغاضي عما يجري يولد انشقاقا في وحدة الصف الوطني، لنفضح الامور لتسترنا.....تمرّ الايام وبعدها تسير الامور كأن شيئا لم يكن. ويبقي المسيحيون وحدهم يلعقون جراح الذلّ والهوان، يئنّون ويندبون ويعيشون في رعب وخوف على أرواحهم وأرواح أطفالهم وأبنائهم وبناتهم ونسائهم وشيوخهم. ويهجرّون قسرا من أرض الاباء والاجداد التي عاشوا ودفنوا فيها لالاف السنين، طالبين اللجوء لدول استعمارية، هاربين من اضطهاد ديني يمارس بحقّهم، في عقر دارهم من قبل جماعات اسلامية متطرفة لم تجد من يردعها من الحكام، والزعماء، والأحزاب، والشعب، ليتشتتوا في قارات الأرض الخمس. وتستمر المأساة ويعاد السيناريو ذاته...لا يلوح حلّ في الافق القريب، صوت السّلاح والتفجير والقتل يعلو على صوت الحق... ليل سياسي، ومستقبل ظلامي...وانسانية بائسة.

سويا عشنا همومنا، سويا بنينا تطلعاتنا وامالنا، لم نعرف أن معنى أن تكون مسيحيا أو مسلما أنك مختلفا. أطفالا لعبنا وكبرنا سويا...وكعائلات نزور بعضنا بعضا في المناسبات والأفراح والأتراح. لم نشعر بالاختلاف، جلسنا جنبا الى جنب على مقاعد الدراسة، لم ننفصل سوى في حصة التربية الدينية. نلعب سويا، نركض سويا، نتشاجر ونضحك. ديننا كان المحافظة على العلاقات التي تجمعنا، وصلاتنا كانت أن نبقى سويا. وان مرض أحدنا نتفقده وان تألم نتألم لألمه. وان بكى نبكي وان قهقه نقهقه. وفي وجه الاخر كأن كلّ منّا يجد بسمة أبدية ... كان صبحا تمنينا أن يبقى ابديا.

المسيحي العربي ليس صليبي (فرنجي)، وليس أجنبي أو أوروبي أو أمريكي هو ابن العروبة. لا يمكن سلخه من بيئته العربية. كما يحلو للبعض ان يسوّق. وان كانت بعض الطوائف المسيحية رئاستها الدينية في اوروبا مثل، دول الفاتيكان أو بريطانيا أو ألمانيا فذلك لا يعني أنهم مواطنون أوروبيون. من المعروف أن العلاقات بين الدول تقوم بها الحكومات، وحكام العرب كلهم من المسلمين، وعلى أيديهم وأيدي سفرائهم وان كان قلّة منهم مسيحين يقومون باقرارالاتفاقيات السياسية والاقتصادية والتجارية ويوقعونها. هل تتغير النظرة عند المسلمين المتشددين ان قلنا ان المسيحين الشرقين رئاساتهم الدينية في سوريا ومصر؟ فالمسيحيون شرقيين او غربيين هم عرب أقحاح. جذورهم موّغلة في القدم منذ الاف السنين، هم سكان الارض الاصلين، لا يحتاجون الى شهادة من أحد كي يكونوا أو لا يكونواعربا. المخططات الاستعمارية للعب سياسة "فرق تسد" لضرب الوحدة الوطنية من باب الدين لم تجد لها متنفسا أو طريقا في الماضي. أما اليوم فان بعض الفئات الاسلامية المتشددة المأجورة وبتوجيه بعض الدول العربية والغربية والمتزمتين دينيا، يقومون بتنفيذ هذا المخطط الجهنمي نيابة عنهم.

التعصب بشتى أشكاله وألوانه، اسلاميا كان أو مسيحيا أو بوذيا، دليل حالة مرضية لعقول مخدرة يسهل التحكم فيها، منبتها الخصب هو الجهل، والفقر. المتعصب ضحية لمتعصب اخر يري انه الأكمل، له مصالح دنيوية يغلفها بثوب الدين ولا يري حكمة الله في خلقه المتنوع.

هل ننعى كل المحاولات التي هدفت الى تقريب وجهات النّظر بين الديانتين الاسلامية والمسيحية؟ هل فشلت كل الجهود المبذولة للتقارب بين الاديان التوحيدية؟ عشرات اللقاءات، والحوارات، والمناظرات جرت في العالم وبشكل خاص في العالمين الاسلامي والعربي تحت عنوان "الحوار الاسلامي المسيحي". عشرات الكتب تحتلّ رفوف المكتبات بعناوين مختلفة تهتم بالتقارب المسيحي الاسلامي...السؤال من قرأ؟..اومن يقرأ؟...أين وزارات التربية والتعليم في العالم العربي من مناهجها التربوية.؟ لماذا لا يدرس مساق تعرّف على دين المواطنين الذي يشاركونك الارض والتاريخ والمصير؟ لماذا لا تخصص حصص يدرّس فيها القران والانجيل في المدارس والجامعات؟ لماذا لا يدرسون أن المسيحية سبقت الاسلام بستة قرون في الشرق الاوسط؟ لماذا يغيب الادباء والمفكرين والوطنيبن المسيحين في كتب الادب والتاريخ والجغرافيا؟. ما هي قيمة التراث العربي ان لم يوغل الى ما قبل ظهور الاسلام؟...هذه التساؤلات، فعلا تمثّل دليل ساطع على فشل الحوار الاسلامي المسيحي. وعدم قدرة أطراف الحوار الى نقل نتائج الحوار لرجل الشّارع، فلا الاسلام استطاع تحقيق الانفتاح على الاخر ولا المسيحية استطاعت الوصول لذلك ايضا، ولا الدولة استطاعت أن تكون لكل المواطنين. لسنا هنا في معرض التطرق الى أيهما المقصّر لأنني لا أنوي الدّخول في جدل فقهي أو جدل لاهوتي لأن هذا من اختصاص علماء الدين ومراجعياتهم الدينية وكتبهم المقدسة.

