|
الهــــويــة الســـوريــة البعثيـــة
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1166 - 2005 / 4 / 13 - 11:02
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
منذ أكثر من أربعة عقود ..وكل مواليد سورية موصومون بصفة البعث .. يولدون بعثيون ..هكذا شاءوا أم أبوا!! كتب على المواطن السوري أن يكون بعثيا ، رغما عنه فالسلطة تتولى رعايته منذ نشأته!! ...في الطلائع منذ الصف الأول ، بل قبل هذا لوشاءت الصدف العظيمة للمرأة الفقيرة العاملة ألا تجد من يعيل طفلها فاجبرتها ظروفها على وضعه في احدى حضانات الاتحاد النسائي ...حينها يصبح بعثيا منذ السنة الثالثة من عمره ، وتتولاه رعاية الاتحاد النسائي منذ الصغر ، وتتوصى به ليصبح بعثيا صالحا!! ويستلمه فيما بعد سلم البعثية بادئا بالطلائع منتهيًا بشبيبة الثورة واتحاد طلبتها الميمون وفتوتها على طريقة ( الكيم ايل سونغ البعثية ) فيتعلم التصفيق ، والتهليل والتطبيل وترديد شعارات الحزب كالببغاء خاصة في سنه الحديثة وكثيرا مايصاب بالفصام الاجتماعي منذ صغره ، خاصة حين يصطدم بتربيتين مختلفتين ومتناقضتين بين الأسرة والمدرسة...حين تحاول الأسرة جاهدة ـ وهذا يتبع مستوى الوعي الثقافي لدى أسرته ـ وما تبذله من جهود مكثفة لحماية طفلها مما يسمى " الأسرة التربوية " ، والتي لاتقوم على تربيته وتعليمه المباديء العلمية والمعرفية بل ترعاه ...وطنيا بعثيا!!! يتقن الدجل، والرقص على الحبال ...يصفق ويردد، ويهتف بالشعارات ويقرأ عبارات زعماء الحزب ، ويرسم الصور الملونة ...في المدرسة طبعا... وعليه أن يتعلم اقفال فمه أمام الجيران ، وحتى أقرب الناس اليه ...ان كان أهله مختلفي النزعة ...وويل لهم لو كانوا كذلك!!! وكم ستكون مهمتهم صعبة ومعقدة، ويفرضون على أطفالهم حياة أكثر تعقيدا لينفذوا واياهم مما ينتظرهم ...من عقوبات حياتية ، وصعوبات يومية، وأمام هذه الصور المزرية لحياة الأسرة ...عندنا .. أتساءل : لماذا ننجب أطفالا؟ طالما لا نستطيع تأمين حريتهم؟؟؟ حرية الاختيار...كبشر ...حرية الرأي ...حرية التعبير...حرية اختيار طريقهم السياسي بمحض ارادتهم دون املاء بعثي عليهم ....حرية اختيار هويتهم السياسية، والوطنية بالطريق التي يراها كل منهم ...دون اجبارهم على السير بركب ماتراه لهم السلطة من مصير ، وماتقرره لهم من معتنق داخل نظام الحزب الواحد القائد!! ودون أن يتعلموا اتقان الزيف والتدليس ...التملق والنفاق ...دون أن تعدهم المدرسة اعدادا صالحا !! ليصبحوا مواطنين فاسدين بجدارة !!! يتقنون فن العيش في عالم البعث..... فاما أن يتخرجوا من الجامعات صالحين للكفر بالوطن ....ويبذلون كل المحاولات للهروب من خدمته وبكل الطرق المشروعة ، أو الغير مشروعة ....أو أنهم يصبحون أبناء سلطتهم مخلصين لها الدين مسبحين بحمد البعث وباسمه ...وحينها ينتهزون ، ويصلون بفعل الحزب وقوة دعمه ووسائله السحرية ليصل الواحد منهم الى أرفع مناصب السلطة والتشبيح والفساد والارتشاء.... فيتعلمون اتقان الانتهازية ...حتى لو كانوا بأعماقهم ...هم أول من سينسلخ عن جلده البعثي ويتنصل من التزامه ( العقائدي ) عند أول هزة ...كما حصل لبعث العراق.....أو أنهم ينعمون بظل الصمت ، والخوف وفيء الرعب والانتظار، والعيون المكسورة، التي تنتظر غيثا من السماء يفلح بازالة العسف ويخلصهم من الضيم بمعجزة لاشأن لهم فيها ولا يد !!! لأنهم يخشون السياسة، وويلاتها ...وطالما جرت على من حمل قلمها وانطلق يبح صوت الكلمة ويسيل حبرها ...