|
مظفر النواب .. قضيته ليست بيتزا ..!
جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 1166 - 2005 / 4 / 13 - 06:05
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
مسامير جاسم المطير 871 لا أريد الحديث عن البيئة السياسية التي عاش فيها مظفر النواب ولا أريد الحديث عن حياته الصعبة في هذه البيئة من اضطهاد وقمع وتضحيات كما لا أريد الحديث عن الوضع الذي يعانيه في غربته المؤسية عن وطنه العراق منذ 36 عاما ولا أريد أن أتحدث عن تجربته الشعرية وكلماته النابضة بالوطنية والإنسانية وبالوضوح التام وبالموسيقية الموحية وبالإيقاع الدفيء المتفاعل مع أحاسيس الناس ، فكل ذلك وغيره من التفاصيل باتت معروفة ليس فقط أمام المهتمين بشعره حفظا ومتابعة ونقدا فهو يملك موقعا آخر تحتضنه قلوب ملايين العراقيين لان قضية مظفر النواب هي قضية الشعب العراقي عامة ففي تصور المثقفين العراقيين مثل جماهير شعبهم أن مظفر النواب يمثل طليعة من طلائع النضال في التراث السياسي العراقي وفي حاضره الثقافي أيضا. على أية حال ما دفعني لكتابة هذه السطور هو قراءتي لمقالة السيد د. خالد منتصر في جريدة إيلاف الإلكترونية يوم 8 نيسان 2005 بعنوانٍ ( قصائد البيتزا وأشعار هوم دليفري ) وهو عنوان لا يخلو من غرض محدد لا علاقة له بالنقد الأدبي أو الشعري أراده الكاتب أن يكون مثيرا أو انه رغب أن يمتد تأثيره إلى مدى بعيد بين الكتاب والقراء من العراقيين والعرب متخيلا انه سيتجاوز فعلا الدائرة المحدودة عادة لقراء المقالات السريعة التي تجتذبهم العناوين المثيرة . في مقالته سطور لا أعتقد أنها تتصل بأي حال من الأحوال مع محاولة فهم الشاعر مظفر النواب بأمسية مدينة أبو ظبي - المجمع الثقافي – ولمناسبة دورة معرض الكتاب الدولي أو مع حق مظفر النواب أن يقرأ ما يشاء وأن يختار بنفسه ما يشاء للقراءة . فقد كتبت المقالة من قبل الدكتور خالد بفلسفة متعالية أطلقت " حكما " نهائيا وبتأكيد يبدو للقارئ أنه تام وغير قابل للنقض أو التغيير ..! فقد أعطى الكاتب لنفسه حق الوصف المباشر لقراءات شعرية أختارها مظفر النواب بنفسه لنفسه ولجمهوره – وهو جمهور ليس جديدا في أكثريته - في محيط ثقافي معاش بلحظة وجوده على المنصة ودون أن يضع بحسبانه أن الدكتور خالد منتصر قد يتحول بتلك المناسبة وفي زمانها ومكانها إلى مفسر بطريقة علية إلى ناقد أدبي وعالم اجتماع ومؤرخ في آن واحدة وفي مقال واحد وبصفحة واحدة . . فقد فاجئنا أثناء ممارسته النقدية لتلك الأمسية بتمثل أشياء خارجية عند قراءة مظفر لـ" جزء " من أحدى قصائده وليس " كلها " ..!
لم يجند الدكتور خالد منتصر فرقة أو فيلقا من الشبهات ليلصقها بشعر مظفر النواب لكنه اخترع بدعة واحدة ليوجه اتهاما غير قابل بنظره للاستئناف وهي تهمة المساومة حول قضية مظفر النواب بشعره وبالذات حول قصيدته المعروفة القدس عروس عروبتكم وكأنما نظم مظفر النواب هذه القصيدة لا لتنتشر وتنشر في كل مكان ولا أن يداولها الناس في فلسطين وغيرها ولا يقرأها في أهم المواقف حساسية وحرجة وإنما نظمها مظفر كي يأتي يوم – كما حدث أمس – ليكتب خالد منتصر غامزا الروح الوطنية المتأججة منذ زمان بعيد في شعر مظفر ومناسبات ألقائه . وقد وجدت في مقالته القصيرة جدا رغبة لدى الدكتور خالد منتصر في استخدام النقد الحر للنيل من " الآخر " حتى ولو كان " الآخر " قامة شعرية – جماهيرية شامخة كقامة مظفر النواب . تماما كما أشار جان بول سارتر ذات يوم عندما فكر في الحرية التي قد يمارسها " بعض الناس " عندما يعتقد هذا البعض بأن السكين صنعت فقط للقطع أو القتل وليس لها منافع أخر ..! لم يكن مظفر النواب منذ قصيدته الشعبية " للريل وحمد " مجرد مشروع قصيدة ، ولم يكن من هواة نشر الدواوين ، ولم يكن من هواة العيش الهادئ الهانئ ، بل كان مناضلا مهموما بآفة الاستعمار وبحقوق الشعوب المناضلة من أجل حريتها وكرامتها وبأساليب الغدر والقتل التي مارسها البعثيون