علي الصراف
الحوار المتمدن-العدد: 4051 - 2013 / 4 / 3 - 22:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اشتهر العراقيون بالنزعة الطائفيه و لكني لا احب تسميتها بذلك على الرغم من ان الشعب اصبح اليوم يحملها في قلبه بدل عن بطاقته الشخصيه , فهذا الصفه التي اصبح العراقيين يتباهى بعضهم بها و البعض الاخر يحاول قتلها في داخله بدت لي في بعض الاشخاص مثل السرطان بل اسوء من ذلك فهي لا تنتشر بالجسم و العقل بل انتشرت الى المحيطين به .
ولكني لازت أؤمن بان العراقيين في داخلهم لم يكونوا يحملون هذه النزعه ولكنهم استمروا بالاستماع لغيرهم و بهذا تطبق المقوله المأثوره لاينشتاين عندما قال ( البعض يفضل الموت على التفكير و في الحقيقه هذا ما يفعلونه ) و هذا هو حال اغلب العراقيين اليوم و ما يفعلونه , لو اخذنا بنظر الاعتبار ان نسبة 80% من العراقيين يعتمدون على ساداتهم و مشايخهم بالتفكير و لو اخرجت من الساده و المشايخ ( 10% ) من ذوي التفكير المعتدل ( لكان العراق بالف خير ) , ولا اضلم في ذلك الساده و المشايخ و لا استطيع ان اذكرهم بما وجدوا من اجله و ما هو هدفهم الحقيقي و الاساسي في ما يفعلون و لكن استطيع ان اخاطب تابعيهم و الموالين لهم و بطريقة مختلفه عما اعتادوا عليه .
ففي الحقيقه ان اسهل طريقه لتصحيح الخطأ في اي شخص ليس بتذكريه بالخطأ ولكن ( بتذكريه بالشيء الموجود بداخله كل شخص ) و للتوضيح اكثر , في احد الايام و بالاخص الايام التي اشتعلت بصراعات طائفيه كنت انتقل بين منطقتين تختلف بينهما نوع الطائفه المسيطره , طلبت سيارة أجره و كان السائق كبيرا في السن و مثل ما تعودنا في ذلك الحين فاول موضوع يطرح هو موضوع الطائفيه و ما هي الا دقائق حتى انهمر السائق بانواع الشتائم و التكفير للطائفه المضاده لطائفته و لم يجد مني اي تجاوب على مدى نصف ساعه حتى شعر انه يتكلم الى نفسه فبادرني بسؤال و قال ( هل انزعجت من كلامي ؟ ) , اني على يقين اني لو قلت له نعم انزعجت سوف يعتذر امامي و يعاود الكره مع غيري و لو قلت له لا لم انزعج ( سوف يعاود الانطلاق من جديد ) ولكني طلبت منه الاجابه عن سؤال قد حيرني طويلا و قلت له ( ماذا لو انك اصبحت تملك القوة اليوم ؟ ) فرد علي بانه سوف يطوق كل المحافضات و يمنع ( دخول الطائفه الاخرى و يأمر بحبسهم بالاعتماد على بطاقتهم الشخصيه ) , اعجبت باجابته فقد كانت صريحة جدا ولكن في الحقيقه لم يكن هذا السؤال الذي وددت ان اطرح عليه فكان سؤالي ( ماذا لو كنت تسير في طريقك بسيارتك و وجدت شيخا كبيرا يسير ببطئ ثم سقط مغشيا عليه على الارض ؟ ) فرد علي بكل عنف انه سوف يحمله الى المستشفى باسرع وقت محاولا مساعدته , اعدت السؤال مرة ثانيه ولكن بتغيير بسيط جدا ( ماذا لو كنت تسير في طريقك بسيارتك و وجدت فتاة يافعه ثم سقطت مغشيا عليها على الارض ؟ ) و العجيب انها كانت نفس الاجابه من السائق , بدأ ينظر الي بصورة مخيفه خصوصا عندما اعدت صياغة السؤال بنفس التغير ( ماذا لو كنت تسير في الشارع و وجدت شابا يافعا سقط على الارض مغشيا عليه ؟ ) حتى انفجر غضبا متهما اياي باني احاول ان استفزه او احاول خداعه و بان اجابته كانت نفس الاجابه السابقه , ثريثت لحضات حتى استطاع السيطره على اعصابه و كان السؤال هو : لماذا لم تطلب بطائقهم الشخصيه ( اقصد الشيخ و الشابه و الشاب ) قبل ان تنقلهم للمستشفى ؟؟؟!!!
حاول السائق مرارا و تكرارا تبرير كل كلامه حول الطائفيه في الخلال نصف ساع المنصرمه و لم يجد في ذلك نفعا حتى كانت اجابته بالاخير ( لقد هزمتني بالفعل ) , و من هنا بدأ النقاش الحقيقي حول حقيقة الطائفيه .
ان السائق كان يتبع من كان يستمع اليهم غير ان يتبع ما يوجد بداخله من انسانيات , حتى اني قلت انه في حال ساعد الاشخاص الثلاثه لماذا و ما هو السبب , فكانت اجابته واضحه بدون تفكير ( المساعده ) , ضحكت كثيرا و اجبته اليس من المضحك انك ( تساعد الناس بسبب اخلاقك و تقتل الناس و تسجنهم بسبب دينك او معتقدك !! ) .
