أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - كلمة بمناسبة رحيل سيئة الصيت تاتشر!














المزيد.....

كلمة بمناسبة رحيل سيئة الصيت تاتشر!


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 12:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رحلت مارغريت تاتشر. ولان المجتمع والعالم طبقات، اختلف رد الفعل. فمن جهة، عبرت الطبقة الحاكمة في بريطانيا وسائر بلدان العالم عن حزنها لهذا الحدث وبعثت بتعازيها "الحارة" للحكومة البريطانية التي اعلنت الحداد لذلك. بيد ان اقسام عريضة اخرى من المجتمع كان لها راي اخر، عبرت عن غبطتها وفرحها لرحيل تاتشر ونزلت للشوارع للاحتفال بذلك.

ان ردود الفعل المختلفة هذه لها مايبررها. لقد فقدت الطبقة البرجوازية الحاكمة احد رموزها وشخصياتها الكبيرة، خسرت ممثلاً تفانى بامانة وحزم وبالغ الجدية من اجل خدمتها وخدمة مصالحها المناهضة للاغلبية الساحقة من المجتمع. لقد كانت تاتشر خير ممثل لطبقة الراسمال في يومها ولمصالح الراسمال. انها نموذج عبّر بشكل دقيق عن مصالح طبقة واحتياجاته في لحظة تاريخية ما.

بعد الحرب العالمية الثانية، تمكنت الطبقة العاملة، بنضالاتها وتحركاتها، وفي مرحلة ازدهار الراسمالية، من فرض العديد من الحقوق والمكاسب على الطبقة الحاكمة، على الراسمالية. مكاسب رفاهية وحقوقية كثيرة. ولكن مع ظهور الازمة الاقتصادية في السبعينات وهجمة الراسمالية على العمال، لم تقف الطبقة العاملة مكتوفة الايدي، قاومت وناضلت، شهدت البشرية مرحلة من حضور الطبقة العاملة ونزولها الميدان باوسع الاشكال. لم يكن الامر محلياً، لم يقتصر على هذا البلد او ذاك. فالمكاسب عالمية، النضال عالمي، الازمة عالمية. كل شيء عالمي الطابع.

في ظل الازمات الاقتصادية الحادة (الدورية للراسمال والراسمالية)، تمضي البرجوازية قدماً صوب دعم ذاك الجناح الذي يرد على هذه الازمة من زاوية مصالح البرجوازية، اي تحديداً سلب المكاسب التي حققها المجتمع، وفي مقدمتهم الطبقة العاملة. انها رات ضالتها المنشودة في تاتشر، فدعمتها وحزب المحافظين لرئاسة الحكومة. وحشدت القوى الاعلامية والصحافة ومؤسسات السلطة الحاكمة ووظفت كل امكانياتها من اجل خدمة هذا الهدف. لقد اتت تاتشر للسلطة لكونها خير ممثل لمصالح الطبقة ابان الازمة العالمية للراسمالية. ومثلما هو معلوم، ابان الازمة، تسعى الطبقة الحاكمة لنفض وزر هذه الازمة عن كاهلها لترميه على اكتاف الطبقات الكادحة.

وما ان اتت للسلطة حتى شنت حملة مبرمجة واسعة على الحركة العمالية. اذ اصدرت القوانين التي تمنع الاضرابات التضامنية (اضراب او اعتصام عمال او نقابة ما تضمامنا مع عمال اونقابة اخرى) وفرضت شروط قاسية على اي طرف يخرق ذلك. كما شنت حملة شرسة على صعيد الحقوق والضمانات الاجتماعية العامة للمجتمع التي تحققت عبر نضالات باسلة. حوّلت الخدمات الاساسية التي كانت تقوم بها الدولة مثل السكن وغيرها لاقتصاد السوق الحر ومايسمى بالقطاع الخاص، وفرضت ضرائب اضافية وغير مباشرة على المسائل الاساسية والحياتية اليومية مثل الدراسة والتعليم، الصحة، السكن وغيرها.

ان تاتشر والتاتشرية هما رمز الهجوم السافر على رفاه الطبقة العاملة وحقوقها في التنظيم والاضراب والاضراب التضامني. انهما رمز تخلي المجتمع والدولة عن مسؤلياتهما تجاه الفرد. على سبيل المثال لا الحصر الغت تاتشر، بوصفها وزيرة التربية عام 1971، وجبة قدح الحليب المخصصة والمقررة لاطفال المدارس. واعلنت ان حليب الاطفال ليست مسؤوليتنا، انها مسؤولية عوائلهم. "ليست مسؤوليتنا" هو الاسم غير الصريح للهجمة على حقوق الطلاب في المدارس. وشنت حملة على النساء وحقوقهن.

