أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالوم ابو رغيف - نظم الاخلاق الدينية وتناقضاتها مع القيم الانسانية















المزيد.....

نظم الاخلاق الدينية وتناقضاتها مع القيم الانسانية


مالوم ابو رغيف

الحوار المتمدن-العدد: 4050 - 2013 / 4 / 2 - 00:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هناك تداخل قد يصعب تمييزه بين الاخلاق وبين القيم ، اذ ان القيم غالبا ما تحشر في النظم الاخلاقية المختلفة، كمبررات وليس كمكونات حقيقة لهذه النظم لاحداث اقناعا اجتماعيا يهدف الى تقبل واحترام النظم الاخلاقية وتبجيل من يقدم نفسه كحامي ومدافع عنها، وغالبا ما يكون، هذا المدافع والفارس المزيف هو رجل دين، كذلك فان هذا التداخل المتعمد يهدف الى فرض نوع (بذاته) من النظم الاخلاقية لتكون قاعدة تؤسس لبنية اجتماعية ومناهج تعلمية مؤدلجة.
من الملاحظ ان هذه النظم الاخلاقية، كالاسلامية مثلا، تميل الى استحداث معايير خاصة تخدم العقيدة والمبادئ الدينية، فمثلا الحجاب وعدم الاختلاط وقوامة الرجل على المرأة، تصبح معايير اجتماعية تقاس بها نوعية الاخلاق ورصانتها وصدقيتها، بينما تقصى قيم الحرية والتحرر وتعتبر تشويها لتلك المعايير، ففي المجتمعات الاسلامية ينظر الى التحرر والتقدم والحرية كقيم سلبية تحمل معها تسيبا اخلاقيا وضررا يهدد المجتمع، بينما يعتبر مطلب مساواة المرأة بالرجل كانتقاص من قيم الرجولة.
هذا التداخل بين القيم وبين المعايير الاخلاقية-الاجتماعية يجعل النظم الاخلاقية تبدو كانها حواضن و مقاييس للقيم، رغم ان النظم الاخلاقية غير متفق عليها بل ومتناقضة حسب طبيعة المجتمعات ونوع التربية، دينية او علمانية، عسكرية او مدنية، برجوازية او ثورية ، بينما تحضى القيم الكونية، بما يكاد ان يكون اجماعا عاما بالاتفاق على ضرورتها واحترامها رغم تباين المجتمعات واختلاف الاديان وطرق العيش والعلاقات الاجتماعية، فـ: الصدق والامانة والمساعدة والاغاثة والعدالة هي قيم انسانية عامة تجدها بغض النظر عن التقدم او التخلف وبغض النظر عن المكان والزمان، لآخذين بنظر الاعتبار درجات قوتها والالتزام بها وفق تكوين المجتمعات وهياكلها الطبقية.
هذا التداخل بين الاخلاق وبين القيم الانسانية، يوحي وكان المجتمعات ستنحدر الى الدرك الاسفل ان الغيت النظم التي تعطى اهمية خاصة لتبدو و كانها الحقل الوحيد الذي تثمر فيه نباتات القيم المفيدة، ولهذا السبب، وخاصة في المجتمعات الشرقية، يتولد شعور وهمي بضرورة الدين واهمية العشيرة والقبيلة وقيمهما للمجتمع، حتى ان بعض العلمانين يرون بان الاديان حاملة للقيم وضرورية للمجتمع، ان هؤلاء نتاج تربية تربط القيم بانزال العقوبة وليس كونها، اي القيم ميولا او صفات ذاتية. ان القيم قد تكون مثل عوامل الوراثة اساسية او متنحية، فقد تكون العدالة هي المبدأ الاساس للبعض او ان يكون الشرف هو الذي يحضى بالمكان الاول.
عندما يُسوق الدين للجتمع يُسوق اولا بمكاييج او حلة اجتماعية زاهية تغني للعدالة والانصاف والشجاعة ومج الكذب والخداع ومحاربة الظلم، لكن سرعان ما تسقط الاصباغ وينزع الاله حلته الباهية ويلبس بزة الجلاد ويبدو على حقيقته مفزعا ومخيفا، صارخا ومهددا بالحساب والعقاب وبالاهوال والعذاب، مبررا كل قبائح الحكام و الملوك، معطيا الشرعية لقوانينهم الجائرة مسبغا على جميع المتناقضات القيمية اطر شريعة تبيح ممارستها ضمن حالات تبرر وفق فقهيات تقول بان للضرورة احكامها او ان الضرورات تبيح المحضورات.
الاديان قد تشرع للتسيب الاخلاقي والفساد الاجتماعي اذا ما أطر هذا الفساد وهذا التسيب باطر دينية او تفقهات شرعية، فهل يوجد فساد اكثر من فساد قتل الانسان من اجل حور العين او الظفر بالجنة.؟
هل يوجد افسد من القرضاوي وهو يبيح القتل وسفك الدماء وكانه يشربها بلذة دراكولا؟
هناك فرق جوهري بين النظم الاخلاقية وبين القيم الانسانية، اذ ان النظم الاخلاقية تفرض من الخارج كتعاليم او انها تسوق على شكل معايير اجتماعية تفرض على الافراد بقوة ضرورة الاطاعة، فقد يبدو الفرد شاذا او متمردا على المجتمع ان هو بزها ولم يرضخ لقواعدها ويتقيد بالتزاماتها، انه، اي الفرد، ورغم كل القيم الانسانية الايجابية التي يمكن ان يتحلى بها، كان يكون صادقا ومحبا للخير ومساعدا للغير ووطنيا مخلصا، ومع هذا يُنظر اليه بعين عدم الاحترام وعدم الرضا بل وقد لا يُمنح الثقة لانه لا يتناسب والمعايير الاجتماعية التي يفرضها الدين او تقاليد العشيرة او القبيلة او الطائفة.
