أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نور الدين بدران - قاصمة الظهر














المزيد.....

قاصمة الظهر


نور الدين بدران

الحوار المتمدن-العدد: 1169 - 2005 / 4 / 16 - 09:24
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


أطعنا رسول الله إذ كان بيننا فيا لعباد الله ما لأبي بكر
أيورثها بكراً،إذا مات ، بعده تلك لعمرالله قاصمة الظهر
الحطيئة
هذا هو التصريح الذي أدلى به الشاعر الحطيئة ، بعد وفاة الرسول وتسنم أبي بكر مقاليد الحكم ،وهو تصريح على قدمه أهم وأعمق وأبعد نظراً من جميع برامج المعارضة العربية اليوم ، وبلاغته لا تحتاج إلى شرح ، فليس أبو بكر أو سواه المعني فقط ، وإنما الحاكم كائناً من كان ، فما دام - مجازياً - ليس رسولاً من عند الله ، فإن تنصيبه لنفسه ، أو تتويجه من قبل مجموعة أو عصبة حوله ، هو بمنزلة قاصمة الظهر للأمة ، والمجاز هنا من باب قوة المحاججة ، فالحطيئة لم يكن مؤمناً أصلاً برسول الله ولا بالإسلام ولم يسلم إلا خوفاً ،وهكذا في أول فرصة له ارتد عن الإسلام ، لكنه وكما أسلم خوفاً ، عاد من ارتداده خوفاً ، حيث كان السيف مسلطاً على رأس المرتدين ، وكان خالد بن الوليد يقطع أعناقهم ويحرقهم ، بل حتى أولئك الذين يُتهمون بالارتداد ، (وقصة مالك بن نويرة وامرأته الجميلة التي أخذها خالد بعد قتل مالك وحرقه مشهورة ) والحطيئة كان شيخاً هرماً ضئيل الجسم (يقال هذا سبب لقبه بالحطيئة) ، ولا يحتمل نفخة من سيف الله المسلول ، بل إن الخليفة عمر بن الخطاب سجن الشاعر الهرم لسبب أبسط من الارتداد بكثير ، فقط لأنه قال شعراً في أحدهم ، وكالعادة لم يكن الحطيئة يحترم لا عمر ولا سواه ، لكنه توسل للخليفة "العادل" ببيتين شهيرين :
ماذا تقول لأطفال بذي مرخ زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة فاغفر عليك سلام الله يا عمـــــر
وهكذا لم يكن إسلام الحطيئة ، أكثر من علاقة عماد الشعيبي وشركاه ، بالسياسة التي يدعون الدفاع عنها والأحداث التي يعلقون عليها ، مع فارق الوعي والإبداع لدى الشاعر الكبير والإحاطة الواسعة في ما يتطرق إليه ، ولو قرأ الحطيئة كلماتي هذه لهجاني هجاء أستحقه لهذه المقارنة ، بينما على الطرف الآخر أن يشكرني على وضع اسمه بجانب عملاق كأوس بن جرول .
***
لست من هواة قراءة الحاضر على ضوء الماضي ، بل بالعكس أقرأ الماضي في ضوء الحاضر ، ولكن نظرة سريعة على الحاضر من المغرب الأقصى إلى الشرق الأدنى وحيث شهدت الدولة العربية تشكلها الجنيني أي منذ بداية الإسلام ، فإننا لا نجد تغيراً نوعياً ذا قيمة ، مع تدرج ممل في اللون الإيديولوجي الواحد تقريباً، ولكن الآلية العامة للسلطة والمعارضة تكاد تكون ذاتها ، مع الفارق نفسه بين الإبداع والارتزاق ، وبين المأساة والمسخرة حين تظهر الأحداث في تكرارها.
***
بوضوح شديد ، وعلى طريقة الحطيئة ، ليس ما يعنيني الأشخاص ، بل في العمق وعكس الظاهر ، هم مؤشرات وحسب ، بدءاً من الحسن الذي لا أعرف رقمه مروراً بجمال مبارك و سيف الإسلام القذافي وعبد الله الثاني أو الأسد الابن وليس انتهاء بالسلالات الخليجية أو ما شابه، وعلى الضفة الأخرى بدءاً ومروراً وليس انتهاء بسلالات المعارضة المقابلة ، حيث كما يكون السيد يكون العبد ، فالجميع ما هم سوى رموز وأرقام على مدرج ميزان الحرارة السياسي والثقافي العام للمجتمعات التي يحكمونها أو يعارضون حكامها للحلول مكانهم .
