|
الإخوان ولحظة الحقيقة
جاك جوزيف أوسي
الحوار المتمدن-العدد: 4062 - 2013 / 4 / 14 - 20:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بوصول السيد محمد مرسي إلى سدة الرئاسة في جمهورية مصر العربية، يكون الحلم الذي ناضلت جماعة الإخوان المسلمين لتحقيقه منذ تأسيسها على يد السيد حسن البنا وحتى الوقت الحاضر قد تحقق، الأمر الذي يطرح عدة إشكاليات مهمة إن على الصعيد الديني أو على الصعيد السياسي وعلاقتهما مع بعضهما البعض. فأول مشكلة اعترضت العهد الجديد كانت مشكلة العلاقة بين الديني والدنيوي، فباعتراض أعضاء في هيئة اعداد الدستور على الوقوف للسلام الجمهوري بحجة أنه بدعة في الإسلام، وضعت الجميع أمام وضع شاذ وغريب، وهو مكانة الدين في الدولة، وهل ستكون مبادئه توجيهية وعامة، أم إنه سيتّدخل في أدق تفاصيل حياة الإنسان ؟ ومن ناحية أخرى، سيكون السؤال التالي ما هو الموقف الجماعة الديني ( حسب قراءة التيار المتشدد في الإخوان المسلمين ) من باقي التيارات السياسية والاجتماعية والدينية وخصوصاً الأقباط والبهائية في المجتمع المصري ؟ هل سيعتبرون كالمخالف المفارق للجماعة، أم مواطنين من الدرجة الثانية ؟ أما السؤال الأهم هل سيكون ولاء هؤلاء للدولة أم سيكون ولاءهم للجماعة ؟ المشكلة الثالثة، إن الشعبية التي تكون قد اكتسبتها في الشارع المصري تعود إلى أن هذه الجماعة كانت خارج السلطة على مدى عقود طويلة تعمل على نقد أخطاء النظام إن على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي. وبرفعها لشعارات مستمدة من التعاليم الدينية، ستكون الجماعة في موقف محرج وخصوصاُ بعد تسلمها ممثلها زمام السلطة في الدولة، ففي حال فشلها أو سوء إدارتها للأمور في البلاد، وهذا من الأمور الطبيعية في الحياة، ستعرّض المجتمع لهزة أمنية وسياسية وأخلاقية قوية، لأنهم يمثلون المشروع الإلهي وهم الناطقون باسمه كما يعتقدون، هكذا مشروع لا يفشل بسبب مصدره وفي الوقت نفسه هم معصوم عن الخطأ لأنهم يتحدثون باسم صاحب المشروع. فمن سيكون حزب الشيطان الذي سيكون كبش الفداء الذي سيحمّلونه فشلهم. أما السؤال الأخطر الذي يطرح نفسه، ما هو موقف الجماعة عندما تتعارض السياسة مع العقيدة ؟ وهل ستكون الأولوية للعقيدة، أم الأولوية للسياسة ؟ وهل ستذهب الجماعة في سبيل العقيدة إلى آخر الطريق دون حساب التوازنات السياسة الدولية مهما كانت تبعات ذلك العمل ، أم إنها في سبيل الحفاظ على مكاسبها السياسية ستنحّي العقيدة جانباً على الأقل في مجال السياسة الخارجية ؟ ( وهذا ما رأيناه من موقف الجماعة من معاهدة الصلح مع إسرائيل والفقه التبريري الذي استخدمته ). هذه التساؤلات كلها لم يجب عليها برنامج حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي للإخوان المسلمين المعروف باسم مشروع النهضة والذي اعتبره معظم المحللين السياسيين إنه الترجمة العملية لشعار الجماعة " الإسلام هو الحل "، هذا الشعار الذي سال حبر كثير في نقده والدفاع عنه. هذا المشروع وضع ليحدد خطة العمل الإخوان المسلمين وتصورهم العام لمصر ما بعد الثورة، مصر التي ستكون قاعدة الانطلاق لإعادة إحياء الأمة برأيهم. معتمدين على التقسيم البريطاني للإستراتيجية، وضعت خطة العمل على ثلاثة مستويات. المستوى الأعلى تتضمن الهدف النهائي للإخوان وهو إعادة إحياء الأمة لتأخذ دورها الريادي بين الأمم. المستوى الأوسط تضمن الخطوط الإستراتيجية الرئيسية لبناء نظام سياسي، التحول إلى الاقتصاد التنموي، التمكين المجتمعي، التنمية البشرية الشاملة، بناء منظومة الأمن والأمان، الريادة الخارجية والملفات الخاصة التي تناولت قضية المرأة و مشكلة حقوق الأقباط وتحقيق المساواة القانونية الكاملة لهم أمام القانون كمواطنين مصريين. والمستوى الأدنى يتحدث عن الوسائل التي ستستخدم لتحقيق الأهداف الإستراتيجية المرسومة. المشكلة في البرنامج إنه لم يقدم تعريف محدد للمواطنة وحدودها، بالنسبة للأقباط بشكل خاص ولباقي الأقليات الدينية كالبهائية وللمرأة بشكل عام. فبحسب مفهوم الإمامة الكبرى والصغرى في المجتمع، سيكون ممنوع عليهم الترشّح لممارسة بعض الوظائف العامة، وهذا يتعارض مع مفهوم المواطنة الكاملة المنصوص عليها في الدساتير والتي تدرّس في كليات الحقوق. بالإضافة إلى أنه تجاهل قضية تنظيم الأسرة المصرية، هذه القضية التي لا تزال تشكل حجر العثرة أمام أي مشروع للتنمية في مصر. وفي معرض مقارنتهم بين تجربة حزب العادلة والتنمية التركي كحزب ذو مرجعية إسلامية في دولة علمانية والنجاحات التي حققها على الصعيد الداخلي التركي أو في المنتديات الدولية، حسب و جهة نظرهم. يطالب الأخوان المجتمع بمنحهم الفرصة لإثبات صحة وجهة نظرهم بالنسبة للملفات الخاصة وخصوصاً في قضية الأقليات، متناسيين إن أول نائب مسيحي في تاريخ الجمهورية التركية أنتخب في البرلمان الحالي ممثلاً عن حزب السلام والديمقراطية الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني العدو اللدود للجمهورية التركية، الذي يخوض الكفاح المسلح دفاعاً عن حقوق المشروعة للأكراد والأقليات في تركيا.
#جاك_جوزيف_أوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوضع السياسي والاجتماعي في سورية في النصف الأول من القرن ال
...
-
عصر الحارات العربية
-
في الأزمة السورية
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|