نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث
(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)
الحوار المتمدن-العدد: 4059 - 2013 / 4 / 11 - 09:44
المحور:
سيرة ذاتية
يتنقل اسحق في رواياته بين محلات حافظ القاضي بشارع الرشيد ومحلاته مستذكراً لحظات ذکريات صباه الطويلة في محلات بغداد (الدهانة والشورجة والبتاوين وبارك السعدون وابو سيفين )ودرابينها المتلاصقة بيت على بيت ، کان من هناك ضحكات وخوف في إحدى تلك البيوت البغدادية , بعد اقتلاع أبناء الطائفة اليهودية من جذورهم في بلدهم العراق والزج بهم في (فلسطين) ,مما أدى إلى ظهور مشكلات الهوية وأزمة اغتراب نشعر بها في رواياتهم وكتاباتهم حيث الحنين إلى الوطن الأصلي( العراق ) , وقد نشأ الفن القصصي العربي بين هؤلاء الأدباء اليهود من خلال تأثرهم بالأدب العربي بسبب جذورهم الأولى في مدارس العراق , والعادات والتقاليد العائلية التي تشربوا بها , ومن هؤلاء الروائي اسحق بار موشيه , وقد ظهرت بعض التأثيرات البغدادية في روايته (بيت في بغداد).
ولد الروائي العراقي الأصل اسحق بار موشيه في بغداد في 23 كانون الثاني عام 1927 وفيها أمضى طفولته وصباه وأوائل شبابه، وسط واقع اجتماعي جيد وفي عائلة ميسورة, درس في مدرسة راحيل شمعون الإبتدائية وأكمل دراسته الإعدادية في متوسطة الرصافة عام 1943 , ثم الإعدادية الأهلية وهي مدرسة يهودية كانت تدار من قبل الطائفة اليهودية في بغداد, التحق بكلية الحقوق ودرس فيها بين عام (1945-1948) , وعمل في عدد من الصحف كمحرر، منها صحيفة "الشعب" و"الأهالي" , بعد هجرته القسرية أسوة بأبناء الطائفة اليهودية في العراق عام 1950 غادر العراق متوجهاً إلى فلسطين ,أسس صحيفة "الأنباء" التي تصدر في القدس ,عمل معلقاً سياسياً في "دار الإذاعة الإسرائيلية" لفترة (1958-1968) , حرر زاوية ( المقتطفات الاجتماعية ) لمجلة " المشرق الجديد " توفي اسحق بسبب مرض القلب بمانشستر في التاسع من شهر كانون الأول عام 2003 وحيداً حزيناً بعيداً عن أحبابه نائيا عن ذكرياته.
صدرت له أول مجموعة قصصية بعنوان "وراء السور" ومجموعة قصصية ثانية بعنوان "الدب القطبي وقصص أخرى" عام 1974 و "رقصة المطر وقصص أخرى" عام 1974 ونشر الأولى من سلسلة مذكراته التاريخية بعنوان " الخروج من العراق" عام 1975 .
يعتبر الحنين إلى الوطن الأوّل من الذين هجروا من وطنهم واقتلعت جذورهم من بلاد وادي الرافدين , حيث يتشوقون إلى الحارة الشعبيّة, ذلك النبض للحياة اليوميّة للمدينة العراقيّة ,وتلك ملامح مشتركة نجدها في روايات اسحق بار موشيه، وربّما لم يسجل الأدب العراقيّ الواقع اليوميّ للمدينة بالعمق والتفصيل الذي سجلته نصوص الكتـّاب اليهود في قصص شمعون بلاص، وفي نصوص سمير نقـّاش ، وفي روايات سامي ميخائيل ونعيم قطـّان ومذكرات سوميخ..