***
في إطار عمرنا الضيق والقصير ، نرحب بكل إصلاح مهما كان تافهاً إذا ما قيس بجميع استحقاقات المجتمع ككل وننتقل من اللعنة على الحاكم إلى غمره بسلام الله كله ، على طريقة الحطيئة ، ونحن نعلم أكثر من غيرنا مدى تناقضنا الذي يذهل المناطقة (أصحاب المنطق) لاسيما ذوي المنطق الصوري والنصييّن الذين وفق مساطرهم يريدون كل شيء أو يرفضون كل شيء، وهم في الحقيقة يثبتون في الأخيرة .
***
رب قائل :"وماذا تريد من هذا الهذيان؟" أجيب بوضوح : لا شيء سواه.
***
في قصيدة عنوانها "أيها السائح" يطلب محمد الماغوط من مخاطَبه أن يرمي آلة تصويره ويتوقف عن رحلته في بلادنا العجيبة ، ويمضي إلى أي فلاح ليقول له تاريخنا كله:"ببيتين من العتابا وهو يدرج لفافة تبغ" .
***
الحطيئة هو فلاحي ، ويسرني أن أثبت وصيته ، و سأصوغها من الذاكرة ككل ما جاء في هذا النص ، ولست مهتماً لحرفية النص ، فكما يروى أنه حين كان الشاعر الكبير على فراش الموت ، سئل بماذا توصي يا أبا أمامة؟؟
قال: للأنثى مثل حظ الذكرين ، وأما الأيتام فكلوا أموالهم ونيكوا أمهاتهم ، ثم أسلم الروح .
***
قراءتي الشخصية للوصية : غير أنه كان يحب بناته كثيراً( وهو الذي لم يحب أحداً) فهو كشاعر مرهف في نظرته ومشاعره ، تجاه الحياة عموماً والمرأة خصوصاً ، أما موقفه من الأيتام فكما أعتقد هو رمزي جداً ، حيث يعلم كل لبيب دور الأيتام (بقصد ووعي أو بدونهما لا فرق ) في إرساء القاعدة الدهرية لقاصمة الظهر ، والله أعلم.
***
وأخيراً هذا خبر موجه للفئات الآتية : السلطويين والمعارضويين والذكوريين وكل مثقفي الموت ، و ذوي العقائد الشمولية ، إن أبا العلاء المعري أدخل الحطيئة الجنة من أجل بيت وحيد :
من يفعل الخير لا يُعدَم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس
وأظن أن المعري جدير بأن يضطلع بفرز الناس (لاسيما الشعراء) بين الجنة والنار.



#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شادي سلامتك ... ويا سيادة الرئيس
- كون آخر
- العلاقة بالآخر مرآة الذات
- النهر الهادر أصم
- الفأس والرأس
- الولايات المتحدة ليست فوق التاريخ
- انتظري
- أشتهي... بعد
- اصح يا نايم .....كفاية
- اللعبة الغامضة
- أهرامات الحماقة
- نقي العظام
- ليت رذائلنا كرذائلهم وفضائلنا كفضائلهم
- كهدوء يتفجر بياضاً له قرون
- وماذا بعد الانسحاب أيها الأحباب؟
- كرة الثلج أم كرة المجتمع المتمدن يا سيدة بثينة ؟
- الفضل لله طبعاً ...لكن
- عقلاء يحترسون ....غوغائيون يجزمون
- البلاد الحقيقية
- الخوف الدائم من الكلمة المبدعة في بلدان الاستبداد


المزيد.....




- مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا ...
- في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و ...
- قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
- صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات ...
- البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب ...
- نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء ...
- استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في ...
- -بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله ...
- مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا ...
- ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نور الدين بدران - قاصمة الظهر