|
أحمد البغدادي و- الميديا كارتا
شاكر النابلسي
الحوار المتمدن-العدد: 1169 - 2005 / 4 / 16 - 11:36
المحور:
المجتمع المدني
أحمد البغدادي و(الميديا كارتا) د. شاكر النابلسي -1-
استطاع التيار الإسلاموي الكويتي أن يحرم القراء الكويتيين والقراء العرب من مقالات الدكتور أحمد البغدادي ويحول بين البغدادي وبين الكتابة والتعبير عن رأيه بحرية، مما أجبره على الكتابة خارج الكويت في جريدة "الاتحاد" الأمارتية الآن، وفي الوقت الذي بدأت فيه ما تُسمى بثورة (الميديا كارتا Media Carta ) بالتنامي واتخاذ مكان كبير لها في الفضاء الغربي عامة. في حين أن العرب في الفضاء العربي والإسلامي ظلوا يدورون كثيران الساقية، حول ساقية حرية المرأة، وتفعيل الاستحقاقات الديمقراطية، والقضاء على الأمية وفصل الدين عن الدولة، ومحاربة الفساد السياسي والمالي، وعدم التوريث السياسي، وضرورة تعديل الدساتير وخلع البساطير.. الخ. في حين أن الغرب تخلص من كل هذه الشرور وحولها من شرور إلى خيرات ومن سلبيات إلى ايجابيات. وانتقل الآن إلى المطالبة لحق جديد من حقوق الانسان وهو الإعلام الحر الشفاف والديمقراطي كحق من حقوق الانسان، وهو ما يسمى بـ (الميديا كارتا) أو المطالبة بحرية الإعلام .
ففي القرن الماضي كانت المطالبة بحقوق الانسان تنحصر بالمطالبة بتحرير العبيد وهي الشغل لمنظمات حقوق الانسان. وكانت حقوق المرأة ونظافة البيئة كذلك هي الشاغل لجماعات حقوق الانسان. ولقد أصبحت كل هذه الحقوق وراء القرن الحادي والعشرين. أما حقوق الانسان الجديدة التي أمام القرن الحادي والعشرين فهي حقوق الإعلام (الميديا كارتا) والتي تشمل حرية التعبير المطلقة، وهي الآن الشغل لمنظمات حقوق الانسان في العالم.
-2- كان أحمد البغدادي المفكر والأكاديمي الكويتي واحداً من المفكرين العرب الذين راحوا ضحية الإعلام المنفتح في الكويت، والذي يعتبر أكثر أنظمة الإعلام العربي انفتاحاً بعد الإعلام اللبناني قبل 1975 وبعد فبراير 2005. فلقد توهَّم البغدادي وتخيّل بأنه يعمل ويفكر ويكتب ويجادل في مجتمع حر ديمقراطي حقيقي وفي إعلام حر ديمقراطي واقعي، فوقع في شِباك السلفيين، كما تقع الفريسة في شِباك الصيادين في الغابة التي عادة ما تكون مغطاة بورق وأغصان الشجر للتمويه وللايقاع بالفريسة. وهكذا كانت حرية التعبير ذات القشرة الذهبية اللامعة، هي المطبّ الذي طبَّ فيه البغدادي، وأدى إلى اصدار حكم ضده ولصالح السلفيين، ولكنه أدى إلى معاضدة الليبراليين من المثقفين العرب والكرد من كافة أرجاء العالم والذين ذكرنا اسماءهم في المقالين السابقين ، وما زالوا حتى الآن يرسلون بتواقيعهم على نداء التضامن مع الدكتور البغدادي ومن هؤلاء:
علي كاظم القطبي الكاتب العراقي، خالد عبد المغني من الكويت، مصطفى كريشان المهندس الأردني، ضرغام سلمان البطيخ من العراق، عمران سلمان الكاتب والصحافي البحريني، د. اقبال العثيمين استاذ مساعد بكلية التربية الاساسية بالكويت، عبد الكريم سعدون الفنان التشكيلي العراقي، د. ابراهيم اسماعيل من جامعة السويد كلية العلوم، المهندس الأردني اياد صوالحة، عبد المحسن المانع رجل الأعمال السعودي، حسان جمالي من كندا، د. خليل جندي الأكاديمي الإيراني في جامعة كوتنكن، المعماري أيوب أوغنا الخبير والمحكم الدولي، محمد خلف، يحيى سلام المنذري قاص من سلطنة عمان، د. رياض الأمير الكاتب والناشط السياسي العراقي، فارس السلمان الصحافي الكويتي، خالد عبد المغني، ايهاب شنودة، طارق مشري أستاذ ومناضل في التجمع الدستوري الديمقراطي، نايلة شرشور حشيشة، محمد معالي صحافي وكاتب ونقابي ، فتحي بن الحاج يحيى مدرس، سلوى الشرفي الجامعية من تونس، نجيب البكوش الباحث في الفلسفة السياسية بجامعة باريس، المختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وليم سدراك مصري مقيم بفرنسا، عيسى شعيب العلي، عبد المجيد الشرفي المفكر التونسي، مهدي العصفور، أحمد الحلي، زكي أبو السعود، محمد البدري المهندس المصري، سعيد بشير علم الدين كاتب لبناني مقيم في برلين، أحمد الشافي الباحث اللغوي المصري، منى عبد الوهاب المعيدة بمركز اللغات و الترجمة بأكاديمية الفنون بالقاهرة، حسام مصباح مقدم برامج، د. ثامر العقيلي، علي الشرع المتحدث الاعلامي للحزب الليبرالي الد يموقراطي العراقي.
