حميد الهاشمي الجزولي
الحوار المتمدن-العدد: 1167 - 2005 / 4 / 14 - 10:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حين حلت كارثة تسونامي ، وأدت إلى خراب إنساني ستكون له آثاره على المدى المنظور ، لم يجد المتأسلمون المغاربة "المعتدلون جدا" من وسيلة "للتضامن مع الضحايا إلا تفسير الكارثة ب"غضب الله" على السياحة الجنسية ، ولم يجدوا ،بطبيعة منطقهم، بدا من "توجيه الإنذار " إلى المغاربة محذرين إياهم من التمادي في استقطاب "السياحة الجنسية" .
وهذا المنطق يتميز بخاصيتين أساسيتين :
- الخاصية الأولى : وهو انه منطق خارج التاريخ ويناقض العلم وما توصلت له الإنسانية من تقدم علمي وتكنولوجي ، ففي الوقت الذي يعمل العلماء "الكفار" على توفير النظريات والوسائل الكفيلة بتفادي الكوارث ونتائجها على الناس والاقتصاد والطبيعة ، لا يستحيي المتأسلمون من تفسير الكوارث بخرافات تبث العلم تهافتها.
- الخاصية الثانية : وهو أنه منطق ينبني على ربط كل ما يقع بالكون بنصف الإنسان الأسفل ، وكأن لا شيء يحرك "إرادة الله" و"غضبه" إلا ما يأتيه الجزء الأسفل من الجسد البشري ، وهذا المنطق البورنوغرافي الموغل في العقد والتعقيد والاستلاب وانفصام الشخصية بل وعصابيتها .
غير أن السؤال الأهم يتعلق بمآل الإنسان والكون والطبيعة في حالة نجاح المشروع الإسلاموي السياسي في السيطرة على السلطة السياسية !!!! .
أما الجواب فقد توفر على أيدي من أتيحت لهم الفرصة لذلك من قبيل :
- كارثية ما وصل إليه الإنسان الأفغاني من مستويات أمية و فقر وعوز وتخلف في زمن قياسي لا يتجاوز بعض السنوات من سيطرة الطالبان .
- كارثية ما يعانيه الشعب السوداني من أوضاع لا إنسانية في عيشه اليومي ومستقبل أبنائه واستمرار الحرب الأهلية في حصد الأرواح باسم الدين والشريعة ، خدمة لمصالح مافيات عائلية وقبلية مادية وحياتية ولا علاقة لها لا بالدين ولا بالوطن.
- كارثية الأوضاع المأساوية للشعب الإيراني في معاناته مع نظام يلف نصف شعب بكامله في خرق سوداء ، ويحاكم بالسجن شبابا يتفتح على الحياة لمجرد قبلة ، ملغيا الحرية الشخصية والعامة باسم الدين والوطن ، والواقع أن الأمر يتعلق بمصالح دنيوية فجة يستمتع بها تجار الدين وتاريخ الدين.
- كارثية ما يقع بالخليج من انفكاك بعبع الإرهاب من عقاله وانتشار تدميره عالميا ضد كل ما يرمز للخلق والإبداع الإنساني ، بعد أن تم إعداده على مدى سنوات من العائدات البترولية ، وبعد شحنه بكراهية الدنيا وشهواتها ، وبعد أن انقلب السحر على الساحر بعد ذلك.
ليست الأمثلة في تنوعها وتشابهها بالقليلة ، بل أوردنا تلك الأمثلة لعبرة فقط.
ومن المؤكد أن الخروج من النفق وتخليص الإنسانية من حدوث كوارث شبيهة بما أوردناه أعلاه لن يكون من مهمات الأنظمة الاستبدادية الحاضنة الحقيقية للإسلام السياسي ، ولا من مهمات الإمبريالية الأمريكية خاصة بقيادة المحافظين الجدد، ذات الارتباط التاريخي بنواة الإرهاب الإسلاموي ، بل إن المهمة بالتأكيد هي من مهمات التحرر الوطني في حمولتها الديموقراطية والمساواتية.
#حميد_الهاشمي_الجزولي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