و من هنا ابدأ بالتوضيح انه حقا من المؤلم ان العراقيين يحملون بداخلهم كل الطيبه و روح المساعده و تجار الدين هم من يحاولون قتل هذه الروح و زرع روح الفتنه و الطائفيه , اما غير ذلك فهناك خطأ فليس من المعقول ان يفرق الدين شعبا يحمل بداخله محبة للجميع دون استثناء .
و من وجهة نظري فاني ارى ان اختلاف العراقيين باختلاف طوائفهم في النزاعات اغلبه هو بما عانوه من قتل و ذبح و ترهيب و تفجيرات استهدفتهم و هذا الذي بدأ بتوليد جزء من الطائفيه غير متناسين بالطبع ما يتحمله تجار الدين من عمليات غسل للعقول البسيطه .
ففي احد الايام و بعد نقاش مطول بين نظرية اتباع الساده و المشايخ في اتخاذ القرارات دون الرجوع الى التفكير و هذا وحده في نظري هو اجرام في النفس , سالت عن سبب اتباع الناس للشخصيات الدينيه دون الرجوع الى العقل فكانت الاجابة واضحه بان هؤلاء الاشخاص قد اخذوا مع العلوم الاسلاميه ما يكفي حتى نتبعهم في اتخاذ القرارات الدينيه قبل الدنيويه ( و من وجهة نظري فان الدنيويه اكثر من الدينيه في اغلب الاحيان ) , و بعد هذا الاجابه كان سؤالي واضحا هل تفضل ان تتبع شخص تتحدث اليه و يتحدث اليك تعجب بافكاره و يستمع منك و يعلم طبيعتك و طبيعة تفكيرك ام تفضل ان تتبع شخصا لم تراهه اصلا , و بالطبع كانت الاجابه ان اتبع شخصا اراه و استمع اليه , فطلبت منه ان يتبعني بدلا عنهم فانا شخص يراها بين الحين و الاخر و نتناقش فيما بيننا باستمرار و عندما نصل الى طريق مسدود يعود كل منا الى مراجعه محاولا ايجاد اجابات لما اختلف عليه في بادئ الامر , الا اني واجهت رفضا قاطعا دون تفكير اصلا بما قلته اصلا متهما اياي اني قد تجاوزت على رموز الامة الاسلاميه .
هل من المعقول ان تكون رموز الامه نفسها السبب في توليد الصراعات ، هل من المعقول ان رموز الامة الاسلاميه تناست واجبها الديني و انشغلت بالواجب السياسي ، امن المعقول ان رموز الامه تناست اسس و قواعد دينها حتى سارعت بتكفير جزء و تعظيم جزء ، كيف يعقل ان يكون رمزا لامة اسلاميه لا يعرف القراءة و الكتابه ، كيف يعقل ان يكون رزما لامة اسلاميه ياكل من اموال الفقراء .
مال زلت انادي ببساطة جميع الاديان و التي لا تحتاج الى تعقيدات رموزها او تجارها ( على حد قولي ) ، لا اريد الدخول في انفاق تجار الدين مرة ثانيه ولكني اريد ان اطرح سؤالا بالغ الاهميه ، بعد ان اتهمت رموز الامه العلمانين و الليبراللين بالكفر او ليس من المحزن ان ترى العلمانين و اليبراليين ( الكفره ) هم من ينادون الى توحيد الشعب على عكس رموزها ؟؟؟!!!
هل من المعقول ان يقوم الليبراليين و العلمانين بتوعية شعب على عكس ( رموز الامة الاسلاميه ) , منذ زمن الرسول ( ص ) و حديثه الشهير ( النظافه من الايمان ) حتى يومنا هذا لم اسمع بدعوة واحده او فتوى تحرم او تمنع رمي الاوساخ بالشوارع بل على العكس على عكس الليبراليين .
التقيت باحد الايام شخصا ( غربي غير مسلم ) و دار حوار بيننا حول ديننا و اديانهم , حتى اني اطلت الحديث محاولا تحبيبه بديني حتى استوقفني ( معتذرا ) و طلب مني ان اجيبه على اسألته بصراحه , فكانت اسألته ( الم ينزل لكم دينكم كل تعاليم الحياة و لم تتبعوها ؟ الم يحرم قتل النفس البرئيه , الم يحرم السرقه , الم يحرم الكذب , الم يحرم النفاق , الم يحرم الاشراك , الم يحرم الزنا و و و و و الخ , كيف تريد مني ان اتبع دين تربيتم عليه و لا تتبعونه ابسط تعاليمه ؟, هل تعلم ان كل ما ذكر في كتابكم المقدس نتبعه نحن و انتم لا !! ) , لم استطع الاجابه على سؤاله فلم يذكر بشيء خاطئ حسب علمي .
كما اني لا اقوم بالتعميم على كل الفكر الاسلامي بل بالعكس اني اشد على يد المسلمين المعتدلين الذيين يتخذون من دينهم وسيلة للتقرب الى الله و ليس المفاخره به بين الناس .
كما اني لا اجعل من العلمانين و اليساريين و الليبراليين على الشطر الثاني من المعادله و اكفر منهم احد فأني و حسب علمي ان ( الليبراليه و العلمانيه و اليساريه هي فكر ) و الدين معتقد و لو توسعت اكثر لن تجد اي تناقض بين الدين كمعتقد و الحركات كفكر .
#علي_الصراف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