أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - بين القانون والقرآن والسلطان














المزيد.....

بين القانون والقرآن والسلطان


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4051 - 2013 / 4 / 3 - 01:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا تفعل كذا، افعل كذا، افعله هكذا، وهذه مكافأة الفعل الصائب، وهذه عقوبة الفعل الخاطئ. في ما سبق لا يوجد أي فرق جوهري بين القانون والقرآن، عدا نسبة الأول إلى سلطة أرضية بشرية والثاني إلى أخرى سماوية إلهية. في الماضي، أيام وضع القرآن، كان هو القانون الأرضي والقرآن السماوي معاً في نص كتاب واحد. لكن مع نمو النفوذ الإسلامي وانتشاره إلى مجتمعات جديدة ذات ثقافات وهياكل سلطة مختلفة، كان لا بد أن يتطور ويتأقلم معها وفي النهاية يستوعبها البنيان القانوني الإسلامي الناشئ. عندئذ كان القرآن ما عاد يستطيع منفرداً أن يستوعب التطور السريع والواسع الحادث. وعليه بدأ عصر التفسير و"التأويل" الذي وضع نهاية مبكرة لحقبة القرآن القانون الكتاب الواحد وأنتج تراكمياً بمحاذاة القرآن تراث "الشريعة"، أو سلة القوانين المستولدة بمنهجية ووسائل أرضية بشرية من أصول متعددة على رأسها القرآن والسنة النبوية وإجماع علماء الأمة. هي، إذاً، في جميع الأحوال نفس مجموعة النصوص الآمرة والناهية لكن تسمى "قرآناً" إذا كان وضعها مكتملة ينسب إلى آلهة، أو "قانوناً" عندما يكون واضعوها هم بشر ونسبتها إلى البشر كذلك في نهاية المطاف، أو "شريعة" عندما يكون واضعوها هم بشر أيضاً لكن نسبتها في النهاية إلى مقاصد إلهية.

لا "قانون" من دون "سلطان" ينفذه ويملك من وسائل القوة ما يستطيع أن يعاقب أغلب من يخرج عليه، ويكافئ أغلب من ينصاع لأحكامه. من دون هذا السلطان، يزول الإلزام عن النص القانوني ويصبح مساوياً لسائر النصوص غير الإلزامية الأخرى في الدين أو الشعر أو اللغة أو الأدب أو الفلسفة أو خلافه. وبهذا السلطان، يمكن أن يتحول أي نص غير ملزم مما سبق- والنص القرآني كذلك- إلى نص قانوني ملزم. في جملة أخرى، إذا اقترنت بقوة السلطان، يمكن أن تتحول حتى الأبيات الشعرية المجازية والفضفاضة إلى نصوص قانونية قطعية يعاقب كل من لا يلتزم حرفياً بمنطوقها، مهما تكن دلالاته مبهمة. بينما النصوص القانونية الصريحة، إذا زالت عنها قوة السلطان، يمكن أن تتحول إلى مجرد رأي أو فكر أو فقه قانوني إنشائي غير ملزم لأحد. ببساطة أكثر، من دون سلطان نصوص القانون وآيات القرآن تصبح مجرد كلام إنشائي تثقيفي غير ملزم لأحد، مهما عظمت قيمته وعلت مكانته؛ أو، في عبارة أخرى، ما يصنع من النصوص البشرية ومن الآيات الإلهية قوانين ليس هو قوة بعينها كامنة في هذه النصوص أو في هذه الآيات في حد ذاتها- إنما قوة السلطان من ورائها. وهذا ينطبق أيضاً على أحكام الشريعة الإسلامية التي تجمع ما بين البشري والإلهي معاً في بناء واحد.

في السنوات القليلة الأولى من عمر دولة الإسلام كان السلطان يقف مباشرة وراء آيات القرآن المتواترة، التي من ثم أصبحت بالنسبة للمسلمين الأوائل قانونهم وقرآنهم (معادل "القرآن دستورنا" لاحقاً) في كتاب مقدس واحد. ثم بعد استيلاد الشريعة واكتمال وضع أحكامها انتقل السلطان ليقف ورائها كما وقف وراء القرآن الخالص من قبل، لتتحول "الشريعة" إلى القانون الحاكم بعد أن كان حكراً في السابق على القرآن وحده. ثم، مع انتهاء عصر الإمبراطوريات والخلافة الإسلامية وبزوغ فجر الدولة الوطنية القائمة على حقوق المواطنة المتساوية وليس الدين الواحد، انتقل السلطان مرة ثالثة ليقف مباشرة وراء "القانون" الذي يضعه البشر أنفسهم من خلال سلطة تشريع بشرية مستقلة ولخدمة مقاصد بشرية في النهاية، ليعاقب الذي يخالفه ويكافئ الذي يستوفيه. منذ هذا التاريخ تحولت "الشريعة"- كما حدث مع "القرآن" من قبل- إلى مجرد كلام ورأي فقهي إنشائي ومرسل غير ملزم قانوناً لأحد، رغم درجات الإلزام المعنوي والأدبي والعرفي المختلفة لسائر المسلمين. بعد زوال قوة السلطان، هي أصبحت مثل أبيات شعرية وجمل نثرية وأساطير أدبية وأحداث تاريخية غير ملزمة لأكثر من الذي يختار طواعية أن يلزم نفسه بها.

أخيراً، بفضل ثورات الربيع العربي، وقع السلطان فجأة بعد طول انتظار في حجر دعاة الإسلام السياسي. وكان من المتوقع أن يكون أول ما يفكرون فيه هو أن يعودوا بهذا السلطان اللقيط إلى سابق عهده وراء "الشريعة"، أو حتى وراء "القرآن" ذاته كما تريد بعض الروافد المتشددة. هذا هو ما يفعلون الآن بهمة ونشاط في دولة مصر؛ أو، في قول آخر، هم يهدمون أركان الدولة الوطنية المصرية الحديثة.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (3- قطر)
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (2- طائر النار)
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية
- الدولة العربية في خطر
- أفاعي إسلامية تبكي الدولة!
- السياسة بين الطائفية والعلمانية
- بين العري والنقاب
- لصوص لكن إسلاميين
- اتركوا الرئاسة قبل أن تضيعوا كل شيء
- عودة الجيش المصري إلى الحكم
- تحرش جنسي بميدان التحرير!
- استمرار استعباد المرأة بسلطة التطليق والتوريث
- أنا ضد الشريعة
- سوريا، لا تخافي من الإسلاميين
- صلح السنة والشيعة
- أخطاء قاتلة في التجربة الإسلامية في الحكم
- موضوع في خدمة مشروع سياسي
- يعني إيه ثورة
- حرية الارتباط والزواج قبل الديمقراطية
- جبهة الإنقاذ وضرورة العمل المتعدد المسارات


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...
- “فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور ...
- المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - بين القانون والقرآن والسلطان