يقول الراحل اسحق بار موشيه في رواية (بيت بغداد):" الآجال محدودة, كل من يولد مكتوب في سجله من اللحظة الأولى : متى ستأتي لحظته الأخيرة " ,وفي موضع آخر من الرواية يقول بار موشيه: " والله لا يكشف أسراره لأحد,إلا إذا اختار ذلك اختيارا إنه عز وجل له حكمته00 0 ولحكمته لا توجد حدود لاختياره ,لا يوجد أي تفسير سوى ما يعرفه هو ويرضى بالكشف عنه" كما يذكر الروائي الراحل اسحق بار موشيه في أكثر من موضع حبه لقصص كامل كيلاني وتأثره بـ(مجنون ليلى) و(المعلقات) و(المتنبي) وبعض عبارات من قصة ( علي بابا ) في الأدب الشعبي العربي 0
هنالك أثراً نلمحه عند إسحاق بار موشيه حيث يميل إلى بدء الجملة بالاسم ثم إتباعه بالفعل وهو من تأثير العامية وقد نمّى اسحق بار موشيه هذا الاستخدام حتى أصبح السمة البارزة لأسلوبه ونلاحظ وجود كلمات وعبارات محددة منها في رواية(ما وراء الحياة) (الله يرحمه)ص239 و في رواية (بيت في بغداد) ( كان الله في عونها ) ص68 0
يؤكد الدكتور جلاء إدريس " أن في كتابات إسحق بارموشيه حيث حفل إنتاجه الروائي بالحديث المسهب عن مبدأ الحرية متأثرا في كثير من المواقف بآراء الجبرية التي تسربت إلى الفلسفة اليهودية في العصور الوسطى وقد انعكست هذه التأثيرات في عبارات محددة ومواقف واضحة في كل كتاباته وخاصة روايات(العرش ـ قليل من العطف ـ اللعنة الأولى ـ المسدس ـ ما وراء الحياة ـ وراء السور)".
وفي مقال للقيادي الفلسطيني (ابو مازن ـ محمود عباس )يقول:" صدر عن دار النشر السفاردية عام 1972 في القدس تحت عنوان " الخروج من العراق " لمؤلفه اسحق بار موشيه مدير الإذاعة الإسرائيلية ، وصف فيه حالة اليهود العراقيين عند وصولهم إلى إسرائيل والمعاناة التي لا قوها ، والتمزق النفسي والعائلي الذين عانوا منه واللامبالاة التي جوبهوا بها والاحتقار الذي كان سمة كل من استقبلهم هناك ، فيقول كنت أتجول بين القادمين كلما منحت لي الفرصة وابحث عن معارفي وأهلي وأصدقائي ، لقد تحول الجميع إلى أعزاء قوم ذلوا واستبيحوا مرتين مرة بيد حكومة العراق ومرة بيد حكومة إسرائيل التي لم تدرك خطورة ما قامت به تجاه طائفة يهودية من اعرق وأعظم الطوائف بالعالم" .
ويذكر الروائي اسحق بار موشيه في روايته "الخروج من العراق" : " لقد أصبح القادمون مهاجرين مشتتين حقا وقد قدموا خاليي الوفاض من كل شيء وظهر لنا في تلك الأيام أن أحدا في إسرائيل لم يكن ينتظر أن نأتي إلا هكذا ، وإننا بالنسبة للجميع يجب أن نأتي هكذا ، كنا نتذكر مؤسساتنا العظيمة وآثارنا المجيدة في العراق ونحن نتبادل نظرات خرساء ، وعندما كنا نتقدم نحو الوسط الإسرائيلي الثابت الأركان بحكم كونه قد وصل قبلنا وضرب جناحيه قبلنا فقد كنا نتبادل نظرات نكراء لم يكن أحد طرفيها يفهم الطرف الآخر ", ويؤكد الكاتب مازن لطيف علي في مقال على موقع الحوار المتمدن العدد: 3039 " ولأهمية هذا الكتاب قامت الحكومة العراقية بترجمته في ثمانينيات القرن العشرين من اللغة العبرية الى اللغة العربية، في طبعة خاصة وللتداول المحدود من منشورات ما سمي "مجلس قيادة الثورة في العراق" وصدر بعنوان " الهروب من العراق".
رواية "بيت في بغداد "
يدور الحوار بين أبطال كتاب اسحق (بيت ببغداد) بما يلي:
ـ هل تعرف فلان؟
ـ لا
ـ انه من الصف الفلاني
ـ لا، ما شأنه؟
ـ أبوه قتل
ـ والمدير والمعلمون يعرفون ذلك؟
ـ نعم، لا يقولون لنا شيئا لكي لا نخاف
ـ بعض الطلاب لا يأتون الى المدرسة
ـ آباؤهم يمنعونهم من المجيء من شدة الخوف.
يستمر اسحق في نهاية كتابه بشرح ما جرى لليهود في تلك الأيام العصيبة ببغداد: "في الطريق سمعتُ عمي أبو البير ووالدي يوصي أحدهما الآخر بأحكام إغلاق الأبواب وعدم الخروج حتى لو كان البيت خالياً من الطعام. ذهبنا إلى روضة مناحيم صالح دانيال فاصطحبنا أختي البرتين. الطرق مقفرة. الأحياء التي نمر بها كلها أحياء يهودية. الآباء يُمسكون بأيدي أبنائهم ويسيرون بسرعة. عند أبواب البيوت كنا نسمع المزاليج وهي تطبق والأبواب وهي تُغلق بقوة وشدة. وعندما وصلنا إلى البيت مطمئنين إلى أننا كلنا هناك، أغلقنا الباب بالمفتاح وأخذنا نقنع أنفسنا، كل على طريقته، بأننا الآن في أمان".
