|
تونس : الشباب يواصلون تحدي دكتاتورية بن علي
بيان الدفاع عن الماركسية
الحوار المتمدن-العدد: 1165 - 2005 / 4 / 12 - 11:02
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
لا يزال الطلبة التونسيون يواصلون تحديهم بالرغم من القمع المسلط عليهم. و لقد كان السبب المباشر في اشتعال فتيل حركة الاحتجاجات الطلابية العفوية منذ أسبوعين، هو الدعوة التي وجهها الرئيس الدكتاتور بن علي لارييل شارون، منظم المجازر ضد الانتفاضة الفلسطينية، لزيارة تونس خلال شهر نوفمبر المقبل. إن هذه الدعوة صارت بمثابة النقطة التي فجرت كل السخط الاجتماعي الذي تراكم عند الشباب التونسي خصوصا.
و لم يهدأ الغضب الذي أثارته هذه الزيارة بسرعة، بل على العكس - خاصة إن العديد من الناس لا يزالوا يتذكرون يوم قامت طائرات إسرائيلية بقصف المقر الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية في تونس قبل عشرين سنة! بعد أن كانت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية تجد في العاصمة التونسية ملجأ آمنا إثر طردها من لبنان من طرف جنود تساحال ( Tsahal) و الميلشيات المسيحية الرجعية.
لا يزال الشعور بالاهانة جراء هذا الفعل حيا في ذاكرة المواطن التونسي العادي. و قد زاد القمع الذي وُوجه به الطلبة المحتجون على زيارة شارون من الكره الشعبي لنظام بن علي. وفي محاولة منه لتهدئة غضب الجماهير التونسية، عمل النظام على التأكيد على أن دعوة ارييل شارون لن تعني تطبيع العلاقات مع إسرائيل. لقد كانت هذه محاولة عقيمة من طرف النظام لنزع فتيل الاحتجاجات، لكنها ذهبت سدى.
يوم الخميس الماضي، 10 مارس، نظم طلاب الجامعات في كل ربوع الوطن إضرابا عاما، لتأكيد معارضتهم لشارون و للمطالبة بإطلاق سراح الطلبة الذين أعتقلوا. و عم الإضراب لا في العاصمة تونس و لكن في المدن الداخلية أيضا. وحاولت قيادة المنظمة الطلابية الاتحاد العام لطلبة تونس ( ا ع ط ت)، التي وجدت نفسها مجبرة على الدعوة إلى الإضراب الوطني، أن تقيد نضالات الطلاب و تًحُدّها في " احتجاجات سلمية داخل أسوار الحرم الجامعي".
ينبغي على الطلبة أن يلتقوا مع العمال
إن نصيحة القيادة تلك لم يتم الانضباط لها في جميع كليات البلاد. فقد حُوصرت جامعات الشمال الغربي للعاصمة من طرف سيارات البوليس و قوات مكافحة الشغب التي أحتلت و أغلقت جميع الطرق المؤدية إلى الأحياء المجاورة، مما أدى إلى وقوع مواجهات مع البوليس، وليتم اعتقال خمسة طلبة.
يحس العديد من الطلبة، بشكل عفوي ،بضرورة الاتحاد مع باقي فئات الشعب، إذا ما هم أرادوا جمع المزيد من القوى لإلحاق الهزيمة بالنظام. فالطلبة وحدهم ليسوا قادرين على إسقاط الديكتاتورية. فقط وحدة الطلبة مع العمال و الفلاحين هي القادرة على تحقيق النصر.
إن التكتيك الذي تنهجه الدولة يهدف إلى إحتواء احتجاج طلبة الجامعة وحصره داخل أسوار الحرم الجامعي "الآمنة ". و هذا التكتيك ليس جديدا، فلقد سبق استخدامه من طرف أنظمة أخرى، في بلدان أخرى، و ديكتاتوريات أخرى. إن ما يخشاه النظام الديكتاتوري هو احتمال انتشار نضالات الطلبة في صفوف العمال و الفلاحين الفقراء و الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى. إن النظام يخشى إلى درجة كبيرة إمكانية تحول النضالات الجريئة التي يقوم بها الطلاب إلى ملهم و حافز لباقي الشرائح الأخرى ( أي خصوصا للعمال و فقراء المدن) لإتباع خطاها .
فعلى سبيل المثال عندما دعي الطلبة و مجموعات المعارضة يوم 2 مارس في المنستير, وسط البلاد, إلى التظاهر، حُوصرت المدينة بأسرها من طرف البوليس، الذي أغلق جميع المداخل نحو وسط المدينة.
يمكن للنظام أن يتحمل نضالات الطلبة فقط إذا ما ظلت محصورة داخل أسوار الحرم الجامعي. و يأمل أن تكون سياسة تكميم الأفواه المصاحبة بالقمع – الاستعمال الهمجي للقمع و الاعتقالات و التعذيب و مصادرة الصحف المعارضة و إغلاق مواقع الانترنيت و كذلك تنظيم حملة ضد قناة الجزيرة – كافية لإيقاف و من ثم القضاء على جذوة الغضب.
في نفس يوم الإضراب الوطني الذي نظمه الطلبة، تم تقديم عشرة طلاب للمحاكمة من مدن صفاقس و قفصة (في الجنوب) وبنزرت (في الشمال) كانوا قدأعتقلوا خلال الأسبوع الأول من الاحتجاجات. و لقد حُكم على الجميع بشهرين إلى ثلاثة أشهر سجنا.