والقوميون والرجعيون والفاشيون في كل بقعة على الأرض العراقية. كان شاعرا يحمل مُثله في بيوت شعره على أوراقه وفي صوته وفي طريقة خطابه مع المستمعين . كان داعية لتغيير عقول الحكام والمحكومين ، كان هذا الشاعر لا يكتفي ب" التنظير الشعري " كما فعل آخرون بل بضروة العمل والتضحية من أجل انتصار العدالة . قال الدكتور خالد منتصر في مقالته (ولذلك كان حجم الصدمة هائلاً حين علمنا بأن مظفر النواب قد قرر حذف فقرات كاملة من هذه القصيدة عندما ألقاها في معرض كتاب أبو ظبي إرضاء للحكام هناك ، وهذا التصرف يطرح أسئلة كثيرة ويثير قضايا هامة منها أن هذه القصيدة بمجرد كتابتها تقاسمنا ملكيتها نحن الجمهور مع كاتبها فهل يحق له فجأة وبدون سابق إنذار أن يتنازل عن أجزاء منها تماشياً مع موقف ما أو إرضاء لحاكم أو شيخ ..) وقد جاءت كلمة " علمنا " في مقالته وكأنها شيء جازم كان قد حصل هذا " العلم " كتغيير في موقف مظفر النواب على المستوى القومي ..! كان الأفضل على الكاتب خالد منتصر أن يورد الفعل " حسبنا أو استنتجنا " بدلا من " علمنا " لكان أكثر تقبلا في دعوته للحوار حول هذه النقطة . فما بين كلمتي أو فعلي " علمنا " و "استنتجنا " مساحة واسعة هي نفس المساحة الواقعة بين حسن النية في الكتابة النقدية وسوء النية في ما وراء النقد في مثل تساؤله عن حق مظفر النواب في " التنازل " عن أجزاء من قصيدته كما " علم " الدكتور خالد منتصر نفسه ، وردّ عليه آخرون بإيضاح ، وهو الذي لم يستخدم فعل " أظن " لأنه يعرف أن بعض الظن إثم ..! لكن لماذا فاته أن مظفر النواب هو صاحب قصيدة " البراءة " التي أدان فيها كل من يتخلى أو " يتنازل " عن معتقداته وأفكاره و" أظن " أن مظفر قرأ هذه القصيدة في ذات الليلة ..؟ ومثلما ان شعرية التعبير تكون حسب موهبة الشاعر فان استجلاء تلك الشعرية واختياراتها تكون حسب موهبة " حيز " المتلقي وسيكولوجيته في لحظة ما من اللحظات ، وإما سوى ذلك فان نظرية " البيتزا والهوم دليفري " التي تحدث عنها الدكتور خالد منتصر لم تكن موفقة و لا تدخل في أسس ومناهج وأساليب حرية الشاعر في الاختيار أو في طريقة أو حجم ما يختاره من قصائده بقصد الإلقاء . لماذا فات عليه أن غالبية الحاضرين إلى أمسيته الشعرية في مدينة أبو ظبي كانوا من العراقيين المقيمين فيها وأن خطابات مظفر الشعرية الموجهة لهم كانت أغلبها إن لم تكن كلها – لا أعلم – من شعره في الوجع العراقي وفي الغزل العراقي والهم العراقي .. وأن قراءة " بعض " مقاطع من قصيدة " القدس عروس عروبتكم " جاء بناء على " طلبات المستمعين " في نهاية الأمسية وليس تخطيطا مسبقا لها ..! ترى هل نستمر نواجه الحالة اللاشرعية في مصائب " النقد الأدبي " على نظرية أن طموح البعض في الكتابة والقول لا يمر بنظرهم إلا عبر طعن الآخرين تطبيقا لما قاله جان بول سارتر عن نظرية صنع السكاكين ..!! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بصرة لاهاي في 9 نيسان 2005
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عراقيون بالثقافة .. عراقيون بالفيدرالية ..!!
-
عتاب إلى الرئيس جلال الطالباني ..!!
-
مسامير 864
-
مسامير 862
-
مسامير 860
-
مسامير جاسم المطير 859
-
الطائفية السياسية عار الديمقراطية ..!
-
اضحك مع الديمقراطية ..!!
-
الاستبداد الجديد وفق نظام - موافج - القديم ..!!
-
اتفقنا على أن لا نتفق ..!
-
التنمية الثقافية أهم شروط بناء المجتمع المدني في كردستان الع
...
-
الزرقاويون الشيعة في محافظة البصرة ..!
-
حامض الكبريتيك يعيق تشكيل الحكومة العراقية ..!
-
يا رب العالمين أغلق أبواب الجنة بوجه الانتحاريين ..!
-
تعدّدَ أصل الناس والموت واحد
-
لا تحصل المرأة على حقوقها إلا إذا صارت رجلا ..!
-
نوبل والسيستاني
-
سوريا على جسر التغيير ..!
-
الكومبيوتر ديناصور متعدد الرؤوس ..!!
-
يولد الغضب من سوء الفهم ..!!
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|