أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بازغ عبد الصمد - القوة الناعمة لأوروبا الشرقية - النموذج الأوكراني















المزيد.....


القوة الناعمة لأوروبا الشرقية - النموذج الأوكراني


بازغ عبد الصمد

الحوار المتمدن-العدد: 4058 - 2013 / 4 / 10 - 03:02
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


قد يستغرب القارئ للوهلة الأولى هذا العنوان، و يتبادر إلى ذهنه سؤال مشروع، هل أصبح لأوروبا الشرقية الخارجة لتوها من عباءة الإتحاد السوفياتي المنهار، قوة؟ على اعتبار أن عقدين من الزمان لا يشكلان في حياة الدول و الشعوب زمنا طويلا، و هل أضحت هذه الدول تمتلك هذه النسخة الحديثة لمفهوم القوة، و هل أوكرانيا بالذات تعتبر نموذجا لهذا النمط من أنماط القوة يتجاوز محيطها الجيوسياسي ليؤثر على منطقتنا العربية و في شقها المغاربي بالخصوص. هذه الدولة كغيرها من دول أوروبا الشرقية لا زالت تعاني من التبعات السلبية الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية الناجمة عن فترة الهيمنة السوفياتية، و المثقلة بالفساد الاداري و الاقتصادي و الأزمات السياسية، و ان كانت أوكرانيا و بولونيا الشمعتان المضيئتان اللتان تبددان الظلمة التي تبدو شديدة العتمة إن صح التعبير في منطقتهما، دون ان ننسى أيضا أن وضع هاتان الدولتان قد يبدوا أفضل حالا بالمقارنة مع أوضاع العديد من الدول العربية.
إن الجواب عن هذه الأسئلة يقتضي أولا تعريف القوة الناعمة، و هذه الأخيرة مفهوم صاغه عميد مدرسة كيندي للدراسات الحكومية بجامعة هارفرد – جوزف س ناي- و عرفها على أنها القدرة على الحصول على ما يراد عن طريق الجاذبية، التي تتولد من الانجذاب إلى القيم المشتركة و العدالة و توليد التعاون..و تعرف أيضا على أنها القدرة الروحية و المعنوية للدولة من خلال ما تجسده من أفكار و مبادئ و ثقافة و فن...، مما يؤدي بالآخرين إلى احترام هذا الأسلوب و الإعجاب به و إتباع مصادره و من تم تستطيع أن تمتلك عقول و قلوب الآخرين و تدفعهم للتضامن معك، و بالتالي فللقوة الناعمة آليات عمل من خلال السلوك و الذي يمكن أن ندرج ضمنه الثورات و التحركات الشعبية العالمية و التظاهرات الرياضية و الفنية و على هذا الأساس لا يمكن نفي امتلاك دولة من الدول أو مجتمع من المجتمعات هذه القوة لكن الأمر لا يعدو أن يكون في نظري تفاوتا في درجات هذه القوة و القدرة على تحويل هذه القدرات إلى هذا النمط من القوة للتأثير في الآخرين.
و من هنا تشكل الثورة البرتقالية في أوكرانيا مطلع 2005 و التي تمكن من خلالها مئات الألوف من المتظاهرين سلميا، من تغيير نظام الحكم في هذا البلد في مشهد عد الأكثر تأثيرا منذ سقوط جدار برلين و الذي أفزع العديد من الدول و أولها روسيا التي حذرت مواطنيها من أن أي تحركات برتقالية سيتم سحقها بدون رحمة، و إن كانت هذه الثورة اليوم في احتضار إلا أنها آنذاك وضعت أوكرانيا في صلب المواضيع الدولية و التي شكلت في ذلك نموذجا يحتذى بالنسبة لمن يتطلعون إلى تحول مماثل على المستوى العربي، و لعل السبب الرئيسي لذلك هو النموذج السابق الذي شكلته دول أوروبا الشرقية كمثال لاستلهام نموذج الحزب الواحد و الملكية العامة للاقتصاد و الإيديولوجية الشمولية في العالم العربي.
لكن القوة الناعمة لأوكرانيا اليوم و التي تحاول أن تترك من خلالها بصمة لدى الدول العربية مؤسسات و شعوب من وجهة نظري المتواضعة بغض النظر عن مدى تأثير هذا النموذج، هو التبادل الثقافي و التعليمي، إذ لا شك أن التبادل الثقافي يفتح الباب أمام الإنسان العربي للاختيار بوعي بين الثقافات الإنسانية الأخرى عكس الغزو الثقافي الذي يتم بالقسر و الإلزام و فرض ثقافة معينة من طرف واحد، وهو يسهل انتقال الثقافات بين الأمم عبر الوسائل المشروعة و الإرادة الحرة في اختيار ما يناسبها من ألوان و أصناف الثقافات.
في هذا السياق، زارنا بماستر العلاقات الدولية و القانون الدبلوماسي و القنصلي، بكلية الحقوق و الاقتصاد التابعة لجامعة الحسن الثاني بمدينة المحمدية المغربية، طلبة من معهد العلاقات الدولية - تراس شيفتشينكو- بكييف العاصمة الاوكرانية، في اطار اتفاقية تعاون أكاديمي بين المؤسستين يتم بمقتضاها تبادل زيارات طلابية في كل سنة، هذا العام كانت البعثة الاوكرانية تضم 7 طلبة، 4 ذكور و 3 إناث، هؤلاء من المفترض أن يصبحوا أفرادا من النخبة في بلدهم على المستوى الأكاديمي و الرسمي، (إذ أن المعهد سابق الذكر درس و يدرس به طلبة من باقي دول أوروبا الشرقية بعضهم أصبح في ما بعد رؤساء دول و حكومات...) و بالتحديد دبلوماسيين و على الأرجح بالمنطقة العربية و شمال إفريقيا على الخصوص، لكن المدهش و غير القابل للقفز عليه، هو الاختيار الذكي و الغير عشوائي أو الاعتباطي لهؤلاء الطلبة، على غرار ما يحدث في دولنا العربية و دول العالم الثالث على العموم، و التي تحكمها البيروقراطية الاكاديمية و الفساد المؤسساتي، هؤلاء الطلبة لم يتجاوزوا السنة الثالثة بالمعهد، و أكبرهم لم يختم ربيعه الثاني و العشرين، إلا أن جميعهم يتقنون اللغة الانجليزية غاية الاتقان، إلى جانب تكوينهم الفرنسي أحسن منا نحن المغاربة الذين تحكمنا روابط تاريخية ثقافية استعمارية مع اللغة الفرنسية، بالإضافة إلى أن بعضهم يتكلم اللغة الفارسية، دون أن ننسى العربية التي تلوكها ألسنتهم بنوع من التحدي و الاعجاب و الاصرار على تعلمها. و هذا هو بيت القصيد من بعثتهم هو التحدث بالعربية و اعمالها في حيز اجتماعي يستعملها، في وقت أصبح الكثير منا نحن العرب و الطلبة على الخصوص الكثير ممن لا يتقنون التحدث بلغتهم فما بالك باتقان لغة ثانية أو ثالثة.
كل هذا يؤكد أن دول أوروبا و أوكرانيا على الخصوص أخدت على عاتقها التخلص من دبلوماسية الايديولوجيا و الرسولية الشيوعية السابقة الى استعمال قنوات أكثر ذكاء و مردودية و إعادة اكتشاف العالم و العربي منه بوسائل ناعمة، قد يرى البعض أن هذا الأمر ليس غريبا على دولة سباقة الى اكتشاف العالم العربي الحديث، فالتاريخ يذكر المستشرق الاوكراني – غاتنغل كريمسكي- هو كأول من أسس مدرسة لعلم الاستشراق في بدايات القرن الماضي، وسافر الى تركيا و عدة دول عربية ليتعمق بدراسة الاسلام و الثقافات الشرقية، و المستشرقين الأوكرانيين من الناس القليلة التي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، نظرت للعرب بعين الانصاف و ازدادوا اقداما على دراسة ثقافة الشعوب العربية و لغة الضاد و أصروا على أن ينقلوا الصورة التي رسموها في ذهنهم إلى العالم ليمحوا الفكرة التي سادت في الغرب خلال السنوات العجاف الماضية، أوكرانيا اليوم تسير على منوال مستشرقيها الأوائل، بتوقيعها على العديد من مذكرات التفاهم في مجالات البحث العلمي و التعليم الصفقة الكاملة هذه الأيام والسياحة و السفر، و هي على رأس الدول المصدرة للسياح لمصر، و التي بهذه المناسبة أشكرها نيابة عن كل عربي لإنشائها المعهد العربي الأوكراني للعلاقات الدولية باسم الفيلسوف ابن رشد و الذي تأسس بمبادرة من المثقفين المصريين و الأوكرانيين في 2003. إذ من شأن هذه المبادرات أن تغير الصورة التي رسمها الاعلام الغربي عن الانسان العربي كما يقول الدكتور خليل السعيد لدى المواطن الأوكراني، و هي باختصار إنسان فاحش الغنى محدود التفكير، متوحش و يعاني من جوع جنسي مزمن.



