|
ازدواجية الثقافه في الفكر العربي والاسلامي
تيسير خروب
كاتب وباحث
(Taiseer Khroob)
الحوار المتمدن-العدد: 1165 - 2005 / 4 / 12 - 10:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من حق السياسي او الاعلامي او كل من يجد في نفسه القدره على مواجهة الناس بلسانه وثقافته في الوطن العربي والاسلامي ان يسوق نفسه في الاوساط الغربيه حسب ما يريد وبالطريقه التي تعجبه وتحلو له .لكن ان يكون هذا التسويق والظهور والسعي نحو الشهره على حساب قيم الاسلام وشريعته هو من الخطوره بحيث لا يمكن الاستمرار السكوت عليه او عنه مع علمنا ان ركب هؤلاء سائر ولا يمكن ايقافه من خلال دعوه انسانيه او رجاء من هنا وهناك الا ان الواجب يحتم علينا التنويه الى حجم هذه المشكله لا لثني من ركبوا هذا المركب وارتضوا لانفسهم السير فيه وانما هدفنا هو اصلاح وثني من لا زال يفكر بالصعود الى هذا المركب المشبوه والسير في مياه دوليه عميقه لا تعرف عواقبها عندما تهب العواصف المائيه ويثور البحر وترتفع الامواج وتغضب السماءونعود الى عصر الطوفان والاغراق من جديد. كثيرة هي المؤتمرات والخطابات التي تجري في عواصم الدول الغربيه وفي الولايات المتحده الامريكيه وكثيرة هي التصريحات التي يطلقها العرب المسلمين من خلال هذه المنابر بتعليق العمل بمبداء العقوبات الجسديه كالجلد وحكم الاعدام حتى الموت والتضييق على حرية النساء في العالم الاسلامي او محاربة الاسلام والمسلمين من خلال مهاجمة التطرف والاصوليه الاسلاميه متخذين من هذه الفروع حجة لاقتلاع الاصل والتضحية به وبتعاليمه وشرائعه من اجل ارضاء المستمعين الاجانب حتى يكال لهم المديح والتصفيق الحار ومن ثم الانتقال الى الحصول على الكرت الاخضر والاقامه والسكن في ارقى الشقق ويرتادون المسارح العالميه ويتناولون طعام عشائهم في قاعات زجاجيه على انغام الموسيقى واللتواء الخواصر وتمايل الحوريات شبه العاريات.وهناك دائما منابر خطابيه جاهزه لهم كيف لا وهم الاعرف والاقدر على هدم ما يعرفوه ...ويعرفو مواطن ضعف هذه الامه واوجاعها ومداخل الطعن والتشويه فيه حتى اذا سؤل الغربي او الامريكي ما هذا الذي تروجه وتتداوله وسائل اعلامكم عن العرب والاسلام اجاب بأستهزاء : انه يردد ما قاله العرب المسلمين انفسهم عن عروبتهم واسلامهم . وهنا ندرك ان المصلحه والخوف هما ما يدفعان هؤلاء على اتخاذ هذا الموقف او ذاك عندما يتعرضون للضغوط الخارجيه من اجل استمالتهم او التخلص منهم..فكان الاولى عليهم ان يصبروا ويواصلوا النضال او يعتكفوا كما تفعل الدببه في موسم الثلوج الغزيره فتنتهي الحملة ضدهم وينسى امرهم فيعودوا لمسرح الحياه كما تعود الدببه من مخابئها لحياتها الطبيعيه بعد ذوبان الثلوج وظهور دفء الشمس وما تجود به الطبيعه من مأكل0 فالجميع يعلم سواء من خلال قراءة التاريخ ابتداء من شريعة حمورابي قبل آلاف السنين في بلاد الرافدين او في ارقى بلاد العالم ادعاء بالديمقراطيه والعدل والمساواه هناك قصاص وعقوبات للجاني المذنب سواء بحق نفسه او بحق مجتمعه ومواطنيه او غيرهم ولا يستثنى من ذلك العالم الاسلامي اذ يطبق هذا القانون ايضا في الولايات المتحده الامريكيه ولندن وباريس وكل دول العالم المتحضره منها والمتخلفه او ما تسمى الناميه وكأن هناك دولا لا تنمو00!!! لا شك ان هذه الدعوات التي يطلقها رجال العالم الاسلامي متأثرة الى حد ماء بالغرب وحضارته والانبهار بتجربته وانجازاته التي تفوق حقا مما هو عليه العالم العربي والاسلامي وهذا الانبهار او عقدة النقص لدينا هي التي تفسر الخروج والتصادم مع نص قرآني صريح يقول(ولكم في القصاص حياة يا اولى الالباب) ايه. وتؤكده نصوص قرآنيه اخرى واضحه وصريحه لعقوبات بعينها حيث يقول عز وجل( انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) ايه 90 من سورة المائده0 وهناك عقاب للزنى حيث يقول رب العزه في سورة النور ايه 2 (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلده ولا تاخذكم بهما رأفة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)0 وهناك عقوبات اخرى لا مجال لسردها لانها معلومة وواضحه في شرعنا الاسلامي0 اما الاستشهاد بموقف الخليفه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من حد السرقه في عام المجاعه فلا يؤخذ به كحجه للتعطيل وعدم العمل بالعقوبات الاسلاميه لان الخليفه الراشدي الثاني في دولة الاسلام لم يلغ الحكم بل علقه لفترة من الزمن لحين معالجة المشكله وزوال المسبب لتعليقه ولم يلغه نهائيا او يسقطه من قائمة العقوبات ولم يتعدى عمر الى تعطيل او تعليق الاحكام والحدود الاخرى 0 فالقصاص يعرف الكل انه هو الذي يصنع حياة المجتمع الآمنه ابتداء من الاسره ومعاقبة رب الاسره لافراد اسرته اذا اذنبوا مرورا بعقوبة المعلم او المدرس في مقاعد الدرس والتعليم وهذا كان سابقا وعطل بفضل اولي الالباب هؤلاء00!!!