اضافة إلى عدد كبير من المثقفين الذين وقعوا في موقع "الحوار المتمدن" على الانترنت.
-3- (الميديا كارتا) التي تتفاعل وتتنامى هذه الأيام في الفضاء الغربي تذكرنا بـ (العهد الأعظم ) أو (الماجنا كارتا Magna Carta) التي صدرت عام 1215 في إنجلترا وأرَّخت لحقوق الإنسان، حيث نص هذا الميثاق، على إكساب الشعب الإنجليزي حقه في تجنب المظالم المالية. وضمنت فكرة حقوق الإنسان وثيقة إعلان الاستقلال الأمريكي سنة 1776، بتأكيد هذه الوثيقة على الحق في الحياة، والحرية، والمساواة. وفي فرنسا وفي أثناء ثورتها، صدرت وثيقة حقوق الإنسان في 26/8/1789م، وهي تعد إعلاناً عن هذه الحقوق.
فهل تلتفت منظمات حقوق الانسان لدعاوى الحسبة التي ترفع من قبل التيارات الإسلاموية على المثقفين والمفكرين الليبراليين كأحمد البغدادي الآن، وتحول بينهم وبين التعبير عن آرائهم كما تحول بينهم وبين الكتابة وهي أداة الاتصال الرئيسية بين المثقف والجمهور؟
-4- الفضاء العربي والإسلامي بحاجة ماسة إلى تطبيق قواعد (الميديا كارتا).
فالعالم العربي يمنع دخول بعض الصحف والمجلات وكثير من الكتب.
والعالم العربي يُقيم الحدود والسدود على المواقع الإليكترونية على الإنترنت.
والعالم العربي يمنع مفكريه ومثقفيه من التحدث في فضائيات معينة تعادي أو تنتقد سياسته.
والعالم العربي يتصنّت على المكالمات الهاتفية لمواطنيه ويراقب البريد الاليكتروني والبريد الجوي والبحري والأرضي ورسائل الفاكس.
والعالم العربي يعتقل الكتاب والمثقفين ويخطفهم ويقتل المفكرين والصحافيين (فرج فودة، حسين مروة، محمود محمد طه، سيد قطب، مهدي عامل، رياض طه، سليم اللوزي، كامل مروة، ميشيل ابو جودة، رضا هلال وغيرهم.
والعالم العربي يرسل طرود الموت للصحافيين (أحمد الجار الله).
وبالإجمال فإن اتصالات المواطن العربي بالآخر في الداخل والخارج هي في قبضة الأجهزة الأمنية والدينية والبوليسية.
فالعالم العربي أحوج ما يكون إلى ثورة (الميديا كارتا).
فما هي ثورة (الميديا كارتا) التي قامت في الغرب الآن؟
يقول ميثاقها الذي نشرته مجلة "آدبيسترز Adbusters" اليسارية الانجليزية في عددها الذي صدر في مطلع هذا العام:
"نحن الموقعين أدناه، نشعر بالضيق من طريقة صناعة وانتشار المعلومات في مجتمعنا. لقد فقدنا الثقة في كل ما نسمعه ونشاهده ونقرأه. فنحن نتلقى الكثير من البرامج الترفيهية والقليل من الأخبار ، والكثير من القنوات والقليل من الجديد، والكثير من حملات الدعاية. وهذا النظام المعلوماتي التجاري قد دمر نظرتنا إلى العالم.
