|
الأممية البروليتارية أم مجرّد التضامن العالمي؟ - مقتطف من الفصل الأوّل من كتاب- الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف-
ناظم الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 4050 - 2013 / 4 / 2 - 01:12
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الأممية البروليتارية أم مجرّد التضامن العالمي؟
مقتطف من الفصل الأوّل من كتاب" الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف"
" لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !"
العدد 11
ناظم الماوي
الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف ( الجزء الأوّل من الكتاب) .
إنّنا نؤكّد بأنّ الماوية مرحلة جديدة فى تطور الماركسية – اللينينية و بدون الدفاع عن الماركسية - اللينينية - الماوية و بدون البناء على هذه القاعدة يستحيل الإنتصار على التحريفية و الإمبريالية و الرجعية عموما .
( " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984).
====== كلمة العدد 11:
فى هذا العدد و العدد التالي 12 سننشر كتاب " الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف". فى العدد 11 ، نضع بين يدي القراء محتويات الجزء الأوّل من الكتاب وفى العدد 12 محتويات الجزء الثاني.
الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف .
" و سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظرية و أن يتخلصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليدية المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أن الاشتراكية ، مذ غدت علما ، تتطلب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلب أن تدرس و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمال بهمة مضاعفة أبدا..."
( انجلز ، ذكره لينين فى " ما العمل؟ " ) .
============
" لقد منيت اشتراكية ما قبل الماركسية بالهزيمة . وهي تواصل النضال ، لا فى ميدانها الخاص ، بل فى ميدان الماركسية العام، بوصفها نزعة تحريفية... - ان ما يجعل التحريفية أمرا محتما ، انما هي جذورها الطبقية فى المجتمع المعاصر . فإن النزعة التحريفية ظاهرة عالمية... - ان نضال الماركسية الثورية الفكرى ضد النزعة التحريفية ، فى أواخر القرن التاسع عشر ، ليس سوى مقدمة للمعارك الثورية الكبيرة التى ستخوضها البروليتاريا السائرة الى الأمام ، نحو انتصار قضيتها التام..."
( لينين- الماركسية و النزعة التحريفية-)
" إنّ لكلمة برنشتاين المجنّحة :" الهدف النهائي ليس بشيء ، الحركة هي كلّ شيء " ، تعبّر عن طبيعة النزعة التحريفية خيرًا من عدد كبير من الشروحات المستفيضة . أن يحدّد المرء سلوكه تبعًا لأحداث الساعة ، لتغيرات الأمور السياسية الطفيفة ، أن ينسى مصالح البروليتاريا الجذرية و الميزات الجوهرية لمجمل النظام الرأسمالي و لكلّ التطوّر الرأسمالي ، أن يضحّي بهذه المصالح من أجل منافع وقتية ، فعلية أو مفترضة : تلك هي خطوط السياسة التحريفية ."
( لينين- الماركسية و النزعة التحريفية-)
" إن وجهة النظر الديمقراطية الشكلية هي بالضبط وجهة نظر الديمقراطي البرجوازي الذى لا يقبل بأن تعلوها مصالح البروليتاريا و النضال الطبقي البروليتاري ".
( لينين - الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي-)
" نحن لا نعتبر أبدا نظرية ماركس شيئا كاملا لا يجوز المساس به ، بل إننا مقتنعون ، على العكس ، بأنها لم تفعل غير أن وضعت حجر الزاوية لهذا العلم الذي يترتب على الإشتراكيين أن يدفعوه إلى الأبعد في جميع الإتجاهات إذا شاءوا ألا يتأخروا عن موكب الحياة."
( لينين –" برنامجنا "-)
===========
" التحريفية أو الإنتهازية اليمينية ، هي تيّار إيديولوجي برجوازي أشدّ خطرا من الجمود العقائدي. إنّ المحرفين أي الإنتهازيين اليمنيين ، يتشدّقون بالماركسية و همأيضا يهاجمون " الجمود العقائدي" . و لكن ما يهاجمونه إنّما هو بالضبط خلاصة الماركسية . إنّهم يعارضون المادية و الديالكتيك أو يشوهونهما ...".
( ماو تسي تونغ – حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب" 27 فبراير 1957)
--------------
" إن الجمود العقائدى و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية . و الماركسية لا بد أن تتقدم ، و لا بد أن تتطور مع تطور التطبيق العملى و لا يمكنها أن تكف عن التقدم .فإذا توقفت عن التقدم و ظلت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطور فقدت حياتها ، إلا أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا ، و إن نقضت فسترتكب أخطاء . إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقة و إعتبارها شيئا جامدا، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية . و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي ."