وكثيراً ما يقترن اسم تاتشر فورا، بالنسبة للحركة العمالية البريطانية وسائر المجتمع، باضرابات عمال المناجم في بريطانيا في ثمانينات القرن المنصرم ونقابة عمال المناجم التي استمرت لمايقارب السنة. نضالات بطولية قل نظيرها في تاريخ الحركة العمالية، لم تتورع "المراة الحديدية" من اللجوء الى ابشع الطرق واقذرها واكثرها انحطاطاً من اجل اركاع عمال المناجم وسائر عمال بريطانيا. الاعتقالات، الترهيب، التجسس والاعتداءات الجسدية وغيرها كانت اساليب يومية ضد العمال. هذه الهجمة التي ادت الى تسريح واسع للعمال عن العمل وفرضت ظروف عمل اقسى كثيرا على العمال. لم يقتصر الامر على عمال المناجم واضراباتهم، بل استطاعت حكومة تاتشر ان تفرض تراجع جدي على عمال المطابع والسيارات والحديد وغيرها ودحر اضراباتهم ونضالاتهم البطولية في وقتها.

التاتشرية هي حملة راية احالة المجتمع لمقتضيات السوق الحر. انها سحب يد الدولة من اي التزامات عليها للمجتمع في الصحة والتعليم والمعيشة والخدمات وكل شيء يخص حياة المجتمع. ان شعارها هو: "قيمتك بقدر ما في جيبك"! الدولة ليست مسؤولة عن صحتك، ولا عن تعليمك، ولا عن مستقبل اطفالك. فلاضير ان يرحل طفل ما عن عالمنا ان لم يكن والديه قادرين على الدفع. انها اقصى درجات الاستهانة بالانسان والكرامة الانسانية.

ان سجلها الرجعي المعادي للجماهير لم يقتصر على بريطانيا. انها ودفاعاً عن مصالح طبقتها، دافعت عن نظام التمييز العنصري في جنوب افريقيا، دعمت ديكتاتور تشيلي، بينوشت، واجرامه الدموي، وقفت في مقدمة الصفوف دفاعاً عن حرب امريكا ضد العراق في حرب الخليج والنظام العالمي الجديد المخصب بالدم.

ان كان رحيل تاتشر مبعث ان تنهال لوفاتها رسائل التعازي والاحترام والتقدير لها من قبل رؤوساء الدول والحكومات البرجوازية باختلاف مشاربها للخدمة الجليلة التي قدمتها لطبقتهم، فان طرف اخر، كان تنتابه مشاعر الغبطة والفرح لرحيلها. اذ تحولت الكثير من الاحياء العمالية والمحرومة الى اماكن للاحتفال واستذكار ماقامت به من جرائم بحق الاغلبية الساحقة للمجتمع. ان العالم وكل قيمه لهو فعلاً عالم وقيم واهداف طبقتان متضادتان!

رحلت تاتشر، ولكن التاتشرية بكل قباحاتها وتعطشها الدموي للربح والاستغلال باقية. ان عالم افضل مفعم بالسعادة والانسانية والفرح لايمكن ارسائه بوجود طبقة، راسمالية، هي مركز انتاج واعادة انتاج التاتشرية.



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول نظرية الشيوعية العمالية فيما يخص التنظيم
- في جواب على سؤال حول اوضاع سوريا الاخيرة!
- ان الصف الموحد هو، مرة اخرى، الرد الوحيد على التطاول على الع ...
- مجتمع مصر وثوريوه نبراس انطلاقة جديدة لدحر الاسلام السياسي!
- فارس محمود - عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي العراق ...
- أ للانحطاط حدود؟!!
- نقد لبيان صادر من قبل الاشتراكيين الثوريين
- انها اسلمة للمجتمع بالقوة، لن تجلب ثمارها!
- تنامي الثورة في مصر من جديد.... مسار بدء وبحاجة ماسة لافقه ا ...
- ان -مركز الشيوعية البروليتارية- هو ضرورة سياسية ملحة!
- طنطاوي... ان مايجب ان تستعد له جماهير مصر هو حربها ضد قوى ثو ...
- ليس لهذه البضاعة المستهلكة من شارٍ!
- انه تفسخ سلطة وليس -افراد-! ان هذه السلطة هي من يجب ان تولّي ...
- الاهداف الحقيقية وراء قرار اعدام مسؤولي النظام السابق!
- انها القومية... وليس لوث عقل اندريس بريفيك!
- بصدد تنظيم العمال!
- للرد على الامبريالية... ينبغي ادامة الثورة وتعميقها!
- لايستأصل ارهاب بارهاب! (حول مقتل بن لادن)
- عالم مقلوب بوسع الطبقة العاملة، وفقط الطبقة العاملة، ايقافه ...
- نداء الى جماهير مصر المنتفضة: ينبغي حل الجيش لا حكمه!


المزيد.....




- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...
- شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه ...
- الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع ...
- حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق ...
- بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا ...
- وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل ...
- الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا ...
- وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
- مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني ...
- تأثير الشخير على سلوك المراهقين


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - كلمة بمناسبة رحيل سيئة الصيت تاتشر!