|
-العالم- والتطبيع مع إسرائيل
أشرف عبد القادر
الحوار المتمدن-العدد: 1164 - 2005 / 4 / 11 - 11:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حللت ضيفاً على فضائية "العالم" الإثنين الماضي، بعد أن اعتذر الأستاذ العفيف الأخضر لظروف صحية، وكان موضوع الحلقة التي إذيعت ما بين العاشرة مساء والحادية عشرة هو "هل ظهور صهاينة إسرائليين على الفضائيات العربية يمثل نوعاً من التطبيع مع العدو الإسرائيلي؟" وكان محاوري هو سمير أحمد رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين في الأستوديو، وأنا عبر الأقمار الصناعية من باريس، ود. أحمد بهاء الدين من القاهرة بالتليفون، وكان ملخص ما قالاه هو أن ظهور أي صهاينة يهود على الفضائيات ضار بالقضية الفلسطينية، ويعتبر تطبيعاً مع العدو الإسرائيلي، ولأنه يساعد في خلط المفاهيم وتزييفها. ولا أعرف أي مفاهيم سيتم خلطها عندما نستضيف اليهود ونحاورهم. كنت أمثل إتجاهاً معاكساً لكلا الرجلين، وكان ملخص ما قلته هو : أننا نقبل بما تقبل به السلطة الفلسطينية المنتخبة من الشعب الفلسطيني، ونرفض ما ترفضه السلطة الممثلة للشعب وإرادته، فرد محاوري قائلاً:أن محمود عباس "أبو مازن" لا يمثل كل الفلسطينيين بل يمثل فلسطيني غزة والقطاع، ولكن هناك كثير من الفلسطينيين منتشرين في العالم كله لا يمثلهم محمود عباس. وهو اعتراض ساذج بل استفزازي، فمن يمثل فلسطيني الشتات؟ هل هو حزب الله مثلاً الذي يطالب أمينه العام حسن نصر الله بنزع سلاح الفلسطينيين في لبنان أم هو سمير أحمد الذي لا يمثل إلا نفسه؟! كان ردي: أكرر إننا نوافق على كل ما تقبله السلطة الفلسطينية المنتخبة ونرفض ما ترفضه، ولا نوافق على ما يقوله المزايدون والمتاجرون والمنتفعون بالقضية الفلسطينية الذين جعلوا منها "قميص عثمان". أما فيما يتعلق بمرور الصهاينة الإسرائيليين على الفضائيات، فأنا لم أر الإسرائيليين يتكلمون في الفضائيات ولا أعرف ماذا قالوا، ولكن ما الضرر من استضافتهم في الفضائيات؟ ونشر مقالاتهم في جرائدنا ومجلاتنا؟ فإذا كان ما يقولونه ضد الدولة الفلسطينية فهو مرفوض جملة وتفصيلاً، بل والترويج له خيانة لفلسطين وللشعب الفلسطيني، أما إذا كان ما يقولونه يندرج فيما قبل به الشعب الفلسطيني والسلطة المنتخبة، وهو أن تكون فلسطين دولتين لشعبين إحداهما يهودية والأخرى فلسطينية، فهذا غير مضر بالشعب الفلسطيني، بل هو مفيد للشعبين ولشعوب الشرق الأوسط التي ذاقت الأمرين من الإرهاب. وضربت مثلاً بجريدة "القدس العربي" وهي قريبة جداً من حماس بل تكاد تكون ناطقة بإسمها، ورئيس تحريرها عبد الباري عطوان وهو مناضل فلسطيني لا يشك أحد في وطنيته يترجم كل يوم صفحة صحافة عبرية ، وأنا لا أعتقد أنه لا "القدس العربي" ولا عبد الباري عطوان عميلان لإسرائيل. و"السفير" اللبنانية التي يديرها طلال سلمان والقريبة جداً من حزب الله يترجم الصحافة العبرية، فهل يشك أحد في وطنيتها؟، وهل فضائية "الجزيرة" التي تعتبر الناطق باسم القاعدة التي تستضيف الإسرائيليين كل يوم صهيونية؟ كما يجب ألا ننسي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يلتقي بأحبار اليهود في مسجدة ويحاورهم بالتي هي أحسن وليس بالأحزمة الناسفة. فما هو الضرر في استضافة اليهود في فضائياتنا ؟ على الأقل لنعرف ما يدور في رؤسهم. ولم يعجب كلامي هذا محدثي وتطرق إلى موضوع التطبيع ورفضه جملة وتفصيلا، فطلبت مني مقدمة البرنامج أن أرد عليه وسؤالها كان:هل السلام أولاً أم التطبيع؟ فأجبت: في رأيي التطبيع أولاً. لماذا؟ لأن اليهودي مسكون بهاجس الخوف، فإسرائيل تعتبر نقطة في المحيط العربي، فعندما نقيم معها علاقات ثقافية واقتصادية سنطمئن الشعب الإسرائيلي فإظهارنا حسن النوايا له، وبأننا لن نرمي به إلى البحر الأبيض أو الأحمر كما قيل سابقاً، سيساعدنا في كسب الرأي العام الإسرائيلي بهذا التطبيع، وبما أن إسرائيل دولة ديمقراطية فإن الرأي العام سيؤثر ويضغط على حكومة الليكود التي لا تريد السلام بل وتخافه، فالتطبيع أولاً والسلام يأتي ثانياً كتابع للتطبيع وكنتيجة له. فالتطبيع له وظيفة واحدة ووحيدة هي فتح شهية الرأي العام الإسرائيلي للسلام. فأرغد وأزبد