( ماو تسي تونغ : خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية "12 مارس/أذار 1957 "مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ" ص21-22).
" تعلمنا تجارب الصراع الطبقي فى عصر الإمبريالية بأن الطبقة العاملة والجماهير الكادحة لا تستطيع إنزال الهزيمة بالبرجوازيين وملاك الأراضي المسلحين إلا بقوّة البنادق ."
( ماو تسى تونغ )
---------------------------------
" على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أية حقيقة ، تتفق مع مصلحة الشعب. وعلى الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم، فالأخطاء كلّها ضد مصلحة الشعب ".
( ماو تسى تونغ- 1945) ===================================================
مقدّمة :
منذ بضعة أشهر ، أنجزنا كرّاسا أفردناه لحزب " يساري" تأسس فى أوت 2012 ، الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد و الآن نصبّ إهتمامنا على حزب حديث الولادة هو الآخر ، الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الذى أنهى أشغال مؤتمره التوحيدي فى مطلع شهر سبتمبر 2012 وهو إفراز لعملية وحدة بين حزبين قانونيين موجودين على الساحة السياسية هما حركة الوطنيون الديمقراطيون و حزب العمل الوطني الديمقراطي ( تيار الوحدة ؛ فى حين واصل التيّار الآخر مساره نحو الإلتحاق بمستنقع " نداء تونس" و أضرابه).
و يندرج مجهودنا هذا فى إطار تطبيق شعار مزيد الوضوح الإيديولوجي و السياسي فى صفوف " اليسار" فى القطر والفرز بين الماركسية و التحريفية بما هي فكر برجوازي يتقنّع بقناع الماركسية . فهدفنا كشيوعيين حقيقيين هو الشيوعية و تحرير البروليتاريا و الإنسانية جمعاء من كافة أنواع الإضطهاد القومي و الطبقي و الجندري و هدف الماركسية المزيفة التى ننقد و نفضح هو خدمة أعداء الكادحين و تأبيد الإضطهاد و الإستغلال و ليس القضاء عليهما.
و سنحكم على أصحاب حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد حسب كلمات للينين فى " ما العمل؟" ، " لا على أساس البزّة البراقة التى يخلعونها على أنفسهم بأنفسهم ، لا على أساس اللقب الطناّن الذى ينتحلونه لأنفسهم ، بل على أساس سلوكهم و على أساس ما يدعون إليه فى الواقع "، و فى هذا العمل تحديدا و جوهريّا على أساس وثائقهم هم بالذات .
و لسنا من هواة إطلاق الشتائم و القذف و لا من هواة أسلوب السباب و إنّما ديدننا هو إستخدام سلاح النقد الماركسي و الخوض فى أعماق أفكار و مقولات المجموعة التى نسلّط عليها الأضواء لنظهرها على حقيقتها ، عارية ، دون المساحيق التى تخدع الكثيرين من الذين يتأثّرون بالكلام المعسول و المنمّق و الأوهام البرجوازية الصغيرة و ينسون أن الشيوعية علم يجب أن يدرس و نتائجه فى صفوف البروليتاريا و الشعب يجب أن تروّج .
و نحن كماديين جدليين لا ننطلق من فراغ لنصدر الأحكام و لا نحن نرجم بالغيب بل منطلقنا على الدوام هو الواقع الموضوعي و وثائق المجموعة التى ننقد و التى عليها نطبّق علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية - اللينينية - الماوية ليكون تحليلنا و تلخيصنا تحليلا و تلخيصا علميين نعتمدهما فى الصراع فى سبيل الخطّ الإيديولوجي و السياسي الصحيح الذى بوسعه أن ينير لنا و للمناضلين و المناضلات و للبروليتاريا و بقيّة الطبقات الشعبية طريق التحرّر الحقيقي و ليس الوهمي .
