|
في التناحر و التنافر الكردي - الكردي أسباب التناحر وعلتها
سيهانوك ديبو
الحوار المتمدن-العدد: 4056 - 2013 / 4 / 8 - 17:05
المحور:
القضية الكردية
السفسطة مصطلح فلسفي يدل بمسؤولية غائية على الجدال العقيم و استدامة للحوار دون فائدة مرجوة منه ، وهو كثرة وطول النقاش بلا طائل أو معنى أو هدف، المجادلة لمجرد الجدال حتى يتعب الخصم ويتراجع. و من خلال مشاهدات حياتنا اليومية بدأ هذا النمط من السفسطة تسوق بفعل سائقها المدرك للتناحر، و هذا مرده علة كبيرة إلى إشكالية مهمة و هي بقايا النفس الإقطاعية في الفكر الاجتماعي الشرقي بعموميته و الفكر الاجتماعي الكردي كحالة شرقية تاريخية ؛ و لعل مجاراة التكنولوجية و التبديلات الطارئة إنما خُضعت و حًصرت الكثير من أبناء لدنا لتكريس ظواهر التناحر و بالتالي الفرقة و التفريق فقط لإثبات الفوقية أو للشعور بنشوة الانتصار، رغم انه ليس انتصارا على الإطلاق. يعرف التناحر لغويا . تَنَاحرَ : تَنَاحرَ القومُ في القتال ؛ تقاتَلُوا أَشدَّ قتال . و تَنَاحرَ على الشيء : تشاحُّوا وحر المعجم: المعجم الوسيط. تناحر – تناحرا1- تناحر القوم في القتال : تقاتلوا شديدا . 2 - تناحر القوم على كذا : تخاصموا عليه بشدة . 3 - تناحرت المنازل : تقابلت . 4 - تناحر القوم على الطريق أو غيره : تتابعوا عليه . 5 - تناحر القوم عن الطريق : مالوا عنه .المعجم: الرائد .
الباحث في التاريخ الكردي و المتوغل في دراسة تكونه و تحليل البنية الاجتماعية الكردية و الفكر المجتمعي الكردي التاريخي ، يلحظ ببساطة إلى توصيف الكرد بخصوصية قديمة – جديدة ( التناحر ) ، تبتدأ هذه السمة من تدحرج مُسمياتي في الفكر الجمعي فيكون بداية اختلافا يتحول إلى خلاف إلى تنافر فيما بعد و من ثم نفور و إلى خصومة و اقتتال و حربا فعداوة تتشبث بالذهنية و تصبح جزءا مهما من التكوين العقلي للحياة اليومية المعاشة و للقناعة الأيديولوجية التي يقتنعها الشخص كميزة من ميزات الاختلاف الطبيعية . ويتحول التناحر المجتمعي إلى نابض معطل و صمام تفرقة تطفو حين الحاجة و حتى في عدم الاحتياج .
بنظرة سريعة حول تاريخ الحركة الكردية في سوريا نلاحظ طغي سمة التناحر بين الأحزاب و الهيئات و الشخصيات التي تمثل حالة الحركة لأكثر من نصف قرن مضى ، الانشقاقات التي نالت الحركة الكردية منها تؤكد سيادة مبدأ التناحر في العقلية السياسية الكردية و بشكلها العام . و بوجود هذا الكم الهائل من التجارب و الانتكاسات ؛ يؤسفنا أن نقول أن أحزاب الحركة الكردية بكل قياديها وما من هم خارجها لم تقف وقفة دراسة جادة لجميع الظواهر من حالة التناحر الحادثة في تاريخ الحركة الكردية حتى يومنا هذا ، ومن هنا أضفى الجانب السيكولوجي على الممارسة مفهوما له استشعار الفوضى في جميع الأماكن والمراكز والهيئات .