لقد فقدنا الثقة في إعلامنا. فحفنة من المؤسسات الإعلامية تسيطر على أكثر من نصف حجم الإعلام في العالم. وفي الوقت الذي يعاني فيه الناس في كل أنحاء العالم من الجوع والاضطراب الاجتماعي والحروب وعدم حماية البيئة، نجد أن النافذين هم من يعرفوا كيف يمشون ويتكلمون ويدفعون الأموال الطائلة.
لقد فقدنا الأمل في إعلامنا الوطني.
لقد فقدنا الصبر في انتظار الإصلاح.
اننا نتخيل نظاماً مختلفاً لديمقراطية الإعلام. فنحن نرى وعوداً عظيمة في نظام الاتصالات المفتوح على الانترنت، ونحن نريد هذا الانفتاح أن ينساق على كافة على كافة أشكال الميديا. اننا نسعى إلى نظام اتصالات عولمي ديمقراطي قائم على مشاركة المواطنين . فنحن نطالب أن تعاد مفاتيح الميديا للناس.
ونحن نطالب بحق شراء البث الاذاعي والتلفزيوني بنفس شروط وقواعد شركات الاعلان. ونطلب من منظمي الميديا أن يقفوا جانباً لمدة دقيقتين في كل ساعة بث لكي نقدم رسالة المواطن. ونطالب بتفتيت أكبر شركات الميديا الست إلى شركات صغيرة.
اننا نبحث عن حقوق الانسان في عصر المعلومات الذي نعيشه الآن، والتي تقوّي حرية الكلام مع ضمان حق الظهور في الميديا. وهذا الحق الجديد نطلق عليه حق الاتصال المعلوماتي."
ما أجدرنا نحن العرب بمثل هذا الميثاق، وما أحوجنا اليه في ظل هيمنة دولة أو دولتين أو ثلاث في العالم العربي على كل الماكينة الإعلامية العربية المشاهدة والمسموعة والمقروءة، حتى لا تقع في المستقبل القريب ضحية أخرى كأحمد البغدادي.
ومن أراد التوقيع على ميثاق ( الميديا كارتا) فهذا هو العنوان: WWW.Mediacarta.org
[email protected]
#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العرب بين تحديات العصر وعوائق التغيير
-
العراق في العام الثاني بعد الميلاد
-
لماذا ننادي بثقافة التغيير؟
-
عودة الوعي السياسي الفلسطيني: -حماس- أنموذجاً
-
البغدادي وتجديد الفكر الديني
-
محنة العقل العربي: البغدادي أنموذجاً
-
الإرهاب الحلال والإرهاب الحرام!
-
هند وأحمد وبينهما لينا النابلسي - إن أردتم!
-
ماذا بعد -الاستقلال اللبناني الثاني- ؟
-
كيف يغسل الأردنيون عارهم بالعراق؟
-
عار أعراس الدم الأردنية
-
لماذا تحوّلنا إلى تيوس ننطحُ الصخرَ ؟
-
بورقيبة ينهض من قبره
-
أسطورة الحريري في الحياة والممات
-
شمس العراق تسطع على لبنان ومصر
-
الملك عبد الله والإعلام الظلامي
-
الدرس المفيد من العراق الجديد
-
من فلسطين بدأ الإرهاب ومنها ينتهي
-
الحب في زمن الإرهاب
-
لماذا لا ينضم العراق إلى الإتحاد الأوروبي؟!
المزيد.....
-
سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد
...
-
ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت
...
-
الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة
-
بيتي هولر أصغر قاضية في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية
-
بايدن: مذكرات الاعتقال بحث نتانياهو وغالانت مشينة
-
مذكرة توقيف بحق نتانياهو وغالانت: ما هي حظوظ تطبيق قرار المح
...
-
مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية ترحب بالقرار التاريخي للمحكمة
...
-
الأمم المتحدة: مقتل عدد قياسي من موظفي الإغاثة في 2024 أغلبه
...
-
الداخلية العراقية تنفي اعتقال المئات من منتسبيها في كركوك بس
...
-
دلالات اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنيا
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|