أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوال السعداوي - الشريعة والشرعية. وظاهرة العنف














المزيد.....

الشريعة والشرعية. وظاهرة العنف


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4056 - 2013 / 4 / 8 - 08:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ظاهرة العنف أو الإيلام الجسدى للعبيد والنساء هى عقوبة بدائية وحشية استمرت فى التاريخ تحت اسم الشرعية القانونية أو الشريعة الالهية، وأصبحت تتخفى فى عصرنا الحديث تحت كلمات براقة مثل الهوية والديمقراطية وقيم العائلة والقرية. وتم اكتشاف زيف هذه الكلمات بعد رؤية الدماء تراق فى الشوارع والسجون والبيوت.
التخلص من العنف يقتضى التخلص من أسبابه الراسخة فى نظام الحكم والدولة والعائلة، والكامنة فى العقل والشعور واللاشعور منذ الطفولة الأولي، منذ تلقين القيم التى تفرق بين البشر على أساس الجنس والدين والطبقة والجنسية وغيرها لابد من اعلاء الهوية الانسانية المكتسبة بالعمل المبدع الصادق على الهويات البيولوجية الموروثة ان أردنا القضاء على العنف هل نفرق بين الناس على أساس لون البشرة أو الدين؟ أليست هى عودة الى العنصرية؟
الواضح أن العنف ينتشر فى بلادنا والعالم بسبب تصاعد الفكر الدينى السياسى القائم على التناقض والازدواجية والتفرقة بين البشر. وفى المدرسة الابتدائية عام 1942 ضربنى المدرس على أصابعى حتى نزفت الدم لأنى سألته سؤالا بديهيا: هل يكون بالجنة ورق وأقلام لمن يريد أن يكتب؟، كان المدرس قد قال لنا إن الجنة سيكون بها عسل ولبن وكنت أحب الكتابة أكثر من أكل العسل أو شرب اللبن. وفى مشرحة كلية الطب عام 1952 رأيت جثة طفلة فى الثالثة عشرة مقتولة بيد أبيها تحت اسم الشرف، وطفل عمره ثمانية أيام نزف حتى الموت بعد عملية ختان، وخادمة فى العاشرة من عمرها ضربتها حتى الموت سيدتها ربة البيت، وشاب فقير تم سحله فى مظاهرة سلمية ضد الملك والانجليز. هذه أمثلة قليلة لأنواع العنف المشروع التى شهدتها فى المدرسة والجامعة.
العنف هو قانون القوة فوق الحق، والرئيس فوق الشعب، والرجل فوق المرأة، وسلطة الأب المطلقة من سلطة الرب وتحت اسم الشريعة يمكن للزوج أن يتزوج ويطلق عدة مرات وينكر أطفاله كما يشاء ويمكن لعجوز عمره مائة عام أن يتزوج طفلة. والبعض جعل الشريعة تكيل بمكيالين فيما يخص قانون الأسرة، وتتعرض الزوجات والأطفال للضرب تحت اسم التأديب، فان ثارت النساء والاطفال تم اتهامهم بالعنف تحت اسم الشرعية الدولية. فى وقت من الأوقات أمسك جورج بوش بكتاب الانجيل وأعلن عن غزو العراق، وتم سحل الشعب العراقى والاستيلاء على موارده دون أن تنطق محكمة العدل الدولية أو مجلس الأمن. ولا تكف الدول الكبرى عن البطش بالدول الصغرى تحت اسم الشرعية الدولية، التى تكيل بمكيالين، تطبق فقط على الضعفاء من الدول الصغيرة، وتخرقها كل يوم الدول القوية المالكة للسلاح النووى ومنها اسرائيل. ولنلاحظ بطش البوليس الأمريكى بالمظاهرات الشعبية السلمية (احتلوا وول ستريت) والتى قامت ضد عنف القانون الأمريكى الذى يسبب الفقر لأغلبية النساء والشباب.