و نحن نعوّل على رحابة صدر القرّاء ليسمحوا لنا باللجوء إلى كمّ لا بأس به من الإستشهادات بأقوال رموز الشيوعية لا سيما لينين و ماو تسى تونغ و نتوقّع من الذين ننقدهم أن ينتفضوا ضد إستعمالنا لل" كتب " التى نراها متضمّنة لتحاليل وتلاخيص نظرية علمية لحقائق موضوعية من تجربة البروليتاريا العالمية بمختلف أوجهها و تكتسي بالغ الأهمّية فى علم الثورة البروليتارية العالمية و يرونها حجر عثرة أمام مشروعهم التحريفي . ففى هذا الجدال ضد من يدعون الماركسية- اللينينية فى حين أنّهم يطمسونها ويشوّهونها ، لا مناص من عرض الآراء الحقيقية للينينية كمرحلة ثانية فى تطوّر الماركسية و الماوية كمرحلة ثالثة فى تطوّرها و لا مناص من إبراز ما سعى و يسعى التحريفيون إلى قبره و طمره و إهالة التراب عليه من مبادئ الشيوعية الثورية و بذلك يلبّي عملنا هذا حاجة مزدوجة : دحض التحريفية و التعريف بالشيوعية الحقيقية ، الشيوعية الثورية .
و بحثا عن منتهى الوضوح الممكن ، فصّلنا مسائل الخطّ الإيديولوجي و السياسي التى سنتناول بالبحث تفصيلا فتوصّلنا إلى التخطيط التالي لعملنا هذا الذى لن يُعنى إلاّ بأمّهات المسائل أمّا تلك التى نعدّها ثانوية الآن فقد نناقشها فى مناسبات أخرى :
مقدّمة :
I- هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي ؟
1- من هو الماركسي الحقيقي؟ 2- تحطيم الدولة القديمة أم ترميمها و تحسينها ؟ 3- الشيوعية أم الإشتراكية هي المشروع البديل ؟ 4- الأممية البروليتارية أم مجرّد التضامن العالمي ؟
II- هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب لينيني ؟
1- طبيعة الدولة و الجيش طبقية أم لا ؟ 2- الديمقراطية الطبقية أم الديمقراطية " الخالصة " ؟ 3- حزب لينيني أم سفينة نوح ؟ 4- النظرية الثورية أم الأفكار الرجعية و البرجوازية السائدة ؟
III- هل يطبّق الحزب الوطني الديمقراطية الموحّد المادية الجدلية أم المثالية الميتافيزيقية ؟
1- المبادئ الشيوعية أم البراغماتية ؟ 2- جمع الإثنين فى واحد أم إزدواج الواحد؟ 3- تحليل مادي جدلي للواقع أم تحليل مثالي ميتافيزيقي؟ 4- الحرية : نشر الحقائق الموضوعية أم الأوهام الديمقراطية البرجوازية ؟
VI- "الهوية الفكرية والطبقية للحزب الوطني الديمقراطي الموحّد": حزب تحريفي برجوازي.
1- عن الماركسية - اللينينية . 2- عن الإشتراكية العلمية . 3- عن " التداول السلمي على السلطة عبر الإنتخابات". 4- عن النظرية العامة للثورة و" الخصوصية ".
V- الثورة الوطنية الديمقراطية و تكتيك الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الذى يبتلع الإستراتيجيا :
1- طريق الثورة الوطنية الديمقراطية بين الماركسية و التحريفية. 2- المسألة الديمقراطية غائبة والجبهة الوطنية مائعة. 3- التكتيك الذى يبتلع الإستراتيجيا. 4- إلى أين تفضى الأوهام الديمقراطية البرجوازية ؟ : دروس التجارب العالمية.
IV- مغالطات الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد فى قراءة الصراع الطبقي فى تونس :
1- تداخل مفزع فى المفاهيم. 2- لأغراض إصلاحية يتمّ تشويه الفهم اللينيني للوعي و العفوية. 3- أوهام حول طبيعة الدولة و الجيش . 4- أوهام حول الدين و الأصولية الدينية. 5- أوهام حول المجلس التأسيسي .
IIV- جملة من أخطاء الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد فى قراءة الصراع الطبقي عربيّا و عالميّا :
1 - طبيعة الأنظمة فى الأقطار العربية. 2- الكفاح المسلّح. 3- القوى التى تعزّز موقع حركات التحرّر.
IIIV- ماضى الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد و حاضره و مستقبله :
1- بصدد ماضي هذا الحزب. 2- بصدد حاضره. 3- بصدد مستقبله.
خاتمة :
ملاحق : 1- الديمقراطية القديمة و الديمقراطية الجديدة. 2- طليعة المستقبل ينبغى أن نكون! 3- رسالة مفتوحة إلى أنصار حركة الوطنيون الديمقراطيون.