ان هذه الحالة، بالاضافة الى انها تسبب شرخا في المجتمع بل وفي صفوف الشعب، خاصة اذا ما انحدرت القيم الى مستوى الحضيض الطائفي، فانها تسبب نوعا من النفاق الاجتماعي يجد الشرقي نفسه مضطرا لممارسته، فهو، وان لم يؤمن بالله، الا انه لا يتجرأ على الافصاح عن عدم ايمانه، فالملحد لا مكان له في المجتمع، وهو وان كان يحتسي الخمر، الا انه يحاول ان لا يعرف جيرانه ولا اقربائه، لذلك كان شاربو الخمرة غالبا ما يمضغون العلكة لازالة رائحة الفم، وهو وان كان من مناصري السفور والتحرر الا ان لا يتجرأ ان تخلع عائلته الحجاب او غطاء الرأس اولا قبل ان يناشد النساء بذلك، انه يلجأ الى النفاق كغطاء لستر جبنه. النظم الاخلاقية تسبب جبنا اجتماعيا عاما يقتل روج التحدي ويعيق حالة الابداع على مستوى الحريات. المجتمع العراقي بشكل خاص يعاني من هذه الحالة.
ليس الاخلاق الشرقية هي المشكلة انما النظام الاخلاقي الذي تفرض من خلاله هذه الاخلاق هو المشكلة، فهذه النظم مستقاة من روحية دكتاتورية الدين الذي يعاقب بالموت بحكم الردة. او دكتاتورية العشيرة التي صورها طرفة بن العبد بقوله
الى ان تحامتني العشيرة كلها.... وافردت افراد البعير المعبد
وتحامتني هنا تعني ابعدتني وتجتنبتي ونبذتني، والبعير المعبد، هو البعير الاجرب المطلي بالقطران او الزفت.
كما ان النظم الاخلاقية في المجتمعات الشرقية لا تخلوا من ملامح طائفية وعنصرية وتفرقة اجتماعية وطبقية، فداكني البشرة( اصحاب البشرة السوداء) اناثا كانوا او ذكورا، نادرا ما يتم الاقتران بهم، بل ان هناك احكام مسبقة تسقطهم اخلاقيا وتنبذهم اجتماعيا، وفي حين هناك مهن مفضلة تسعى العوائل الى الاقتران مع اصحابها، توجد مهن اخرى تستنثى كليا من اي احتمال للاقتران، ان ذلك يعني، ورغم ان الاسلام كدين لا يقسم الناس وفق شرائحهم دينية، كالهندوسية مثلا، الا ان التقسيمات الطبقية واضحة في هذا الدين.
لا يقتصر الامر على الاخلاقيات الدينية فقط، بل ان الامر يتعداه الى الاختلافات الحزبية التي تفرض بدورها نوعا معينا من الاخلاق على المنتمين او المناصرين لها، فقد كان من الصعب جدا تصور ان تزوج عائلة شيوعية ابنتها من بعثي او يتزوج ابنها من امراة بعثية، اذ ان البعثي او البعثية ، كان حتى وهو في قمة حكمه وتحكمه ولا يزال مثلا للسقوط الاخلاقي، ان الاقتران من البعثية امر يقترب من العار، لان المنظومة الاخلاقية البعثية التي نشأ البعثي فيها اومن خلالها، هي منظومة الطاعة و الاذعان والاستعباد، انها في جوهرها لا تختلف عن الخضوع الكلي للاله غير ان الاله في حالة البعث هو القائد.
مجموعة النظم الاخلاقية متغيرة تبعا لحالات تغير المجتمع، بل انها تختلف من طبقة الى طبقة، فالاخلاق طبقية التكوين يفرضها شكل علاقات الانتاج.
اخلاق الطبقات البرجوازية المالكة لوسائل الانتاج تختلف جوهريا عن اخلاق الطبقة العاملة. اذ ان الطبقة الرأسمالية تبرر الاستغلال وتبرر الهيمنة والسيطرة ومصادرة الحريات وتبرر سحق الاضرابات بكل عنف القوة، انها تلجأ الى الاخلاق لتبرر جميع مساوئها وتحمل العمال تبعات سقوطها بل حتى عدم التزامها بمنظومة اخلاقها، انها تبرر القتل وسفك الدماء، وتعسف بالعائلات لذلك لا غرابة ان تزدهر العقائد الدينية وتعتبر جزء من ايدلوجية الطبقة الرأسمالية او الطبقات الطفيلية في الحالة الشرقية.
ان من اوضح امثلة السقوط البرجوازي في موضوعة الاخلاق والقيم هو قصف هيروشيما وناكازاكي. ففي الوقت الذي يحيي الناس ذكرى قصف هذين المدينتين ويقفون اجلالا لارواح الضحايا، اكان على ارواح اولئك الذين قتلوا في عواصف الاوجاع الصفراء للقنبلة الذرية، او اولئك الذين ماتوا وهم يعانون من آلامها وعذاباتها وتشويهاتها، ترفض الرأسمالية حكومات وطبقات، مشاركة شعوب العالم احياء هذه الذكرى الاحتجاجية ضد اي نوع من انزال العقاب الجماعي بالانسان، بل ان الطبقة الرأسمالية الامريكية لا زالت تعتبر قصف هيروشيما ونكازاكي عملا بطوليا، ان ذلك يشبه بطولة الاله الغبية عندما ينزل عقابه الغبي على الجميع بغض النظر عن اعمارهم واجناسهم واعمالهم او حتى ايمانهم.
ليس بالمدافع عن ستالين وليس قائلا او مبررا لاضطهادات الانسان وعذاباته، لكني اجد من المستغرب جدا، بل من العار والقبح المقرف جدا، ان يتطوع البعض للكتابة عن انتقاد ماركس ولينين وحتى ستالين، ويصمت صمت القحاب عن فضائحها، ولا ينبس ببنت شفة ولا يكتب حرفا واحدا عن ذلك العذاب العظيم الذي تجرعوه ضحايا القنبلة الذرية التي قذفتها الرأسمالية الامريكية على مدينتين كل ذنبها انهما وجدا في اليابان بوقت الحرب.



