|
اختلاف وتضارب الآراء حول طريقة كتابة الدستور العراقي الدائم
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1168 - 2005 / 4 / 15 - 10:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كثرت الاصوات وتعددت الآراء واختلفت الاتجاهات وتضاربت وجهات النظر لكن الجميع متفق على مبدأ واحد ــ سن دستور دائم للعراق ــ وعدم ترك هذه القضية كقضية ثانوية وعلى راحة من يريد أو يشتهي ولكي تنتهي مرحلة الدساتير المؤقتة واجتهادات كل من هب ودب فيها وحسب مصلحته ورؤيته السياسية. الا ان ذلك الامر، سن الدستور الدائم يتطلب الروية وعدم الاستعجال اي لفلفة الامر لمجرد كتابته والذي قد تتخلله نواقص عويصة تخلق في المستقبل اوجاعاً لا شفاء منها داخل المجتمع العراقي، فالروية هنا تتطلب مراعاة كل فئات الشعب العراقي ولن نسهب في هذا المجال لأننا تناولناه في موضوع سابق نشر على الملأ، ويتطلب ايضاً معالجة الخلافات وتضارب الاراء الى عدم اخضاعها الى شروط مسبقة وتدخل المؤسسات الدينية او غير الدينية التي ترى من وجهة نظرها انها وحدها تمتلك الحق والحقيقة فتفرضها على الناس بالقوة أو بواسطة الوعظ او الفتاوى او اية تأثيرات تستطيع بها جعل عملية كتابة الدستور وكأنها معجزة ، والقوة هنا ليس بمعناها العنفي فحسب وانما التأثير الديني والطائفي والقومي، لقد كانت الحكومات العراقية المتعاقبة وفي مقدمتها سلطة البعثفاشي تقوم بدور الوصي القَيم على الشعب بدون مراعاة طوائفه وقومياته الاخرى مما ادى الى تدني العلاقة ما بين مؤسسات الدولة وشعاراتها وادواتها وبين الشعب العراقي ، فالاخير كان يرى دئماً في الدولة ودساتيرها وقوانينها عناصر معادية له ولحقوقه وفقد بذلك ثقته كلياً بعدالة الدولة وقوانينها التي كان يراها لغير صالحه ومنحازة للفئات الحاكمة، وطوال فترة تسلط حزب البعثفاشي على السلطة في العراق كانت القوانين تسن على اساس تقديس الفرد والعشيرة والحزب اما الدستور المؤقت فكان عبارة عن اوراق مكتوبة لا يهش ولا ينش الا بما يلائم قيادة الحزب والدولة وعلى راسهم الطاغية صدام حسين وهذه الحالة التي تكررت على امتداد تاريخ العراق المعاصر يبدو انها ستتكرر من جديد اذا اطلقنا العنان للعاطفة والتأثيرات الخارجية المحدودة المصالح والتي تخص بعض الفئات والتجمعات او الطوائف والقوميات بدون النظر الى مصلحة الشعب كوحدة موضوعية واعتبار مصلحته هي العليا في كل شيء وليس كما تطلبه هيئة علماء المسلمين المشاركة في مناقشة الدستور الدائم بينما في الجانب الثاني دعت الى مقاطعة الانتخابات وهي تؤيد الاعمال الارهابية وتطلق عليها تسمية " المقاومة " فكيف يمكن التصور انهم جادون فعلاً للعمل في مصلحة العراقيين جميعهم بدون استثناء، أو ماقامت وما تزال تقوم به جماعة مقتدى الصدر وما يسمى بجيش المهدي، والمهدي "ع" بريء منهم، من اعمال وتجاوزات لاجهاض العملية السياسية وتنفيذ رغبات خارجية لاستمرار الفوضى في البلاد والتدخل في كتابة الدستور الدائم، أو ليس كما اعتبرالمجلس الاعلى للثورة الاسلامية ورئيسه السيد عبد العزيز الحكيم " ان كلمة الفصل في قبول الدستور أو رفضه ينبغي ان تكون للمرجعية الشيعية" فكيف يسمح لنفسه بكلمة " الفصل "حصر هذه القضية التي تهم كل العراقيين بفريق واحد دون الفرق الاخرى والذين لا يقلون عنه اهمية؟ وكيف يريدون ان يفهمونا انهم ليسوا كما كانت الحكومات السابقة تفرض علينا بحكم واقع القوة رأياً ترفضه الاكثرية من الشعب؟. ان من يريد ان يكون الدستور خاص بفئة دون غيرها سيجد اراد او لم يرد انه سيغمط حق الفئات الاخرى مهما تحدث او شرح عن الحقوق المتساوية للجميع، ثم لماذا لا يترك امره الى الجمعية الوطنية المنتخبة من قبل الشعب واللجان المشكلة لهذا الغرض وبالتالي عرضه على الشعب للتصويت او على الجمعية الوطنية اذا تعذر ذلك ؟ يجب ان يكون الدستور الدائم ليس كما هو اي قانون وضعي معين لحالة أو وضعية معينة اذا ما انتفت الضرورة له سن قانونا بدلاُ عنه، ولهذا يجب مراعاة الماضي الايجابي كون ان العراق كان اول دولة في العالم سن فيها القانون لحماية الانسان وبعض الحقوق في تلك الفترة القديمة، والحاضر كوننا تخلصنا من الحكم الاستبدادي ويجب علينا بناء دولة ديمقراطية تعددية فدرالية موحدة تحترم فيها حقوق المواطن وانهاء الاحتلال، والمستقبل رسم الطريق نحو الاستقرار وخلق مستلزمات مادية حقيقية لرفاهية الشعب العراقي وسعادته وتأمين مستقبل الاجيال القادمة فيه، ان يكون دستوراً دائماً للعملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية، ان يجري فيه تحديد صلاحيات المؤسسات الدينية لكي لا يجري التجاوز عليها او التداخلما بين مهماتها الروحية ومهمات الدولة المادية، ان لاتتدخل كمؤسسات دينية في العمل السياسي وتُستغل من قبل بعض السياسيين لأغراض سياسية تصب في مصالحهم وتدعم مواقفهم في قضية تخص قضايا الدولة مثل الانتخابات او تشكيل الحكومات وغيرها.. عليه ان يراعي مصلحة العراق بالدرجة الاولى ويرسم طرق الفائدة من النظام العالمي والتطورات في العالم ومدى تقدمه تكنلوجياً وصناعياً وحضاريا للاستفادة في البناء والتقدم على كافة الصعد، لا ان يبقى في وهم اجترار المقولات التعبانة ورهين لمقولات " كــــان لنا.. أو الحضارة كانت عندنا " التي ظلت شعارات دعائية ملازمة لسياسة الطبقات الحاكمة التي استخدمتها وما زالت تستخدمها لصالحها ولصالح مصالحها الانانية الضيقة بينما مصالح اكثرية الشعب لا قيمة لها ولا ينظر لها الا من باب كونهم الرعية المطيعة التي يجب ان تكون عبدة ومنفذة للقرارات والقوانين التي تصدرها حتى لو كانت ضد مصالح اكثرية الشعب على الدستور ان يكون لكل الشعب بدون استثناء لاتحدده المقولات المطاطية او البنود المبهمة حيث تفسر لاحقاً حسب قياسات الفئات التي تستلم السلطة ومن هنا تبدأ المصيبة وهي ستكون أُم المصائب وستفتح ابواب الجحيم مرة اخرى ولكن هذه المرة بحجة الدستور الدائم الذي سيكون كالقرآن الكريم لا يمكن مناقشته او الاعتراض عليه، والذي يجب ان يكون واضحاً وصريحاً لأن الشعب هو صاحب المصلحة الحقيقية فيه. الدستور الدائم للدولة هو لمستقبل العراق والعراقيين وللحفاظ عليه وعليهم بالدرجة الاولى واذا لا سامح الله شذ عن هذا الطريق فسوف يكون لصالح فئة دون غيرها كما كان الدستور في العهد الملكي او الدساتير المؤقتة التي سنت في زمن الجمهورية .
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحليلات حول سقوط النظام الشمولي - طالما الوالي الأمريكي -
-
الوجـــه المظلم في الاعتداء على مقر الحزب الشيوعي في مدينة ا
...
-
عزْلـــــة العــــراق والعراقيين شعار صوفي
-
الدستور الجديد وحقوق القوميات وحرية المعتقدات الدينية في الع
...
-
لائحــــة حقوق الإنسان والإغتيال السياسي للنساء
-
قـــوى اليسار الديمقراطي ما لها وما عليها في الانتخابات القا
...
-
قلـــق مشــروع
-
عدنـــــــــــــان كــــــــان
-
حول الجنسية.. لماذا التهجم على الكرد واحزابهم وعلى احزاب اخر
...
-
مؤشر خطر من قبل التطرف الديني في الاعتداءات على حرية الطلبة
...
-
ذكرى حلبجة القديمة
-
السيد علي السيستاني ومنح الجنسية العراقية
-
جائزة نوبل والتحفظ على الاكراد
-
الحكومة العراقية الجديدة ومستلزمات المرحلة الحالية
-
التداخل العذري لهمس النداء
-
في عيدها الـــوردُ يعطرُ نفسه ... 8 آذار الجميل
-
رغيف الخبز الملاحق من قبل وزارة التخطيط ومركز الاصلاح الاقتص
...
-
ثقافــة التحوير ثقافـة شوفينية وايدز عنصري معروف.. هل الكرد
...
-
أسئلة : كيف نفهم اغتيال رفيق الحريري والاتهام الفوري الموجه
...
-
بعيـــداً عنهــــــم
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|