تحت اسم الشرعية يصبح عنف الأقوياء المسلحين مشروعا، وتحت اسم الشريعة يصبح عنف الرجال هو القانون. وتحت اسم الشرعية قام نظام مبارك بقتل الآلاف فى المظاهرات الشعبية السلمية ونهب الأموال المصرية وتحويلها للخارج، ولا تزال مصر عاجزة عن استرداد هذه الأموال. ومازال مبارك وأعوانه بعيدين عن أى عقاب رغم سيل الاتهامات ضدهم والمحاكمات المتكررة دون أحكام، وتحت اسم الشرعية يقوم حكم الاخوان المسلمين بما قام به الحكم السابق، إلا أن كلمة الشريعة تغيرت فأصبحت الشريعة، والقانون البشرى أصبح القانون الالهي. والكل يتحدث عن العنف، والكل يتفادى الكشف عن جذور العنف فى القوانين السائدة فى الدولة والأسرة، وحين يعجز الدستور أو الطبقة أو الدين، فان العنف ينتشر يقع العنف فى صمت على النساء والأطفال. وحين يقع العنف على الآباء يرتفع الصراخ العنف ضد النساء هو شرع الله، فالله رفع الرجال فوق النساء. والعنف ضد الفقراء مشروع، فالله خلق الغنى والفقير وخلق الناس درجات. يغرق العالم فى الدماء والحروب والفتن والنهب. وتعيش الأمهات والأطفال وراء الأبواب المغلقة فى الحزن والغم. لقد فشلت مفاوضات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين لأكثر من ستين عاما، لأن السلام لا يحدث بغير عدل، وينال مجرمو الحرب جوائز نوبل لأن جوهر القانون العبودى لم يتغير.
الثقافة فى بلادنا تنبع من الفكر الرأسمالى الأبوى الذى يختزل الديمقراطية فى الانتخابات ونتائج الصندوق، ويختزل العدالة الاقتصادية فى معاشات للعاطلين ومساعدات للمعاقين، ويختزل تحرير النساء فى حرية التغطية حسب أمر الله أو التعرية حسب أوامر السوق الحرة، وقد تم اجهاض الثورة المصرية خلال العامين الماضيين بالحوار التوافقى التراجعى خطوة وراء خطوة، والفكر الانتهازى الانهزامى الذى يشيع أن نظرية الثورة لم تنجح فى بناء نظام ديمقراطى فى أى بلد فى العالم. واختزال أهداف الثوره فى حشد الجماهير أمام صناديق الانتخاب بالخداع الاعلامي، والرشاوى فى الدنيا والآخرة.
كانت طوابير النساء والفقراء أطول الطوابير فى أعراس الديمقراطية المتكررة، مع ذلك تم استبعادهم من غنائم الصناديق ومن صياغة مواد الدستور، وتم حرمانهم من نصيبهم فى الدوائر ومقاعد الحكم والبرلمان والشوري. ويتم الخداع بشتى الكلمات البراقة: الديمقراطية، الصندوق، الهوية الاسلامية، الوطنية المصرية، الخصوصية الثقافية، قيم التراث والعشيرة والجماعة. وسادت القيم الذكورية واللغة السوقية التى تهين كرامة المرأة تحت اسم الرجولة طالت اللحى والشوارب وغلظت الأصوات، وانكسفت النساء مختفيات وراء الحجاب والنقاب. وانتشر التحرش الجسدى بالفتيات فى المظاهرات لطردهن من صفوف الثورة، واعادتهن الى حظيرة البيت وقانون الطاعة. وهذا العنف كله ليس عنفا بل تأكيد الهوية الاسلامية.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النسبى والمطلق وجدتى الريفية
- الثورة وحزب الإبداع
- بين التقاليد والعدالة والكرامة
- يزداد العنف بازدياد الضعف والخوف
- المرأة والعنف والطب النفسى
- إسلام مختلف فى تونس؟
- أيتها المعارضة تمردى ولا تستكينى
- ثورة الشباب وثورة النساء
- قناة فضائية للنساء فى تونس
- المسكوت عنه بطبقات الخوف
- إخراج الجن من أجساد البنات والأولاد
- عفة النساء والإبداع الغائب
- كلمة الحماية سيئة السمعة
- من شهيدات ثورة يناير ٢٠١١
- الثورة لا تعرف لغة السوق
- «لا أخاف النار.. ولا أطمع فى الجنة»
- لا يسير الأبطال تحت أقواس النصر
- ماذا يلغى عقول الرجال الكبار؟
- الصدق وإن أقبح يظل أجمل
- وجه المرأة دون نقاب.. دون ماكياج


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوال السعداوي - الشريعة والشرعية. وظاهرة العنف