#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوضى الحرية
- التثقيف الاسلامي من اهم عوامل التحرش الجنسي
- لماذا لم تحدث الثورة في البلدان الرأسمالية لحد الآن؟
- من اخطاء الرفيق النمري: عدم التفريق بين الطبقة وبين ايدلوجيت ...
- من اخطاء الرفيق فؤاد النمري: البرجوازية الوضيعة! 1-2
- الاسلام الحاكم والاسلام المعارض ومهمات اليسار في العراق
- تهميش المذهب السني في العراق.
- الانسلاخ من الطائفة الشيعية مع ضياء الشكرجي ونجاح محمد علي
- هل من مأخذ على المالكي ان تشبث بكرسي السلطة؟
- دولة بدين خامل
- ضرورة اعادة النظر بقانون الارهاب ككل وليس المادة 4 منه فقط
- هل الشخصية الشيعية اقل استقلال من الشخصية السنية؟
- حكومة مهتوكة العرض!!
- الطائفية ومظاهرات اهل السنة
- من اجل حفنة من الشرطة
- القانون وحماية العيساوي
- مام جلال قيمة وطنية لا يمكن تعويضها
- ضعف الشخصية العراقية كاظم الساهر نموذجا
- النقد بين الكاتب والقاريء والحوار المتمدن: في الذكرى الحادية ...
- الدولة العربية وفدرالية كوردستان


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالوم ابو رغيف - نظم الاخلاق الدينية وتناقضاتها مع القيم الانسانية