لماذا التناحر ؟ اللجوء إلى أحضان التاريخ كمفسر و كتحليل و كمحاولة تصويب المستقبل عملية مجدية نفعية خلاقة تهيب بالإمكانات المعيوشة و تصوبها في خانة النهوض الاجتماعي ، فالقراءة النقدية للتاريخ تحيدنا وتمنعنا من الوقوع في أخطاء سابقة . غير هذه النظرة النقدية إلى التاريخ تجعلنا نعيش في نشوة الماضي و رومانسية تعرقل التطور والارتقاء . تاريخ العلاقات الكردية – الكردية من جوانبها المتعددة لا تختلف كثيرا عن مكونات الشرق القومية : العرب و الفرس والترك . تاريخ مشوب بالصراع و موغل بالخلاف و التناحر . و مرد ذلك إلى عديد من الأسباب قديمة منها و منها الحديث و منها الأخير المستحدث ، لأن إضافة قضية بحجم القضية الكردية و بكل تداخلاتها و خصائصها ؛ إلى لعبة التدويل تتعرض إلى خلط معقد للقضية الكردية و ظهور أسباب و وسائط تدخل إلى عمق التفاعلات البينية بين مكونات القضية الكردية على مختلف تموجداتها ... أهم تفسيرات و مسببات و أسباب التناحر في المجتمع الكردي : 1- اللجوء إلى المفهوم العشائري في حالات الاستقطاب لا سيما المتعلقة في ظاهرة نشوء المؤسسات و الهيئات و الأحزاب الكردية ، مما أكسب مفهوم العشيرة طغيانا للدور المؤثر في عملية الحشد . 2- ظاهرة الحشد أنتجت بدورها مفهوم التعصب الفكري الاقصائي للآخر ، مما أدى إلى تمظهر نشوء ظواهر معتلة " التخوين " "العمالة " "الارتزاق" ...الخ . ليتحول بشكل لا أدري إلى الهدف المستحدث و الناشئ المتقايض والمكرس في الآن ذاته إلى الخلافات و تكريس عمليات التناحر والتنافس بين الأحزاب من ناحية و من ناحية أخرى بين مكونات نفس الحزب الواحد . 3- الامتدادات الإقليمية لبعض الأفراد الذين تبوءوا قيادات في العمل الوطني ، بل امتدادات دولية أيضا . 4- إفرازات التناحر السياسي على السلطة بمفهومها السياسي ، أعطت لكل حزب حرية اعتماد السياسة الإعلامية المناسبة في طرح عمليات التحريض وشحن النفوس ضد الأحزاب فيما بينها . 5- المؤثر الإقليمي والدولي لطبيعة الصراع وعمليات الاجتياحات والتصفيات والحصار والتجويع التي مارستها سلطة النظام و المعارضة المسلحة ( بقسم كبير منها ) بغرض تنمية التناحر الكردي ، وتقسيم المظاهر السياسية في الشعب الكردي إلى مظاهر تناحرية من أجل التمثيل و الإخلال بعملية التمثيل الشرعي للشعب الكردي في سوريا فقط بين ما يسمى بالمعتدل ، والمتطرف ، و الإرهابي في نظرته للصراع وخروج كلا الأطراف تحت مفهوم التناحر لإخراج القضية الوطنية وقضية الصراع والحقوق من المرتبة الأولى إلى الثانية ، وتبقى في المرتبة الأولى قضية التناحر على السلطة التمثيلية بمنظار الدمقرطة الحداثوية أو منظور النقد اليائس و البائس أو من منظور الاختلاف . 6- استشراء حالات الهلع في نفس بعض من الشخصيات و حتى بعض الأحزاب السياسية تجاه الأخرى، ومع وجود عوامل الخوف والشك لا يمكن توقع اتفاق بالإجماع بين مختلف الإخوة حتى على مسالة حساسة كالدفاع عن الوطن الواحد بطبيعة الحال...وهذا ما يفسر عدم مشاركة بعض القوى أو الأحزاب التي تمتلك حشود عسكرية (لسان حالها )للذود عن أرضهم و كمثال ذلك سري كانييه
من تلك المظاهر السابقة ( الأسباب ) نستطيع القول أن الحالة التي يريدها عموم الداخل السوري و بعضا من الدواخل الكردية المستندة إلى الدور و الجوار الدولي الإقليمي السيئ المزاج نحو القضية الكردية في سوريا ، بالتطابق و التوافق مع بعض الأقلام الكردية المسيئة للقضية إلى تعكير المياه الكردية و إضفاء حالات من الفوضى لخلق حالة من التنافر والتناحر الكردي – الكردي و هذا ما يؤكده جوست هيلترمان في مجموعة الأزمات الدولية أن "تركيا تواجه معضلة فهي تريد رحيل نظام (الأسد) ولكن دون استفادة الأكراد ولاسيما حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي". أي أن الحالة الموسومة التي تمر بها القضية الكردية في سوريا ( وبوجود حالة التناحر التي يسود عموم مؤلفيها )هي حالة