#بازغ_عبد_الصمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الموظف الدولي في نزاع الصحراء
- تقييد السيادة المغربية من خلال مؤتمر الجزيرة الخضراء 1906
- العقوبات الإقتصادية الدولية
- بنية الفاعلين في التحول بعد الحرب الباردة
- معاهدة إنشاء إتحاد المغرب العربي- مناقصها و نواقصها-
- ورقة تعريفية بمنظمة العفو الدولية
- النزاعات المسلحة غير الدولية - ماستر العلاقات الدولية و القا ...


المزيد.....




- مقتل 10 أشخاص في هجوم مسلحين على قرية علوية بريف حماة وفتح ت ...
- ماذا دار بأول اتصال بين ترامب والسيسي بعد إعلان مقترحه لنقل ...
- اجتماع عربي يرفض -تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم-، وإسرائيل تف ...
- النرويج تفرج عن سفينة يقودها طاقم روسي بعد الاشتباه بدورها ف ...
- السودان: مقتل العشرات في هجوم للدعم السريع على سوق بأم درمان ...
- من أصحاب الأحكام العالية.. من هو المصري الذي أفرجت عنه إسرائ ...
- بحرية الحرس الثوري الإيراني تكشف عن -مدينة صاروخية- جديدة
- راجمات الصواريخ تدك القوات الأوكرانية
- ترامب يقيل روهيت تشوبرا مدير مكتب الحماية المالية للمستهلك ا ...
- السفير الإيراني يوضح مستقبل العلاقات بين موسكو وطهران في عهد ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بازغ عبد الصمد - القوة الناعمة لأوروبا الشرقية - النموذج الأوكراني