محدثي مفنداً هذا الرأي ، وقال كلاماً إنشائياً مللنا من سماعه، ومن أن للشعب الفلسطيني حقوقاً لابد من أخذها قبل التطبيع. وطلبت مني مقدمة البرنامج أن أرد على هذا الكلام فقلت: ما من شك أن للشعب الفلسطيني حقوقاً لابد أن يأخذها، لكن ما أطلبه من محدثي هو التحلي بالواقعية السياسية والبعد عن النرجسية الفردية والجمعية، والبعد عن الشعارات الشعائرية التي لم تحرر شبراً من الأراضي العربية منذ العام 1948، فمصر لم تسترد سيناء إلا بالسلام ولم تستردها بالحرب، فلو نظرنا إلى أرض الواقع نظرة موضوعية لرأينا التطبيع حقيقة، فبعد قمة شرم الشيخ أعادت مصر سفيرها إلى تل أبيب، وكذلك الأردن،وموريتانيا وبعض دول الخليج، حتى إن بشار الأسد طلب من ممثل الأمم المتحدة تيري لاس أن يتوسط لدي شارون ليزور القدس تقليداً للمرحوم محمد أنور السادات، لكن شارون رفض عرض الرئيس السورى لأن التطبيع مرفوض من حزبه ، الليكود، ومن الموساد كما عبر عن ذلك أحد رؤسائه السابقين ألم يزر الرئيس الراحل ياسر عرفات إسرائيل للعزاء في اسحاق رابين وبكي عليه وقال عنه لقد فقدت أخاً عزيزاً؟ أفلا يمثل كل ذلك تطبيعاً على أرض الواقع؟ لا أعرف ما هو الضرر من التطبيع، فهل أخذ شارون جزءاً من أرض مصر بعد انتهاء قمة شرم الشيخ، ولماذا نخاف التطبيع؟ لأننا مسكونون برهاب الخوف من الآخر المغاير. قرأت للمشاهدين ما كتبه مون بريال رئيس المعهد الاستراتيجي الفرنسي ومستشار الاتحاد الأوربي في شؤون الشرق الأوسط في جريدة "لومند" الفرنسية قائلاً:"إن الجمهورية الإيرانية أخبرت الاتحاد الأوربي بأن رئيس الجمهورية الذي سيتم انتخابه في يونيو –حزيران – القادم سيكون حجة الإسلام هاشمي رفسنجاني وأنه سعترف بإسرائيل. فهل هناك تطبيع أكثر من هذا التطبيع على أرض الواقع؟ ولم ينبس محدثي ببنت شفه لأن تلفزيون "العالم" إيراني والحدق يفهم !!! وتطرق محدثي للحديث عن المقاومة وكيف أنهم يصفونها بالإرهاب، فرددت عليه: إن قتل الأطفال والنساء والمدنيين هو ارهاب تحت أي مسمي، وترويع الآمنين في القطارات والأتوبيسات والطائرات هو إرهاب، فلقد حولت "حماس" و "الجهاد الإسلامي" الإنسان الذي هو خليفة الله في أرضه إلى قنبلة تنفجر في أي مكان وزمان في وجه الأبرياء. هذا هو ملخص الحلقة، أو الذي علق في ذهني منها، كانت هذه هى المرة الأولي التي أتكلم فيها في فضائية على الهواء مباشرة، وأتمني بعد هذه التجربة الناجحة أن تصلني دعوات أخري من "الجزيرة" و"العربية" وغيرها من القنوات الفضائية،كما أود بحرارة أن ألتقي بفقيه الإرهاب راشد الغنوشي على الهواء لفضحه أمام ملايين المشاهدين. هذا اللقاء كان بداية وأنا في انتظار مزيداً من الدعوات ، ومزيداً من النجاح إن شاء الله، إنه سميع لي مجيب الدعاء.
ملحوظة للقراء: إبتداء من اليوم سأوقع مقالاتي باسم أشرف عبد القادر، لأن تليفزيون "العالم" طلب مني أن أختصر أسمي لأن المكان المخصص لكتابة الأسماء على الشاشة لن يكفي لكتابة أشرف عبد الفتاح عبد القادر، فمعذرة لأبي - رحمه الله - الذي أنا فخور دائماً بحمل أسمه ، وسأوقع بأسمي وباللقب من الآن كل مقالاتي .
#أشرف_عبد_القادر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رداً على فقهاء إرهاب القاعدة
-
رداً على صائب خليل: نظرية الخونة الأبطال
-
نداء إلى شيخ الأزهر ومفتي مكة وباقي علماء المسلمين: طهروا حظ
...
-
الشيخ حسن نصر الله ورفيق الحريري
-
لبنان: الحقيقة... الجريمة ... والتحدي دهاليز المأساة اللبنان
...
-
لماذا وقعت بيان العفيف الأخضر؟
-
المثقفون العرب ودم الحريري
-
راشد الغنوشي يدعو إلى تصفية الناخبين الفلسطينيين و رئيسهم
-
زوجة الكاهن والنار التي تحت الرماد
-
هل راشد الغنوشي فقيه إرهاب ؟
-
رسالة مفتوحة لمحمود عباس -أبو مازن-كن في شجاعة السادات
-
محكمة دولية لمحاكمة دعاة الإرهاب
-
القنابل لها ذقون
-
البيان الأممي المبين
-
عرفات رحل في الوقت المناسب
-
رسالة تهنئة لجورج بوش
-
سيف التكفير البغيض
-
لنا ديننا الحنيف ولكم دينكم العنيف
-
الحجاب والقبعة
-
نص إدانته ورده عليها ! المفكر الإسلامي جمال البنا يلقي حجراً
...
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|