خالد أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4050 - 2013 / 4 / 2 - 22:18
المحور:
القضية الكردية
النقد وتعني الإعتراض على المواقف والممارسات الخاطئة التي تتعرض لها دولة , مؤسسة, فرد أثناء إتخاذها القرارات أو أثناء المواقف اليومية المختلفة التي لم تتعرض لها وذلك للحد من السلبيات ,وتهدف الى تطوير الأسلوب في التعامل مع المواقف المشابهة التي يمكن التعرض لها في المستقبل.
يعتقد بأن النقد جملة دينية أساسا يستخدمها الأئمة والرهبان لتطهير ذواتهم و للتخلص من الذنوب التي يتعرضون لها نتيجة احتكاكهم مع غيرهم من البشر , وهناك بعض الطوائف الدينية ما تزال تعاقب نفسها من الأخطاء التي أرتكبها رهبانهم من زمن بعيد ولا يخفى على أحد الذين يغتسلون بالأنهار للتخلص من الإخطاء والذنوب.لكنها تبقى طريقة إبتكرها الرهبان والأئمة كطريقة للعودة إلى الرشد.
ذاق الشعب الكردي الويلات خلال مسيراتهم الثورية عبر التاريخ القديم والحديث والمعاصر على يد جلاديهم فمن بعد كل ثورة كانوا يقومون بها من أجل حقوقهم فيجدون أنفسهم أمام أشد وأعنف آلآت القتل والتنكيل والإمحاء والسياسيات الشوفينية فمن المجازر والتهجير الجماعي ضمن سياسات الدولة الواحدة والعلم الواحد والشعب الواحد الى سياسات الإعدامات الميدانية في دولة الملالي إلى الملاحقات والتوقيف العشوائي والكيفي في دولة الأسد .فضمن هذه السياسات فقد الكرد حوالي أربعة ملايين شخص لحياتهم فقط خلال القرن العشرين نتيجة مواجهتم للسياسات العنصرية بحقهم فأجبروا على العيش في خيانة كبيرة لتاريخهم ولغتهم و ثقافتهم ولحياتهم ووصل بهم الأمر حتى إنكار ذواتهم فأصبح يعيش من أجل خدمة جلاديه. ففي ظل هذه السياسات نشأ الشخصية الكردية.
كان لظهور حزب الديمقراطي الكردستاني في العراق تأثيرا كبيرا على الكرد في جنوب كردستان على الأقل لإخراجهم من نمط الحياة تلك إلى الإرتقاء به قوميا وكان لظهور حزب العمال الكردستاني تأثيرا في شمال وغرب كردستان في الشخصية الكردية والتي اتسمت بالعلمية وبالرغم من ذلك ظلت مسألة عدم تقبل النقد تلعب دورها وبشكل فعال فعدم تقبل وجهة النظر الآخر أدت إلى الإنقسامات داخل الأحزاب الكردية و الإقتتال الأخوي نتيجة الفهم الخاطئ للنقد وتفسيرها على أنها إتهام وإنتقاص من الشخصية ,ففي الثورة الكردية في جنوب كردستان حدث خلاف نتيجة الموقف من إتفاق شباط 1964 بين كل من المكتب السياسي وقائد الثورة الملا مصطفى البارزاني فحصل إنشقاق داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني- العراق أثر بدوره على مجمل الحركة الكردية في كردستان " فبعد إنقلاب عبد السلام عارف في 18 تشرين الأول 1963 في العراق جرت إتصالات مع قائد الثورة الكردية مصطفى البارزاني وبعد المفاوضات توصل الطرفان الى إتفاقية لوقف إطلاق النار في 10 شباط 1964 ونص الإتفاق على ( الإعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي وتثبيت ذلك في الدستور العراقي الؤقت وإطلاق سراح السجناء والسياسيين ورفع الحصار الإقتصادي عن الشمال وإعادة إنشاء الإداراة المحلية في الشمال وغير ذلك من الأمور) وكانت هذه الإتفاقية البداية في تفجير الصراع بين رئيس الحزب مصطفى البارزاني والمكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب بأغلبها التي عارضت الإتفاقية . فكان موقف البارزاني من الإتفاق: إن الشعب الكردي بحاجة الى مثل هذه الهدنة بعد قتال شرس تعرض له على أيدي حكم البعث العفلقي وقبلهم عبد الكريم قاسم وإن الثورة ستستفيد من هذه الهدنة لتنظيم صفوفها والتصدي لمشاكلها العسكرية والمادية والإدارية من ناحية ومن ناحية أخرى فإن جمال عبد الناصر والحركة القومية العربية يؤيدون نظام عبد السلام عارف ومن المفيد أن نعطيه فرصة لحل القضية الكردية -إن كان مؤهلا لذلك - وأن نؤكد لإخواننا العرب في العراق وخارجه بأننا دعاة سلام ونريد حل القضية الكردية بالوسائل السلمية.