فوضى ، أفرزت حالة التناحر على السلطة وليس حالة من التناحر والتنافس في تنفيذ برنامج سياسي يطمح لدحر الاستبداد وإقامة الإدارة الذاتية أو أي شكل يضمن للكرد من حكم نفسه بأنفسهم ، وما يبرهن على صحة هذا القول أن بعض الأحزاب بدأت تهول وتهلل لاستقدام حرب و اقتتال كردي – كردي ترسيخا منه بحتمية المتناحرين بشكل أساسي على الساحة ، بعض من الأحزاب و الشخصيات أرادت أو أُريد منها تعطيل برنامج الآخر ، وتبقى قضية الحقوق المشروعة للشعب الكردي و إدارته الديمقراطية لمناطقه بالدرجة الأولى متعطلة مدعومة بالتناحر الذي يمهد حالة الاستقطاب و تكوين الحشد و التشويش على الساحة الكردية تأخذ مفهوم الحقن والشحن في الشارع والدعاية التعبوية ، و محاولة التقويض للمكاسب التي حصل عليها الكرد في سوريا سياسيا و المتمثلة بالهيئة الكردية و أيضا بالمؤسسات التي تم تشكيلها لتنظيم الحالة المؤسساتية و المجتمعاتية الكردية و تقويض المكتسبات إلى حالة خلافية و فوضى التناحر . الساحة الكردية في سوريا تمر بعملية تناحر خطرة على الوجود والإدارة الذاتية برمتها ، و مع الأسف كل من الأطراف المتناحرة لديه من الأوراق ليبرزها أمام الآخر ، في الوقت الذي يفترض على الجميع الالتفاف حول الهيئة الكردية العليا رغم نواقصها و أخطائها الكثيرة إلا أنها تبرز كخيمة حماية أخيرة لورقة المستقبل الكردي في سوريا وصيانته . الحوار الكردي على قائمته حالة التناحر بالدرجة الأولى ، والقضية المفصلية هي قضية تفعيل الهيئة الكردية العليا و محاولة تضمين كل المكونات و التيارات و الشخصيات الوطنية إلى دواخل هذه الخيمة ، هو حل أنجع يقوض استشراء و تفشي حالة التناحر ومن ما تم تعبئته في اتجاهها ، و تقزيمها على مائدة الحوار الوطني ، و الانطلاق فيما بعد إلى خطة تعبوية موحدة تجاه المكونات السورية الأخرى و أخص هنا من غي الكرد و المؤمنون بعدالة و أحقية الحق الكردي في سوريا ، وكنتيجة للحوار تمكين خطة وبرنامج موحدة تجاه المتطلبات التي تفرضها المرحلة . ومستخلص ما تقدم إننا نقول إن الساحة الكردية وما تتعرض له من عمليات تحريضية مسيئة لكل الأطراف لا يفيد فيها إلا الحوار الوطني ، و تفعيل الهيئة الكردية العليا كممثل شرعي و وحيد للشعب الكردي في سوريا ،
لقد أكدت التطورات المتسارعة للإحداث على الساحة السورية بعمومها ومنها الحالة الكردية ، التي بدأت تأخذ مؤخراً منحنيات على درجة عالية من الخطورة لا سابق لها من عمر الحراك الرفضي لمنظومة الاستبداد ، حالة الحراك الرفضي الداخل في تكوينه و كجزء أصيل منه أعوام نضالات و تضحيات الشعب الكردي في سوريا ومحاولاتها المستمرة أن تثبت حقوقها و تثبت مع أشقائهم السوريين إن الآلة العسكرية مهما بلغت قوتها وتطورها إذا لم يكن الحق محركها فلا يمكن لها أن تنتصر على شعب يؤمن بعدالة قضيته وحقه في العيش بكرامة على أرضه ...
#سيهانوك_ديبو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف نفهم انتفاضة قامشلو 2004 ؟
المزيد.....
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تتبنى قرارا داعما للأونروا
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قراراً يدعو لوقف إطلاق نا
...
-
الأمم المتحدة تعتمد مشروعي قرارين لوقف إطلاق النار بقطاع غزة
...
-
الأمم المتحدة تتبنى قرارا بوقف إطلاق النار في غزة فورا
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تطالب بوقف إطلاق النار في غزة ب
...
-
المرصد السوري: نحو 105 آلاف شخص قتلوا تحت التعذيب بالسجون خل
...
-
تونس: المفوضية الأوروبية تعتزم وضع شروط صارمة لاحترام حقوق ا
...
-
وسط جثث مبتورة الأطراف ومقطوعة الرؤوس... سوريون يبحثون عن أق
...
-
مسئول بالأونروا: ظروف العمل في غزة مروعة.. ونعمل تحت ضغوط لا
...
-
جمعية الإغاثة الطبية بغزة: أكثر من 70% من سكان القطاع بلا مأ
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|