جانفي 2013
الأممية البروليتارية أم مجرّد التضامن العالمي؟
تهتمّ وثائق هذا الحزب بذكر مفردة الأممية ففى " البرنامج السياسي العام" نعثر على " أممية عمالية ثورية جامعة " و على " العمل الدؤوب للإسهام فى بناء جبهة أممية ضد الهيمنة و الإستغلال و الإضطهاد و ضد سياسات الحرب و العدوان الإمبريالي و ضد كلّ أنواع العنصرية و الصهيونية و الإستعمار..." و فى ذات الوثيقة نعثر على شعار " يا عمّال العالم و شعوبه و أممه المضطهدة إتحدوا" ؛ إلاّ أنّه لا وجود لذكر الأممية البروليتارية كمبدأ من المبادئ الشيوعية الأساسية التى أعلنها " بيان الحزب الشيوعي". و الأممية البروليتارية ليست الأممية العمّالية و لا هي " جبهة أممية " بمعنى " جبهة عالمية " ، جبهة تضامن عالمية ضد الهيمنة ... و بالتالي لا يلتزم هذا الحزب بالمفهوم و المبدأ الماركسي الأصيل و إنّما يعمد إلى المغالطة و الإيهام بذلك الإلتزام .
و نلقى نظرة على مضمون " أممية " هذا الحزب وهي بوضوح ليست الأممية البروليتارية ، فنرصد أنّه يفهم الأممية فهما لا علاقة له بالفهم الماركسي- اللينيني ( حتى لا نقول الماركسي- الينيني – الماوي ) . ورد فى " فى تحديد الهوية الفكرية و الطبقية لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد " و على وجه الضبط ضمن الأهداف : " الإنخراط الواسع فى نضالات الطبقة العاملة و عموم القوى المناهضة للعولمة الرأسمالية " و " يعمل الحزب على بناء علاقات كفاحية و توطيد أسس التعاون مع الأحزاب الثورية و التقدّمية و مع الحركات العمالية و مع كلّ قوى التغيير الإجتماعي فى العالم على أساس التضامن الأممي ضد الإمبريالية وسياسات الحرب و العدوان و الإستغلال و ضد الصهيونية و الرجعية و كلّ أشكال الإستعباد و العنصرية و العمل على المساهمة فى بناء مستقبل إنساني واحد خال من كلّ أنواع الهيمنة والإستغلال و التفرقة و الإغتراب." و " العمل على تحقيق الهدف النهائي للحزب متمثّلا فى بناء مجتمع أممي لا طبقي خال من كلّ أشكال الإستغلال و الإستيلاب أساسه المساواة التامة و الإتحاد الحرّ للمنتجين الأحرار".
هذا لفّ و دوران وإجترار لكلام يمكن أن يصدر عن حزب إشتراكي ديمقراطي و ليس بالضرورة عن حزب شيوعي فمن أوكد واجبات الحزب الشيوعي الحقيقي العمل على وحدة الشيوعيين العالمية من منطلق أنّ الطبقة العاملة طبقة واحدة و مصيرها العالمي واحد و مثلما قال ماو تسى تونغ ما معناه إمّا أن نبلغ الشيوعية جميعنا أو لن يبلغها أحد.
فى تباين جلي مع فهم الأممية على أنّها مساندة ثورة لأخرى أو حزب لآخر ، علمنا لينين العظيم واجبنا الأممي البروليتاري بصورة لا أوضح منها حين قال إنّه يجب أن ننظر للثورة فى كلّ بلد على أنّها :" إشتراكي أنا فى تحضير الثورة البروليتارية العالمية ، فى الدعاية لها ، فى تقريبها ". فقد جاء فى كتاب لينين " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي" ( دار التقدّم موسكو، الصفحة 68-69 ) :
" أمّا الإشتراكي ، البروليتاري الثوري ، الأممي ، فإنّه يحاكم على نحو آخر : ... فليس من وجهة نظر بلاد"ي" يتعين علي أن أحاكم ( إذ أنّ هذه المحاكمة تغدو أشبه بمحاكمة رجل بليد و حقير ، محاكمة قومي تافه ضيق الأفق، لا يدرك أنّه لعبة فى أيدى البرجوازية الإمبريالية ) ، بل من وجهة نظر إشتراكي أنا فى تحضير الثورة البروليتارية العالمية ، فى الدعاية لها ، فى تقريبها. هذه هي الروح الأممية ، هذا هو الواجب الأممي ، واجب العامل الثوري ، واجب الإشتراكي [ إقرأوا الشيوعي ] الحقيقي ."