ثم يؤكد " إن أعجب ما صعب علينا هضمه هو إن البلاد التي قدمنا اليها لم تكن تعرفنا مثلما كنا نحن نعرف أنفسنا وتاريخنا ، وقد تعزز لدينا الاعتقاد وبمرور الزمن بأن الجهل لم يكن جهلاً وإنما تجاهلاً مقصوداً ، وفي كل دراسة طالعناها عن يهود أوروبا الشرقية ، كنا نحمل على الاعتقاد ان هؤلاء فقط هم يهود العالم ولا مكان بينهم لليهود والمعروفيّ الأصل والفروع والقادمين من الشرق ، كان مؤلما ومهيبا معا ان تخلو الكتب المدرسية من تاريخنا ومن ثقافتنا ومن أسماء كتبانا ومثقفينا وحاخامينا وعلمائنا وشعرائنا ووجهائنا ، نحن الذين أنتجنا في القرن الأخير فقط طائفة من أحسن كتاب العراق وقضاتها ومفكريها ، كنا نستجدي هنا اعتراف البلاد بنا فشعرنا إننا كالأيتام على مأدبة اللئام " .و يقول الروائي سامي ميخائيل: " إن أبناء جيلي حينما يتكلمون عن العراق إنما يتحدثون عن وطنهم الأوّل".
روايته يومان في حزيران :
يقول الباحث البروفسور كاظم حبيب في مقال بعنوان (المثقفون العراقيون اليهود قبل التهجير ) عن حادثة الفرهود بحق أبناء الطائفة اليهودية في يومي الأول والثاني من حزيران عام1941 في بغداد :" لقد اتسع دور يهود العراق في الحياة الثقافية العراقية في أربعينيات من القرن العشرين بشكل ملموس وتميز بالحيوية والثقة بالنفس والتفاعل مع المثقفين العراقيين من المسلمين والمسيحيين والكرد وغيرهم , بالرغم من الجريمة البشعة التي ارتكبها البلطجية والقوميين اليمينيين المتطرفين الأوباش التي أطلق عليها "الفرهود" , في يومي الكريستال الأول و الثاني من شهر حزيران من العام 3143 ضد اليهود ببغداد ومن ثم في العام ذاته بالبصرة , رغم إن قوميي وبلطجية البصرة الأوباش لم يتسن لهم قتل المواطنات والمواطنين اليهود بسبب الموقف الحازم والشريف الذي وقفه أهل البصرة إلى جانب العائلات اليهودية بالمدينة وضد هؤلاء الأوباش. في التصاق بارزا وفي تلك الفترة برز مثقفون عراقيون يهود شاركوا في أجهزة الدولة ولعبوا دورا بالنظام الملكي والدفاع عنه.
في ذاکرة الزمن ورحلة الأيام والبحث عن شهود عاصروا أيام الفرهود يحدثنا الأستاذ اسحق بار موشيه في رواية "يومان في حزيران" ما دار عن تلکم الأيام الخوالي والناس ملتهبة ، من جراء سماع الناس لإذاعة راديو برلين وتحريضاته وتعليقاته عن اليهود والانكليز والامريكان والأهالي لأهم ما يقوله راديو برلين يقول:
صباح يوم وأنا راقد في السرير ، وجدتني أقول لنفسي هذا الکلام وحزنت أکثر لأنه للمرة الأولى تأتيني کل هذه الأفكار وأنا أحادث نفسي ، کأنني أتحدث إلى شبحي المعلق في أعلي الشباك دون أن اعرف سبباً للکلام..
