أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسماعيل حسني - هل الدين هو المشكلة ؟














المزيد.....


هل الدين هو المشكلة ؟


إسماعيل حسني

الحوار المتمدن-العدد: 4065 - 2013 / 4 / 17 - 22:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مع خروج تيار الإسلام السياسي من كهوف العمل السري إلى ميادين العمل العام عقب اندلاع الثورات العربية ثم وصوله إلى السلطة بزعامة جماعة الإخوان المسلمين، استدعت ممارسات وأفكار فصائل هذا التيار أسئلة هامة حول قدرة هذا التيار على التأقلم مع متطلبات الحياة المدنية الحديثة.
ومع تصاعد استخدام الإسلاميين لوسائل لا أخلاقية أو إجرامية في العراك السياسي من عنف وقتل وتزوير وتكفير وكذب ومراوغة ثم تبرير هذه الجرائم بشعارات ونصوص دينية، تصاعدت حدة التساؤلات لتصل بالبعض إلى التساؤل عما إذا كانت المشكلة تكمن في الدين ذاته باعتباره النقطة أو المرجعية التي ينطلق منها هؤلاء؟ وهو ما يؤكد ما توقعناه أن الأثر المباشر لتسلط الإسلام السياسي على الناس باسم الدين سيكون انتشار الإلحاد كرد فعل احتجاجي وتعبير عن رفض الناس للسياف والسيف في آن واحد.
ففي مناقشة ثرية على صفحتي في الفيس بوك ذهب عدد كبير من الأصدقاء إلى أن الدين هو أسوأ ما توصلت إليه الإنسانية في تاريخها الطويل، وأن البشرية لن تستطيع إيقاف ما يرتكب باسم الدين من جرائم إلا بالقضاء على فكرة الدين ذاتها، واعتبارها من مخلفات عصور الظلام، وذهب آخرون إلى أن المشكلة لا تكمن في الدين بل في من يتاجرون به للإستيلاء على السلطة والثروة في المجتمعات.
ونحن نرى أن أسوأ ما توصلت إليه الإنسانية ليس الدين في حد ذاته لما له من آثار إيجابية عديدة في حياة الإنسان، ولكن الأسوأ هو ما يلحق بالدين عادة من تكفير للآخر، وهو السم القاتل الذي ابتدعه الفرعون المصري المارق "إخناتون" حين دعا لعبادة "آتون" وأفسد التعددية السمحة للديانة المصرية القديمة "آمون"، ذلك السم الذي انتقل إلى الديانات الإبراهيمية الثلاث، التي أصبح الكهنوت فيها يحتمي بالتكفير لزيادة عدد المؤمنين به من ناحية، ولإجهاض محاولات الإجتهاد والتجديد في الفكر الديني من ناحية أخرى.
وتقتضي النظرة الموضوعية هنا أن ننظر إلى الدين من زواياه المختلفة، فالدين من ناحية يلبي حاجات ضرورية لقطاع كبير وربما يكون القطاع الأكبر من البشر، فهو يعفي الإنسان من مشقة البحث عن إجابات عن الأسئلة الوجودية الكبرى في حياته بما يقدمه له من إجابات جاهزة وسهلة ومريحة، ومن ثم فهو يقدم للإنسان السكينة والطمأنينة والحماية. كذلك فالدين يقدم للإنسان الوازع أو الدافع الخارجي لفعل الخير حين تعجز قدراته العقلية أو أساليب التربية السائدة عن تنمية دوافع ذاتية تدفع الإنسان لفعل الخير وتجنب الشرور التي تعكر صفو المجتمعات. وفوق هذا وذاك فالدين يحمي الإنسان من الفناء ويقدم له الخلود.
إلا اننا من ناحية أخرى لا نستطيع أن نجادل في حقيقة أن الأديان لا تجمع البشر، بل تفرق بينهم إلى أديان ومذاهب تعيش في حالة أبدية من التنافس والصراع بل والإحتراب. ذلك أن البشر منذ فجر التاريخ يتصارعون حول أربعة مسائل رئيسية هي الثروة والسلطة والجنس والدين، ولما كانت المسائل الثلاثة الأولى نسبية وتقبل القسمة فقد تمكنت المجتمعات البشرية دائما من حسم الخلافات حولها ولو إلى حين عن طريق قسمتها بين الأطراف المتنازعة، بينما الصراع الديني إذ يدور حول مطلق لا يقبل القسمة فهو يستمر إلى الأبد وتدفع فيه البشرية من دمائها وتطورها أفدح الأثمان.
هذا بالإضافة إلى أن ما تفيض به الأديان من آيات الرحمة وأدوات المغفرة ينجح في اجتذاب الناس لهذه الأديان ولكنه يعجز في كثير من الأحيان عن ردعهم عن ارتكاب جرائم يندى لها الجبين، إذ يقوم المتدينون بتأويل النصوص الدينية (وهي بطبيعتها الأدبية المطاطة قابلة للتأويل على عدة وجوه) بما يسوغ لهم ارتكاب جرائمهم دون أن يجفل لهم جفن، وفي كثير من الأحيان يقومون بتحويل هذه الجرائم إلى أعمال تعبدية يتقربون بها إلى الله، كما رأينا من المتدينين من جميع الملل عبر العصور، وكما نرى منهم اليوم في بلادنا.
وعلى ذلك، فإذا كان الدين بما له من إيجابيات وسلبيات باق بيننا لأنه يلبي حاجات بشرية لن تختفي في الأجل المنظور، فإن محاولة القضاء على فكرة الدين عملية عبثية تفتقد إلى المعايير الموضوعية التي يمكن أن تتحول بها إلى إطار استراتيجي لأي تحرك عقلاني يستهدف تحسين ظروف الحياة على كوكب الأرض.
إن الحل الأمثل لمشكلة الدين يتمثل في نظام يضمن تعظيم إيجابيات الدين والحد من سلبياته، نظام يفتح بيوت الله أمام المؤمنين، ويمنع استغلالها بواسطة الأدعياء من تجار الدين. نظام يحفظ لنا الدين والدنيا ولا يجبرنا على الإختيار بينهما. هذا النظام يتلخص في كلمة واحدة أضاء نورها كافة أرجاء الكون عدا بعض الجزر القليلة التي لا تزال مظلمة ومنها بلادنا. هذا النظام هو "العلمانية".



#إسماعيل_حسني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين وعد بلفور ووعد مرسي
- ربط التصويت بالمؤهل العلمي
- ليلة تقطيع الأصابع
- صفعة على وجه الوطن
- خصوصية الست باكينام
- مرسي يتحدث في غسق الدجى
- حسن البنا الرمز والخطيئة
- جمعة الرحيل
- هل يطفئ مرسي الحريق ؟
- مصر تبحث عن زعيم
- أخونة التعليم تشعل لهيب الثورة
- من ينقذ جبهة الإنقاذ
- دولة المشايخ في مصر
- القضاء المصري في مواجهة الفاشية
- مصر تحت حكم العصابات المسلحة
- الإخوان يسقطون رئيسهم
- الدين والأخلاق (2)
- دستور الحرب الأهلية
- غيرة الشيخ من القسيس هي السبب
- الدين والأخلاق (1)


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسماعيل حسني - هل الدين هو المشكلة ؟