وكتب لينين فى " مسودّة أوّلية لموضوعات فى المسألة القومية و مسألة المستعمرات " :
" إن الأممية البروليتارية تتطلّب ، أوّلا ، إخضاع مصالح النضال البروليتاري فى بلد من البلدان لمصالح هذا النضال فى النطاق العالمي ، ثانيا ، كفاءة و إستعداد الأمّة المنتصرة على البرجوازية للإقدام على تحمّل التضحيات الوطنية الكبرى من أجل إسقاط رأس المال العالمي" ( لينين: " مسودّة أوّلية لموضوعات فى المسألة القومية و مسألة المستعمرات " يونيو – يوليو ( حزيران – تموز) 1920.) و علاوة على ذلك ، عند حديث هذا الحزب عن سعي بعض الأحزاب إلى التجمّع فى منظّمات عالمية ، ما إستأثر بإنتباهنا هو ملاحظة " بعيدا عن الإنحصار فى نماذج سابقة و بعيدا عن مركزية وليدة رؤية قديمة بالية ..." وهو شيء يستدعى منّا الوقوف عنده ، دفعا لهذه التهمة الباطلة ، للتأكيد على أنّ الأمميّات الأولى و الثانية و الثالثة ( الثالثة / الشيوعية ) أمميّات قدّمت الكثير للبروليتاريا العالمية و عندما صار من اللازم تجاوزها تجاوزا ثوريّا أنجز ذلك الشيوعيون الحقيقيون من أجل مواقف و برامج و صراعات أرقى . هذا هو مظهرها الرئيسي أمّا مظهرها الثانوي فهو إرتكاب أخطاء حتى من قبل الأممية الثالثة ، الأممية الشيوعية و الكومنترن من بعدها . لكن المشكل بالنسبة للحزب الموحّد أنّه هنا أيضا يلقى بالماء المتسخ و الطفل معا فى المجاري . ففضلا عن توجيهه الشتيمة المبتذلة للمركزية ( و يقصد بها المنظّمة الأممية ) بنعتها ب" وليدة رؤية قديمة بالية " ، يتنصّل من التجارب التاريخية للبروليتاريا العالمية تنصّلا تاما و يعلن تنكّره لضرورة قيام أممية شيوعية جديدة كمنظّمة بروليتارية عالمية . و رأي هذا الحزب الموحّد يعدّ بداهة إفتراء على الماركسية و بكلمات لينين : " محاكمة قومي تافه ضيق الأفق . "
و بالمناسبة نذكّر جماعة هذا الحزب الجديد بشيئين إثنين أولهما هو أنّ نعت " قديم" لا يفيد شيوعيّا ، أنّه ، غير مرغوب فيه فالمنظّمة البروليتارية الأممية شأنها فى ذلك شأن هدفنا الشيوعي قديمين نسبيّا و نحن كماركسيين و شيوعيين ثوريين نتمسّك بهما كلّ التمسّك مهما كانت النعوت التى تطلقونها عليها لا لشيء إلاّ لأنّها تحمل فى مظهرها الرئيسي الحقيقة و المبادئ العليا للشيوعية . و ثانيا، تجسيدا للنقد و النقد الذاتي و تكريسا للمادية الجدلية ، أجرى ماو تسى تونغ تحليلا و تلخيصا نقديين للأممية الثالثة و الكومنترن و تجربة دكتاتورية البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي من منظور بروليتاري و حدّد نقاط القوّة التى ينبغى التشبّث بها و نقاط الضعف التى ينبغى تجاوزها و بكلّ روح رفاقية نقد ستالين الماركسي العظيم الذى قام بأخطاء كما نقد فهمه و تطبيقه للمركزية على مستوى المنظمة العالمية و هذا منذ نهاية خمسينات القرن العشرين، أي قبل أكثر من نصف قرن و جماعة الحزب الموحّد بمثالية يغمضون أعينهم عن هذا و يلقون به فى غياهب النسيان.