قبل ذلك بيوم ، استمعت إلى حديث بائس دار بين والدي في الخان وبين رجل يدعي حيدر ، حيدر کان شخصاً أمياً ، طيب النفس ، يقوم بأعمال السمسرة البسيطة ، فيجلب المشترين إلى والدي بعد أن يكون قد أقنعهم بحسن البضاعة ، ثم وعندما يقتنون ما يريدون ، يصحبهم إلى الخارج فيأخذ حقه منهم ، ويعود إلى والدي قائلا بخفة دم تتنافي مع قامته القصيرة وجسده الممتلئ .. لعب إيدك ابو ايلي . إلا انه يوم أمس عاد واخذ حقه بسرعة وقال : أبو إيلي الحالة صارت قاسية
--- ليش يا حيدر ؟
---هيچي أشو متعجبني ، الحرب هالأيام بس الله يدري إشوکت راح تخلص ، ومحد يعرف إشلون الانكليز راح يخلصون منها
ظهر هذه المرة على والدي أنه يحب هذه المرة ألا يقطع الحديث حسب عادته ، وأن يجامل حيدر لعله يستخرج منه أقواله شيئاً ، قال والدي ضاحكاً
---عندك وكت تتأمل الانكليز اشلون متضايقين ؟
---ليش لا يا أبو إيلي ؟ سمعت بالاخبار إن هتلر جند لهم مية ألف مليون جندي
إنهدم بيت أبوك يا حيدر ، العالم كله ما بي ربع هالعدد من السكان ؟ يعني هتلر جند کل اللي وياه عليه ؟
فظهر علي حيدر إنه متعجب ، كأنه اكتشف إن العدد الذي ذكره هو كبير حقاً، ويفوق عدد سكان العالم ولكن عينيه استمرتا تشعان ذكاء ورغبة في التغلب على قصور معرفته . كان حيدر يحب والدي ويستحب كرمه وعطاءه ، فهو يعطيه حق السمسرة بأكثر مما يعطيه الآخرون . صمت حيدر برهة قصيرة ، ثم قال:
صحيح أبو إيلي ، إشراح يستفادون الانكليز من هاي الحرب ؟
---ما أعرف ، مدا تشوف هتلر هو اللي شنها
والله ما أعرف ، شبچت الأمور ، بس إشراح يستفادون الانكليز منها ؟ مو ديصرفون مليون من هالپاونات ؟ راح إيفلسون حتماً ويصيحون الداد ويطلبون التوبة ويرجعون
--- شنو هالافكار العجيبة اللي عندك ياحيدر ؟ منين جبت هالفكرة ؟
---خطرت إبالي هسه
---وليش ماخطرت إبالك إن هتلر هو لازم يتوب ؟
فتطلع حيدر الي والدي مستنكرآ ، إلا إن ذكاءه الفطري عاد فتغلب قال : هتلر هو الاقوى ، والقوي مايحب التوبة
صحيح منطقك عجيب يا رجال ، أنت شاطر بالسمسرة ، ليش ماتتوسط بين هتلر والانكليز ؟
فضحک حيدر ضحکة طويلة من أعماق قلبه
ضحك الجميع حيدر وأبو أيلي
كنت استمع الي المحادثة وأنا مرتبك ، ثم أنا فضولي جداً ولكن في آخر الأمر لم تغب عني الطرافة والظرف في هذا الحوار .وقد استنتجت إن حيدر تجرفه الموجة العامة المرئية في العراق ، من تأييد المانيا في حربها ضد انكلترا وحلفائها . والموجة هذه تغذيها إذاعة المانية قوية باللغة العربية تكمن قوتها في وقاحتها في شتم الانكليز وتقديم النكات عنهم ، ولعن سيطرتهم علي البلاد العربية عامة والعراق خاصة ، والتنبؤ کل يوم وآخر بقرب الانتصار عليهم وبقرب وصول جيوش هتلر لتحرير الأمم المغصوبة وتخليصها من إثم الانكليز وعار سيطرتهم ، ثم إن الإذاعة تسمع بأعلي صوت في المقاهي ، ناهيك عن البيوت والمكاتب الرسمية.
لم يكن حيدر بالطبع مدعياً , فهو يلتقط كل شيء ويؤيد ما يجده خفيفاً علي نفسه وقابلاً للفهم ، وربما عرف دعائيو هتلر کل هذه الأمور فكانت دعايتهم قابلة للفهم ، تتحدث جيداً إلى العواطف ، وتجيد إثارتها . حيدر کذلك لم يکن إلا إنساناً بسيطاً من العامة . وقد حافظ دائماً علي علاقته بالتجار الذين يتعامل معهم من أجل كسبه البسيط . وعموماً كنت أتغذى علي مثل هذه المحادثات ، وأقول لنفسي إنها مقياس جيد لما يجري في صفوف العامة . كنت أعرف بتجارب الشيخوخة المبكرة ، إن المقاييس يضعها بالضرورة أصحاب العلم الضئيل آو الكبير ، الذين يوجهون الرأي العام من مقالات الصحف ومن الإذاعات . وكنت أقرأ هذا واسمع ذلك ، فيزداد حزني لما أراه قادماً لا محالة ولا اعرف كيفية تحديده ، ولا اعرف أيضاً موعد قدومه ، کما لا أعرف أبداً كيفية تحاشيه.