اتسائل، هل سفك دماء المسيحين العرب وقتلهم وتهجيرهم يساهم في تقدمنا الفكري؟ أو في تقدمنا العلمي؟ أو في تقدمنا الاقتصادي؟ أو تقدمنا الحضاري؟ - الذي ليس لنا حضور عالمي فيه - هل المسيحيون العرب هم السبب في تفشي الفساد في مجتمعاتنا العربية؟ ام هم وراء الجهل الملازم المتوارث من جيل الى جيل؟ أم يمثلون الاستعمار القديم؟ هل هم حجر عثرة لتطورنا على الصعيد المحلي والعالمي؟ هل يذمون ويقدحون وينتقدون المسلمين في كنائسهم وعلى منابرهم وفي خطبهم وصلواتهم؟ ان كان الجواب نعم...اجيب أنتم واهمون فالمسيحية عنصر حياة وليست عنصر موت، عنصر توافق وليست عنصر تفريق. تعلم أبنائها المحبة والتسامح. تعلمهم محبة ومسامحة أعدائهم ومضطهديهم وكل من يشتمهم، ويقول عنهم كلمة سوء...

الثّقافة الاسلامية جزء من ثقافة معظم المسيحين العرب المتنوعة، وما ألخصه عنها الاحترام والمحبة والتسامح، وما أعيشه الان ضبابية لما يقوم به المتعصبون من أتباعها. الامور تحتاج في هذه الفترة بالذات الى تفسيرات لتوضح ما يجري في زمن ثورات الربيع العربي الفاشلة. نحتاج الى شيوخ متمرسين في فقه الدين، والى دار افتاء واحدة، نحتاج الى عقلاء، الى مفكرين، ليشرحوا لنا، أن كل ما يجري سراب فكري أو واقع حقيقي. لماذا لا يتحرك الحكام العرب؟ لماذا لا يتحرك المواطنون العرب؟ لنتذكر المواقف المشرفة للمسيحين العرب كهنة وعلمانيين في تصديهم لكل ما يسيء للرسول الكريم محمد وللدين الاسلامي من أفلام ورسوم. ألم يحاربوا بأقلامهم وأصواتهم لرفع الظلم والعنف الموجّه ضد المسلمين في البوسنة والهرسك والشيشان ومينامار وغيرها من أصقاع الدنيا؟ أدعوا أصحاب الضمائر الحية للتحرك، فمن يغمض عينيه ويصمّ أذنيه ويغلق فمه عن قول الحق شريك خائن لمواطنته وللاخر الذي يعيش معه.

آن الاوان يا عرب الى قول كلمة صدق بحق المواطنين المسيحين....هويتهم العربية ليست عطية من احد. رسالتهم الدينية انسانية، عالمية الطابع تحمل المحبة والتسامح والاحترام لكل من يشاركهم الوطن، ومن يعيش معهم على هذا الكوكب المعرّف بالارض. مسكينة هي الشعوب التي تنام قبل أن تواجه مشاكلها وتحلها. لأنها لا تدري بان سكوتها يزيد الامور تعقيدا ودمارا، ويساهم في تعزيز واعطاء دفعة قويّة وترخيصا مجانيا لتكرار المآسي، لتصبح نهجا لا يمكن ضبطه ومنعه وايقافه. فالسكوت على المجرمين وجرائمهم، يعنى موافقة مستترة غير معلنة على تكرار ممارستها وحدوثها. الكلّ يتحمل وزر المأساة من رئيس الدولة القابع في قمة الهرم حتى الجالسين في قاعدته. ان كان ما يحصل يعنيهم وطنيا وانسانيا فاليتحركوا، وان كان لا يعنيهم فماذا يريدون من المسيحين؟....اليهود صلبوا مسيحا والمسلمون المتشددون منهم والصامتون صلبوا ويصلبون كل يوم مسيحيين ومسلمين معتدلين. للبيت المسيحي ربّ يحميه والمسيحية العربية لن تموت في المهد الذي ولدت فيه وانتشرت منه رسالتها للعالم اجمع.



#صليبا_جبرا_طويل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانسانية منطق وعقل
- المرأة وكيف نريدها؟
- توافق او شرق اوسط جديد


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - مسيحيون على صليب الثورات العربية