أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العصيان والعقاب














المزيد.....

العصيان والعقاب


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4055 - 2013 / 4 / 7 - 15:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الرفض والتمرد والعصيان والثورة ظواهر إنسانية، مثلها مثل الطاعة والخضوع والإمتثال، تشكل صورا متغايرة من الفعل الإنساني في علاقته الصميمية مع السلطة. التمرد على السلطة والعصيان، رغم الطابع السلبي الذي يشوب هذه المفاهيم، صاحب تطور المجتمعات وتكونها وكان الدافع الأكبر الذي ساهم في تطور العقل البشري واكتشافاته المذهلة لطرق وآفاق جديدة في رحلته الطويلة نحو التكون، ولولا التمرد والثورة والعصيان لبقي الإنسان يأكل العشب ويرعى في الحقول البرية والغابات مثله مثل أي خروف. التمرد يتطلب في نفس الوقت مجتمعات منظمة وقوانين صارمة وسلطة دكتاتورية مطلقة، أي بيئة وبنية مغلقة وظروف خانقة من القهر والكبت تهيء الظروف الموضوعية لقوى التمرد والعصيان للظهور والنمو ثم التعبير عن حريتها وممارستها. ‪ويمكن تتبع تاريخ المئات من الثورات المتعاقبة منذ بداية التاريخ البشري حتى اليوم‬، وهي عادة ثورات يقوم بها العبيد والمهمشين والفقراء ضد أصحاب المال والأرض والسلطة والتي تنتهي في أغلب الأحيان في بحار من الدم وأكوام من الجثت والأشلاء ومجازر ترتكبها الجيوش المنظمة ضد المتمردين. وبجانب هذه الثورات الجماعية ذات الطابع السياسي والإجتماعي، هناك الثورات الفردية والتي يقوم بها شخصيات أو نماذج تتمرد على السلطة المطلقة لأسباب إجتماعية أو سياسية أو وجودية وميتافيزيقية، والمتمرد الذي يقوم بثورته وحيدا ومعزولا عن الآخرين هو الإنسان الذي يمارس حريته القصوى بواسطة فعل الرفض المطلق والذي يشكل في نفس الوقت ماهيته وكينونته. ومن الصعب الحديث عن التمرد أو العصيان الفردي وتحليل نمادج وأمثلة تاريخية نظرا لتنوع وإختلاف دوافع وأهداف كل حالة. بينما يمكن إلقاء نظرة على هذه الظاهرة وتتبع نتوئاتها وجوانبها المتميزة في ما يمكن تسميته بتاريخ "الخيال"، الذي تعبر عنه الأساطير والديانات والفنون البصرية والآداب بكل أنواعها، من الشعر والقصة والملاحم .. إلخ. وهذا الإنتاج الإنساني الواعي يعبر بالضرورة عن البيئة الثقافية والعقلية للمجتمع الذي أبدع هذا الإنتاج. والأسطورة تتميز بجوانب متعددة ومتنوعة وشديدة الثراء، فهي عالم متسع ورحب من الأحداث، ذات الخاصية الشعرية الذي يكاد يظل عصيا على أي تفسير نهائي محدد، ولعل صعوبة التأويل وإيجاد المعنى كامنة في فكرة المطلق الذي تعبر عنه الأسطورة أو الذي ينزع إليه الإنسان من خلال لجوئه إلى السرد الأسطوري، كما قد يكمن في كونها نظاما رمزيًا غنيا بالإيحاءات والظلال تستدعي منهجا أو منظورا شموليا للدراسة والتقييم ولا ينبغي أن يكون جزئيًا حصريا أو انتقائيًا حيال هذا الإنتاج الخيالي المعقد. ورغم أن الأسطورة تبدو ذات أصول مشوشة ويلفها الضباب، ورغم تطورها المستمر وتغير تفاصيلها وأسماء أبطالها من حقبة لأخرى نظرا للإضافات والحذف والتعديل الذي يطرأ على النص، ورغم الغموض الذي يلف هذه النصوص وامتناعها على التفسير العقلاني، فإن الأسطورة مثلها مثل أي إنتاج ثقافي تستدعي البحث العلمي والمنهج العقلي لتتبع صورها المتنوعة عبر مسيرة الإنسانية المتعرجة. ذلك أن العديد من هذه الأساطير قد تطورت بطريقة تدريجية لتصبح ديانات ومناهج روحية تحتل اليوم فضاءات واسعة من الفكر الإنساني، مثل الأساطير السومرية والبابلية التي أثرت تأثيرا كبيرا في تكوين الديانات التوحيدية أو ما يسمى بالديانات السماوية. بينما ظل البعض الآخر، كالأساطير اليونانية، في شكله الأسطوري كمصدر أساسي للإبداع الخيالي الفني والأدبي، يتمتع بشفافية ووضوح نسبي يسمح بالقراءة وإيجاد المعنى. ومن هنا يمكننا تتبع الثورة والتمرد الفردي الذي عالجته هذه الأساطير المختلفة لتقدم نماذج عامة وشمولية لهذه الظاهرة والتي لا يمكن إيجادها عند دراسة الحالات التاريخية الحقيقية، نظرا لتنوعها وتشتتها كما سبق القول. وربما يجب البدء من الحضارة اليونانية التي تتميز بتنوع إنتاجها الفكري ووفرته، بغض النظر عن الجوانب المدنية والعسكرية أو الإقتصادية للمدن اليونانية، لأن إنتاجها الفلسفي والشعري والفني يعتبر مصدرا لا ينضب للبشرية، يحتوي كل الإشكاليات والتساؤلات والقضايا التي تهم الفكر حتى يومنا هذا. والذي يهمنا في المقام الأول، ليس فقط ظاهرة التمرد وأسبابها سواء كانت ضد الآلهة أو الطبيعة أو القدر أو أية سلطة مطلقة تقهر الإنسان وتجبره، وإنما أيضا طبيعة العقاب الذي يناله المتمرد جزاء عصيانه، فهذا العقاب في حد ذاته دلالة وإشارة إلى طبيعة هذه السلطة ‪وجوهر البنية الثقافية التي أنتجت‬ هذا النمودج الرافض للخضوع. وسنبدأ بإلقاء نظرة على أسطورة بروميثيوس، سارق النار، والتي تعتبر واحدة من أهم الأساطير في الميثولوجيا اليونانية.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة .. وسرير بروكست
- خرائب الوعي .. 21 - مربع ماليفيتش
- خرائب الوعي .. 20 - المصدر
- خرائب الوعي .. 19 - الأسطورة
- خرائب الوعي .. 18 - إختفاء البحر
- إغتصاب المرأة .. من مظاهر الرجولة
- حكاية الضجر .. 3 - وقود الثورة
- حكاية الضجر .. 2 - العجلة
- القاتل والقتلة والجوع
- حكاية الضجر .. 1- القناص
- مسرحية -الديموقراطية هي الحل-
- ورعب السلطة
- رعب الحرية
- خرائب الوعي .. 17 - شيزوفرينيا
- خرائب الوعي .. 16 - الريح والكلمات
- خرائب الوعي .. 15 - إستراحة
- بيان من أنصار البدعة
- تداعيات 3- شيطان المحبرة
- تداعيات 2- الغثيان
- تداعيات 1- الرجوع


المزيد.....




- برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع ...
- إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه ...
- ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
- مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
- العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال ...
- اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
- هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال ...
- ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
- مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد ...
- موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العصيان والعقاب