ذهبت تلك السنة إلى المدرسة المرکزية وسبقني إليها أخي الأکبر منذ عام ، لأن متوسطة الرصافة تنتهي صفوفها في الثاني المتوسط ؛ ولأن المتوسطة المرکزية أقرب إلي بيتنا الذي يقع في محلة الدهانة من متوسطة الرصافة ، وهو أمر يجب تدبره والاهتمام به نظراً لان الشارع أصبحت مخاطره أکثر ، ونظراً لأن صديق والدي في وزارة المعارف وهو مراقب الحسابات العامة في الوزارة ( داود سلمان ) قال إنه سيضمن لأخي ولي أحسن معاملة في المتوسطة الجديدة . وعلي کل حال فمن بدأ في طريق معين يجب آن يسير فيه حتى النهاية . علي کل حال أيضا فأخي سوف يسجل في الإعدادية الأهلية وهي فاتحة خير وسوف ألحق به أنا بعد انتهاء هذه السنة.
يؤكد الكاتب سلام عبود في مقال بعنوان(يهود العراق وخرافة البحث عن وطن افتراضي ) في موقع الحوار المتمدن العدد: 2895 – 21-1-2010 :"لا يخفى على أحد أنّ عقيدة الدولة الدينيّة المنتصرة استطاعت أن تفترس جزءا حيويّا من هوية المهاجر العراقيّ وتكوينه التاريخيّ. ظهر هذا جليّا من خلال تغيّر في الأسماء : داوود الى دافيد ومعلّم الى موريه، وتغيير في التعامل مع قواعد اللسان والتعبير اللغة".
لقد حاول شموئيل موريه تبرير التحول من العربيّة الى العبريّة لدى بعض الكتاب اليهود من طريق ربطه بعامل السوق (ايلاف 20 -10-2006). وهذا تبرير طهريّ، خجول، يشير إلى بعض من شظايا الحقيقة وبعض من نصال الإشكاليّة الثقافيّة، لكنه لا يجيب عن الأسئلة الجوهريّة, وحينما ناقش سامي ميخائيل، باعتباره أحد المتحولين، هذا الأمر مع صحيفة (داغسنيهيتر) السويديّة لم ينكر عامل السوق أيضا، لكنه لم يشأ أن يخفي أنّ السوق هنا يرتبط ارتباطا لا فكاك فيه بعامل السياسة والهويّة الثقافيّة وأفضليّة سبل الدفاع عن المواقف, يقول سامي ميخائيل" أن تكون يهوديّا، متحمّسا في مناهضة الصهيونيّة وتكتب بالعربيّة، ذلك أمر غير مغر بشكل خاص في أيّة بقعة من العالم". ولم يتوقف الأمر على الأسماء واللغة فقد تغيرت أيضا قواعد الانتساب إلى الوطن الأمّ, وربّما تكون صيغة " اليهود النازحين من العراق"،
ولرابطة الجامعيين اليهود النازحين من العراق في إسرائيل الدور في نشر مؤلفات اليهود النازحين من العراق والأبحاث التي كتبت عن يهود العراق, وهي جمعية علمية ثقافية اجتماعية أدبية تأسست عام 1980 غرضها وعقد الندوات العلمية والثقافية والأدبية,و المحرك الأساسي لهذه الجمعية هو البروفيسور دكتور سامي (شموئيل) موريه - أستاذ الأدب العربي في الجامعة العبرية، وبعدة جامعات في إسرائيل وخارجها، والشاعر الأديب أيضا - وقد نشرت هذه الرابطة بمبادرته، آثارا أدبية لكتاب عرب يهود، انتقلوا تحت ظروف متناقضة ومختلفة إلي إسرائيل، فأصدرت كتاب قصة حياتي في بلاد الرافدين للمحامي أنور شاؤل، وهو أول كتاب يصدر عن الرابطة، ثم أصدر البروفسور سامي موريه كتابه القصة القصيرة عند يهود العراق، وأصدرت الرابطة أيضا لسمير نقاش روايته التي يسميها كعادته رواية عراقية " نزولة وخيط الشيطان" ومسرحية "المقررون" ثم رواية "تنبؤات رجل مجنون في مدينة ملعونة"، عام 1995م وهو ما يوحي بوجود شعور عام لدي هؤلاء الكتّاب والشعراء بانتمائهم للثقافة العربية ، وسبل التعبير عنها، حتى من غير لغة كتابته ظل مربوطا بشكل ما بالثقافة العربية.
#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)
Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