|
-جلالة الإعلان- و-صاحبة الجلالة-!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4062 - 2013 / 4 / 14 - 20:39
المحور:
الصحافة والاعلام
.. وإنَّه لأَمْرٌ لو تَعْلَمون عظيم؛ وهذا "الأَمْر" إنَّما هو "الإعلان"؛ فإنْ كنتم في شَكٍّ مِمَّا قُلْنا، فاسألوا أهل الإعلام، وأرباب الصُّحف على وجه الخصوص؛ فهو، في تبجيلهم وتعظيمهم له، "جلالة الإعلان"، يَخُرُّون له سُجَّداً، يُسبِّحون بحمده، إنْ نَزَل عليهم؛ وقد ينزلون، إذا ما استمرَّ في النُّزول عليهم، على "الإرادة الأخرى" لـ "المُعْلِن"، أيْ على إرادته "غير التجارية"، والتي قد تكون "سياسية"؛ فمتى يتحرَّر إعلامنا (أو الإعلام على وجه العموم) من سطوته؟! حتى "الخطأ اللغوي" في "الإعلان"، ومهما كان جليِّاً واضحاً، ومعيباً، يظلُّ في الحفظ والصَّوْن، فلا يُصَحَّح؛ وكأنَّهم في خشيةٍ تَعْدِل خشية تحريف الكَلَم عن مواضعه! و"الصَّدارة"، إذا ما طَلَبَها "الخَبَرُ" أو "المقال"..، فهي أنْ يَجْلِس حيث جَلَسَ "الإعلان"، ولو كان "ذَيْل الصَّفْحة" موضِع جلوس "الإعلان"؛ فهو الذي يَجْعَل "الوضيع" من المكان "سامِيَاً". ولقد حان، على ما أَحْسَب، لِقِيَم ومبادئ الديمقراطية، أنْ تُنْهي هذا الصِّلة (المنافية للديمقراطية، والتي تَرْجَح فيها "كَفَّة العبودية" على "كّفَّة الحرِّيَّة") بين "الإعلان" و"الإعلام"؛ فهل في هذا الذي أدْعو إليه، وأقول به، وبضرورته وأهميته، ما هو أقرب إلى "الطُّوباوية" منه إلى "الواقعية"؟ كلاَّ؛ فهذه "الدَّعوة (وهذا القول)" ليست "طوباوية"، وإنْ خالطها شيء من "الطوباوية"؛ فإنَّ ذوي المصالح الفئوية الضَّيِّقة هُمْ الذين يُحامون عن ديمومة، وإدامة، هذه الصِّلَة، ويَحْرِصون على جَعْل، وبقاء، "الجريدة" مُسْتَخْذية دائماً لـ "الإعلان"، و"المُعْلِن"، ولـ "غير المُعْلَن من الدَّوافِع والغايات السياسية (لهذا، وذاك)"؛ ولقد عَرَفَ هؤلاء كيف يؤسِّسون لصحافة عَبَدَت "الإعلان" حتى استعبدها. وحتى لا يُساء الفَهم، أقول إنِّي لستُ ضدَّ "الإعلان (أو "المُعْلِن")"، في حدِّ ذاته؛ وإنَّما ضد هذه الصِّلة بينه وبين "الإعلام". دَعُونا نَجْنَح لمزيدٍ من "الواقعية"، في دَعْوتنا وقولنا؛ فَلِمَ لا نؤسِّس لـ "جريدة (أو نَشْرة) إعلانية"، تُنْشَر فيها، وفيها فحسب، الإعلانات جميعاً، أكانت للتاجر أم لـ "عزرائيل (صفحة الوفيَّات)" أم..؛ لِتُوزَّع مع كل جريدة يومية؟! إنَّكَ، في هذا الحال، تشتري جريدتكَ اليومية، جريدة "الأمس"، أو "اليوم"، أو "الغد"، ومعها "الجريدة (أو النَّشْرة) الإعلانية (الجامعة الشاملة)"؛ تشتريها بصفحاتها الخالصة النقيَّة من "الإعلان"، بأنواعه كافَّة؛ والتي لا تشتمل إلاَّ على ما هو من جِنْسِها (كالخبر والتقرير والمقالة والتعليق واللقاء والدراسة..). عندئذٍ، لن تطلبها (لن تشتريها، ولن تقرأها) إلاَّ لذاتها، أيْ لِمَا تَجِده فيها من أشياء تهمك، وتلبِّي لكَ حاجة معرفية أو فكرية أو سياسية أو ترفيهية.. ما. وإنِّي لأسمع الآن أرباب الصُّحُف اليومية يرفعون عقيرتهم بصرخة على شكل سؤال إنكاري قائلين: أَيُمكننا البقاء والاستمرار والعيش بلا أموال تأتينا من "الإعلان"؟! كلاَّ، لا يُمْكنهم؛ فإنَّ كثيراً من الجرائد اليومية تُباع (ويجب أنْ تُباع) بما يجعل "الخسارة (لا الرِّبْح)" عاقبة بيعها؛ فـ "الإعلان" هو، على وجه العموم، ما يقي الجريدة شَرَّ الخسارة، ويُنْعِم عليها بالرِّبح. إنَّ "الجريدة" سلعة لها من الخواص التجارية ما يجعلها مختلفة عن سائر السِّلَع؛ فهي (ولأسباب تعرفها "الدول" و"الحكومات" على خير وجه) يجب أنْ تُباع بسعرٍ زهيد نسبياً، أيْ بسعرٍ لا يشتمل على ربح؛ وإنَّما على خسارة، إذا لم يأتِها "الإعلان"، مُنْقِذاً لها من الغَرَق؛ فـ "السِّعْر الزهيد (نسبياً)" هو الذي من طريقه تُمَكَّن "الجريدة" من "صناعة الرأي العام"، أيْ من التحكُّم في كل ما يَدْخُل إلى "العقول" من "نوافذها (الحسِّيَّة)"؛ وهو الذي بفضله تُحْكَم "القبضة المالية الإعلانية القوية" على الصحافة، بمؤسستها، ورجالها، وسياستها؛ ويصبح ممكناً، من ثمَّ، جَعْل كثير من الناس يرون اللبن أسود (اللون). لكن، أَمَا مِنْ "حلٍّ"؟ "الحلُّ" في يد "برلمان ديمقراطي حُر قوي"؛ فهذا "البرلمان"، وبصفة كونه ممثِّل الشعب، والحريص على حُسْن إنفاق أموال الضرائب، التي تجبيها "الدولة" من الشعب، وباسم الشعب، هو الذي يَسْتَحْدِث "موازنة لدعم الصُّحُف"؛ فَتَحْصَل كل صحيفة من هذا الدَّعم المالي (البرلماني) على ما يتناسب مع وزنها، أو حجمها، المُقاس بـ "مبيعاتها"، و"الطَّلَب عليها"، و"الدَّرجة" التي تَقِف عليها في سُلَّم تقويم الناس لها، والتي يمكن معرفتها، ولو على وجه تقريبي، من طريق "استطلاعات (خاصَّة) للرأي". وإنَّ بعضاً من أموال هذه "الموازَنَة (البرلمانية)" يأتي من عائدات الإعلان في "الجريدة (أو النَّشْرة) الإعلانية (الجامعة الشاملة)". من هذه الطريق، ومنها فحسب، نَحْصَل على "جريدة" أقوى انتماءً إلى "عالَم الصحافة"، وأكثر استقلالاً عن "الحكومات" و"قوى الإعلان"، وأكثر انحيازاً إلى المصالح والحاجات العامَّة؛ فيَعْمَل قانون "صراع البقاء (بين الصُّحُف)" في حرِّيَّة أكبر، مُبْقِياً على الصالح منها للبقاء؛ فَمِنَ "المِهَنِيَّة"، ومنها فحسب، تُنَمِّي "الجريدة" لها جناحين، تُحلِّق بهما في أعالي السماء.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيري الذي يبني -الثقة- ب -التنمية-!
-
تجربة آينشتاين مع -الحقيقة-
-
اللاجئون السوريون.. مأساة -مهاجرين بلا أنصار-!
-
جوابي عن سؤال -مَنْ هو اليهودي؟-
-
-جريدة- لم تَرَ النور بَعْد!
-
ما معنى تلك الاتفاقية التاريخية؟
-
و-الودائع- إذا -تبخَّرت- في -جزيرة الشمس-!
-
تذكير جديد بالمخاطِر النووية
-
الزعماء العرب قرَّروا -عدم تسليح- المعارَضَة السورية!
-
حقيقة -النقود-
-
في الجغرافيا السياسية للصراع السوري
-
لقد -تكلَّم- أوباما.. فهل رأيتموه؟!
-
الأهمية الديمقراطية لتجربة -النَّشْر الإلكتروني-
-
السَّرِقَة
-
أوباما إذْ جاء سائحاً!
-
بشَّار مجاهِداً!
-
نظرية -فائض القيمة- تُجيبكم الآن..!
-
دَحْضَاً لحُجَج مُنْكري فَضْل ماركس!
-
لهذه الأسباب ما زال ماركس حيَّاً وعلى صواب!
-
أربع سنوات ونَلِد -حكومة برلمانية-!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|