أما رأي المكتب السياسي نص على : إن البارزاني ارتكب خطأ كبيرا أولا لأنه لم يأخذ برأي اللجنة المركزية حيث عارض 15 عضو من أعضائها الإتفاقية الموما إليها ولم يؤيد البارزاني سوى عضوين ثم أن الإتفاقية التي وقعها البارزاني مع عبد السلام عارف هزيلة ولا تعترف بالحكم الذاتي الذي هو شعار الثورة الأساسي وإنما جاءت عامة وتضمنت أمورا بسيطة وهي بالتالي توفر فرصة ذهبية لحكم عبد السلام عارف الشوفيني لتقوية نفسه وشن حرب جديدة ضد الثورة الكردية في الوقت الذي يلائمه ولذا فإن متابعة القتال في هذه الظروف أكثر جدوى من الناحية الإستراتيجية لأن هذا النظام قام على أنقاض حكم البعث الذي إنهار تماما نتيجة مواقفه الشوفينية وعدم حل القضية الكردية حكومة عارف هي الأخرى ضعيفة ولا تستطيع الاستمرار في القتال طويلا, وإننا نستطيع أن نفرض على عارف الإعتراف بالحكم الذاتي للشعب الكردي أو مواجهة نفس مصير حكم البعث." *
أما غرب كردستان فنقطة التحول الرئيسية في حياة الحركة الكردية كانت نتيجة لموقف شخصي من عثمان صبري تجاه نور الدين ظاظا عندما نشرمقال عن الفوضوية " نشر نور الدين ظاظا مقال بعنوان ( الفوضوية) في جريد الحزب وهي تدور حول المسائل التنظيمية , الضبط الحزبي, ومكافحة الأساليب الفوضوية في الممارسة العملية وبعد أن قرأ عثمان صبري المقال أعتقد أن المقال مكتوبا عنه (علما بأن المقال كان لماوتسي تونغ مترجم من الفرنسية) وعلى هذا الأساس أتخذ موقفا سلبيا ضد نور الدين ظاظا.أما الخلاف الأخر حدث أثناء المحاكمة التي جرت لنور الدين ظاظا وعثمان صبري عندما كانا معتقلين وتركزت حول الموقف الواجب إتخاذه من موضوع - ماهية الحزب- فكان يصرعثمان صبري على الدفاع عن أهداف الحزب والإعتراف بكونه حزبا سياسيا بغض النظر عن النتائج, أما نور الدين ظاظا كان يصر على إتخاذ موقف مرن لتجنب حكم قاس وهو أن يقول بأن التنظيم عبارة عن جمعية ثقافية وليست حزبا سياسيا. وبعد خروجهما من السجن , أعترف نور الدين ظاظا بخطئه واستعد لتوجيه النقد إليه وأي إجراء يتخذ ضده , وكان الإجراء إبعاده نهائيا عن صفوف الحزب وكان ذلك بداية بذور الإنشقاق والتكتل داخل الحزب ." **
فالبنى التأسيسة والبرامج السياسية والنظم الداخلية لأغلب الأحزاب الكردية في سوريا تبين مدى التقارب بينهم لأن نشأتها جاءت نتيجة لعمليات إما إنشطارية أو قيصرية وذلك لرفض السكرتارية مسألة النقد التي تطال إستراتيجيتهم السياسية الأمر الذي يؤدي إلى ظهور الجناح اليميني أو اليساري أو الإصلاحي داخل الحزب فيزف في اليوم التالي للشعب الكردي اسم حزب جديد لكن بنفس الإطار والأشخاص والتغيير يشمل فقط الإطار العام. و ما يزال الفهم الخاطئ للنقد دارجا حتى الآن. فبماذا نغتسل وكيف نعاقب أنفسنا على أخطأ أرتكبها غيرنا .
يبقى مسألة النقد مرتبطة إرتباطا وثيقا بشخصية الناقد والمنتقد على حد سواء فعدم تقبل النقد يفهم بأنها إنتقاص لشخصيتنا وهذا الأمر يتعلق بطريقة عيشنا وأسلوب حياتنا ومدى إرتباط هذه الشخصية بالسلطة والفكر الواحد وعدم التقبل الآخر, فالنقد تعني بالدرجة الأولى الإرتقاء بالشخصية الى الأفضل وإدراك جوانب الضعف بغية تمكين تلك الجوانب للوصول الى الشخصية المرنة التي لا تنهار عند الإصطدام بالمتصلبين بل يلتحمها لتكبر شيئا فشيئا ليصل في النهاية الى شخصية تلتحم كل الثقافات و كل اللغات لتظل تغرد كالبلابل ليكون الأفضل والأجمل دائما.
_____________
*عبد الحميد درويش,أضواء على الحركة الكردية في سوريا(أحداث فترة 1956-1983),ص75
**المصدرالسابق ص54.55
#خالد_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