محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 09:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يسخرُ منك مَن هو أدنى منك .صفيقاً يتساءلُ ، مَن أنتَ ؟ وهو يعلمُ ، أنه المجهول ، وأنت الواضح المعلوم . تلك ليست وثنية بقدر ما هي عهر فاضح ، في زمن عاهر .
تلاشت القيّم ، وضاعت المعايير وصار الطرْقُ على الابواب الموصدةِ يُزيد الطرقُ غموضاً . لكن الأصرار فينا يقهر العقم ويغيّر وجه الارض ويرسم ملامح الطريق التي أريد .
فعند مهوى قبضتي ستنفتح المغاليق ، ويعود وجه الحياة اخضر ، والطيور التي هاجرت كهجرتي تعود الى أوكارها .
غريب أنا ، أغنّي جروحي في حانة باردة ، والكلّ نيام . أطفأ النادل اضواء الحانة وغادرها الجلاّس ، لكنني تمسّكتُ بالكرسي تحتي مُرًّ عليّ أن ينزل النهار وأنا أحصي احزان الناس
في دروب مدينةٍ حرّاسها وشرطتها أضعاف أضعاف ساكنيها ، تشير الايادي صوبي وتومئ الاصابع اليّ وتنبجس الشفاه عن كلماتٍ : غريب ! انه غريب .
ليس بيني وبين الآخرين قطيعة ، وليس بيني وبينهم رواسب احقادٍ ، سوى انني ارفض أن أتسكع على الابواب ، أن يتجاهلني زيد ، ويتنكر لي عمرو ويشتمني نكرة ، لهو أحبّ
الى نفسي ، من مفسدةٍ أقحم نفسي فيها .
لن ألُّغ في دم غيري ، ولن أطعم نفسي الا من رغيف خبزي وأشرب من قدح مائي .
مبهور بهذا العالم أبقى . عالم الألف الثالثة ، حيث تتجذر الفوارق الطبقية وتتلون وجوه الخليقة بألوان عاهرات الليل ، وتفيح في الاجواء الليلية مناخات سحاق الليل ، وتقرأ آثار العهر
في جباه علية القوم ، هذا عالم الزناة . أما عالمنا نحن الفقراء . المبعدين عن دائرة الضوء والنفوذ فهو عالم الفضيلة وان عاش بلا أنوار . برغم أن المصباح الذي ينفذ بنا الى هناك ،ما يزال في يدنا .
نحن بأصرار نرفض أن يطال اذيال ثوبنا علق من ادران قوم ومجتمع ترك اخلاقه وموروثاته معيّة الالف الثانية وغادرها حافيا من كل شيء سوى النفاق .
في حالات كتلك نهرول نحو الماضي البعيد ، فالتاريخ ارث به نتمسك وندعم حجتنا الفقيرة . التاريخ ارث ،لكن فيه ما يخجل ! تلك الدعاوي الفارغة ، والحروب من أجل حشفٍ يابس .
ما زال القائمون على صناعة التاريخ يُقصون رجاله الحقيقيين . فالماسك بزمام التاريخ يفتح صمام اذنيه ليسمع التافه من القول ويضع اصبعيه فيها كي لا يسمع الآخر ، صوت الحقيقة .
ويشيح بنظره عنها . ان المضحك في التاريخ مُبكٍ . من أين نبدأ لو أردنا مقاضاة التاريخ وصانعيه والماضي . أليس هذا المشهد التراجيدي هو وجه التاريخ الذي تنكّر للفضيلة ، وصافح الخيانة والعار والجريمة .
من أين سندري ان ثوب الافعى يتجدّد . تلك بداية اللعنة التي لحقت بالأرض وبنا ، توارثناها رغماً وسنورثها للأبناء رغماً .
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