وصولا الى الحاكم او من ينوب عنه على كل من يعتدي على سواه من الناس0 فالاسلام مثله مثل غيره من الاديان السماويه او الاديان والقوانين الوضعيه يقوم على قاعدة الدفاع عن المجتمع والمحافظه على تماسكه والوقوف في مواجهة من يريدون تحديه والاعتداء عليه او النيل منه والحط من شأنه فلا احد ينكر ان احدا مهما كانت مكانته وقوته وحزمه ان يمنع الزنا او شرب الخمر والسرقه او غيرها من الجرائم التي يحاسب عليها الدين والقانون لكن العقوبه تكون ضروريه وواجبه على من ينتهكون حرمة المجتمع علنا ويتحدونه باستخفاف في وضح النهار وعلى قارعة الطريق0 فالحدود في الاسلام او العقوبات هي القانون الرباني لحماية المجتمع المسلم ومن يعيش في ظله من غير المسلمين من الفوضى والتعدي على حقوق العباد فلو كلفنا انفسنا العناء والبحث في المجتمعات الغربيه وخاصة في مجتمع الولايات المتحده الامريكيه لوجدنا صورا بشعه من العنف والجريمه والاغتصاب والمتاجره بكرامة الانسان. وزياره واحده للسجون الامريكيه نراها تحولت الى مدارس للاجرام والشذوذ والاتجار بكل ما هو محرم وممنوع الامر الذي اصبحنا نخشى حدوثه في مجتمعاتنا العربيه والاسلاميه ومن هنا فعلينا الرجوع الى التشريع الاسلامي والمصدر لتعاليم ديننا وان نستوعب جميعا جوهر الرساله الاسلاميه التي تحضنا على الروحانيه وطلب المعرفه والعدل واحترام الذات لا ان نحول الاسلام الى اسلام مسيحي او علماني حتى يرضى عنا هؤلاء فالمسيحيه دين سماوي منفصل ومستقل عن غيره من الاديان نحترمه ونجله ونرفع من قدر نبيه عيسى عليه السلام. والعلمانيه فكر او رساله وضعيه يسعى اصحابها الى انجاحها وتطبيقها في مجتمعاتهم ونحن ايضا نحترم تجربتهم ونسعد لنجاحهم لكن يجب علينا ان نحترم ايضا اسلامنا كعقيده وشريعه اسلاميه وعلى الجميع ان يحترمنا كما احترمناه ويقول رب العالمين ( واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله اليك0ويقول:افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك الا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون الى اشد العذاب0صدق الله العظيم ) فالاولى بنا هنا ان نبشر باسلام حقيقي قائم على التسامح والعدل والقصاص الذي يحتاجه العربي والمسلم وعلى الغرب ان يعرفوا ذلك ويفهموه ونحملهم على احترامه بالسلوك والفعل وليس بالكلمات فقط
#تيسير_خروب (هاشتاغ)
Taiseer_Khroob#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاسلام في الفكر المسيحي
-
المسيحيه في الفكر الاسلامي
-
رحاله غربيين في ديار العرب المسلمين
-
الاسلام الحضاري والاسلام المعاصر
-
الخلافات الامريكيه الاوروبيه..على ماذا...
-
ازدواجية الخطاب الاسلامي واختلاف المعايير الاسلاميه
-
سوريا وتصفية الحسابات الدوليه في ظل القرار 1559
-
الولايات المتحده الامريكيه والمصلحه في اغتيال الحريري
-
اغتيال الحريري والاطراف المتهمه
-
المستوطنات الاسرائيليه والاستثمارات العربيه
-
منهجية ابن خلدون ونظرية التطابق التاريخي
-
دستور الحكم والانظمه العربيه
-
فرنسا والدور القديم00الجديد في لبنان
-
الحريري واغتيال الثالوث المقدس
-
الاداره الامريكيه وما بعد اغتيال الحريري
-
اغتيال الحريري واتفاق الطائف
-
اغتيال الحريري وسياسة تمرير الصفقات السياسيه
-
العنف والارهاب00وسياسة التكفير الاسلاميه
-
هيفاء وهبي00سيقان تغني
-
ايران وسياسة عرض العضلات 0
المزيد.....
-
المرشد الأعلى لإيران: يجب إعدام نتنياهو
-
تعهد بدعم المجتمع اليهودي.. كوشنر يكشف عن أول تحرك بعد مقتل
...
-
ضربات المقاومة الاسلامية تفشل العدوان.. النصر أقرب
-
مصر.. شيخ الأزهر يعلق على قرار رفع أسماء مئات الأشخاص من قوا
...
-
مجلس الكنائس العالمي يطالب بتحقيق العدالة والسلام في فلسطين
...
-
مصر.. شيخ الأزهر يعلق على قرار رفع أسماء مئات الأشخاص من قوا
...
-
-مسجد فوق معبد-.. مقتل 4 أشخاص في تجدد المواجهات ذات الصبغة
...
-
مجسم للكعبة ورموز إسلامية: هل كانت ضمن فعاليات موسم الرياض ا
...
-
فؤاد حسين: العراق يعمل مع الدول العربية والإسلامية على إيقاف
...
-
إعلام أفغاني: شويغو يعلن عزم روسيا على استبعاد حركة طالبان م
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|