نظم المحامون بدورهم إضرابا يوم الأربعاء الماضي ضد دعوة شارون و للمطالبة بإطلاق سراح أحد زملاءهم الذي لا يزال في السجن بسبب مشاركته في التظاهر. و قد التحق ثمانون بالمائة من المحامين بالإضراب، بل حتى أن المحامين المعروفين بدعمهم للنظام صوتوا خلال التجمعات العامة في قصر العدالة لصالح القيام بالإضراب !. والآن دعوا إلى التظاهر، يوم الأربعاء المقبل، 15 مارس، أمام سجن تونس. كما دعت جمعية حقوق الإنسان( الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ) إلى جعل يوم 16 مارس يوما وطنيا للاحتجاج .
فليسقط نظام بن علي الديكتاتوري الرأسمالي
إن هذه الاحتجاجات، التي قام بها طلبة الجامعات و التعليم العالي و التي تلتها احتجاجات المحامين، جد مُعّبرة. إنها تدل على بدايات الحركة ضد دكتاتورية بن علي الدموية في المجتمع التونسي. لقد تمكن النظام من فرض نوع من الهدوء و الصمت على المجتمع التونسي طيلة سنوات عبر موجة من القمع و السيطرة المطلقة، و كذلك بنوع من النمو الاقتصادي. إذ كانت تونس تقدم للمستثمرين الدوليين باعتبارها جنة للسلام و الطمأنينة، في منطقة معروفة بالاضطرابات. لقد كانت توصف بكونها " التنين الإفريقي " بسبب إنجازاتها الاقتصادية. إن بداية تململ الفئات الوسطى داخل المجتمع ( الطلبة و المحامون) تشكل خطرا على استمرارية النظام. و قد أظهر استطلاع للرأي تم مؤخرا على موقع الانترنت (Tunisnews.net ) ( بالرغم من محدوديته الواضحة) أن 38.9 % من المستجوبين يشعرون أن « غضب التونسيين أشعرهم بالثقة في النفس» . و أن 21.3% منهم أعلنوا أنهم «تفاجئوا باتساع» رقعة الغضب.
لقد كان الطلبة دائما مقياس يعكس درجة التحولات التي تطرأ على مزاج المجتمع. و هم، على العكس من العمال و الفلاحين، يمتلكون قدرا أقل من الالتزامات المادية الشيء الذي يمكنهم من الانخراط بسهولة في الاحتجاج. كما أنهم لن يلعبوا فقط دور مقياس للعواصف التي ستضرب تونس، بل سوف يعيدون الحياة للعديد من الذين فقدوا الأمل خلال السنوات الأخيرة.
عملت بعض الأحزاب المعارضة التي شجعتها احتجاجات الشوارع الأخيرة، على الدعوة إلى مسيرة وطنية ضد زيارة شارون يوم 8 أفريل. و يمكن لهذه المسيرة أن تشكل نقطة التقاء ليس للطلبة فقط بل أيضا للعديد من العمال.
لإنجاح هذه المسيرة يجب موازاتها بدعوة إلى القيام بإضراب وطني في كل الجامعات و المعاهد العليا و دعم ذلك بإضراب العمال عن العمل في المصانع و الإدارات. .يتوجب على الطلبة أن يتوجهوا نحو أحياء الطبقة العاملة و المصانع للدعاية للمسيرة الوطنية. و بتنظيمهم للجان معارك ديمقراطية تظم ممثلين منتخبين عن العمال و الشباب، سوف يعطون للشكل الاحتجاجي تعبيرا أكثر تنظيما.
لا يمكن أن تُوجه هذه المسيرة الوطنية فقط ضد دعوة شارون المهنية و لأجل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين. بل يتوجب أن يتم توسيع برنامج المطالب، لتتضمن مطلب الحقوق الديمقراطية ( حق التعبير و التظاهر و التنظيم و الحق في انتخابات حرة...الخ) و المطالب الاجتماعية و الاقتصادية للجماهير الكادحة ( العمل للجميع الرفع من الأجور لا للاستغلال...الخ) و لتحقيق هذه المطالب سوف لن يكون كافيا محاولة الضغط على النظام لتقديم بعض التنازلات و القيام ببعض الإصلاحات. إن المطلوب ليس اقل من التدمير الكلي لنظام بن علي الدكتاتوري الرأسمالي الموالي للامبريالية !. إن الطريق الوحيد للحصول على الحقوق الديمقراطية الحقة و الحرية الحقة و للقضاء على الاستغلال و التبعية للامبريالية،هو إقامة تونس اشتراكية، كجزء من فدرالية اشتراكية للشرق الأوسط.
14 مارس 2005
العنوان الأصلي :Tunisia : youth still defiant of the ben Ali dictatorship
المصدر : www.marxy.com
#بيان_الدفاع_عن_الماركسية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشرات الآلاف من الشباب ينتفضون ضد دكتاتورية بن علي في تونس
-
بين الانتفاضات و الخيانات : موجز لتاريخ اليسار العراقي
-
برنامج الخداع البصري لأطاك*-ضريبة توبان- و الحمائية
-
الحرب الأهلية تتصاعد في النيبال
-
نضال الصحراويين , التاريخ والافاق
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|