إزاء شتى الشطحات الإنتهازية ، كان و لا يزال من أوكد واجبات الشيوعيين الثوريين فى موضوع الحال ، إعلاء راية الماركسية ف" الحركة الإشتراكية - الديمقراطية [ لنقرأ الشيوعية] هي حركة أممية فى جوهرها . و ذلك لا يعنى فقط أنّه يتعيّن علينا أن نناضل ضد الشوفينية القومية بل ذلك يعنى أيضا أن الحركة المبتدئة فى بلاد فتيّة لا يمكن أن تكون ناجحة إلاّ إذا طبقت تجربة البلدان الأخرى . و لبلوغ ذلك لا يكفي مجرد الإطلاع على هذه التجربة أومجرّد نسخ القرارات الأخيرة . إنّما يتطلّب هذا من المرء أن يمحص هذه التجربة و أن يتحقّق منها بنفسه. و كلّ من يستطيع أن يتصوّر مبلغ إتساع و تشعب حركة العمال المعاصرة، يفهم مبلغ ما يتطلّبه القيام بهذه المهمّة من إحتياطي من القوى النظرية و التجربة السياسية ( الثورية أيضا ). " ( لينين : " ما العمل؟ " )
و ندعوكم تتدبّرون لبّ كلام لينين البليغ فى دلالته :" لا يمكن أن تكون ناجحة إلاّ إذا طبقت تجربة البلدان الأخرى" و " إنّما يتطلّب هذا من المرء أن يمحص هذه التجربة و أن يتحقّق منها بنفسه. و كلّ من يستطيع أن يتصوّر مبلغ إتساع و تشعب حركة العمال المعاصرة ، يفهم مبلغ ما يتطلّبه القيام بهذه المهمّة من إحتياطي من القوى النظرية و التجربة السياسية ( الثورية أيضا )" مقارنة بالمواقف التصفوية للحزب الموحّد حيال تجارب الثورة البروليتارية العالمية .
و بعد وفاة ماو تسى تونغ و الإنقلاب التحريفي فى الصين سنة 1976 و تحوّلها من صين إشتراكية إلى صين رأسمالية ، نهض الشيوعيون الحقيقيون، الماركسيون- اللينينيون- الماويون عبر العالم بمهمّة تقييم التجارب البروليتارية و على قاعدة الدروس المستخلصة قاموا بتأسيس منظّمة أممية إعتبروها نواة وجب تطويرها لبلوغ المنظّمة البروليتارية العالمية ، و نقصد الحركة الأممية الثورية منذ سنة 1984.
و الحزب الموحّد ينطق بموقف تحريفي جلي وغير فريد فى بابه و يهمل كلّ هذا و يدير له ظهره و يراوغ كي يبقى طليق اليدين ، لا يلتزم بأية منظّمة بروليتارية عالمية و لا يتخذ موقفا صارما من عديد المنظمات الموجودة على الساحة العالمية وغالبيتها الساحقة مستندة إلى خطوط إيديولوجية و سياسية متضاربة أيما تضارب مع الماركسية الحقيقية .
ممّا تقدّم نستشفّ أنّ الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد لا صلة وطيدة له بأوجه الماركسية الأساسية التى عالجنا ، لا بل صلته بها صلة طمس و خداع فهو حزب ماركسي مزيّف لا غير وهو أمر سيزداد جلاء فى الأبواب القادمة .
#ناظم_الماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فى المجتمع الطبقي : الديمقراطية -الخالصة- أم الديمقراطية الط
...
-
هوغو تشفيز و بؤس - اليسار - الإصلاحي .
-
طبيعة الدولة و الجيش طبقية أم لا ؟
-
إغتيال شكرى بلعيد : إكرام الشهيد و فضح الأوهام الديمقراطية ا
...
-
هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي ؟ الفصل الأوّل
...
-
تحطيم الدولة القديمة أم ترميمها و تحسينها ؟ مقتطف من الفصل ا
...
-
الشيوعية أم الإشتراكية هي المشروع البديل ؟ مقتطف من الفصل ال
...
-
من هو الماركسي الحقيقي ؟ مقتطف من الفصل الأوّل من كتاب- الحز
...
-
الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف ( مقدّمة ال
...
-
مغالطات كبيرة فى مساحة صغيرة من أحد قادة الحزب الوطني الإشتر
...
-
جدلية النضال السلمي و النضال العنيف .
-
العنف ماركسيا .
-
إلغاء الإضراب العام بتونس : قتلتنا الردّة إتّحاد الشغل يحمل
...
-
بصدد عنف الجماهير: باطل يا حزب موحّد باطل ! - باطل يا حزب -
...
-
تونس – سليانة : الموقف التحريفي المخزي لبعض فرق - اليسار- من
...
-
الأممية البروليتارية و الثورة الماوية فى الهند !
-
حزب من الأحزاب الماركسية المزيّفة : الحزب الوطني الإشتراكي ا
...
-
الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد : أليس حزبا ماركسيّا م
...
-
طريق الثورة : طريق ثورة أكتوبر أم طريق الثورة الصينية فى الأ
...
-
لا فرق لدي البلشفي / الخوجي بين الثورة و الإنتفاضة، بين الوه
...
المزيد.....
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|