ورقيا ـ وهذا كل مايستطيعه المعارض السوري السلمي ــ للخلاص ومع هذا يكون قد دفع نصف حياته ، وحياة أسرته في غياهب السجون ، وداخل أقبية الظلام ....لهذا حرمت السياسة على المواطن السوري ...وصارت بمثابة الكفـــر حسب المفهوم البعثي ....الكفـر الــوطني وخون كل من تعاطاها خارج اطار البعث !!! وخرج الابن على أبيه ....ليتهمه بالزندقة والعمالة !!! كما حصل للمناضلين الذين تظاهروا سلميا من أجل رفع قانون الطواريء.... هذه هي بعض شرائح المجتمع السوري ، ويكفي لك أن تختار أي مجموعة من الشباب ، وتناقشها .....لتعرف كيف شوه البعث أبناءنا...... وقتل فيهم معنى الحرية، وحرمهم حقهم في اختيار معتنقهم، وطريقهم السليم ....دون سياط البعث وسيفه ، وحال بينهم وبين الهواء النقي، والفكر الحر ....فهل سيرحمه التاريخ؟؟؟؟كما رحم صدام ونظامه البعثي؟؟؟ وهل سيفلح بادراك الخطأ في مؤتمره القادم؟؟؟ أم أنه سيستمر في غيه؟؟؟ كفاكم اجراما بحق أولادنا.....اتركوهم أحرارا ...فوالله انهم يولدون أحراراً ....ارفعوا وصايتكم عنهم...... ارفعوا سيف شبيبتكم، وفتوتكم ....وطلائعكم الثورية!!! كفى وجعا لهذا الشعب .....ان كان بعد لديكم بقية من حب لهذا الوطن....فوالله لن يرحمكم هؤلاء الذين تربوا على أيديكم ، ويهللون باسمكم ....فهم أول من يتخلى عنكم ....هم أول من سينقلب عليكم........ لن تفلح بعد طرق الهيمنة، والسلطة الشمولية ....لقد استطاع هذا الشعب ، رغم كل ماتعرض له من قمع ورعب ....أن يكسر حاجز الصمت والخوف، ولو أن صوته مازال واهنا ....لكنه يزداد ارتفاعا يوما بعد يوم ، ومازال يأمل ، بأن تغيروا مافي أنفسكم، فتبدأوا بالانفتاح على هذا الشعب المسكين، الذي ضاق الأمرين من العبودية ..افتحوا ابواب السجون، واطلقوا حرية المعتقلين السياسيين ، وأصحاب الرأي المغاير لكم ارفعوا قانون الطواريء ، قانون العسف والظلم ، وادفنوه الى الأبد ....ليتنفس المواطن أكسجيناً نقيا حراً ...خالياً من شوائب الاستبداد ، والظلم ابدأوا بمصالحة مع شعبكم ....بمؤتمر وطني يجمع كل شرائحة ، وأطيافه السياسية ...دون استثناء....لينهض الوطن ويكبر على جراحه ، ويداويها ...قبل أن تقع الفاس في الراس ...وتندموا ولات ساعة مندم..
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فـي مثـل هـذا اليــوم ــ أقصد التاسع من هذا الشهر
-
لنعبــر معـــأ
-
مــن الــذاكــرة ( الحلقة الثانية ) في بيـــروت
-
مــن أم رشـــا الــى أبـــي رشـــا ..مع أمنياتي له بالخروج ا
...
-
الألــــــف
-
مــن الـــذاكــرة ( الحلقة الأولى ) ....على الحـــدود
-
نحــن والـــزعـــامــات.....أوطاننـــا، والشخصنــــــة....لم
...
-
أبشع أنواع الظلم .....أن تظلم المرأة نفسها
-
أنــا ليـــلـى ...ابنـــة بلـقيـــس... وحفيــدة هــاجــر
-
مــن هــم الخونــة، ومــن هــم الــوطنيـــون بــرأيــكــم؟
-
بـلا عنوان ، وهل للموت في الحـــلــة عنوان؟
-
فـي يـوم المرأة العــالمـي- بحث حــول التمييـــز ضــد المــر
...
-
فــي بــلادي
-
معــك يـامــوقـع الحـــوار في مشـــوار النـــور ضــد الظـــل
...
-
لمـــاذا؟؟
-
أيــــها الغــريــــب
-
المجتمعــات العــربيــة ، وجرائــم الشـــرف - في مشرقنا خــا
...
-
انتبهـــوا حيــاتــكــم مصــورة بالألـــوان
-
من رائـــدات النهضة النســــائيــــة
-
كـــنـــا صــغــارا
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|